ماي خوي، الموسيقية التي اشتهرت في بداية حياتها المهنية بأسلوب حياتها الغريب، والأزياء غير العادية، والأغاني المثيرة للجدل، وُصفت بأنها "ليدي غاغا" فيتنام. وهي تستخدم منصتها للترويج لحقوق المرأة ومجتمعات المثليات والمثليين وثنائي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً والكوير والغير محددي الهوية الجنسية وغيرهم، وللاحتجاج على سيطرة الدولة الصارمة على التعبير الفني.
"أريد أن أمارس حق التعبير الحر في فيتنام، بدلاً من مجرد الحديث عن الحاجة إلى حرية التعبير.
في عام 2010، فازت المطربة ماي خوي بجائزة أفضل ألبوم وأغنية بتلفزيون فيتنام. واحتفلت بالجائزة بشكل غير تقليدي، بحلق جزء من شعرها، وكتابة حرفي “VN” (فيتنام). ولكن قوبلت هذه اللفتة الوطنية باستياء من قبل بعض المحافظين.
استمرت هذه الفنانة الموهوبة والمتحدية، والتي تتمتع بشعبية كبيرة في البلاد، في المخاطرة بغضب السلطات، وفي نفس الوقت جعلت المزيد من المعجبين يتحدثون عن قضايا المرأة وحماية البيئة وحقوق المثليات والمثليين وثنائي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً والكوير والغير محددي الهوية الجنسية وغيرهم.
مع تطور مسيرتها الموسيقية على مر السنين، أعربت عن استيائها من نظام الرقابة الذي يقيد التعبير الفني.
وقالت لصحيفة واشنطن بوست في عام 2018: “بدأت أكتب عن مشاعر الفنانين والأشخاص الذين يتعين عليهم العمل في ظل نظام الرقابة. لا يشعر الناس بالحرية عندما يخضع عملهم للرقابة”.
كانت السلطات تسيطر بصرامة على القطاع الإبداعي. حيث قالت في تقرير لأمريكا اليوم: “لا يوجد حرية تعبير هنا، ليس بأي معنى. لا يمكنك الغناء والعزف على جيتارك في الشارع أو تنظيم عرض خاص في منزلك دون الحاجة إلى طلب الإذن أولاً”.
في عام 2016، حاولت الترشح كمستقلة في الجمعية الوطنية التي يسيطر عليها الشيوعيون، لكن تم رفض طلبها.
قالت ماي خوي حول ترشحها: “عندما رشحت نفسي، أردت فقط أن يعرف الناس حقهم في المشاركة السياسية. وأردت أن أكون صوتًا للتغيير، ولحرية التعبير، وللحرية الفنية”.
ربما تكون قد خسرت محاولتها للترشح، لكنها نجحت في إثارة نقاش وطني حول الديمقراطية (أو عدم وجودها) في فيتنام. كما تصدّر ترشيحها المفاجئ عناوين الصحف العالمية. بعد شهرين، انضمت إلى مجموعة صغيرة من النشطاء الذين التقوا بالرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما لمناقشة حالة حقوق الإنسان في بلدها.
بعد ذلك، تم طردها من منزلها وداهمت الشرطة عروضها.
في تشرين الثاني من عام 2017، رفعت لافتة احتجاجية كُتب عليها “السلام عليك ترامب” – ولكن قام بشطب كلمة “سلام” واستبدلتها بكلمة “بول” – وذلك عندما كان موكب الرئيس الأمريكي آنذاك يمر عبر هانوي. حيث كان ترامب في فيتنام لحضور القمة السنوية لمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ.
وتم طردها مرة أخرى من منزلها، واختبأت من الشرطة لمدة 13 يومًا لحين البحث عن مكان جديد للإقامة.
في مقابلة لها مع آيفكس بعد طردها من منزلها، أوضحت سبب قيامها بتنظيم الاحتجاج الفردي قائلة: “أريد أن أمارس حق التعبير الحر في فيتنام، بدلاً من مجرد الحديث عن الحاجة إلى حرية التعبير. من خلال القليل من الاحتجاج وردود الفعل العنيفة للسلطات، أظهرت للعالم أن فيتنام لا تتمتع بحرية التعبير. احتجاجي أيضًا هو وسيلة لمقاومة الأعراف الاجتماعية التي تقيد حرية التعبير”.
شكلت ماي خوي لاحقًا فرقة جديدة – “المعارضون” – مع نغوين دوك مينه وكوين ثين داك. احتوى ألبومهم “المعارضة” على أغانٍ لم يقدموها إلى مجلس الرقابة لمراجعتها. وتمزج موسيقى الألبوم بين موسيقى الجاز والأصوات العرقية؛ تغيير من موسيقى البوب الحديث الذي دفع ماي خوي إلى النجومية. وأرجعت خوي سبب التغيير في الموسيقى التي تقدمها إلى صحوتها السياسية.
حيث قالت في مقابلة مع الكاتب هوا بي نغوين: “عندما يتغير موضوع أغنياتي، أحتاج إلى تغيير أسلوبي أيضًا. لنفترض أنني أكتب أغنية عن احتجاج شاهدته؛ لا أستطيع التعبير عن كل مشاعري من خلال موسيقى البوب، ولا بد لي من استخدام هذه الأصوات القاسية والصاخبة لتصوير تلك التجربة”.
كما تنوع التعبير الإبداعي لماي خوي. حيث يستكشف مشروعها بام بوم “Bamboom!” الفلسفة الشرقية من خلال استخدام الآلات الموسيقية المصنوعة من الخيزران. عملت أيضًا في Seaphony، وهي أوركسترا تتألف من موسيقيين من الأقليات العرقية في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا.
لكنها استمرت في مواجهة المراقبة المستمرة ومضايقات الدولة. بعد جولتها الأوروبية في آذار 2018، تم توقيف ماي خوي في مطار هانوي واستجوبتها الشرطة لمدة ثماني ساعات. وتمت مصادرة نسخ من ألبومها الموسيقي “المعارضة”. لقد حاولت السلطات تقويض حياتها المهنية من خلال منع العروض التلفزيونية والمقابلات الإعلامية. في مقابلة معFreemuse ، وهي منظمة دولية غير حكومية تدافع عن حرية التعبير الفني والتنوع الثقافي، وصفت محنتها قائلة: “أنا لست ممنوعة رسميًا من الغناء، لكن لن يستقبلني أحد لأنهم خائفون من أن يسبب ذلك لهم مشاكل […] يبدو الأمر كما لو أنهم لا يقتلونني لكن لا يدعوني أعيش”.
نظرًا لعدم قدرتها على الأداء العام دون المخاطرة بتخويف الشرطة، لجأت ماي خوي إلى وسائل التواصل الاجتماعي لبث عروضها. واعترفت بأهمية الفيسبوك في الترويج لعملها كموسيقية. ولكن مثل النشطاء الآخرين الذين رأوا في البداية إمكانات المنصة لحرية التعبير، أصبحت ماي خوي أكثر انتقادًا للمنصة بعد عدم قيام شركة التكنولوجيا العملاقة بأي شيء أو فقط القليل لمنع المتصيدون المدعومون من الدولة من مضايقة منتقدي الحكومة. في مقال رأي نُشر عام 2018 في صحيفة واشنطن بوست، ناقشت كيف يمكّن فيسبوك الكراهية عبر الإنترنت في فيتنام:
“فيسبوك يسمح بإساءة استخدام منصته لتقسيم وعزل الناس. مزارع المتصديون وكتائب الجيش السيبراني تتجول في المنصة، تتلاعب بالرأي العام وتُغرِق المعارضة. يسيء المؤيدون الحكوميون المدفوعون استخدام معايير مجتمع فيسبوك لحذف المشاركات الهامة “.
التقت بمديرين تنفيذيين على فيسبوك عدة مرات لتناقش لماذا يجب أن يتم منع المتصيدون الحكوميون من إساءة استخدام منصتها. لقد لفتت انتباه فيسبوك، لكنها أصيبت بخيبة أمل من استجابة الشركة الفاترة. وقالت في وقت لاحق لموقع The Intercept أنه “مثل الحكومة الفيتنامية، فإن فيسبوك طغيان غير خاضع للمساءلة”.
تم الاعتراف بنشاط ماي خوي في جميع أنحاء العالم. في عام 2018، فازت بجائزة فاتسلاف هافيل للمعارضة الإبداعية، التي قدمتها مؤسسة حقوق الإنسان في منتدى الحرية في أوسلو. وأدرجتها منظمة العفو الدولية على قائمة نشطاء حقوق الإنسان الملهمين الذين يجب متابعتهم في عام 2018.
تم عرض فيلم وثائقي عنها بعنوان ماي خوي والمعارضون “Mai Khôi & The Dissidents” لأول مرة في مهرجان Doc NYC في تشرين الثاني من عام 2019. ثم منحتها مبادرة الحرية الفنية إقامة فنية لمدة ثلاثة أشهر من خلال برنامج حاضنة الملاذ الآمن للموسيقيين بمدينة نيويورك، وحصلت بعد ذلك على زمالة صندوق حماية الفنان في الإقامة في جامعة بيتسبرغ، برعاية مشتركة من قبل مشروع التعبير الحر الدولي ومدينة اللجوء.
وقد سَمح لها ذلك بكتابة الأغاني وتنظيم العروض التي لم تعد قادرة على تنظيمها بأمان في فيتنام. وأطلقت على أحد مقطوعاتها اسم “الناشطة السيئة“: وهي عبارة عن سيرتها الذاتية عن تحولها من نجمة بوب في بلدها الأصلي إلى موسيقية معارضة في المنفى.
إن عودة ماي خوي إلى فيتنام غير مؤكدة، نظرًا لاستمرار حالة حقوق الإنسان الخطيرة هناك، لكن التزامها بالحديث عن الحرية والحقوق لا يزال ينعكس بوضوح في أغانيها. في عام 2020، تعاونت ماي خوي مع المطرب اللبناني حامد سنو، وكتبت كلمات أغنية الأجسام المضادة “Antibodies” التي تحدثت عن التوق إلى العدالة في وطنها:
حيث ولدت، لا يوجد عدالة أيضًا
يمتلك البعض منطقة كاملة؛ ولكن لا يوجد لدى الآخرين أي مكان لإقامة مذبح لوالديهم
لمدة 12 عامًا، طالبت الأم بالعدالة لابنها البريء لكن عدالة التهريج لم تتزحزح
اين العدل؟ أين يمكن أن نجد العدل؟
بصفتها موسيقية اشتهرت في بداياتها المهنية بأسلوب حياتها الغريب، والأزياء غير العادية، والأغاني المثيرة للجدل، غالبًا ما وُصفت ماي خوي بأنها “ليدي غاغا” فيتنام. في وقت لاحق، قارنها الكتّاب بPussy Riot ، فرقة البانك روك المنشقة في روسيا.
لكن ربما لم تنته ماي خوي بعد من إعادة نفسها، حيث تواصل استخدام فنها وصوتها في قول الحقيقة للسلطة.