إذا كنتم تعتمدون فقط على البصمات الرقمية، فقد لا تكونوا على دراية بمساهمة زوي تيتوس المكثفة في مشهد حقوق وسائل الإعلام في القارة الأفريقية على مدى عقدين من الزمن. بالنسبة إلى تيتوس، كان عملها دائماً يتعلق بإنجاز العمل، غالباً خلف الكواليس.
قد يخفي سلوك تيتوس المدروس وكلامها اللين، الشغف والالتزام اللذان ناضلت بهما من أجل حرية وسائل الإعلام وحرية التعبير والحق في الوصول إلى المعلومات في القارة الأفريقية، لكن الذين عملوا معها يعرفون ويدركون طاقتها الهائلة وقيادتها. ويتجلى الاحترام الكبير الذي تحظى به في المرات العديدة التي تم اختيارها للمشاركة كمتحدثة على المنصات المحلية والقارية والدولية حول مختلف القضايا المتعلقة بحرية وسائل الإعلام وحرية التعبير والوصول إلى المعلومات.
بعد عامين من تعيينها كمنسقة استراتيجية لصندوق ناميبيا للإعلام، انجزت تيتوس سابقة تاريخية من خلال جعل المنظمة أول منظمة أفريقية تقدم مساهمة مالية لصالح جائزة اليونسكو غييرمو كانو العالمية لحرية الصحافة. وأوضحت أن “اليونسكو شريك طويل الأمد ونحن، كمنظمة افريقية، فخورون بإظهار التزامنا بحرية الصحافة من خلال هذا الجهد”.
عند ترقيتها كمديرة لصندوق ناميبيا للإعلام، كررت تيتوس التزامها بالحشد من أجل التغيير: “آمل أن أبدأ – من خلال التعاون والوسائل الأخرى – في الإجراءات التي تعزز الحق في حرية وسائل الإعلام وحرية التعبير والوصول إلى المعلومات في ناميبيا وخارجها”.
تماشيا مع التزامها بالعمل إلى أبعد الحدود، لعبت تيتوس دوراً أساسياً في تسهيل مهمة مناصرة إلى ناميبيا من قبل المقرر الخاص السابق للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، لورانس ميوت. خلال زيارته، شارك في المشاورات الجنوب أفريقية حول مراجعة إعلان مبادئ حرية التعبير والوصول إلى المعلومات في إفريقيا مع خبراء ونشطاء إقليميين. كانت تيتوس الدافع لإدراج المدخلات من منطقة جنوب أفريقيا، بسبب إدراكها أن مناطق أخرى قد قدمت مدخلات في عملية المراجعة مع استبعاد منظمات جنوب أفريقيا. وتم اعتماد الإعلان المنقح في تشرين الثاني 2019 خلال الدورة العادية الخامسة والستين للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.
اشتعل شغفها بوسائل الإعلام وقدرتها على إحداث تغيير إيجابي وعميق في حياة الناس في صحيفة “The Namibian“ حيث عملت كمراسلة قبل أن تحصل على ترقية كمحررة لمجلة “The Weekender” في عام 1995 – وهي وظيفة شغلتها حتى عام 2000.
وقد ترسخ التزامها أكثر عندما انضمت إلى أمانة معهد الإعلام في جنوب إفريقيا، حيث انخرطت بحماس في تعزيز حقوق وسائل الإعلام في جميع أنحاء القارة التي لا تزال تكافح من أجل حرية التعبير وحرية الإعلام. عملت تيتوس في معهد الإعلام في جنوب أفريقيا الإقليمي في عام 2001 كمديرة للبرامج الإقليمية، قبل أن يتم تعيينها مديرة إقليمية بالإنابة. ومن ثم ترأست المعهد في عام 2012.
خلال 15 عاماً من عملها في المعهد، قادت تيتوس عدة مشاريع من أجل توفير الدعم العملي للصحفيين المعرضين للخطر. إن الذين يعرفون تيتوس، يعرفون جيداً نهجها في تطوير هذه الحملات. حيث تقضي تيتوس وقتاً في التفكير والتفكير ملياً في القضايا التي تؤثر على الصحفيين وعملهم، وعلى عمل قطاع الإعلام الجماعي، قبل صياغة أي حلول. وكانت إحدى هذه الحملات، “الصحفيون تحت النار”، مع مجتمع تنمية أفريقيا.
أثناء تجميع تقارير انتهاكات حرية وسائل الإعلام حول اضطهاد الصحفيين في زيمبابوي، خلال أوائل القرن الحادي والعشرين، أدركت تيتوس الحاجة إلى حملة مناصرة مركزة ومستمرة لمكافحة الهجمات من أجهزة الدولة وقوانين الإعلام القمعية. وأدت تأملاتها إلى ولادة حملة صحفيو زيمبابوي تحت النار. لقد انطلقت وتوسعت لتصبح حملة ناجحة بعنوان “الصحفيون تحت النار” في مجتمع تنمية أفريقيا. من خلال هذه الحملة، تمكن معهد إعلام جنوب أفريقيا الإقليمي من ضمان اتباع نهج منسق لأعمال المناصرة في فصول، مما جعل الضغط أكثر فاعلية في منطقة جنوب أفريقيا. كما كان لها أثر عميق في زيادة الدعم الإقليمي.
مع كل ما تفعله، ربما اشتهرت تيتوس بالعمل على أطر السياسات الإقليمية والقارية التي تشكل مشهد حرية التعبير وحرية الإعلام والوصول إلى المعلومات. خلال فترة عملها كمديرة معهد إعلام جنوب أفريقيا الإقليمي، كانت إحدى أبرز مساهمات تيتوس الضغط من أجل قانون الوصول إلى المعلومات في جميع أنحاء القارة، وذلك من خلال إنشاء المنبر الأفريقي للوصول إلى المعلومات. وتطورت فكرة بناء شبكة قارية أثناء عمل المعهد على حالة وتنفيذ تشريعات الوصول إلى المعلومات في البلدان.
ينبع هذا النوع من المفاهيم طويلة المدى ومتعددة المستويات خلال لحظات تفكيرها. حيث تضع تيتوس الاقتراح موضع التنفيذ، من خلال قيادة العملية بالتعاون مع الشركاء المعنيين وضمان التفكير الجماعي. كما توضح: “خلال عملي الممتد من 22 أو 23 عاماً في هذه الصناعة، لا يمكن لاحد العمل بمفرده. كلما زاد عدد الشركاء، وكلما كان هؤلاء الشركاء أكثر تنوعاً، كانت الحملات أفضل، لأنه يمكن إنجاز الكثير بموارد قليلة جدًا. لا تقللوا أبدًا من أهمية الأشخاص الذين يختلفون معكم”.
كان معهد إعلام جنوب أفريقيا إضافة مهمة لشبكة آيفكس، حيث جلب مصالح المنطقة إلى طاولة المفاوضات وأدى إلى تبادل أفضل في الممارسات مع الأعضاء. كانت تيتوس عضوة في مجلس إدارة آيفكس لمدة أربع سنوات، وكانت أيضاً رئيسة اللجنة التوجيهية لشبكة تبادل حرية التعبير في أفريقيا (AFEX).
في حين أن المعهد كان بمثابة أمانة لمجموعة عمل المنبر الأفريقي للوصول إلى المعلومات، حيث قدم الدعم الهيكلي للمنبر، إلا أن عمل المجموعة الجماعية هو الذي وفر النفوذ اللازم لزيادة عدد البلدان التي تتبنى قوانين الوصول إلى المعلومات. من خلال مجموعة صغيرة، أدى عمل المنبر إلى زيادة الدول الأفريقية التي لديها قانون الوصول إلى المعلومات إلى 23 دولة حتى الآن. وقد توج عمل الرابطة أيضا باعتراف الأمم المتحدة رسميا يوم 28 أيلول باعتباره اليوم العالمي للوصول إلى المعلومات.
أثناء حديثها مع باولا فراي في حلقة منChange Voices ، وهو برنامج بودكاست أسبوعي يركز على القيادة من خلال أعين النساء المتنوعات من إفريقيا وخارجها، سُئِلت تيتوس عن الحشد من أجل التغيير الاجتماعي. وشددت على ضرورة ضم الأصوات والجماعات المهمشة، وكذلك أصوات النساء.
ستفيد إنجازاتها التي تمتد لأكثر من عقد من الزمان الأجيال القادمة، وسبب قتالها الشديد هو أنها تؤمن بأن لكل مواطن الحق في صحافة حرة ومستقلة وتعددية ومتنوعة: “الإعلام هو محور حياتنا. الطريقة التي نتلقى بها معلوماتنا هي عبر منصة إعلامية واحدة أو أخرى […] لكي يتمكنوا من القيام بعملهم، فهم بحاجة إلى بيئة مواتية، وهذا هو السبب في أن حرية الصحافة مهمة بشكل أساسي لحياتنا، ولكل مواطن”.
كما تؤكد أننا بحاجة إلى رؤية طويلة المدى. المناصرة ليست سريعة وسهلة. كيف نحافظ على طاقتها؟ كيف نحافظ على مسيرتها؟
“في بعض الأحيان يكون الأمر صعباً للغاية. ذكروا نفسكم أنكم تعملون من أجل المصلحة العامة. قوموا بالتشبيك. أحِيطوا أنفسكم بأشخاص لديهم نفس التفكير، ولكنهم يتحدونكم أيضاً. إذا نظرتم حولكم، لا سيما في مجال حرية الصحافة وحرية التعبير، فهي ساحة يسيطر عليها الذكور، وفي بعض الأحيان يتم التقليل من قيمة عمل النساء، حتى القيادات النسائية. لذا فإن شبكة الدعم هذه مهمة للغاية. أسرعوا خطواتكم. تعلموا أن تقولوا لا”.
بالإضافة إلى جميع أعمالها، تعمل تيتوس في المجال الاستشاري للعديد من المبادرات الإقليمية والدولية، بما فيها مشروع النهوض بالحقوق في جنوب إفريقيا. وهي أيضاً المؤسسة المشاركة لمنصة تعليمية واحدة ضخمة ومفتوحة عبر الإنترنت حول السياسة الإعلامية في إفريقيا، “دورات جانيت ميني التذكارية لسياسة الإعلام الإفريقي في العصر الرقمي”، والتي يستضيفها Link Centre وWits online platform,edx. لقد تأثرت تيتوس بعمق بوفاة ميني، وكانت هذه الدورات الطريقة الدائمة والفريدة التي تتبعها تيتوس لتكريم صديقتها وزميلتها ومعلمتها.
الرسم من فلوريان نيكول