لقد ظلت الزيارة التي تمت في شهر نيسان سرية حتى الآن حيث تمت فيها مناقشة إمكانية إصدار عفو في حق المحتجزين بمناسبة شهر رمضان – وهو الإجراء الذي لم تتخذه الحكومة السعودية.
في ضوء أزمة حرية الصحافة الناجمة عن الاغتيال المروع للكاتب والصحفي السعودي جمال خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول 2018، سافرت مراسلون بلا حدود إلى الرياض في أبريل/نيسان للتباحث مباشرة مع المسؤولين الحكوميين السعوديين حول ضرورة إجراء إصلاحات عاجلة في مجال حرية الصحافة. وقد ظلت هذه الزيارة سرية حتى الآن حيث تمت فيها مناقشة إمكانية إصدار عفو في حق المحتجزين بمناسبة شهر رمضان – وهو الإجراء الذي لم تتخذه الحكومة السعودية. والآن، بينما تجد المملكة نفسها في دائرة الضوء أكثر فأكثر حيث باتت أعين العالم شاخصة عليها بعد نشر تقرير أممي يدين الرياض في قضية مقتل خاشقجي، ناهيك عن تولي السعودية رئاسة مجموعة العشرين، فقد حان الوقت لكي تتخذ المملكة الإجراءات اللازمة في هذا الصدد.
كان الهدف الرئيسي لمهمة منظمة مراسلون بلا حدود في المملكة هو التطرق إلى الاعتقال التعسفي المستمر في حق 30 صحفياً وصحفياً مواطناً وضمان إطلاق سراحهم. وقد ترأس الوفد الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود، كريستوف ديلوار، حيث رافقه كل من مديرة مكتب مراسلون بلا حدود في المملكة المتحدة، ريبيكا فينسنت، ومدير مكتب ألمانيا، كريستيان ميهر، والرئيس السابق لمراسلون بلا حدود في السويد، جوناثان لونديكفيست. فمن 21 إلى 23 أبريل/نيسان، التقت بعثة مراسلون بلا حدود مع مسؤولين سعوديين، من بينهم وزير الخارجية عادل الجبير، ووزير الإعلام تركي الشبانة، ووزير العدل وليد بن محمد الصمعاني، والمدعي العام سعود المعجب، إلى جانب رئيس هيئة حقوق الإنسان بندر العيبان.
وفي هذا الصدد، قال الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود، كريستوف ديلوار، “إن مقتل جمال خاشقجي تسبب في أضرار بالغة لسمعة المملكة العربية السعودية على الصعيد الدولي، حيث شكل نقطة مظلمة في سجل بلد يحتل واحدة من أسوأ المراتب على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة”، مؤكداً في الوقت ذاته على “الحاجة الملحة إلى إشارة قوية من الحكومة السعودية تنم عن إرادة سياسية حقيقية حتى يبدأ جبر هذا الضرر، إذ نعتقد أنه لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال إجراءات جدية مثل إطلاق سراح جميع الصحفيين المحتجزين في البلاد”.
يُذكر أن المملكة العربية السعودية تقبع منذ فترة طويلة في أسوأ المراتب العالمية على مستوى حرية الصحافة، حيث يوجد حالياً ما لا يقل عن 30 صحفياً وصحفياً مواطناً قيد الاحتجاز التعسفي. ولأول مرة، تقهقرت المملكة إلى المراكز العشرة الأخيرة على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة، حيث تراجعت إلى المرتبة 172 (من أصل 180 بلداً) في ترتيب 2019 الذي نشرته مراسلون بلا حدود في وقت سابق هذا العام.
هذا وقد سُجلت في الآونة الأخيرة بعض التطورات في قضايا أربعة من الصحفيين الموجودين على قائمة منظمة مراسلون بلا حدود، إذ تم الإفراج مؤقتًا عن إيمان النفجان وهتون الفاسي، بينما تأكد أخيرًا اعتقال مروان المريسي وعبد الرحمن فرحانة، اللذين كانا في عداد المختفين قسراً، وذلك بعدما سُمح لهما بالاتصال بأسرتيهما من خلال مكالمة هاتفية وجيزة. وفي هذا الصدد، تطالب مراسلون بلا حدود السلطات السعودية من جديد بالإفراج الفوري واللامشروط عن جميع الصحفيين الثلاثين المحتجزين.
وختم ديلوار: “بالإضافة إلى جهودنا الحالية عبر عمليات المناصرة وإطلاق الحملات مع الأمم المتحدة ومجموعة العشرين وجميع المنتديات الدولية في سبيل حماية الصحفيين، نحن مقتنعون بأن التواصل مباشرة مع الحكومة السعودية كان بمثابة خطوة ضرورية. لقد نجحنا في فتح قناة للتواصل وسوف نواصل الضغط والتأكيد على ضرورة إطلاق سراح الصحفيين الثلاثين المحتجزين، باعتبار ذلك السبيل الوحيد للمضي قدماً بعد اغتيال خاشقجي”.