حتى عندما كان السجين الأكثر شهرة في الصين، ظل ليو شياوبو رجلاً "بلا أعداء". توفي ليو بتاريخ 13 تموز 2017، عن عمر يناهز 61 عاماً، بسبب مضاعفات سرطان الكبد أثناء احتجازه من قبل الدولة.
في رسالة من ليو شياو بو تم تهريبها من السجن في كانون الاول 2014 أنا جيد هنا في السجن، دائما قادر على القراءة والتفكير .... لقد أصبحت أكثر قناعة بأنه لا يوجد لدي أعداء شخصيين .... وآمل أن يولي العالم مزيدا من الاهتمام للضحايا الآخرين الغير معروفين جيداً، أو الغير معروفين على الإطلاق!
ليو شياو بو هو ناقد أدبي مشهور وناشط ومؤلف العديد من الكتب التي تستكشف وتتحدى أيديولوجية الدولة. بعد الانتهاء من الدكتوراه في أواخر الثمانينات، تولى العديد من المنح الدراسية بما فيها زيارة لجامعة كولومبيا، وجامعة هاواي، وجامعة أوسلو. عاد إلى بكين في مطلع عام 1989. وكان شخصية محورية خلال احتجاجات ميدان تيانانمين، حيث انضم إلى المضربين عن الطعام ودعا الطلاب الى الحفاظ على موقف غير عنيف حتى حين تعرضهم للهجوم من قبل الجيش. لهذا وُصِفت بأنه احد “الأيدي السوداء” وراء الاحتجاجات، فاعتقل وخدم سنتين في السجن. لقد واصل نشاطه بعد إطلاق سراحه، مما أدى إلى وضعه تحت الرقابة المشددة لمدة تسعة أشهر في عام 1995، وأمضى ثلاث سنوات أخرى في “إعادة التثقيف من خلال العمل” بين عامي 1996 و 1999.
في عام 2008، كان ليو شياو بو المؤلف الرئيسي للميثاق 08، وهو عبارة عن عريضة تدعو إلى الإصلاح السياسي، كما تدعو الصين على الالتزام بالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. نشرت العريضة بالتزامن مع الذكرى الـ60 لإعلان الأمم المتحدة العالمي لحقوق الإنسان، كما أنها مستوحاة من حركة ميثاق 77 في تشيكوسلوفاكيا. وقع أكثر من 350 من الصحفيين والأكاديميين والناشطين على العريضة. وبتاريخ 8 كانون الأول عام 2008، ألقي القبض على ليو شياو بو قبل الإفراج الرسمي لميثاق 08،. وبعد عام بتاريخ 23 كانون الأول 2009، تم جلبه للمثول أمام المحكمة في بكين بتهمة “التحريض على تقويض سلطة الدولة”. بعد ثلاث ساعات فقط حُكم عليه بالسجن لمدة 11 عاماً.
في كانون الأول 2010، تم منح ليو شياو بو جائزة نوبل للسلام “لكفاحه الطويل والغير عنيف من أجل حقوق الإنسان الأساسية في الصين”. ولم يتمكن من حضور الحفل في أوسلو، إلا أن غيابه كان مؤثراً بكرسيه الفارغ، وكان خطاب قبوله يُقرأ من قبل الممثلة ليف أولمان. رفع الحائزون على جائزة نوبل من التخصصات الأخرى أصواتهم للتعبير عن دعمه. والجدير بالذكر، أن 134 حائزاً على جائزة نوبل أصدروا دعوة مشتركة في كانون الأول من عام 2012 للرئيس الصينى شى جين بينغ لإطلاق سراح ليو. في الوقت نفسه أطلق الأسقف ديزموند توتو عريضة اجتذبت أكثر من 450,000 توقيعاً على الصعيد العالمي.
أثناء وجوده في معسكر إعادة التربية، قابل ليو شياو بو زوجته الشاعرة ليو شيا. وكانت تحت الإقامة الجبرية منذ تشرين الأول 2010، عندما تم الإعلان عن حصول زوجها على جائزة نوبل. حيث كانت لا تستطيع الوصول إلى الإنترنت أو الهاتف، ولديها اتصال قليل مع الأصدقاء أو العائلة، على الرغم من أنها قد منحت زيارات نادرة لزوجها في السجن.
ليو شياو بو هو عضو بارز في نادي بن الدولي، وقاد مركز بن الصيني المستقل ما بين 2003-2007. وتقود المنظمة حملة من أجل إطلاق سراحه، وتنظّم قراءات له وتقوم بنشر كتاباته وكتابات ليو شيا، إلى جانب المناصرة الدبلوماسية والدولية المستمرة.
يمكن القول، بأن منح جائزة نوبل يمكن أن يعزز عزم الصين على عدم الانضمام إلى الضغط من أجل الإفراج عن ليو. فخلال زيارة رسمية إلى المملكة المتحدة في تشرين الأول 2015، اجاب الرئيس شي على أسئلة حول حقوق الإنسان في الصين قائلاً: “الصين تولي أهمية كبرى لحماية حقوق الإنسان”، ومع ذلك كان واضحا أن الحكومة الصينية ترى حقوق الإنسان من خلال عدستها الخاصة: “نحن نجمع بين القيمة العالمية لحقوق الإنسان مع واقع الصين وقد وجدنا جزءا من تنمية حقوق الانسان التي تناسب الظروف الوطنية للصين”. هذا لا يبشر بالخير بالنسبة لليو شياو بو أو لغيره من المدافعين عن الحقوق المدنية في البلاد.
افحصت الحكومة الصينية عن القليل من المعلومات خلال اعتقال ليو شياوبو.
وبتاريخ 23 أيار 2017، تم تشخيص اصابته بدرحة عالية من سرطان الكبد. وبعد شهر من ذلك، تم منحه افراج طبي مشروط ونُقِل من سجن جينتشو إلى جامعة الصين الطبية رقم 1، وهي مستشفى تابعة لمحافظة لياونينغ.
وعلى وجه السرعة، طالبت العديد من المجموعات والقادة في جميع أنحاء العالم الصين بالسماح لليو شياوبو بمغادرة البلاد لأسباب إنسانية حتى يتمكن من العلاج الطبي لسرطانه.
توفي ليو بتاريخ 13 تموز 2017، عن عمر يناهز 61 عاماً، بسبب مضاعفات سرطان الكبد أثناء احتجازه من قبل الدولة.الرسم من فلوريان نيكول
الرسم من فلوريان نيكول