حكومتا الإكوادور وكندا حساستان للنقد وتميلان لإسكات معارضيهما، وتستخدمان التشريعات القائمة لتضييق الخناق على أنشطة المجتمع المدني - بما في ذلك اثنين من أعضاء آيفكس.
تلقت منظمة حرية التعبير الغير حكومية في الإكوادور خطابا رسميا الشهر الماضي من الهيئة الحكومية المكلفة بمراقبة وتنظيم المنظمات الغير حكومية، يهدد باغلاق أنشطتها بسبب نشاطها السياسي المزعوم. وفي كندا، واجهت منظمة حرية تعبير أخرى العام الماضي عمليات تدقيق بسبب أنشطتها السياسية بعد أن عبّرت عن مخاوفها وانتقادها لقرارات اتخذتها الحكومة الاتحادية الحالية. هل تعتبر المنظمتان ضحايا لقوانين جديدة تحد من عمل المنظمات الغير حكومية في بلدانهم؟ لا. بدلا من ذلك، يمكن القول إنهما أهداف الحكومات المنتخبة ديمقراطيا التي تستخدم التشريعات القائمة لاتخاذ اجراءات صارمة ضد منتقديها.
الإكوادور
انتخب الرئيس رافائيل كوريا في عام 2006، ولكن مساحة التبادل الحر للأفكار والمعلومات خاصة النوع الذي يشكك في سياسات حكومته، قد تقلص بشكل مطرد تحت قيادته.
خلال برنامجه الأسبوعي “Enlace Ciudadano”، ذكر الرئيس وسائل الإعلام الخاصة، ومزق بصورة درماتيكية نسخ من صحف تحتوي على قصص لا تتفق معه. كما لديه تاريخ بالشروع بمعارك قانونية ضد وسائل إعلام لا تعجبه، وذكر بشكل علني أسماء الناس العاديين الذين ينتقدونه على وسائل الاعلام الاجتماعية. حتى امتدت حملته إلى منظمات المجتمع المدني، التي كانت آخرها بحق عضو آيفكس المحلي في الاكوادور “فنديميديوس”.
لقد تم استهداف منظمة فنديميديوس عدة مرات من قبل حكومة كوريا، بما في ذلك التشكيك بشكل علني بمصادر تمويلها. ولكن في شهر حزيران من هذا العام، واجهت المنظمة أول تهديد رسمي يتعلق بعملها. حيث حدث تغييران في الطرق التي يتم خلال الإشراف على المنظمات الغير حكومية مع اطلاق عاصفة مباشرة اتجاهها. الأمر مجنون – هو أن العاصفة مثالية؟ انها قانونية تماماً.
أولاً، أعطى المرسوم الرئاسي الذي دخل حيز التنفيذ في حزيران عام 2013 سلطات للرئيس رافائيل كوريا بحل المنظمات المستقلة التي كما وصفها خوسيه ميغيل فيفانكو، المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش في الأمريكتين بأنها ” تتداخل مع أجندته”. وقد تم التشكيك في دستورية المرسوم من قبل العديد من منظمات المجتمع المدني.
ثانياً، في شهر كانون الثاني من عام 2014، سيطرت الأمانة الوطنية للاتصالات على الإشراف على منظمة فنديميديوس وثلاث شركة إعلامية. في وقت سابق لذلك، لم تحاول الأمانة الوطنية للاتصالات إخفاء شعورها حول عمل المنظمات الغير حكومية. في ذلك الوقت من التحول، وثّقت فنديميديوس 20 حالة استخدمت فيها الأمانة الوطنية للاتصالات الإعلام الحكومي الرسمي لتشويه سمعتهم.
في موقعها الجديد، اتهمت الامانة الوطنية للاتصالات منظمة فنديميديوس بمخالفة هدفها المعلن كمنظمة والمرسوم الرئاسي رقم 16، الذي يحظر المنظمات من “القيام بأنشطة سياسية محفوظة للأحزاب والحركات السياسية … التي تتعارض مع السياسات العامة وتقوّض الأمن الوطني أو الخارجي للدولة أو تقلل السلم العام”.
بتاريخ 24 حزيران عام 2015، تم إخبار منظمة فنديميديوس”بالتوقف عن التدخل في القضايا السياسية”. حيث ذكر في جزء من الخطاب الرسمي: “تظهر فنديميديوس نية واضحة لتأسيس نفسها كلاعب سياسي يسعى إلى توليد الشك في الرأي العام حول القضايا التي تتجاوز اختصاصها ودون التحقق اللازم من المعلومات المنشورة.”
ردا على ذلك، رفضت فنديميديوس هذه الاتهامات، وأعربت عن عزمها على مواصلة عملها كالمعتاد. وقال المدير التنفيدي للمنظمة سيزار ريكارتي خلال مؤتمر صحافي ان منظمة فنديميديوس “ليست منظمة حزبية لصالح أو ضد أي حركة سياسية معينة. نحن نعمل ما يصب في المصلحة العامة. وسنواصل إصدار البيانات سواء أعجب الأمانة العامة للاتصالات أم لا، حتى لو قامت بإغلاق المنظمة، نحن سنواصل العمل من بيوتنا”.
إن فنديميديوس ليست المنظمة الأولى في الإكوادور التي تقع ضحية لهذا المرسوم. ففي شهر كانون الأول من عام 2013 تم إغلاق منظمة بيئية باستخدام المرسوم الرئاسي على أساس الزعم أن العديد من أعضائها اشتركوا في مظاهرة عنيفة.
كندا
اتخذ وضع حرية التعبير في كندا أيضا منعطفا للأسوأ في ظل رئيس الوزراء الحالي، الذي يشغل منصبه منذ عام 2006. إجراءات صغيرة، مثل الحد من عدد الأسئلة التي يوجهها الصحفيون لرئيس الوزراء هاربر، واستثناء معلومات يمكن أن تتوفر عبر طلبات الوصول إلى المعلومات، والسيطرة على الاتصالات بين الوزارات والجمهور، أدخلت خلال تسع سنوات هاربر في مكتب رئيس الوزراء، وتآكلت ببطء مساحة حرية التعبير في البلاد.
إن منظمة بن كندا هي احدى المنظمات التي تدافع عن الحق في حرية التعبير والمعلومات وهي عضو في شبكة آيفكس. وتمارس المنظمة ما تدعو إليه وهو انتقاد الإدارة عند الضرورة، واستخدام الوصول إلى المعلومات لتسليط الضوء على الإجراءات التي اتخذتها الحكومة. حاليا، تحتل كندا مكان منخفض نسبيا وهو 59 من أصل 102 بلدا في التقييم العالمي للحق في المعلومات.
في شهر كانون الثاني من عام 2013، قدمت بن كندا طلباً حول حرية المعلومات لوثائق عن الرسائل التي تم إرسالها إلى عدة جمعيات خيرية مسجلة في كندا تذكرها بالقيود حول النشاط السياسي. في كندا، إن المنظمات التي لديها صفة خيرية (بما فيها بن كندا) تستطيع انفاق ما لا يزيد عن 10٪ من مواردها على الأنشطة السياسية. إذا ثبت أن أكثر من 10٪ من عملها مخصص للأنشطة سياسية، يمكن لهذه المنظمات أن تفقد صفتها الخيرية، وبالتالي تفقد قدرتها على إصدار إيصالات الضرائب إلى الجهات المانحة. كما أن تعريف ماهية النشاط السياسي غامض نوعا ما، والعديد من المنظمات التي تم تحذيرها بشأن أنشطتها السياسية لم تزوّد بتفسيرات واضحة. وكان هذا هو أساس طلب منظمة بن كندا للمعلومات.
بعد أكثر من سنة من الاتصالات مع وكالة الأيرادات الكندية والشكاوى المقدمة إلى مفوض المعلومات في كندا حول الطريقة التي يجري التعامل فيها مع طلبها، أخبرت الوكالة منظمة بن كندا بتاريخ 9 نيسان عام 2014، بأنها ستخضع أيضا للتدقيق الذي يشمل أيضاً النظر في النشاط السياسي.
وقالت المديرة التنفيذية لبن كندا تسليم ثاوار لأيفكس بأنه عندما طلبت من الوكالة السبب في اختيار المنظمة للتدقيق، تم الرد عليها بعدة أسباب من بينها شكوى عامة لتدقيق روتيني.
وأضافت بأن العمل على التحضير لتدقيق الوكالة كان صعبا واستغرق وقتا طويلا: “نحن منظمة صغيرة وليس لدينا قدرات إضافية للقيام بهذا النوع من العمل. نتيجة لذلك، امضينا الكثير من الوقت قبل شهرين من التدقيق بتجميع ما طلبته الوكالة”. وقالت أنه في نهاية المطاف اثرت عملية التدقيق سلبا على قدرة المنظمة على مواصلة عملها العادي.
بالإضافة إلى تعطلها عن العمل، اضطرت المنظمة بأن تتعامل مع احتماليه فقدان صفتها الخيرية. وهي ليست لوحدها في ذلك. فوفقاً لما ذكرته وسائل الاعلام الكندية، فإن بن كندا هي جزء من مجموعة متزايدة من المنظمات بما فيها المركز الكندي للسياسات البديلة ومنظمة العفو الدولية في كندا، التي عملت تحت تهديد فقدان وضعها، كما يخشى بعضها من التحدث خوفا من تأثير كلماتها على نتائج عمليات التدقيق. في كانون الثاني من عام 2015، فقدت منظمة الموت مع الكرامة مكانتها الخيرية، وهي المنظمة الأولى التي تتعرض لذلك منذ أن أطلقت الوكالة الكندية للإيرادات عمليات تدقيق النشاط السياسي في عام 2012.
وقالت ثاوار بأنه تم اخبارها في شهر حزيران عام 2014 بأن عملية التدقيق سوف تستغرق ما بين شهرين وثلاثة أشهر، ولكن كانت النتائج غير معروفة حتى العام الجديد.
إذاً ماذا يؤثر شعور منظمتي بن كندا وفنديميديوس والعديد من المنظمات الأخرى في الإكوادور وكندا بأنها تحت وطأة إسكات حكوماتهم؟ باختصار، لا شيء. ففي حين كانت تخضع هذه المنظمات للتدقيق وعدم اليقين، إلا أنها استمرت بعملها في تعزيز حرية التعبير، والدفاع عن حقها وحق الآخرين في انتقاد تصرفات وسياسات حكوماتهم.
هذه نسخة معدلة من مقالة ظهرت بالأصل بتاريخ 24 تموز 2015.
“سنواصل إصدار البيانات سواء أعجب الأمانة العامة للاتصالات أم لا، حتى لو قامت بإغلاق المنظمة”. المدير التنفيدي لمنظمة فنيديميديوس، سيزار ريكارتي
“امضينا الكثير من الوقت قبل شهرين من التدقيق بتجميع ما طلبته الوكالة”. المديرة التنفيذية لمنظمة بن كندا، تسليم ثاوار