وقد قال جو ستورك نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "إن وصف التعبير بـ’الإرهاب‘ لمجرد انتقاد بلدان أخرى لا يخفي حقيقة أن الأردن يعاقب المواطنين الذين يمارسون حرية التعبير".
ظهر هذا المقال أولاً على موقع هيومان ريتس وتش في تاريخ 15 يوليو 2015.
السلطات الأردنية تقلص حرية الإعلام عن طريق احتجاز الصحفين وتوجيه الاتهامات إليهم بموجب الأحكام الفضفاضة والغامضة لقانون مكافحة الإرهاب في البلاد.
وفي أحدث القضايا في 8 يوليو/تموز 2015، احتجزت السلطات غازي المرايات، وهو صحفي بصحيفة الرأي التي تسيطر عليها الحكومة، بزعم انتهاكه لأمر بحظر النشر من خلال نشر تفاصيل عن مخطط إرهابي تم إحباطه. وقد احتجزته السلطات لمدة 4 أيام للتحقيق بموجب نص غامض الصياغة في قانون مكافحة الإرهاب، ثم أفرجت عنه بكفالة، لكنه يمكن مع ذلك أن يواجه تهماً جنائية. وقالت الصحيفة إنها لم تتلق إخطاراً مكتوباً بحظر النشر عند نشر المقال.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا : “لا ينبغي لمخاوف الأردن بشأن وضعه الأمني أن تترجم إلى وسم الصحفيين والكتاب بتهديد الأمن لقيامهم بعملهم أو لتعبيرهم عن أنفسهم سلمياً. وعلى الأردن التوقف عن ملاحقة الصحفيين ومراجعة قانون مكافحة الإرهاب لإزالة الصياغة الغامضة المستخدمة في الحد من التعبير السلمي”.
وقد قامت السلطات بتوزيع العديد من أوامر حظر النشر على المنافذ الإعلامية من خلال هيئة الإعلام الحكومية في 2015. فبالإضافة إلى مخطط “فيلق القدس” الإرهابي المزعوم، المشار إليه في قضية المرايات، كانت السلطات في توقيت أسبق من 2015 قد حظرت على وسائل الإعلام نشر ما يصدره تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف ـ المعروف أيضاً باسم داعش ـ من صور أو أخبار بشأن الطيار الأردني المقتول معاذ الكساسبة، علاوة على التصريحات التي تنتقد الجيش الأردني بعد انضمامه إلى حملة القصف ضد داعش.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن احتجاز صحفي لاستجوابه استناداً إلى كتاباته ينتهك في ما يبدو المادة 42 من قانون المطبوعات والنشر الأردني، التي تحظر توقيف الإعلاميين نتيجة “إبداء الرأي بالقول والكتابة وغيرها من وسائل التعبير”.
وكان مقال “الرأي” قد كشف تفاصيل لائحة الاتهام أمام محكمة أمن الدولة والتي يرد بها اسم رجل عراقي-نرويجي تم توقيفه في الأردن في أبريل/نيسان. كما أفادت منافذ إعلامية مختلفة في 6 يوليو/تموز بأن محكمة أمن الدولة أصدرت أمراً بحظر النشر، لكن رئيس تحرير “الرأي”، طارق المومني، قال في 8 يوليو/تموز إن “صحيفة الرأي لم تتلق أي تعميم مكتوب من النيابة يفرض حظر النشر في مخطط فيلق القدس الإيراني”.
وفي 9 يوليو/تموز وصف مقال في “الرأي” أمر حظر النشر بأنه “شفهي”، لكن مقالاً منشوراً في موعد لاحق من نفس اليوم قرر أن محكمة أمن الدولة أمرت هيئة الإعلام الأردنية أخيراً بتعميم أمر الحظر المكتوب.
وكانت نيابة محكمة أمن الدولة في الأردن قد أمرت في توقيت أسبق من يوم 9 يوليو/تموز باحتجاز المرايات لمدة 15 يوماً للتحقيق بموجب المادة 3-ب من قانون مكافحة الإرهاب الأردني، التي تحظر “القيام بأعمال من شأنها أن تعرض المملكة لخطر أعمال عدائية أو تعكر صلاتها بدولة أجنبية أو تعرض الأردنيين لخطر أعمال ثأرية تقع عليهم أو على ممتلكاتهم”. وتحمل التهمة عقوبة السجن لمدة 3-20 عاما.
22 أبريل/نيسان لكتابة مقال ينتقد حملة القصف السعودية في اليمن. وقد قال محامي أيوب لـ هيومن رايتس ووتش إن أيوب يحاكم أمام محكمة أمن الدولة بتهمة “تكدير صلات [الأردن] بدولة أجنبية” بموجب قانون مكافحة الإرهاب. وقال المحامي إن المحكمة رفضت العديد من طلبات الكفالة.
ومن الصحفيين الآخرين المحتجزين في 2015، سيف العبيدات، وهاشم الخالدي ناشر الموقع الإلكتروني “سرايا نيوز”، في 28 يناير/كانون الثاني، بعد نشر الموقع لمقال بشأن المفاوضات بين الأردن وداعش للإفراج عن الكساسبة. وقد ورد في بيان أصدره “سرايا نيوز” في 29 يناير/كانون الثاني أن الرجلين تعرضا للتوقيف بعد نشر “تصريح على لسان أحد المحامين والذي تعودت جميع المواقع الإخبارية على نشر تصريحاته بصفته محامي السلفيين في الأردن.”.
وقد قامت “سرايا نيوز” بحذف المقال عقب توقيف الرجلين، لكن بعض النشطاء وأحد المسؤولين الحكوميين قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن التصريح تضمن مزاعم كاذبة عن إفراج الأردن عن سيدة عراقية مدانة على خلفية تفجيرات 2005 في أحد فنادق عمان. وقال البيان إن السيدة بودلت بأسير ياباني لدى داعش بدلاً من الكساسبة. وقد نفذ الأردن حكم الإعدام في السيدة، ساجدة الريشاوي، في 4 فبراير/شباط، بعد قليل من نشر داعش لمقطع فيديو يعرض حرق الكساسبة.
أفرجت السلطات عن العبيدات والخالدي في 8 مارس/آذار بكفالة، لكن الاثنين ما زالا رهن المحاكمة أمام محكمة أمن الدولة.
وقال جو ستورك: “لا يوجد سبب مشروع لحبس الصحفيين لمجرد نشر أخبار يتضح كذبها لاحقاً. وعلى السلطات بدلاً من هذا أن تكذّب تلك الأخبار وتصحح المعلومات المنشورة”.
في 12 يوليو/تموز احتجزت سلطات الأردن جهاد المحيسن في مطار عمان الدولي عقب عودته من رحلة إلى لبنان. وقال المحيسن إنه أقيل من عمله في يونيو/حزيران ككاتب لدى صحيفة “الغد” المستقلة، بعد نشر تعليق على موقع فيسبوك يفيد باعتناقه المذهب الشيعي ورغبته في مقاومة “العدو الصهيوني” في جنوب الأردن.
وقال شقيق المحيسن لموقع “عمان نيوز” الإخباري في 12 يوليو/تموز إنه احتجز بأمر من محكمة أمن الدولة، وكشفت تقارير إعلامية لاحقة عن مواجهته لتهم “إهانة الملك” إضافة إلى “تخريب النظام السياسي”، وهي تهمة غامضة الصياغة متعلقة بالإرهاب.
وقد ظلت التهمة التي يواجهها أيوب، والتي يحتمل أن يواجهها المرايات، تهمة “تكدير صلات الأردن بدولة أجنبية”، مجرّمة في قانون العقوبات الأردني طوال سنوات، كما استغلتها النيابة الأردنية ضد الآراء المنتقدة لحكام أجانب. وعمل قانون إصلاح محكمة أمن الدولة، الذي تم تبنيه في أوائل 2014، على حذف هذه التهمة من اختصاص المحكمة. لكن المشرعين تراجعوا عن الإصلاح في أبريل/نيسان 2014 بإضافة النص إلى قانون مكافحة الإرهاب الأردني، مع عقوبة السجن لمدة 3-20 عاماً.
والمادة 15 من دستور الأردن تكفل حرية التعبير، كما أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والأردن طرف فيه، يحمي الحق في حرية التعبير بما في ذلك “حرية التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها” (المادة 19). وقد شددت لجنة حقوق الإنسان، التي تتولى تفسير العهد، على أهمية “التعبير غير المقيد” بموجب العهد، فيما يتعلق بالنقاش حول المسؤولين العموم في المجال السياسي والمؤسسات العامة.
وبموجب المادة 9-3 من العهد الدولي، “لا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة”.
وقد قال جو ستورك: “إن وصف التعبير بـ’الإرهاب’ لمجرد انتقاد بلدان أخرى لا يخفي حقيقة أن الأردن يعاقب المواطنين الذين يمارسون حرية التعبير”.