ضرب واحتجاز في كردستان ومنع التنقلات في بغداد
(منظمة هيمان رايتس ووتش/ آيفكس) – مارس 1, 2012 – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن عناصر أمنية في الزي الرسمي قامت بقمع المظاهرات التي خرجت في فبراير/شباط 2012 لإحياء الذكرى الأولى لبدء الاحتجاجات الأسبوعية في العراق. منعت قوات الأمن الوصول إلى مناطق الاحتجاج في بغداد، وضربت واعتقلت متظاهرين سلميين في السليمانية، واحتجزت لفترة قصيرة وضربت عاملين في الإعلام وصادرت معداتهم، ومنعت آخرين من تغطية الاحتجاجات.
قابلت هيومن رايتس ووتش أكثر من 15 متظاهراً وماراً وصحفياً كانوا في المظاهرات يومي 17 و25 فبراير/شباط في كردستان وبغداد على التوالي. قال نشطاء إنه أثناء التحضير للمظاهرات، هددتهم قوات الأمن بالاعتقال، وهددهم أفراد في ثياب رسمية بالعنف إذا حضروا التظاهرات.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “تستخدم قوات الأمن سبلاً قمعية للسيطرة على المتظاهرين السلميين. بينما قد يعتبر مستوى العنف الآن أقل من مستواه قبل عام، إلا أن له نفس الأثر، وهو منع العراقيين من ممارسة المعارضة السلمية”.
عمليات الضرب والاحتجاز في السليمانية
في العام المنقضي منذ بدء المظاهرات في كردستان العراق، قامت قوات الأمن هناك بقتل 10 متظاهرين وماراً على الأقل وأصابت أكثر من 250 آخرين.
في 17 فبراير/شباط تقدم 150 إلى 200 متظاهر إلى جوار المئات من أعوان الأمن كي يتجمعوا سلمياً في ساحة سارة في السليمانية حوالي الساعة 11:30 صباحاً.
وقال أحد المتظاهرين لـ هيومن رايتس ووتش: “ذهبنا لإحياء ذكرى شهداء المتظاهرين الذين ماتوا هناك في فبراير/شباط الماضي”.
في ظرف عشر دقائق، تجمع المئات من رجال الأمن الجدد وملأوا الميدان، واقترب العشرات من الرجال في ثياب مدنية من المتظاهرين وبدأوا في لكمهم وركلهم وضربهم بهراوات خشبية، على حد قول متظاهرين وصحفيين لـ هيومن رايتس ووتش. أجبر الرجال الكثير من المتظاهرين على اللجوء لأحد جوانب الميدان، إلى جوار مركز شرطة سابق استخدم كمقر أمني مؤقت للاحتجاجات. وهناك احتجزت قوات الأمن المتظاهرين، داخل المبنى.
قال هلال إبراهيم المحامي لـ هيومن رايتس ووتش إنه تعرض لاعتداء من رجال في ثياب مدنية، بينما كان يوقف تاكسي بعد أن زار سوقاً مجاورة للميدان. قال إنه تعرض للكم في ظهره، وسألوه: “لماذا جئت للتظاهر؟” قال إنه بينما راحت قوات الأمن تراقب ما يحدث له من بعيد، قام عدد من الرجال في ثياب مدنية يحملون هراوات خشبية بدفعه إلى مرأب قريب إلى أن أمر أحدهم الرجال الآخرين بالتوقف. قال الرجل لإبراهيم: “اذهب إلى بيتك وإلا قتلناك”.
احتجزت قوات الأمن صحفيين ومصورين يغطون المظاهرات. صادروا كاميرا رحمن غريب، منسق مجموعة محلية للدفاع عن الحريات الصحفية تُدعى مركز مترو للدفاع عن الصحفيين، وقاموا بضربه على رأسه وساقه، بعد أن التقط بعض الصور، وهذا على حد ول غريب وشهود لـ هيومن رايتس ووتش. وثق مركز مترو العديد من الانتهاكات ضد الصحفيين الأكراد، بما في ذلك أكثر من 200 اعتداء ومضايقةأ ثناء الاحتجاجات في السليمانية إبان الفترة من فبراير/شباط إلى مايو/أيار 2011.
وقال غريب – وكان يرتدي سترة برتقالية ليُعرف بوضعه كمراقب: “أحد الزملاء حاول التدخل [عندما كانوا يضربونني] وقال للأمن إنني أعمل لصالح مركز مترو. فرد عليه أحدهم: “لعنة عليك وعلى مركز مترو” واعتقلوا زميلي معي. أصبت بكدمات في ساقي اليسرى ويدي اليمنى. عندي كدمات في رأسي. ما زال معهم هاتفي النقال”.
قال الشهود ايضاً إن قوات الأمن ضربت رجل في منتصف العمر في وجهه، كان قد حاول إقناعهم بإخلاء سبيل غريب، مما أصابه بجرح قطعي فوق عينه اليسرى. ومع أخذ قوات الأمن غريب من وسط الحشد، أمسكوا بسباستيان ماير وركلوه، وهو مصور أمريكي من وكالة تصوير متروغرافي، وكان يوثق عملية الاعتقال. قال ماير لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن أخذت آلة تصويره وهاتفه واعتقلوه، بالإضافة إلى مصور عراقي يُدعى بظهر محمد. قال صحفيون محليون إن قوات الأمن اعتقلت أيضاً بعض العاملين بالإعلام، منهم طواقم تلفزيون كيه إن إن، وإن آر تي، وصحفيين من منافذ إعلامية محلية أخرى.
وقال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن داخل مقراتهم التي أعدت كما اتفق في الميدان، استجوبت قوات الأمن 25 إلى 30 متظاهراً وصحفياً، وبعضهم في استجوابات جماعية، والبعض الآخر على انفراد. قبل 1 مساءً بقليل نقلتهم قوات الأمن بالحافلة إلى سجن البشمركة الرئيسي في السليمانية، المعروف باسم فرمانداي، على الأطراف الغربية للمدينة.
وفي السجن فصلت قوات الأمن ماير عن السجناء الآخرين، وكان معه معلم أمريكي كان في السجن، وأُخذ بالخطأ على أنه صحفي أجنبي. قال ماير لـ هيومن رايتس ووتش إن حوالي الساعة 2 مساءً، نُقلوا أولاً إلى المكتب السياسي لاتحاد كردستان الوطني، وهو الحزب السياسي الحاكم، ثم إلى مكتب إقامة السليمانية، حيث صادرت السلطات إقامة ماير وقالوا له إنه سيُرحل. أفرج الأمن عن ماير والمعلم حوالي الرابعة مساءً. أعادوا لماير آلة تصويره وهاتفه لكن لم تعد له بطاقة الإقامة.
هناك متظاهر آخر تعرض بدوره للاحتجاز، قال لـ هيومن رايتس ووتش: “تعرضت للكم في الرأس والظهر لدى القبض علي في الميدان، مثل جميع المتظاهرين الآخرين، لكن لم أتعرض لمعاملة سيئة وأنا رهن الاحتجاز. راح الضباط يسألوننا أسئلة لمدة 90 دقيقة. سألوا من قال لنا أن نتظاهر… أمروا جميع المتظاهرين بتوقيع تعهدات قانونية بعدم حضور أي مظاهرات إطلاقاً، وأوضحوا أنهم لن يفرجوا عنّا إلى أن نوقع. وقع البعض، لكن رفض بعضنا الآخر. بعد فترة طويلة، قالوا إنه يمكن أن نوقع تعهدات بعدم حضور مظاهرات لا تسمح بها الحكومة، ففعلنا. لم يُفرج عنّا حتى التاسعة ليلاً”.
(. . .)