مازن درويش هو محامي سوري شهير ومدافع عن حرية التعبير، وتم الاعتراف به دوليا باعتباره مصدرا قيما للمعلومات بشأن الصراع في بلاده، وحصل على جائزة اليونسكو غييرمو كانو المرموقة العالمية لحرية الصحافة في عام 2015. إن درويش الذي نجا من التعذيب على أيدي السلطات السورية، كرّس نفسه لمحاسبة مرتكبين هذه الجرائم على جرائم الحرب التي ارتكبوها.
على الرغم من أنه لا توجد فرحة لسجين أكبر من إحساسه من أنّ العالم الخارجي ما يزال يذكره, إلاّ أنه أمام الخراب ونزيف الدم الذي يجتاح بلدي يصبح الإحساس بالفرح رفاهية أخجل أن أشعر بها.
كان المركز السوري للإعلام وحرية التعبير في عام 2004 المؤسسة الوحيدة المخصصة لرصد الاعتداءات على الصحفيين والمدونين والنشطاء في سوريا. بعد وقت قصير من تأسيسه، وقبل وقت طويل من دخول سوريا في الصراع، رفضت الحكومة اعتماد المركز، واضطر درويش للعمل في الخفاء.
تعرض درويش للاعتقال لفترة وجيزة في عام 2008، وكان يتم منعه من السفر عدة مرات نتيجة لعمله مع المركز، لكنه لم يرتدع. خلال المراحل الأولى من الحرب الأهلية السورية في أوائل عام 2011، أبلغ درويش حول الاشتباكات في درعا وشارك في احتجاجات تدعو لإطلاق سراح السجناء السياسيين. وكان المصدر الرئيسي للمعلومات لوسيلة الإعلام الدولية وكالة الاسوشيتد برس.
بتاريخ 16 شباط 2012، داهمت عناصر مخابرات القوات الجوية السورية مقر المركز وألقت القبض على درويش وجميع الموظفين الآخرين المتواجدين. واحتجز بمعزل عن العالم الخارجي لعدة أشهر، وتم السماح له بالزيارة الأولى لإقاربه فقط في تشرين الثاني من ذلك العام في سجن عدرا.
في شهر شباط 2013، اتهم درويش أمام قاضي التحقيق في محكمة مكافحة الإرهاب بسبب عمله من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان. وهو الآن يحاكم جنبا إلى جنب مع اثنين من زملائه، حسين غرير وهاني زيتاني. وقد تم تأجيل جلسة الاستماع في قضيته 21 مرة.
أطلق سراحه من السجن بتاريخ 10 آب 2015، بعد أن أمضى ثلاث سنوات ونصف وراء القضبان بتهمة الإرهاب الزائفة. لا يزال يحاكم درويش أمام محكمة مكافحة الإرهاب السورية.
على الرغم من أن الحكومة أعلنت عفوا عن السجناء السياسيين في شهر حزيران 2014 يشمل التهم التي واجهها درويش، إلا أنه لم يفرج عنه حتى بعد مرور عام بتاريخ 10 آب 2015.
بتاريخ 3 أيار 2015، تم تكريم مازن درويش بجائزة اليونسكو / غييرمو كانو العالمية لحرية الصحافة، بعد شهرين من تعيينه بطلاً عالمياً لحرية الصحافة من قبل المعهد الدولي للصحافة. أطلق المعهد حملة تدعو لإطلاق سراحه، مشددا على أن “العالم، وسوريا، بحاجة لصوت مازن”.
ظل درويش يناضل من أجل العدالة منذ ذلك الحين إلى جانب زوجته يارا بدر، وهي صحفية وناشطة في مجال حقوق الإنسان. وفي شهر آب من عام 2017، كتب مقالاً جاء فيه: “إن الافتقار الحالي للعدالة لا يساعد إلا على الرواية المتطرفة. يجب علينا معالجة هذا التوجه. إن هذا لا يتعلق بالانتقام. بل يتعلق في إيجاد طريق للمضي قدماً بحيث يتمكن جميع السوريين من الشفاء وأن يثقوا بعمل تسوية سياسية دائمة”.
وفي شهر كانون الأول من عام 2017، قدم درويش والمحامي أنور البني شكاوى جنائية ضد مسؤولين رفيعي المستوى في النظام السوري. وفي شهر حزيران من عام 2018، أصدر المدعي العام الفيدرالي في ألمانيا مذكرة توقيف دولية لأحد كبار ضباط المخابرات السورية، جميل حسن، ومنذ ذلك الحين طالب بتسليمه.
يستمر درويش في مساعدة ضحايا التعذيب السوريين على السعي لتحقيق العدالة والمساءلة من خلال تقديم شكاوى جنائية عديدة في جميع أنحاء أوروبا، آخرها في السويد.
في تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز عام 2019، كان درويش أحد الناجين الذين تحدثوا عن تجاربهم المروعة داخل السجون التي تديرها المخابرات السورية حيث كان التعذيب متفشياً.
ولغاية وقت كتابة هذا التقرير، لا يزال العديد من الأعضاء البارزين في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير في عداد المفقودين، ويعتقد على نطاق واسع أنه تم اختطافهم على يد جماعة جيش الإسلام المتمردة، وهم: رزان زيتونة، أيهم مصطفى غزول، خليل معتوق، ناظم حمادي، سميرة خليل، ووائل حمادة.
بتاريخ 26 حزيران 2019، تقدم المركز السوري للإعلام وحرية التعبير بشكوى جنائية ضد أحد كبار ضباط جيش الإسلام، والذي اعتقل فيما بعد في فرنسا بتاريخ 29 كانون الثاني 2020 واتُهم بارتكاب جرائم حرب وتعذيب واختفاء قسري. وتمثل لائحة الاتهام أول تحقيق في جرائم الجماعة المسلحة المتمردة في سوريا.
الرسم من فلوريان نيكول