بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، تنشر مراسلون بلا حدود تقريراً بعنوان "حقوق المرأة: موضوع في عداد المُحرَّمات"، حيث تسلط منظمتنا الضوء على الصعوبات التي يواجهها الصحفيون - رجالاً ونساءً - الذين يشتغلون على مواضيع متعلقة بالنساء وحقوقهن
نُشر هذا المقال أولاً على موقع منظمة مراسلون بلا حدود بتاريخ 5 آذار 2018
فقد تبين أن التطرق لمواضيع حقوق المرأة لا يخلو من مخاطر بالنسبة للصحفيين، إذ سجلت مراسلون بلا حدود بين عامي 2012 و2017 ما يقرب من 90 حالة خطيرة على مستوى انتهاكات حقوق الفاعلين الإعلاميين في حوالي 20 بلداً. وأفضى هذا التقرير – الذي استمر إنجازه عدة أشهر – إلى تصنيف مهول لأعمال العنف هذه، التي أدت إلى مقتل 11 صحفياً وحبس 12 واعتقال 25 على الأقل، لا لشيء سوى لأنهم تجرؤوا على الحديث عن وضع المرأة في بلادهم، علماً أن ما لا يقل عن 40 آخرين تعضروا – أو ما زالوا يتعرضون – لتهديدات على شبكات التواصل الاجتماعي
ففي الهند، مثلاً، دفعت الصحفية الاستقصائية جوري لانكيش ثمناً باهظاً مقابل تحقيقاتها في موضوع المرأة، حيث اغتيلت يوم 5 سبتمبر2017 علماً أن رئيسة تحرير جريدة جوري لانكيش باتريك ذات التوجه العلماني والنسائي كانت تنتقد بانتظام مكانة المرأة في النظام الطبقي الهندي. وفي إيران، تعرضت العديد من الصحفيات النسائيات لمضايقات قضائية وزُج بهن في السجون بسبب كتاباتهن، على غرار منصوره شجاعي التي تعيش في المنفى حالياً أو نرجس محمدي التي لا تزال قابعة وراء القضبان. بيد أن موجة القمع التي يشنها أعداء حقوق المرأة ليست حكراً على الصحفيات فقط. ففي الصومال، اعتُقل عبد العزيز عبد النور إبراهيم وحُكم عليه بالسجن لمدة سنة واحدة بتهمة نشر “معلومات كاذبة” بعد إجراء مقابلة صحفية مع إحدى ضحايا الاغتصاب
في هذا الصدد، قال كريستوف ديلوار، الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود، “إنه من غير المعقول أن تكون حياة الصحفيين العاملين على قضية حقوق المرأة معرَّضة للخطر في عام 2018، كما هو الحال للأسف في الكثير من المناطق عبر العالم”، مؤكداً أن “تقريرنا هذا يكشف النقاب عن الكيفية التي يعوق بها أعداء الحريات إجراء تحقيقات وتقارير صحفية حول قضية حقوق المرأة، سواء كانت من عمل صحفيين أو صحفيات. كما أننا نضع توصيات واضحة جداً حتى يحق لكل الناس – رجالاً ونساءً – في أي مكان على وجه الأرض الحصول على معاملة إعلامية عادلة، والتي بدونها لا يمكن الحديث عن الحرية الصحفية أو التعددية”
أعداء بشتى الأنواع والأشكال
من يقف وراء هذه الأعمال العدائية ضد النساء والصحفيين؟ بالنسبة لمنظمة مراسلون بلا حدود، يظهر أعداء حرية الإعلام وحقوق المرأة في عدة أوجه: فهناك من جهة الجماعات المتطرفة، مثل طالبان وداعش، وثمة أيضاً التيارات المناهضة للإجهاض بالولايات المتحدة، والتي لا تتوانى عن إطلاق تهديدات بالقتل في حق الصحفيين الذين يتطرقون لقضية الحق في الحق في وقف الحمل. ومن جهتها، تحرص المنظمات الإجرامية حرصاً شديداً على إسكات وسائل الإعلام، حيث تنطوي تغطية جرائم قتل النساء في ولاية تشيواوا المكسيكية على مخاطر لا حصر لها. كما أن الأنظمة الاستبدادية – وفي مقدمتها الصين وتركيا ومصر – تعمل بشتى الوسائل ومختلف السبل على قمع أية محاولة لفتح نقاش عام حول مسألة وضع المرأة. أما في فرنسا وكندا، والعديد من البلدان الأخرى، فإن شبكة الإنترنت تعج بجحافل من المستخدمين العدائيين الذي لا يدخرون جهداً في إطلاق حملات تحرش شرسة ضد الصحفيين. وعندما تكون ضحايا هذه الهجمات من النساء، فإنها تكون أكثر عنفاً، بل وتكتسي طابعاً جنسياً في أغلب الحالات
وأمام هذه الضغوط، لا يجد بعض الصحفيين من خيار آخر سوى اللجوء إلى المنفى، بينما يقرر البعض الآخر ترك العمل الإعلامي، فيما تفضل فئة ثالثة الصمود والمواجهة مهما كان الثمن. ففي تقريرها هذا، حرصت مراسلون بلا حدود على إعطاء الكلمة للعديد من تلك الأصوات التي اختارت طريق الكفاح والمقاومة، مقدمة في هذا الصدد توصيات إلى الدول والمنظمات الدولية والمنصات المتخصصة والمؤسسات الإعلامية على حد سواء، حتى لا يظل موضوع حقوق المرأة في عداد المُحرَّمات وحتى يتمكن الصحفيون والصحفيات من العمل على هذه المسألة بحرية ودون قيود أو معوقات