خالد حسن، وهو مواطن مصري-أمريكي، ادعى أ ن السلطات أخفته ومارست ضده انتهاكات خطيرة لمدة 4 أشهر.
نّشر هذا التقرير أولاً على موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بتاريخ 11 تشرين الأول 2018
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن السلطات المصرية أخفت قسرا سائق سيارة ليموزين مصري-أمريكي، قال إن السلطات عذبته واحتجزته سرا لأربعة أشهر. قدّم خالد حسن (41 عاما) لـ هيومن رايتس ووتش، مزاعم مفصّلة عن تعذيبه، منها مزاعم بالاغتصاب مرتين.
اعتقلت عناصر الأمن الوطني حسن وأخفته في 8 يناير/كانون الثاني 2018 في الإسكندرية، مصر. على الرغم من مطالبة أسرته السلطات فورا بمعلومات عن مكان وجوده، لم يُعترف باعتقاله علنا إلى أن مثل أمام النيابة العسكرية للمرة الأولى في 3 مايو/أيار. ردت السلطات المصرية في رسالة بتاريخ 2 أكتوبر/تشرين الأول على هيومن رايتس ووتش، زعمت فيها أنه اعتُقل في 3 مايو/أيار، نافية أنه تعرض للتعذيب. لكن خبراء الطب الشرعي المستقلين الذين راجعوا صورا لجروح ساق حسن وجدوا أنها تتطابق مع روايته عن التعذيب.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على النيابة العامة المصرية أن تفتح على الفور تحقيقا في ادعاءات التعذيب، وأن يفحص حسن طبيب شرعي مختص. على قاضٍ مدني مراجعة اعتقاله، وإطلاق سراحه ما لم يكن هناك دليل موثوق بأنه ارتكب جريمة حقيقية.
قال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يؤكّد اختفاء حسن والمزاعم المفصّلة عن تعذيبه وإنكار الحكومة ذلك أنّ قوات الأمن المصرية تأمن من العقاب على أعمالها. تمكّن خالد حسن من الكشف عن التفاصيل المروعة عن معاملته، لكن آلاف آخرينن محتجزين في سجون مصر، عاجزون عن رواية قصصهم”.
نبّه محمد سلطان، سجين سابق في مصر ومدافع عن حقوق الإنسان في مجموعة “مبادرة الحرية” المستقلة في الولايات المتحدة، هيومن رايتس ووتش إلى القضية في سبتمبر/أيلول. في مقابلات أُجريت عن بعد، قال حسن لـ هيومن رايتس ووتش إنه في الأسابيع التي تلت اعتقاله في 8 يناير/كانون الثاني، ضربته قوات الأمن بشدة، وعرّضته إلى صعقات كهربائية شملت أعضاءه التناسلية، واغتصبته شرجيا في حالتين على الأقل، مرة بعصا خشبية ومرة من قبل رجل آخر.
تمكنت هيومن رايتس ووتش من التحدث إلى فردين من عائلة حسن والاطلاع على اتصالاتهما بالسلطات بحثا عن معلومات حول مكانه. كما استعرض خبراء الطب الشرعي صورا عن جروحه التي التقطها حسن في السجن مؤخرا. قال الشخصان إن المسؤولين المصريين أمروا زوجة حسن وأولاده بمغادرة البلاد، ولم تعرض عليهم إمكانية اللجوء للقضاء. وهم يعيشون الآن في الولايات المتحدة.
قال حسن إن المدعين العسكريين الذين رأوه للمرة الأولى في 3 مايو/أيار تجاهلوا روايته عن التعذيب وأمروا باحتجازه على ذمة التحقيق. اتهموه، إلى جانب مئات المتهمين الآخرين، بالتورط في قضية تتعلق بجماعة تابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية” (المعروف أيضا بـ “داعش”) في مصر. نفى حسن تلك الاتهامات وظل رهن الحبس الاحتياطي في سجن استقبال طرة في القاهرة منذ ذلك الحين، كما عبّر عن نقص الغذاء والرعاية الصحية هناك. لم يمثل أمام محكمة مدنية أو يُسمح له بمعرفة التهم الرسمية الموجهة إليه، ولم يُحدّد موعد للمحاكمة.
قال أحد أفراد الأسرة إنّ حسن، الذي هاجر إلى الولايات المتحدة قبل عدة سنوات، كان يعيش في مدينة نيويورك وكان يمضي عدة أسابيع كل عام مع زوجته وأولاده الذين يعيشون في مصر. أضاف قريب حسن أنّ هذا الأخير لم يسبق أن اعتُقل أو استُجوب.
وثقت هيومن رايتس ووتش نمطا من التعذيب المنهجي للمحتجزين في مراكز الاعتقال السرية التابعة لـ”قطاع الأمن الوطني” ومراكز الشرطة لجمع معلومات حول المشتبه بمعارضتهم وإعداد قضايا – تكون في كثير من الأحيان ملفقة – ضدهم. تتضمن أساليب التعذيب عادة وضعيات مجهدة، الصعق بالكهرباء، التهديدات بالاغتصاب، وفي بعض الأحيان الاغتصاب.
وثقت المنظمات الحقوقية المحلية مئات حالات الاختفاء خلال السنوات الخمس الماضية. وعلى الرغم من أن قطاع الأمن الوطني مسؤول عن أكثر الانتهاكات الصارخة ضد السجناء، لم يُدَن أي ضابط في القطاع عن هذه الجرائم في حكم قضائي نهائي في تاريخ مصر الحديث.
تُعرّف “اتفاقية مناهضة التعذيب” التعذيب بأنه إلحاق الألم أو العذاب الجسدي أو العقلي الشديد المتعمد، من قبل موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية، لغرض محدد مثل العقاب. يقع الإخفاء القسري عند حرمان الشخص من حريته من جانب موظفي الدولة أو أشخاص يتصرفون بموافقتها أو دعمها، ورفض الاعتراف بحرمان الشخص المختفي من حريته أو إخفاء مصيره أو مكانه.
في جميع الظروف، يُحظّر القانون الدولي الإخفاءات القسرية والتعذيب، والتي تنتهك مجموعة من الالتزامات الحقوقية، ويمكن في بعض الحالات مقاضاة مرتكبيها في دول أخرى.
ينتهك استخدام المحاكم العسكرية لمقاضاة المدنيين التزامات مصر بـ”الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب” الذي يضمن الحق في محاكمة عادلة. لا يجوز للحكومات أن تستخدم أبدا المحاكمات العسكرية للمدنيين في ظل وجود المحاكم المدنية.
على الرغم من الإجراءات القمعية المتزايدة التي تشنها السلطات المصرية على حقوق الإنسان، أعادت إدارة الرئيس دونالد ترامب مساعدات عسكرية بقيمة 195 مليون دولار أمريكي إلى مصر في يوليو/تموز.
قال حسن إن المسؤولين في السفارة الأمريكية زاروه، لكنه أعرب عن خيبة أمله من أن الإدارة الأمريكية التزمت الصمت حيال الانتهاكات في مصر تحت حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي.
قالت هيومن رايتس ووتش في السابق إن على حلفاء مصر وقف جميع المساعدات الأمنية والتدريب وربط مساعداتهم العسكرية والأمنية بحصول تحسن ملموس لوضع حقوق الإنسان ومحاسبة مرتكبي التعذيب، في ضوء استمرار استخدام السلطات المصرية للتعذيب الممنهج.
قال بَيْج: “على حلفاء مصر أن يقلقوا بشأن الاستهتار المستمر من قبل السلطات المصرية، الذي يسحق حكم القانون. على السلطات الأمريكية أن تثير قضية حسن مع السلطات المصرية، وأن توضح أن التعذيب والإيذاء ليسا وسيلة لضمان أمن مصر”.
اعتقال وتعذيب واغتصاب
قال حسن إن رجالا بملابس مدنية، عرّفوا عن أنفسهم بأنهم من قطاع الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية، اعتقلوه في الإسكندرية خلال توجهه لملاقاة شقيقه بعد ظهر 8 يناير/كانون الثاني. نقلوه إلى مقر الجهاز في المعمورة، ثم إلى مقر الجهاز في حي سموحة بالإسكندرية.
قال إن أفراد الأمن اعتدوا عليه مدة 8 أيام، ثم نقلوه إلى مقرهم في العباسية بالقاهرة، حيث احتجزوه لشهر آخر أو أكثر. بعد إجباره على الاعتراف بجرائم تحت التعذيب، أعادوه إلى سموحة 3 أشهر أخرى، إلى أن تُشفى معظم جروحه الظاهرة، ثم عرضوه أخيرا على النيابة العسكرية في 3 مايو/أيار التي سجلت ذلك التاريخ كتاريخ اعتقاله وأمرت باحتجازه من دون التحقيق في روايته حول التعذيب.
أضاف أنه خلال اعتقاله بمعزل عن العالم الخارجي ضربه عناصر الجهاز بشكل مبرح وجرحوا ذقنه وأدموا أنفه. كانوا يجردونه من ملابسه عادةً أثناء الاعتداء. علقوه من ذراعيه لأيام متسببين بخلع كتفيه. صعقوه مرارا بالكهرباء في الرأس واللسان والشرج والخصيتين. استخدموا الأسلاك في سموحة، وفي العباسية استخدموا أجهزة الصدمات الكهربائية التي كان يراها تُشحن أحيانا. قال إنهم كانوا يضعونه أحيانا على فرش مبلل لزيادة تأثير الصدمات الكهربائية.
قال إن أفراد الشرطة استخدموا صاعقا على ساقه تسبب في جرح مفتوح التهب لاحقا. انتفخت ساقه والتهبت وأغمي عليه مرارا بسبب ذلك. قال إنهم أجروا عملية على الجرح دون تخدير بينما كان ضابطا يقف فوق صدره.
قال إن عناصر الأمن الوطني اغتصبوه مرة بعصا خشبية. وفي مناسبة أخرى، وبعد إهانته ضابط هدد باعتقال زوجته، أمر الأخير رجلا آخر باغتصاب حسن شرجيا. أضاف: “عندما فعلوا ذلك، كنت على استعداد لقول [الاعتراف] بما يريدون”.
قال باكيا: “كان أسوأ جزء الصعق بالكهرباء”. كانوا في نهاية كل جلسة يحملونه إلى زنزانته لعدم قدرته على المشي. أضاف أن عناصر الأمن حاولوا “معالجة” إصاباته الأكثر وضوحا على جسده قبل إرساله إلى المدعين العسكريين في 3 مايو/أيار.
قال حسن إنه خلال وجوده في العباسية، وُضع في زنزانة “ضيقة جدا” مع 15 معتقلا آخرين، اضطروا للنوم “فوق بعضهم البعض”. أضاف أنه سُمح له باستخدام المرحاض مرة أو اثنتين يوميا والاستحمام مرة شهريا. أخبرته السلطات أنه “جاسوس”.
تابعوا قراءة التقرير على موقع منظمة هيومن رايتس ووتش الذي يحتوي على شهادات حول حالات التعذيب.