تعمدت السلطات الأذربيجانية إساءة استخدام القوانين الناظمة لعمل المنظمات غير الحكومية ما يعرّض الأشخاص التابعين لها لاتهامات جنائية.
نشر أولًا على هيومن رايتس ووتش.
تصاعد الاعتقالات وقمع الاعتراض قبل مؤتمر الأمم المتحدة المناخي
- تستخدم سلطات أذربيجان تهما ملفّقة ومسيّسة لملاحقة وسجن النشطاء المدنيين، والصحفيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان قبل أشهر قليل من استضافة المؤتمر الأممي لتغير المناخ “كوب 29”.
- تفرض الحكومة تعسفا قوانين تحمل قيودا شديدا على عمل المنظمات غير الحكومية للحد من قدرتها على التسجيل، والحصول على التمويل، والعمل بشكل قانوني. المنظمات غير المسجلة التي تستمر في عملها تقوم بذلك على هامش القانون وتعرّض نفسها لخطر كبير.
- على أذربيجان أن تفرج فورا وبدون شروط عن جميع المحتجزين ظلما وتنهي قمعها. كما على الأمم المتحدة والدول المشاركة في المؤتمر المناخي أن تشدد على أهمية وجود مجتمع مدني مزدهر ومستقل لتحقيق الأهداف المناخية الطموحة.
إن أذربيجان تقوم بحملة شرسة على منتقدي الحكومة، والمجموعات المستقلة، والإعلام. اشتدت الحملة قبل استضافة أذربيجان مؤتمر الأمم المتحدة المناخي كوب 29، الذي يُفتتح في باكو، في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
التقرير الصادر في 74 صفحة، بعنوان “’نحاول ألا نظهر‘: القمع المتصاعد في أذربيجان ضد المنتقدين والمجتمع المدني”، يوثق تضافر جهود الحكومة لتفريق المجتمع المدني وإسكات المنتقدين. اعتقلت السلطات عشرات الأشخاص على خلفية تهم جنائية ملفقة ومسيّسة. كما فرضت تعسفا قيودا قانونية تدفع المنظمات المستقلة ووسائل الإعلام إلى هامش القانون، ما يزيد ضعفها بوجه أي ملاحقة جنائية انتقامية. وثّقت المنظمتان 33 من أبرز قضايا الملاحقة الجنائية، والاحتجاز، والاعتداء. ووجدت أن السلطات الأذرية تعمدت إساءة استخدام القوانين الناظمة لعمل المنظمات غير الحكومية لمنع بعض المنظمات من التسجيل والحصول على التمويل، ما يعرّض الأشخاص التابعين لها لاتهامات جنائية.
قال جورجي غوجا، مدير مشارك في قسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش: “ازدراء حكومة أذربيجان للحريات المدنية يضع المنظمات المستقلة والإعلام الناقد على طريق الانقراض. ليست هذه الصورة التي على الحكومة إظهارها عشية كوب 29. ولم يفت الأوان لتحسّن الحكومة سمعتها إذا أفرجت عن المنتقدين المحتجزين وأوقفت فورا استخدام التهم الملفقة ضد المجتمع المدني، لكن عليها التحرك الآن”.
قابلت هيومن رايتس ووتش وفريدوم ناو أكثر من 40 شخصا هم محامون أذريون، وأقارب محتجزين، وموظفو منظمات غير حكومية وقادتها. وقد راجعتا قوانين وقواعد المتعلقة بالمنظمات غير الحكومية في أذربيجان، ووثائق قانونية متعلقة بقضايا جنائية محددة، وأحكام “المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان”، ووثائق أخرى.
استهدفت السلطات بشكل شرس ثلاث منصات إخبارية مستقلة على الإنترنت متبقية في أذربيجان، منها “أبزاس ميديا” و”توبولم تي في”. فقد اعتقلت 12 شخصا على الأقل من موظفي هذه المنصات الإعلامية الثلاث، والكثير غيرهم من الأفراد التابعين لها، ووجهت إليهم تهما جنائية. فتشت السلطات مكاتب أبزاس وتوبلوم، وأغلقتها وصادرت معداتها. واخترقت حساباتهما على منصات التواصل الاجتماعي، وأغلقت مواقعهما الإلكترونية. كما اعتقلت مراسلين من وسائل إعلامية أخرى وقادة العديد من المجموعات غير المسجلة. بالإضافة إلى نقابيين وغيرهم ممن تجرأ على انتقاد سياسات الحكومة والاحتجاج عليها.
وضمن المعتقلين والمحتجزين المدافع المخضرم عن حقوق الإنسان أنار ممادلي، الذي شارك في الأسابيع الأخيرة قبل اعتقاله في تأسيس مبادرة للعدالة المناخية هدفها مناصرة الحريات المدنية والعدالة البيئية في أذربيجان قبيل كوب 29. وهو ينتظر محاكمته بتهم تهريب ملفقة.
في يوليو/تموز 2023، اعتقلت السلطات الاقتصادي والناشط البارز ضد الفساد غوباد إبادوغلو، المتخصص في شفافية مردود قطاع النفط والغاز. يقبع د. إبادوغلو في الإقامة الجبرية، في انتظار محاكمته بتهم ملفقة متعلقة بتزوير العملات والتطرف، ويواجه احتمال السجن حتى 17 عاما في حال إدانته.
وجدت المنظمتان أن وزارة العدل تنفذ انتقائيا بعض الأحكام القانونية، أو تتجاهل القانون برمته من أجل حرمان بعض المجموعات من التسجيل وتقييد قدرتها على الحصول على التمويل أو العمل بشكل قانوني. في حين اضطرت بعض المجموعات والمنصات الإعلامية إلى الإغلاق، تستمر أخرى بعملها المشروع عبر العمل على هامش القانون بينما تعرض نفسها لخطر جسيم. في 20 من القضايا الـ 33 الموثقة في التقرير، اتُّهم أفراد بتهريب الأموال إلى البلاد. ويواجه البعض مجموعة من الاتهامات الجنائية الأخرى، منها ريادة الأعمال غير القانونية، وتبييض الأموال، وتزوير الوثائق، والتهرب الضريبي.
قالت المنظمتان إنه من الواضح في العديد من القضايا تلاحق السلطات النشطاء انتقاما من محاولتهم القيام بعملهم الشرعي، في سياق تحكمه قوانين تجعل العمل المستقل شبه مستحيل، وتعرضهم لخطر الملاحقة الجنائية.
بموجب القانون الدولي، من واجب حكومة أذربيجان أن تحمي الحق في حرية التعبير، والتجمع، وتشكيل الجمعيات. يتضمن هذا الحق القدرة على تشكيل منظمات قانونية للعمل الجماعي في مجال يمثل مصلحة مشتركة. أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحكاما عديدة تنص على أن تقاعس الحكومة الأذرية عن تسجيل المنظمات غير الحكومية المستقلة ينتهك الحق في حرية التجمع. في إحدى القضايا على الأقل، وجدت المحكمة أن السلطات قيدت الحقوق “لأغراض خفية” تتمثل في معاقبة مقدمي الطلب بسبب نشاطهم الحقوقي.
قالت المنظمتان إن على الحكومة أن تضمن فورا قدرة المجموعات المستقلة على القيام بعملها المشروع بدون أي تدخل، بما يشمل إلغاء القوانين القمعية الناظمة لعمل المنظمات المستقلة والإعلام. كما على الحكومة أن تفرج، فورا وبدون أي شرط، عن المحتجزين على خلفية تهم مسيّسة.
قبيل كوب 29، على الدول الأعضاء وهيئة “اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ” أن تشدد على أهمية وجود مجتمع مدني مزدهر ومستقل لتحقيق الأهداف المناخية الطموحة. كما عليها أن تشدد على ضرورة أن يكون لجميع الأفراد والمنظمات حرية الدعوة إلى تدابير مناخية والتدقيق فيها، قبل المؤتمر وخلاله وبعده.
قالت أندريا براسو، المديرة التنفيذية لمنظمة فريدوم ناو: “تحاول حكومة أذربيجان أن تقضي على المجتمع المدني عبر سلسلة من الاعتقالات الجائرة والقيود القانونية على عمل المنظمات غير الحكومية. في هذا الوقت الحرج، قبيل كوب 29، على الدول ومسؤولي الأمم المتحدة دعوة أذربيجان بشكل عاجل إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن النشطاء المحتجزين تعسفا، والالتزام بدعم حقوق الإنسان خلال كوب 29 وبعده”.