حكمت إحدى محاكم الجنح المصرية في 10 يناير/كانون الثاني 2015 على طالب، متهم بكتابة تعليقات على فيسبوك تهين الإسلام، بالسجن لمدة 3 سنوات.
ظهر هذا المقال أولاً على موقع هيومان ريتس وتش يوم 13 يناير 2015.
قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن إحدى محاكم الجنح المصرية حكمت في 10 يناير/كانون الثاني 2015 على طالب، متهم بكتابة تعليقات على فيسبوك تهين الإسلام، بالسجن لمدة 3 سنوات. وقد جاء الحكم، المندرج ضمن عدة أحكام مماثلة صدرت في تهم ازدراء الأديان في السنوات الأخيرة، وسط حملة قمعية حكومية منسقة على من يتم اعتبارهم ملحدين.
اعتقلت السلطات الطالب كريم أشرف محمد البنا ضمن مجموعة من الآخرين في مقهى بمحافظة البحيرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، بحسب تقرير لمؤسسة حرية الفكر والتعبير.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يعد الملحدون من الأقليات الأقل تمتعاً بالحماية في مصر، رغم أن الدستور يفترض فيه كفالة حرية الاعتقاد والتعبير، وعلى السلطات المصرية الاسترشاد بالدستور والتوقف عن ملاحقة الأشخاص بتهمة الإلحاد”.
ويأتي الحكم على البنا ضمن هجمة حكومية أوسع نطاقاً لمحاربة الإلحاد وغيره من أشكال المعارضة، وقد صدر بعد قيام الشرطة بإغلاق مقهى مزعوم للملحدين في وسط القاهرة في 14 ديسمبر/كانون الأول، وقيام أحد أرفع المراجع السنية في البلاد بإصدار استقصاء يزعم توثيق ما وصفه مسؤولون دينيون بأنه عدد مقلق للملحدين في مصر.
وقال إسحق إبراهيم، الباحث في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، لوكالة “فرانس برس” إن صحيفة محلية أشارت إلى البنا على أنه ملحد بعد اعتقاله، وإن جيرانه ضايقوه بعد ذلك. وقال أحمد عبد النبي محامي البنا لوكالة “فرانس برس” إن والد البنا شهد ضد ابنه واتهمه بـ”اعتناق أفكار متطرفة ضد الإسلام”.
وقد تقرر أن تنظر إحدى المحاكم في استئناف البنا في 9 مارس/آذار 2015، وتحددت كفالته بألف جنيه مصري (140 دولار أمريكي)، كما قال محاميه لوكالة “فرانس برس”.
وقد تزايد لجوء السلطات، منذ انتفاضة مصر في 2011، للتحقيق في مزاعم ازدراء الأديان النابعة من شكاوى فردية أو ملاحقات حكومية على السواء، وتعلقت أغلبية تلك التحقيقات التي وثقتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بإهانات مزعومة للدين الإسلامي، رغم حصول رجلين على الأقل على أحكام بالسجن بتهمة ازدراء الدين المسيحي. وغالباً ما تنبع قضايا ازدراء الأديان المزعومة من نزاعات شخصية أو غير ذات صلة.
وفي الفترة الأخيرة استهدفت السلطات من يعتبرون ملحدين، وقالت الشرطة إن المقهى الذي أغلق في 14 ديسمبر/كانون الأول 2015 في حي عابدين بالقاهرة كان يؤمه المشتبه في إلحادهم، وقال جمال محيي، المدير الإداري للحي، لموقع “مدى مصر” الإخباري إن المقهى لم يحصل على ترخيص وكان “معروفاً وسط الأهالي بأنه مركز لعبادة الشيطان والطقوس والرقص”. وقال إن الشرطة داهمت المقهى في نوفمبر/تشرين الثاني. كما أفاد موقع “المونيتور” الإخباري بأن مالك المقهى السابق قال إنه أغلقه وأجره لمالك جديد في يونيو/حزيران لأن قوات الأمن كانت تستهدف المقهى كنقطة تجمع للنشطاء السياسيين.
وفي 10 ديسمبر/كانون الأول نشرت دار الإفتاء، وهي الهيئة التابعة لوزارة العدل والمختصة بالفتاوى الدينية، استقصاء يزعم أن مصر بها 866 من الملحدين، وهو أعلى رقم وسط جميع بلدان الشرق الأوسط. وقام اثنان من مساعدي مفتي الديار المصرية ـ ورئيس دار الإفتاء ـ بوصف الزيادة المفترضة في الإلحاد بأنها “تطور خطير، ينبغي أن يدق أجراس الإنذار”، بحسب تقرير لموقع “مدى مصر”.
وفي مارس/آذار قال مسؤول وزارة الداخلية المكلف بأمن محافظة الإسكندرية إنه سيشكل فريق عمل لاعتقال الملحدين. وفي يونيو/حزيران، عقب انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعلنت وزارتا الشباب والأوقاف في مصر عن حملة مشتركة لمواجهة انتشار الإلحاد.
ومن 2011 إلى 2013 أدانت المحاكم 27 من أصل 42 متهماً بتهمة ازدراء الأديان، وهذا بحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. برأ القضاة ثلاثة من المتهمين وأسقطوا التهم عن 11 آخرين لعدم توجيهها من مختص.
ومصر دولة طرف في معاهدات حقوقية، تشمل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، تلزم حكومتها باحترام وحماية حرية الاعتقاد والدين وحرية التعبير، بدون أي تمييز.
كما تقرر المادة 64 من الدستور المصري أن “حرية الاعتقاد مطلقة” إلا أنها تكفل “حرية ممارسة الشعائر الدينية” لأتباع الإسلام والمسيحية واليهودية وحدهم.
وتقول المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إنه في العديد من قضايا ازدراء الأديان استشهد الادعاء الحكومي أو المدعين الأفراد بالمادة 98(و) من قانون العقوبات التي تفرض الحبس من 6 أشهر إلى 5 سنوات، وغرامة من 500 إلى ألف جنيه مصري، على كل من استغل الدين فى الترويج “لأفكار متطرفة” بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الإضرار بالوحدة الوطنية.
واستمرت ملاحقات ازدراء الأديان في 2014، ففي 27 ديسمبر/كانون الأول وجهت النيابة الاتهام إلى المؤلفة فاطمة ناعوت بزعم أنها كتبت تعليقات ساخرة على صفحتها بموقع فيسبوك عن ذبح الأضاحي في عيد الأضحى. وفي يونيو/حزيران أيدت محكمة استئناف بمحافظة بني سويف حكم السجن لمدة 5 سنوات الصادر غيابياً بحق كريم صابر، الذي اتهم في 2010 بعد نشر مجموعة قصص قصيرة بعنوان “أين الله؟”.
وفي يونيو/حزيران أيضاً قضت محاكم منفصلة في محافظة الأقصر بعقوبات على ازدراء الأديان تصل إلى السجن لمدة 6 سنوات على أربعة أشخاص، فحكمت محكمة جنح على كيرلس شوقي عطا الله بالسجن لمدة 6 سنوات لنشر صور على فيسبوك اعتبرت مسيئة إلى الإسلام. وأيدت محكمة استئناف الجنح قرار الإدانة كما فرضت الحبس لمدة 6 شهور على دميانة عبيد عبد النور، وهي معلمة بمدرسة ابتدائية اتهمها طلبتها بالسخرية من الإسلام. وأصدرت محكمة الاستئناف نفسها حكمين بالحبس لمدة 6 شهور على ازدراء الأديان لشهيرة محمد أحمد سليمان وخليفة محمد خير، بحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
وفي يونيو/حزيران 2013 حكمت إحدى محاكم محافظة أسيوط غيابياً على المحامي القبطي المسيحي رومان مراد سعد بالسجن لمدة سنة واحدة مع الشغل لـ”سخريته” من القرآن في اجتماع بنقابة المحامين.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2012 صدر الحكم على المدون ألبير صابر بالسجن لمدة 3 سنوات، وقد اتهم بموجب المادة 98 (و) وغيرها من الأحكام بإنشاء صفحات إلكترونية من بينها “Screwing the Gods” و “Egyptian Atheists” ، كما زعم منتقدوه أنه نشر فيلم “Innocence of Muslims” الذي يعتبر مناهضاً للإسلام على موقعه الإلكتروني. خرج صابر بكفالة في انتظار الاستئناف وفر من مصر.