(آيفكس/ هيومن رايتس ووتش) – هيومن رايتس ووتش اليوم إن قوات الأمن السورية واصلت حملة الاعتقالات التعسفية التي شنتها بكامل أنحاء البلاد ضد نشطاء حقوقيين وعزلتهم عن العالم الخارجي وأجبرتهم على التوقيع على تعهدات للكف عن الاحتجاج، وفي بعض الحالات وصل الأمر إلى تعذيبهم. وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن […]
(آيفكس/ هيومن رايتس ووتش) – هيومن رايتس ووتش اليوم إن قوات الأمن السورية واصلت حملة الاعتقالات التعسفية التي شنتها بكامل أنحاء البلاد ضد نشطاء حقوقيين وعزلتهم عن العالم الخارجي وأجبرتهم على التوقيع على تعهدات للكف عن الاحتجاج، وفي بعض الحالات وصل الأمر إلى تعذيبهم.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “في الوقت الذي يتحدث فيه القادة السوريون عن حرب ضد الإرهابيين، فإننا نرى في الميدان حربا ضد مواطنين سوريين عاديين هم محامون ونشطاء حقوق الإنسان وطلبة جامعات ينادون بتغييرات ديمقراطية في بلدهم. رفع قانون الطوارئ يبقى حبرا على ورق لأن القمع لا يزال القانون السائد في الشارع السوري”.
وطالبت هيومن رايتس ووتش السلطات السورية بالكشف الفوري عن مكان اعتقال النشطاء الذين وقع استهدافهم لضمان عدم تعريضهم للخطر أثناء إيقافهم والإفراج عن كلّ من تم اعتقاله بسبب ممارسة حقه الأساسي في التعبير عن رأيه والتجمع.
وفي بعض الحالات عمدت قوات الأمن إلى اعتقال أقارب و جيران منتقدي الحكومة من أجل الحصول على معلومات عن أماكن تواجدهم أو إجبارهم عن الكفّ عن نضالهم، وهو ما شجّع العديد من النشطاء على حث عائلاتهم عن الاختباء.
وفي 13 مايو/أيار، قال أحد أفراد عائلة كاثرين الطلّي، المحامية والحقوقية البالغة من العمر 32 سنة، لـ هيومن رايتس ووتش أنه وقع اعتقالها حوالي الساعة السادسة مساء بضاحية بيرزا بدمشق عندما كانت تستقلّ سيارة أجرة جماعية، فأرغمتها قوات الأمن على التوقف واعتقلت الناشطة. وقامت وحدات الأمن باقتيادها إلى مكان مجهول و لم تُعلن عن أي معلومة بشأنها.
كما قامت قوات الأمن السورية في 12 مايو/أيار باعتقال محمد نجاتي طيارة بمدينة حمص وهو ناشط معروف في مجال حقوق الإنسان وبرز مرات عديدة في وسائل الإعلام لتقديم معلومات عن الحملة التي تشنها السلطات السورية على المحتجين. وأفاد أحد أصدقاء طيارة لـ هيومن رايتس ووتش أن قوات الأمن اعتقلته بأحد شوارع مدينة حمص وأنه لم تتوفر أي معلومات عن مكان اعتقاله منذ ذلك الوقت.
وفي 11 مايو/أيار قامت قوات الأمن باعتقال وائل حمادة من مكتبه، وهو ناشط سياسي متزوج من الحقوقية رزان زيتونة. وكانت قوات الأمن قد ذهبت إلى منزل الزوجين يوم 30 أبريل/نيسان للبحث عنهما ولكنها حين لم تجدهما، قامت باعتقال عبدالرحمن، الشقيق الأصغر لحمادة و الذي يبلغ من العمر 20 سنة. وقالت رزان زيتونة لـ هيومن رايتس ووتش أن الزوجين كانا يسكنان صحبة أصدقاء لهما لتفادي الاعتقال وأنه إلى حدّ هذه الساعة، لا توجد أي معلومات عن مكان اعتقال عبدالرحمن حمادة.
“لست أدري ما لذي جعل وائل يذهب إلى العمل فهو لم يعتد ذلك في الأونة الأخيرة. ولا ندري أي جهاز أمني قام باعتقاله وكل ما نعرفه هو أنهم جاؤوا إلى مكتبه و اقتادوه معهم”.
كما قامت قوات الأمن أيضا باعتقال 9 أشخاص شاركوا في اعتصام سلمي بساحة عاموس وسط دمشق يوم 10 مايو/أيار، وأفرجت عن اثنين فقط هما الدكتور مازن السيد، طبيب الأمراض الجلدية، والطالب أحمد القطان. وسعت السلطات السورية إلى محاكمة جلال نوفل، طبيب نفسي، وعمار عيروكة بتهمة إثارة الشغب لدورهما في المظاهرة. واستنادا إلى ما قاله أحد النشطاء، فإن محامي المعتقلين أفاد بوجود علامات تعذيب وضرب على وجه كلّ منهما. ولم تتوفر أي معلومات عن بقية الموقوفين الخمسة وهم عمار ديوب، ملاك الشنواني، محمد أمين حسين، علي عمر، عمر الخطيب.
وتعد هذه ثاني عملية اعتقال لملاك الشنواني الناشطة في مجال حقوق النساء فقد تم أيضا إيقافها في مكان عملها يوم 10 أبريل/نيسان الماضي لأنها شاركت في احتجاجات ضد الحكومة.
وقالت سارة ليا ويتسن: “السلطات السورية لم تدخر جهدا لاعتقال ومعاقبة كل الأصوات الداعية إلى إصلاح المجتمع المدني بكامل أنحاء البلاد”.
وقال نشطاء لـ هيومن رايتس ووتش أن قوات الأمن تمارس ضغطا كبيرا على عائلاتهم و جيرانهم مما أجبرهم على إبعاد عائلاتهم للتخفي. وأفاد ناشط من المعارضة، خيّر عدم نشر اسمه تفاديا لأن يقع الانتقام من عائلته، أفاد بما يلي:
“ذهبوا إلى منزلي و كسروا الباب، لكنهم عندما لم يجدوني اتجهوا إلى جاري وسألوه عن المكان الذي يمكن أن يجدوني فيه أو يجدوا زوجتي أو أحد أبنائي. ولما رفض ذلك، قاموا بإيقافه و لكنه كان معروفا بمساندته لحزب البعث فأطلقوا سراحه بعد 10 ساعات. واتجهوا بعد ذلك إلى متجر زوجتي وقاموا بنفس الشيء مع شخصين في الجوار يمتلكان محلّ بقالة ومتجر أجهزة إلكترونية وقاموا بسجن أحدهما لمدة يومين في حين أن الأخر لم يقع الإفراج عنه حتى الآن. و تسكن زوجتي الآن مع طفلي الصغير في مكان ما و أعيش أنا مع ابنين آخرين في مكان آخر. أصبحت متخفيا في دمشق وأغير مكان إقامتي كلّ يومين”
كما قالت رزان زيتونة لـ هيومن رايتس ووتش أنها طلبت من والديها المسنين الاختباء لأنها تخشى مجرد التفكير في أن تعتقلهما قوات الأمن للضغط عليها.
وقال ناشط حقوقي بارز يبلغ من العمر 67 عاما ويسكن في مدينة السلامية، التي تقطنها أكبر مجموعة من المسلمين الإسماعليين في الشرق الأوسط، قال لـ هيومن رايتس ووتش أن مجموعة تتكون من قرابة 30 شابا، البعض منهم على دراجات نارية، جاءت إلى منزله يوم 13 مايو/أيار حوالي الساعة الثالثة مساء:
“جاؤوا على دراجاتهم ورموا منزلي بالحجارة وكنت أنا بالخارج ولا يوجد بالمنزل سوى نساء من عائلتي فأوصدن الباب في وجوههم. واصل الشباب رمي الحجارة لمدة ناهزت 15 دقيقة لترهيبنا وإنني أشعر بالخوف على عائلتي. لقد تمكنا من التعرف على البعض منهم حيث كانوا يعملون حراسا لرئيس الفرع المحلي لحزب البعث. “
وأضاف الناشط المنحدر من السلامية لـ هيومن رايتس ووتش أن قوات الأمن التي اعتقلته لمدة 24 ساعة صحبة 69 ناشطا آخر من نفس المدينة أن هدف حملة الاعتقال والتخويف هو إجبار النشطاء على إمضاء تعهدات بالكف عن الاحتجاج.
و في سياق متصل، قال ناشط آخر من دمشق بعد أن تم اعتقاله والإفراج عنه:
“إنهم مهووسون بالاحتجاجات. كل ما يسعون إليه هو القضاء على الاحتجاجات وهم مستعدون للقيام بأي شيئ من أجل ذلك. وكل من يرفض التوقيع على التعهد تقع إحالته إلى المحاكمة الجنائية بتهمة إثارة الشغب أو تعود قوات الأمن إلى منزله أو مكتبه أو حتى مكتب زوجته. ”
وقالت سارة ليا ويتسن: “عندما تصبح عائلات وجيران النشطاء المفتش عنهم لعبة لدى أجهزة الأمن وعصابات عناصر البعث، فان ذلك يؤشر على إفلاس الحكومة أخلاقيا” و أضافت أن “وراء الوعود الخطابية والحوار الوطني توجد حملة منظمة لإعادة بناء جدار الخوف التي تهدف إلى أمر واحد: تمكين الأسد و المقربين منه من الاحتفاظ بقبضته المطلقة على السلطة. ”
طالبت هيومن رايتس ووتش بعقوبات على المسؤولين السوريين الذين يتحملون المسؤولية عن استعمال القوة المفرطة تجاه محتجين سلميين وعن الإيقاف التعسفي والتعذيب الذي مورس على المئات منهم، كما طالبت بتحقيق دولي حول خروقات حقوق الإنسان في سوريا.
قامت الولايات المتحدة والاتحاد الأروبي بفرض عقوبات على مسؤولين رفيعي المستوى بالنظام السوري ولكنها لم تشمل عقوبات على الرئيس بشار الأسد. كما طالب مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، يوم 29 أبريل/نيسان، المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بفتح تحقيق عاجل في عمليات القتل و الخروقات الأخرى لحقوق الإنسان بسوريا.