مازن درويش محامٍ سوري شهير ومدافع عن حرية التعبير، ومعترف به دوليًا كمصدر بالغ الأهمية للمعلومات عن الصراع في بلاده. وباعتباره أحد الناجين من تعذيب السلطات السورية، كرس درويش نفسه لمحاسبة مجرمي الحرب.
على الرغم من أنه لا توجد فرحة لسجين أكبر من إحساسه من أنّ العالم الخارجي ما يزال يذكره، إلاّ أنه أمام الخراب ونزيف الدم الذي يجتاح بلدي يصبح الإحساس بالفرح رفاهية أخجل أن أشعر بها.
مازن درويش، ١٠ يونيو/حزيران للعام ٢٠١٣/ سجن عدرا
كان المركز السوري للإعلام وحرية التعبير في عام ٢٠٠٤ المؤسسة الوحيدة المخصصة لرصد الاعتداءات على الصحفيين والمدونين والنشطاء في سوريا. بعد وقت قصير من تأسيسه، وقبل وقت طويل من دخول سوريا في الصراع، رفضت الحكومة اعتماد المركز، واضطر درويش للعمل في الخفاء.
تعرض درويش للاعتقال لفترة وجيزة في عام ٢٠٠٨، وكان يمنع من السفر عدة مرات لعمله مع المركز، لكنه لم يرتدع. خلال المراحل الأولى من الحرب في سوريا في أوائل عام ٢٠١١، أبلغ درويش حول الاشتباكات في درعا وشارك في احتجاجات تدعو لإطلاق سراح السجناء السياسيين. وكان المصدر الرئيسي للمعلومات لوسيلة الإعلام الدولية وكالة الاسوشيتد برس.
بتاريخ ١٦ فبراير/شباط ٢٠١٢، داهمت عناصر المخابرات الجوية السورية مقر المركز وألقت القبض على درويش وجميع الموظفين الآخرين المتواجدين. واحتجز بمعزل عن العالم الخارجي لعدة أشهر، وسمح بالزيارة الأولى لأقاربه فقط في نوفمبر/تشرين الثاني من ذلك العام في سجن عدرا.
في شهر فبراير/شباط ٢٠١٣، اتهم درويش أمام قاضي التحقيق في محكمة مكافحة الإرهاب بسبب عمله من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان. وهو الآن يحاكم جنبا إلى جنب مع اثنين من زملائه، حسين غرير وهاني زيتاني. وقد تم تأجيل جلسة الاستماع في قضيته ٢١ مرة.
على الرغم من أن الحكومة أعلنت عفوا عن السجناء السياسيين في شهر يونيو/حزيران ٢٠١٤ يشمل التهم التي واجهها درويش، إلا أنه لم يفرج عنه حتى بعد مرور عام بتاريخ ١٠ أغسطس/آب ٢٠١٥.
بتاريخ ٣ مايو/أيار ٢٠١٥، كرّم مازن درويش بجائزة اليونسكو / جييرمو كانو العالمية لحرية الصحافة، بعد شهرين من تعيين المعهد الدولي للصحافة له بطلًا عالميًا لحرية الصحافة. أطلق المعهد حملة لإطلاق سراحه، مشددا أن “العالم وسوريا بحاجة لصوت مازن”.
ظل درويش يناضل من أجل العدالة منذ ذلك الحين إلى جانب زوجته يارا بدر، وهي صحفية وناشطة في مجال حقوق الإنسان. وفي شهر أغسطس/آب من عام ٢٠١٧، كتب مقالًا جاء فيه: “إن الافتقار الحالي للعدالة لا يساعد إلا على الرواية المتطرفة. يجب علينا معالجة هذا التوجه. ولا يتعلق هذا بالانتقام، بل بإيجاد طريق للمضي قدمًا حيث يتمكن جميع السوريين من الشفاء والثقة بعمل تسوية سياسية دائمة”.
وفي شهر ديسمبر/كانون الأول من عام ٢٠١٧، قدم درويش والمحامي أنور البني شكاوى جنائية ضد مسؤولين رفيعي المستوى في النظام السوري. وفي شهر حزيران من عام ٢٠١٨، أصدر المدعي العام الفيدرالي في ألمانيا مذكرة توقيف دولية لأحد كبار ضباط المخابرات السورية، جميل حسن، ومنذ ذلك الحين طالب بتسليمه.
يستمر درويش في مساعدة ضحايا التعذيب السوريين على السعي لتحقيق العدالة والمساءلة من خلال تقديم شكاوى جنائية عديدة في جميع أنحاء أوروبا.
وقد لعب عمله في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير دورًا حاسمًا في الوصول لأحكام تاريخية في قضايا أمام المحاكم الأوروبية، بما في ذلك إدانة ثلاثة مسؤولين سابقين رفيعي المستوى في المخابرات السورية بسبب تعذيبهم وقتلهم للأب والابن الفرنسيين السوريين مازن وباتريك دباغ في عام ٢٠١٣. وهم أرفع المسؤولين السوريين الذين أدينوا بهذه الجرائم على الإطلاق، وكانت المحاكمة هي الأولى في فرنسا المتعلقة بالجرائم التي ارتكبها النظام السوري. وقد ظهرت جهود درويش لتأمين العدالة والمساءلة للسوريين في الفيلم الوثائقي ”إحضار الأسد للعدالة“ الذي أنتج عام ٢٠٢١.
في تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز عام ٢٠١٩، كان درويش أحد الناجين الذين تحدثوا عن تجاربهم المروعة داخل السجون التي تديرها المخابرات السورية حيث كان التعذيب متفشيًا.
ولغاية وقت كتابة هذا التقرير، لا يزال العديد من الأعضاء البارزين في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير في عداد المفقودين، ويعتقد على نطاق واسع أنه تم اختطافهم على يد جماعة جيش الإسلام، وهم: رزان زيتونة، أيهم مصطفى غزول، خليل معتوق، ناظم حمادي، سميرة خليل، ووائل حمادة.
بتاريخ ٢٦ يونيو/حزيران ٢٠١٩، تقدم المركز السوري للإعلام وحرية التعبير بشكوى جنائية ضد أحد كبار ضباط جيش الإسلام، والذي اعتقل فيما بعد في فرنسا بتاريخ ٢٩ يناير/كانون الثاني ٢٠٢٠ واتُهم بارتكاب جرائم حرب وتعذيب واختفاء قسري. وتمثل لائحة الاتهام أول تحقيق في جرائم الجماعة المسلحة المتمردة في سوريا، مع تحديد موعد المحاكمة في عام ٢٠٢٥.
رسم فلوريان نيكول