يدعو قرار عاجل صادر عن البرلمان الأوروبي السلطات المغربية إلى احترام حرية التعبير وحرية الإعلام.
نشر أولًا على مراسلون بلا حدود
بعد 25 عامًا من الصمت وغض البصر، صوّت البرلمان الأوروبي اليوم على قرار طارئ يتعلق بالتدهور المستمر لحرية الصحافة في المغرب، مطالبًا من خلاله بإطلاق سراح الصحفيين المحتجزين، بمن فيهم عمر الراضي الفائز بجائزة مراسلون بلا حدود لعام 2022. وترحب منظمتنا بهذا القرار التاريخي، مُذكِّرة بأنها ناشدت أعضاء البرلمان الأوروبي مرارًا وتكرارًا لتسليط الضوء على هذا الوضع.
إنها المرة الأولى التي يُصدر فيها البرلمان الأوروبي قرارًا طارئًا بشأن حقوق الإنسان في المغرب منذ 25 عامًا. فب أغلبية، اعتُمد يوم الخميس 19 يناير / كانون الثاني قرار يطالب السلطات المغربية باحترام حرية التعبير والإعلام، وكذلك بضمان “محاكمة عادلة” للصحفيين الثلاثة القابعين حاليًا في سجون المغرب (…)، مع منحهم السراح المؤقت، والكف فورًا عن المضايقات التي تطال جميع الصحفيين ومحاميهم وعائلاتهم”.
وفي هذا الصدد، قال كريستوف ديلوار، الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود، “إننا ما فتئنا ننبّه أعضاء البرلمان الأوروبي منذ عدة سنوات إلى ما يتعرض له الصحفيون المغاربة من ترهيب ومضايقات قضائية. وبهذا القرار التاريخي، يضع البرلمان الأوروبي حدًا لنزعة باعثة على الأسف تتمثل في عدم إبداء أي ملاحظات بشأن انتهاكات حرية الصحافة وحقوق الإنسان في المغرب طيلة هذه المدة. لكن في النهاية، فإن الأمور تُؤخذ بخواتيمها. كما نُذكِّر بأن ثلاثة صحفيين يوجدون حاليًا قيد الاحتجاز التعسفي في المغرب، حيث مازالوا ينتظرون نيل حقوقهم في المحاكمة العادلة من جهة، وتوقف التضييق القضائي الذي يطالهم من جهة ثانية”.
ساق القرار الأوروبي مثالًا للقمع الذي تمارسه السلطات المغربية ضد الصحفيين بتسليط الضوء على قضية الصحفي عمر الراضي، التي تختزل معاناة الفاعلين الإعلاميين في هذا البلد. ذلك أن الصحفي الاستقصائي، الحائز على جائزة مراسلون بلا حدود لحرية الصحافة (فئة الاستقلالية) لعام 2022، لا يزال قابعًا خلف القضبان منذ يوليو/تموز 2020، وهو الذي صدر في حقه حُكم استئنافي بالسجن 6 سنوات في 3 مارس/آذار 2022 بعدما نُسبت له تُهم مفبركة تتعلق بالتجسس والاغتصاب.
كما عمد المصوتون في قرار البرلماني الأوروبي إلى إدانة “اللجوء بشكل تعسفي إلى ادعاءات تتعلق بالاعتداء الجنسي لثني الصحفيين عن أداء عملهم”، موضحين أن مثل هذه الممارسات “تقوض حقوق المرأة”.
كما أشار نص القرار إلى قضيتي توفيق بو عشرين، مدير جريدة أخبار اليوم، وسليمان الريسوني، رئيس تحرير هذه اليومية التي توقفت عن الصدور، وهما من ضحايا استخدام الفضائح الجنسية في ملاحقة الصحفيين. ففي قضية بو عشرين، أيدت محكمة الاستئناف في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2019 الحكم الابتدائي القاضي بحسبه 15 سنة بتهم من بينها “الاغتصاب” و”الاتجار بالبشر”، بينما حكمت محكمة استئناف بالدار البيضاء على الريسوني في 23 فبراير/شباط 2022 بالسجن خمس سنوات، إثر محاكمته بتهمة الاعتداء الجنسي على شاب ناشط في قضايا الدفاع عن مجتمع الميم. فبالإضافة إلى تشابه التهم في القضيتين، شهدت إجراءات المحاكمتين العديد من الشوائب والتجاوزات والمخالفات، إلى درجة خلص معها فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي إلى أن إبقاء وعشرين والريسوني خلف القضبان ضرب من ضروب الاحتجاز التعسفي، مضيفًا أنهما مُستهدَفان بسبب ممارستهما لعملهما الصحفي وحقهما في التعبير بحرية.
كما ندد القرار الأوروبي بالتجسس الذي طال عمر الراضي والعديد من الصحفيين الآخرين، عبر برنامج بيغاسوس لاختراق الهواتف، الذي تصدره شركة إن.إس.أُو، مطالِبًا السلطات المغربية “بالكف عن” هذه الأساليب و”اتخاذ الإجراءات التشريعية لحمايتهم من مثل هذه الممارسات”، مع حث الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على “التوقف عن تصدير تكنولوجيا التجسس إلى المغرب، امتثالًا لما تنص عليه لوائح الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالمنتجات ذات الاستخدام المزدوج”.
يُذكر أن المغرب يقبع في المرتبة 135 (من أصل 180 بلدًا) على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود عام 2022.