(آيفكس هيومان رايتس ووتش) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن الحكومة التونسية أخلت سبيل أحد السجناء السياسيين المعتقلين منذ فترة طويلة ثم عاودت احتجازه بعد أسابيع قليلة لمجرد تعبيره عن آرائه السياسية للإعلام. ودعت هيومن رايتس ووتش السلطات التونسية إلى إسقاط الاتهامات الجديدة القائمة بحق الصادق شورو وأن تخلي سبيله، فيما تُعِد محكمة استئناف […]
(آيفكس هيومان رايتس ووتش) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن الحكومة التونسية أخلت سبيل أحد السجناء السياسيين المعتقلين منذ فترة طويلة ثم عاودت احتجازه بعد أسابيع قليلة لمجرد تعبيره عن آرائه السياسية للإعلام.
ودعت هيومن رايتس ووتش السلطات التونسية إلى إسقاط الاتهامات الجديدة القائمة بحق الصادق شورو وأن تخلي سبيله، فيما تُعِد محكمة استئناف تونس العاصمة للنظر في جلسته في 14 مارس/آذار.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يجد شورو نفسه في السجن مجدداً بعد قضاء عشرين عاماً تقريباً فيه بناء على اتهامات مشكوك في صحتها، وهذا لتعبيره عن آرائه لوسائل الإعلام”. وتابعت قائلة: “مم تخاف السلطات التونسية؟”
وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2008، كان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قد أمر بإخلاء سبيل 21 عضواً من حركة النهضة الإسلامية المحظورة ممن ما زالوا رهن الاحتجاز. وتناقلت التقارير أن جميع السجناء المُفرج عنهم تلقوا “إطلاق سراح مشروط”، أي أن بالإمكان إعادتهم للسجن دون محاكمة لقضاء ما بقى من محكومياتهم إذا هم أساءوا السلوك، لكن دون تحديد ما يُعد سوء سلوك.
وقد تعرض للسجن المئات من أعضاء النهضة، ومنهم شورو، بعد إدانتهم في محاكمات غير منصفة بناء على اتهامات سياسية الدوافع في مطلع التسعينات.
لكن الشرطة عاودت اعتقال الصادق شورو في 3 ديسمبر/كانون الأول 2008، بعد أن أدلى أستاذ الكيمياء الجامعي البالغ من العمر 61 عاماً بمقابلات مع منفذين إعلاميين عربيين، هما موقع إسلام أونلاين، في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، ومحطة الحوار التلفزيونية، ومقرها لندن، بتاريخ 1 ديسمبر/كانون الأول، بشأن سنوات سجنه والموقف السياسي في تونس. وفي هاتين المقابلتين دعى السلطات التونسية إلى رفع حظرها المفروض على النهضة منذ 17 عاماً.
وفي محاكمة من يوم واحد في محكمة بتونس العاصمة في 13 ديسمبر/كانون الأول، حكم القاضي بأن هاتين المقابلتين تنتهكان قانون الجمعيات التونسي الذي يحظر “الاحتفاظ… بالجمعيات التي لم يُعترف بوجودها” (الفصل 30)، وهي هنا النهضة، وحكم على شورو بالسجن لمدة عام. وقال شورو في المحكمة بأنه تحدث بصفته الفردية في هاتين المقابلتين وليس بالنيابة عن أي تنظيم.
وكان شورو رئيساً للنهضة حين شنت السلطات حملتها على الحركة في مطلع التسعينات، فاعتقلت مئات الأعضاء بالتنظيم، وفي عام 1992، أحالت 265 عضواً منهم إلى القضاء، ومنهم الصادق شورو، أمام المحكمة العسكرية، ثم أدانتهم بالتخطيط لقلب نظام الحُكم وإنشاء جمهورية إسلامية. وانتقدت منظمات حقوق الإنسان التي راقبت المحاكمة في ذلك الحين، ومنها هيومن رايتس ووتش، مجريات المحاكمات واعتبرتها معيبة وغير منصفة إلى حد كبير.
وحتى الآن ما زال شورو في سجن الناظور، بعد أن رفضت المحكمة طلب الدفاع بإطلاق سراحه المشروط. وحين تم إطلاق سراحه بشروط في نوفمبر/تشرين الثاني 2008، كان شورو قد أمضى 30 عاماً من الحُكم عليه بالسجن، بعد أن تم تخفيضه من الحُكم الأصلي بالسجن المؤبد، والذي أنزلته به المحكمة العسكرية في البداية في عام 1992. وهو يقيم في مرناق، بالقرب من تونس العاصمة.
وبعد أن أصبح بن علي رئيساً بقليل، في عام 1987، سعت النهضة للحصول على الاعتراف القانوني بصفتها حزباً سياسياً. ورفضت السلطات الطلب لكنها قبلت بوجود الحزب لفترة قصيرة، قبل أن تشن حملتها عليها في عام 1990 وتُجرمها في العام التالي.
وتقول قيادة النهضة في المنفى إنها تدين العنف على طول الخط وإنها ملتزمة بانتهاج السبل الديمقراطية وغير العنيفة في تحقيق غاية الدولة الإسلامية الديمقراطية المتسامحة. وهي تنكر بشكل قطعي وجود المخطط الانقلابي الذي اتُهِمت قيادتها به في عام 1992. وتستمر الحكومة في الزعم بأن النهضة تنظيم متطرف مستعد لاستخدام العنف للإتيان بنظام ثيوقراطي قمعي.
ويحظر قانون الأحزاب السياسية التونسي (الفصل 3) الحزب الذي “يستند أساساً في مستوى مبادئه أو أهدافه أو نشاطه أو برامجه على دين”. وهذا الحظر الموسع يخرق التزامات تونس الخاصة بصيانة الحق في حرية تكوين الجمعيات، بصفة تونس دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ولا يفي القانون بمعايير الاستثناءات المحدودة لهذا الحق بموجب القانون الدولي.
ولم يسبق أن بررت الحكومة التونسية بشكل مقنع استمرارها في حظر النهضة، والتي نبذت العنف علناً منذ مطلع التسعينات على الأقل. وقامت المحاكم بالحكم بالسجن على مئات التونسيين منذ التسعينات لمجرد تهمة الانتماء إلى أو “الاحتفاظ” بالنهضة. والقانون المُستخدم لمقاضاة شورو ينص على أنه “يعاقب كلّ من شارك مباشرة أو غير مباشرة على الإحتفاظ أو إعادة تكوين الجمعيات التي لم يعترف بوجودها أو وقع حلّها بالسجن من عام إلى خمسة أعوام، وبخطيّة تتراوح ما بين المائة دينار والألف دينارا (70 – 700 دولار) أو بإحدى العقوبتين”.
وفي المقابلة التي أجراها مع إسلام أونلاين قال شورو:
[إطلاق سراح الرئيس بن علي المشروط لسجناء النهضة في نوفمبر/تشرين الثاني] سيكون بادرة خير في اتجاه تحسين العلاقة بين النهضة والنظام، ونحن نأمل أن يصب هذا في طريق تمكين الحركة من الحصول على حقها في ممارسة النشاط السياسي القانوني… الآن وقد أطلق سراح آخر دفعة من قيادات النهضة فنأمل أن تستعيد الحركة عافيتها ونشاطها حتى تبلغ ما كانت عليه أواخر الثمانينيات، وعليها في سبيل تحقيق ذلك أن تتجاوز العقبات التي تواجهها، كالحظر الأمني، وتعمل على إعادة البناء من جديد، وأن تسعى أيضا لإعادة شعبيتها السابقة لدى الشارع التونسي… إن طرح مبادرة للمصالحة مرهون باستعداد النظام للقبول بمصالحة مع الحركة، بشرط أن يكون استعدادا حقيقيا… في تقديري أن مطالب الحركة السياسية، والتي تتلخص في السماح لها بالعمل السياسي والحزبي بهدف الإصلاح والتغيير، من أجل مصلحة الأمة والتداول السلمي للسلطة.. هذا لا يمكن التنازل عنه أو المساومة عليه من أجل مصالحة مع النظام… قررت النهضة وهي في أوج محنتها إبان فترة سجني أن الهدف لعملها السياسي هو تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة التي لا تستثني أحدا، وقام هذا التوجه على اعتبار أن بلادنا تحتاج إلى إعادة التوازن السياسي بما يمنع أي طرف من الاستبداد بتقرير مصير البلاد.
وقالت سارة ليا ويتسن: “الصادق شورو وراء القضبان بسبب قانون غير منصف يُجرم الانتماء بالعضوية إلى الجمعيات، وتطبقه الحكومة التونسية على نحو غير عادل لسحق المعارضة”. وأضافت: “ويجدر بالادعاء إسقاط القضية ومنح شورو حريته”.