العنف القائم بناءً على نوع الجنس ضد المرأة في وسائل الإعلام، والحاجة إلى التحرك اليومي
تعمل الأمانة العامة لآيفكس في محور شبكة عالمية من أكثر من 100 منظمة مكرسة لحماية وتعزيز حرية التعبير. من هنا، فإننا نشاهد سيل من التقارير حول أشخاص يقابلون حرية التعبير بالعنف.
ويستهدف هذا العنف المدافعين عن حقوق الإنسان، ويستهدف الصحفيين، ويستهدف الأفراد بناءً على هويتهم الجنسية.
لذلك فإنه ليس من المستغرب أن هناك تصغير لهذا النوع من العنف، وأنه يأخذ منحى النوع الاجتماعي عندما نتحدث عن المرأة، كما يحدث للصحفيين، ويحدث أيضا عند الإبلاغ عن قصص حول حقوق الإنسان. هذا الأمر ليس من المستغرب – ولكنه مزعج للغاية.
حتى قبل التصدي لحقيقة أن هذه الأفعال هي ببساطة فظيعة، فإنه يستحق التوضيح أن العالم يحتاج للصحفيات. كما يشير المؤلفون في مقدمة العنف والتحرش ضد المرأة في وسائل الإعلام: صورة عالمية: “الصحفيات لهن تاريخ طويل في مهنة الأخبار، والمراسلات يخاطرن بحياتهن من أجل تغطية الأخبار منذ عام 1849 على الأقل عندما أبلغت مارجريت فولر عن غزو روما من قبل قوات لويس نابليون الفرنسية”.
تشكل الصحفيات جزءا أساسيا من قول قصة أكبر. ففي مقالتها التي نشرت على لجنة حماية الصحفيين بعنوان الهجمات على الصحافة: النوع الاجتماعي وحرية الإعلام في جميع أنحاء العالم، تصف ايرين بانكو كيف عندما أن تكون الصحفية امرأة يتم إلحاق الأذى بها في بعض الأحيان، ولكن يساعدها أيضا في الوصول إلى قصص التي لولاها لم يتم الإبلاغ عنها.
“على الجانب الآخر، زملائي الذكور قد لا يتحدثون بسهولة مع مصادر الإناث، وخاصة في حالات معيشية غير مستقرة مثل مخيمات اللاجئين ومناطق الحرب، أو معسكرات التدريب. كامرأة، أنا قادرة على الوصول إلى النساء والفتيات التي غالبا ما يطلب منهن الجلوس في غرفة جانبية بينما أقوم بمقابلة أبائهن أو أخوتهن أو أعمامهن. كامرأة، لا أستطيع الجلوس مع والدة وأطفالها وحدها دون زوجها والتحدث إليها بصراحة. أستطيع أن أسألها عن حياتها اليومية. غالباً ما تشعر النساء بالراحة بالجلوس معي ويتحدثن عن حالتهن النفسية وصراعات الاضطراب ما بعد الصدمة. يخبرنني عن حكايات الليالي الطوال وترطيب السرير في كل مرة تحلق فيها الطائرة حول المنطقة. يجدن الراحة في التحدث مع الصحفيات بسبب الفجوة بين الرجال والنساء في ثقافتهن. هذه الراحة تسمح لي بالوصول إلى قصص أوسع نطاقا للصراع مما هو متاح للصحفيين الذين تقتصر تغطيهم على مقابلات الجنود”.
ماي ازانجو، واحدة من عدد قليل من الصحفيات في ليبيريا التي تتحدث عن موضوع مُحرَم وهو ختان الإناث، وكادي أدزوبا تُبلغ عن مئات الآلاف من ضحايا الاغتصاب في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وإسثيرهتوسان التي ولدت ونشأت في ولاية كاتشين ببورما، فازت بجائزة بوليتزر لصحافة الخدمة العامة في عام 2016 مع فريقها المكون من أربع صحفيات لتقاريرهن حول إجراء تحقيق دولي في صناعة صيد الأسماك بجنوب شرق آسيا. هذه أمثلة قليلة من الكثير – بإن عمل الصحفيات يمتد إلى أبعد من حدود مناطق الحرب.
للأسف، لذلك تُوجّه الهجمات ضدهن. وعلى الرغم من أن العنف هو للأسف حقيقة واقعة بالنسبة للعديد من الصحفيين، فإنه عندما يتم استهداف النساء فالاعتداءات، سواء اللفظية أو الجسدية، غالبا ما تكون قائمة على النوع الاجتماعي بشكل واضح.
وهناك حالة رفيعة المستوى التي هي أيضا مثال ساطع على مدى مساعدة الدعم المستمر والتعاون مع المجتمع المدني – في هذه الحالة دعم المنظمة الكولومبية الغير حكومية حرية الصحافة – وهي حالة الصحفية الحاصلة على جوائز جينيث بيدويا ليما. ففي شهر أيار من عام 2000، اختطفت بيدويا ليما وتعرضت للتعذيب والاعتداء الجنسي أثناء تحقيقها في قصة حول العنف في سجن مشدد الحراسة والتي يتورط فيها موظفي الدولة والجماعات شبه العسكرية في كولومبيا. لقد كان هجوماً مروعاً، وحالة رمزية الإفلات من العقاب. الآن فقط، وبعد 15 عاما من الجريمة، هناك شخص يتم محاسبته. أصبحت جينيث منذ ذلك الوقت مدافعة قوية عن حقوق المرأة في كولومبيا، لا سيما من خلال حملتها “ليس الوقت المناسب لتكوني صامتة“، ووضعت مسألة العنف الجنسي ضد المرأة أمام الوعي العام.
هذا العام، كانت الصحفيات مرة أخرى بين المكرمين لتحية المدافعين عن حقوق الإنسان التي يتم تنظيمها من قبل جمعية المرأة في التنمية. ومن بينهم انابيل فلوريس سالازار، التي كانت موضوع مقال آيفكس في شباط عام 2016.
قصة اختفائها بدأت كقصص الكثير من الصحافيين المكسيكيين الذين يتم خطفهم فجأة من قبل مجموعة من المهاجمين المسلحين. الشرطة تضرب مراسلة تعمل في جزء خطير جدا من البلد، وانتهت قصة انابيل فلوريس سالازار أيضا بشكل مألوف جدا: وجدت في وقت لاحق ميتة على بعد أميال من منزلها.
لقد حذرت ممثلة منظمة الأمن والتعاون حول حرية وسائل الإعلام دونيا مياتوفيتش من تنامي التهديدات التي تواجهها الصحفيات على الانترنت، حيث قالت: “باستمرار انتقائهن واستهدافهن بتعليقات مؤذية، فالكثير من الصحفيات قد يعدن تقييم القضايا التي يختارنها للتغطية. وبهذه الطريقة، فإن هذه الهجمات تشكل تهديدا واضحا على وسائل الإعلام الحرة والمجتمع ككل. ففي عام 2016، نشرت منظمة الأمن والتعاون مجموعة من التوصيات لمواجهة مثل هذه الإساءات.
هذه النقطة واضحة. نحن بحاجة إليها. وهن بحاجة إلينا. ماذا تم فعله، وماذا يمكننا القيام بأكثر من ذلك من أجل الصحفيات؟
وفقا للاتحاد الدولي للصحفيين الذي يمثل 600,000 صحفي في جميع أنحاء العالم، فإن 70٪ من النساء العاملات في مجال الإعلام يقلن بأن منظماتهن لا تتخذ إجراءات لحماية أمنهن أو سلامتهن.
يجب أن نتأكد من أن هذا التحرك هو جزء من كل يوم، 365 يوما في السنة، إذا أردنا الفوز في هذه المعركة.
هناك العديد من المنظمات في شبكة آيفكس، التي تعمل لوحدها أو من خلال التحالفات مع الآخرين على زيادة الوعي حول هذه المسألة، والرصد والإبلاغ عن التهديدات، وإشراك وسائل إعلام أكثر لإيجاد الحلول، ودعوة الحكومات إلى القيام بدورها لإنهاء الإفلات من العقاب في هذه الجرائم.
خلال 16 يوما من التحرك لمناهضة العنف القائم على نوع الجنس، نكرم الصحفيات الشجاعات اللواتي فقدن حياتهن.
نحن نكرم هؤلاء النساء. ونحن لا نريد أن نرى أعدادهن تنمو كل عام.
لذلك دعونا أيضا أن نغتنم هذه الفرصة لتكريم العديد من الأفراد والمجموعات والشبكات العاملة من أجل التأكد من أن الأجيال المقبلة من الصحفيات لن تكون مضطرة لقبول هذه المخاطر بأنها “مجرد جزء من العمل”.