أغنيس كالامارد هي المديرة التنفيذية السابقة لمنظمة المادة 19 وعضوة سابقة في مجلس إدارة أيفكس. تشغل حالياً منصب مديرة حرية التعبير العالمي في جامعة كولومبيا وتم تعيينها مؤخراً المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام التعسفي أو العاجل. تحدثت سارة وايات معها حول تغير واقع حقوق الإنسان، ودور المجتمع المدني، وتهديدات المبنية على الجنس على الإنترنت، وعن تعريفها "للتدهور القانوني بالتقليد الأعمى"، وغيرها من المواضيع.
كان لك حياة مهنية طويلة لدراسة والدفاع عن حقوق الإنسان. هل رأيت أي تغيير في طريقة عمل منظمات حقوق الإنسان المعنية بهذا المجال؟
نعم، بالتأكيد، هناك العديد من التغييرات التي تعكس تحولاً في العالم بشكل عام: التحولات في العلاقات والسياسة الدولية، وتعدد ونمو المجتمع المدني، حتى إدراكنا لبعض انتهاكات حقوق الإنسان قد تغيرت، نتكلم بالطبع عن اتصالات وبيئة معلومات مختلفة بشكل جوهري. ومع ذلك، هناك بعض المبادئ التي لا تزال مركزية وأكثر أهمية من أي وقت مضى: كرامة الإنسان وعدم التمييز، والتضامن الدولي، والتزامات الدولة والمساءلة الفردية. لا تزال هذه المبادئ في قلب وقيم حقوق الإنسان في حين تغيرت طرق تعزيزها وحمايتها.
عندما يتعلق الأمر بانتهاكات حقوق الإنسان، برأيك ما هي المجالات التي تعمل فيها المنظمات غير الحكومية بفعالية أكبر؟
تعمل المنظمات غير الحكومية بشكل فعال ومثالي في رفع مستوى الوعي لقضايا حقوق الإنسان، في الدفاع عن التعديلات القانونية، وتأسيس مجموعة من المؤسسات الوطنية والدولية لتكريس والدفاع عن حقوق الإنسان. كان لها دور فعال في تعزيز عدم التمييز – لنتذكر التغيرات الكبيرة في السنوات العشرين الماضية فيما يتعلق بإدراكنا وحماية حقوق المرأة، على سبيل المثال. في حين نعزو التقدم في قضايا المساءلة الفردية عن انتهاكات حقوق الإنسان للمنظمات غير الحكومية. هذا المفهوم راسخ بعمق في الخطاب العالمي الآن وكذلك العمل على تنظيمه حول العالم على الرغم من محاربته في الوقت الراهن. هذا الأمر هو وظيفة مركزية للمحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية في أمريكا اللاتينية وغيرها، وهناك الكثير لعمل المنظمات غير الحكومية في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان.
أين يظهر تأثير المنظمات غير الحكومية أيضاً؟
كانت المنظمات غير الحكومية عاملاً أساسياً في بناء الشبكات العالمية وإدارة الحملات المحلية والعالمية لحماية حقوق الإنسان. لكنها كانت أيضاً سبباً رئيسياً في الصياغة والدعوة إلى وضع سياسات ومعايير في مجالات معقدة لحماية حقوق الإنسان. لقد كانت فعالة في نشر أفضل الممارسات لتنظيم وسائل الإعلام من بلد إلى آخر؛ في الدفاع والترويج لأفضل المعايير القانونية في المحاكم من خلال أصدقاء القضاء، وفي الإصرار على دور الحكومات في حماية الصحفيين ضد العنف.
كما أنهم عملوا على تطوير السياسات العالمية في مجال حماية حرية التعبير على الإنترنت. هم في طليعة الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم على شبكة الإنترنت كجزء من مشاركتها في حوكمة الإنترنت لأصحاب المصلحة المتعددين. هذه البيئة المعيارية غير المستقرة بين الدول، وبين الدولة والشركات المتعددة الجنسيات، وبين المهندسون والشركات وبين المنظمات غير الحكومية والشركات والدول. يتمحور دور المنظمات غير الحكومية في حوكمة الإنترنت كمؤسسين للمعايير وبناءها والدفاع عنها. لقد أظهروا وأصروا على أن عالم الإنترنت ليس أرض مشاع عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان.
ما هي تحديات التي تواجهها المنظمات غير الحكومية للدفاع عن حق التعبير اليوم؟
لعشر سنوات تقريباً، وقع المدافعون عن حقوق الإنسان والمنظمات والصحفيين ووسائل الإعلام المستقلة تحت ضغوط شديدة، ناهيك عن الهجمات المباشرة: كالعنف الجسدي، بما في ذلك القتل والسجن والمنع من السفر، والضغط القانوني والمالي. في نواح كثيرة، تأتي لتعكس تأثير المجتمع المدني، وقدرته على الإقناع، حيث تريد العديد من الحكومات والجهات الفاعلة القوية لكبح جماحها. ولكنها تعكس أيضاً العالم الذي نعيش فيه، ولا سيما بناء نظام متعدد الأقطاب، والتنافس بين القوى العظمى، من خلال الحروب بالوكالة، وارتفاع صوت الشعوب، وكذلك النزاعات حول المعايير والقيم. تثير هذه الصراعات القلق، من بين أمور أخرى، عن دور ومكانة المجتمع المدني وحقوق الإنسان، ومفهوم “الأسرة”، ومفهوم SOGI ]التوجه والهوية الجنسية]، الخ.
ماذا على المنظمات غير الحكومية القيام به لتكون أكثر فعالية برأيك؟
علينا أن نرفض الحلول والاستجابات البسيطة التي لا تأخذ بعين الاعتبار البيئة الجديدة بتعقيداتها العالمية والسياسية والتكنولوجية. خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرون، واجهنا ما يُشار إليه على أنه الاتجاه العالمي “للتدهور القانوني بالتقليد الأعمى” بحيث يتم تصدير القوانين القمعية في بلد أو منطقة معينة لقضايا متنوعة مثل الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية، ومكافحة الإرهاب وتبنيها في مناطق أخرى حول العالم. خلال العقد الثاني وأيامنا هذه، فإننا نواجه أيضاً تقليد الحكومات وتصدير الممارسات المسيئة، واللامبالاة الدولية في الرد على هذه الانتهاكات. على المنظمات غير الحكومية المدافعة عن حق التعبير أن تعمل على تفكيك وكشف مضمون ومعارضة هذا الصمت وأعمال تعميم الإفلات من العقاب مع التعصب والخوف. هذا أمر جوهري.
علينا أيضاً فهم أفضل لعوامل التغيير في هذه البيئة. وعالم الإنترنت هو أحد عوامل التركيز الواضحة. لم نفهم تماماً كيف يعمل، وكيف يؤثر على الأفراد والمجتمعات، والجمعيات، والطاقة، وماذا يعني لحماية حقوق الإنسان. ما زلنا نجرب ونتعلم ونكتشف.
عالم الإنترنت هو فرصة عظيمة للحصول على معلومات والتعبير والتضامن ورفع الوعي. لكنه أكثر من ذلك بكثير. أصبح جلياً عام 2013، مع كشف إدوارد سنودن ومن خلال عشر سنوات مع الجهات الفاعلة والشركات الباحثة عن البيانات الشخصية كجزء من عملها على الإنترنت. كيف يمكننا التوفيق بين هذه والأبعاد الأخرى المتعددة لهذا العالم الجديد؟ وكيف يمكننا جعلها تعمل حقاً، من أجل حرية التعبير وحماية حقوق الإنسان؟
هل ترين صلة بين التهديدات على الإنترنت والعنف الحالي، مع النساء والصحفيين والمثليين والمدونين والنشطاء كأشخاص مستهدفين؟
لا ينكر أحد أن التهديدات والمضايقات والترهيب على الإنترنت تشكل تهديدات كبيرة لحرية التعبير. هذا جزء من بيئة الإنترنت المعقدة التي تحدثت عنها، والتي على منظمات غير الحكومية لحرية التعبير معالجتها على المدى الطويل. بغض النظر عن نتيجة هذه الأفعال الكلامية كأذى فردي أو جماعي، هي لا تستمر طويلاً كما أن هناك شكوك في قدرة هذا الخطاب على الحجب والإسكات والعزل.
ما نوع الاستراتيجيات اللازمة للتصدي لهذه الأنواع من الهجمات؟
أجد العمل الذي تقوم به منظمات حرية التعبير والنشطاء على المستوى الدولي في باكستان والهند والولايات المتحدة، للتصدي للعنف على الإنترنت ملفت للانتباه. هو مثال عظيم لفهم المجتمع المدني لهذا العالم المعقد والعجيب، الإنترنت؛ وتستغل إمكاناته والفرص المتاحة لحماية حقوق الإنسان، ولكن أيضا تندد بالإجراءات التي تهدد حرية التعبير وحقوق الإنسان، وتحاول من خلال حلول مختلفة ومتوازنة.
أذكر حملة “استعادة التكنولوجيا” على سبيل المثال، التي بدأتها APC، لرفع مستوى الوعي للعنف ضد المرأة على منصات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتنفيذ حملات لاستعادة التكنولوجيا لصالح المرأة.
هناك العديد من المبادرات على المستوى الوطني، على سبيل المثال في باكستان والهند وكندا وأوروبا، حيث تراقب وتوثق منظمات المجتمع المدني التحرش على الإنترنت والتهديدات، والقيام بذلك في إطار حرية التعبير.
لا نزال في المراحل المبكرة، نتعلم من أخطائنا خلال سعينا. لن نستطيع مواجهة التحرش والتنمر دون تجريب أنواع مختلفة من الردود. الأهم من ذلك، علينا التواصل وتأسيس علاقات ووضع استراتيجيات مشتركة مع الفاعلين الذين ربما ليسوا حلفاء التقليديين لمنظمات حرية التعبير، مثل معاداة العنصرية أو المنظمات النسوية. الطريق أمامنا معقد، ولكن عليه أن يكون متقاطع ومتشعب مع الأهداف الأخرى.
ما رأيك بالاقتراحات التي تطلب من وسائل الإعلام الاجتماعية منع أو إسكات الخطابات التي قد تؤدي للمشاكل؟
قبل التركيز على الفاعلين، نحتاج أولاً لتعريف ما يشكله خطاب المؤدي للمشاكل. عندما يتعلق الأمر بالتنمر والتحرش خارج نطاق الإنترنت، تعتبر هي جرائم جنائية مع معايير قانونية واضحة واجبة التطبيق. كما أفهم أن التعقيدات الكبيرة لحرية التعبير على الإنترنت تطرح مشكلات تنفيذية خطيرة لمن يعنيهم أمر تنظيمه. تدخلات الدولة قد لا تكون ممكنة دائماً أو ضرورية أو أحياناً الخيار الأفضل لجميع الأطراف المعنية، بما في ذلك المعنين بالأمر أنفسهم. هنا قد يكون لوسائل الإعلام الاجتماعية دوراً لتلعبه.
ما يهمني أكثر هو غياب النقاشات الشفافة فيما يتعلق بهذا الدور، ووضع إطار واضح وشفاف يوافق عليه مجموعة من أصحاب المصلحة لتوجيه سلوكيات الجميع. لا يمكن الدفاع عن الوضع الحالي كونه يعتبر تهديداً لحرية التعبير، والعدالة، والمساواة في التعامل وما إلى ذلك. كيف يمكن لمنصة تسمح بنشر الصور المروعة أو خطاب تحريضي للعنف ضد المرأة، ولكنها تحذف المشاركات التي تدعو إلى الرضاعة الطبيعية؟ يثير هذا المثال المعروف الأسئلة الأساسية بشأن دور المنصات الاجتماعية والمعايير المتبعة لاتخاذ القرارات التنظيمية على مستوى التعامل مع الأشخاص أو الأرقام. كيف بإمكاننا وضع قوانين لخدمة حرية التعبير على أساس غير تمييزي؟ كيف نحمي أصوات الأفراد والجماعات التي لها تاريخ من التمييز؟ كيف يمكننا أن نضمن وصول الإنترنت للجميع في مشروعه العالمي؟
برأيك، ماذا ينبغي أن يكون دور شركات وسائل الإعلام الاجتماعية؟
لا أحرص على ترسيخ جميع قوانين النقاش مع هذه الجهات الخاصة: الآثار المترتبة على ذلك ستكون خصخصة الفضاء العام الرئيسي للاتصال وبالتالي حكمه من خلال قواعد وأنظمة خاصة صادرة عن الشركات الفاعلة. ولكن من ناحية أخرى، يجعل الكم الهائل للاتصالات عبر الإنترنت من الصعب على هذه الجهات عدم المشاركة جوهرياً في هذه القوانين. نحن بحاجة أيضاً أن نأخذ بعين الاعتبار أنه في العديد من البلدان حول العالم أن الجهاز القانوني والحكومات هي التي تشكل أكبر تهديد لحرية التعبير والإعلام.
يجب على شركات وسائل الإعلام الاجتماعية أن تعتمد على مبادئ المحاكمة العادلة في وظيفتهم القانونية: يجب أن تكون القواعد سهلة الوصول وواضحة للجميع كما ينبغي مراجعتها بشكل منتظم، وتحديثها، ومناقشتها. كما يجب أن تكون عملية الشكاوى والتجاوب للطلبات شفافة وتشمل طلبات التماس وإصدار تقارير منتظمة عن أي محتوى يتم حذفه من شبكات وسائل الإعلام الاجتماعية.
هنا، لا بد لي من التأكيد على ألا تتعامل هذه التقارير مع المحتوى المحذوف نتيجة طلبات الحكومات فقط، بل وبنفس القدر من الأهمية، المحتوى المحذوف وفقاً لقواعد وشروط الخدمة لهذه الشبكات. هذا النوع من التنظيم، على أيدي جهات خاصة، هو كسر للحدود الجديدة وتسبب القلق. هناك آثار واسعة النطاق، في رأيي، إن الاختبار والتجربة بطريقة شفافة والاعتراف بالأخطاء وطلب ردود الفعل والخبرة، دون تمييز ضد فئات معينة – هو المفتاح لبناء الثقة في المهام التنظيمية الخاصة، بالإضافة لبناء المعرفة والقدرات لتنفيذ القوانين بفعالية وبشكل صحيح.
كيف ستحددين العلاقة بين التهديدات السيبرانية والعنف الجسدي في دورك كمقرر خاص لعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء؟
من حسن الحظ، لا ترتبط التهديدات السيبرانية دائماً بأعمال عنف فعلية، بما في ذلك القتل. ولكن باعتبارها تحذيرات مبكرة محتملة، ينبغي دائماً أخذها على محمل الجد لإمكانية توليدها لأعمال العنف. كمقرر خاص، أنا ملتزمة بشكل خاص بالتركيز على الوقاية من عقوبة الموت غير القانونية. تلعب المراقبة الشاملة والتحقيق في التهديدات، بما في ذلك التهديدات على الإنترنت، وظيفة رئيسية لهذا الغرض. هذا يتطلب العمل مع الحكومات ووسائل الإعلام والوسطاء ومنظمات المجتمع المدني، من أجل فهم أفضل وإزالة التهديدات على الإنترنت، وتحديد وتنفيذ الحلول المناسبة لجميع هذه الجهات. نحن بحاجة إلى تعزيز ردودنا على التهديدات لنعمل معاً بشكل أفضل وأكثر فعالية لحماية حق الحياة.
هناك بعض المبادئ التي لا تزال مركزية وأكثر أهمية من أي وقت مضى: كرامة الإنسان وعدم التمييز، والتضامن الدولي، والتزامات الدولة والمساءلة الفردية
على المنظمات غير الحكومية المدافعة عن حق التعبير أن تعمل على تفكيك وكشف مضمون ومعارضة هذا الصمت وأعمال تعميم الإفلات من العقاب مع التعصب والخوف. هذا أمر جوهري.
كيف يمكننا أن نعمل على مبادئ تعمل لحرية التعبير على أساس غير تمييزي؟ كيف نحمي أصوات الأفراد والجماعات التي لها تاريخ من التمييز؟ كيف يمكننا أن نضمن وصول الإنترنت للجميع في مشروعه العالمي؟
يجب على شركات وسائل الإعلام الاجتماعية أن تعتمد على مبادئ المحاكمة العادلة في وظيفتهم القانونية: يجب أن تكون القواعد سهلة الوصول وواضحة للجميع كما ينبغي مراجعتها بشكل منتظم، وتحديثها، ومناقشتها.