تحث مراسلون بلا حدود جميع فاعيلي الاشتباكات، المدنيين والعسكريين والسياسيين، للكف فوراً عن جميع الهجمات التي تُرتكب في حق المدنيين وخاصة الإعلاميين العاملين في ليبيا، مؤكدة على أهمية الدور الذي يضطلع به الفاعلون الإعلاميون في ليبيا الجديدة، وخصوصا في العملية الشاملة لبناء دولة مستدامة وديمقراطية على المدى البعيد، وهو ما يستوجب احتواء هذا العنف بسرعة.
بينما تجد ليبيا نفسها غارقة في مستنقع أزمة سياسية وأمنية كبيرة منذ 16 مايوأيار 2014، تود مراسلون بلا حدود أن تعرب عن بالغ قلقها إزاء مصير الفاعلين الإعلاميين الذين ما زالوا مستهدفين من قبل هجمات مسلحة خطيرة.
ففي يوم 16 مايوأيار، وبينما أطلق اللواء خليفة حفتر “عملية الكرامة” في بنغازي، تعرض مقر إذاعة جماعة أنصار الشريعة لقصف في حي الليثي الواقع غربي المدينة، حيث لم تُسجل أية إصابات في ذلك الهجوم الذي لم تتبنَّه أية جهة.
وعلى حد تعبير أحد الناطقين باسم اللواء خليفة حفتر، فإن تلك العملية تهدف إلى “تطهير المدينة من الجماعات الإرهابية“، مستعينة بدعم عدة جهات تابعة للقوات المسلحة الليبية من البرقة وجزء من قوات سلاح الجو.
وحوالي الساعة الثانية من ظهيرة يوم 16 مايوأيار، اختطفت مجموعة مسلحة مصور قناة ليبيا الدولية الفضائية الخاصة، أيوب قويدر، أثناء تغطية الاشتباكات الناجمة عن “عملية الكرامة” في حي الهواري (جنوبي بنغازي).
وعلى مدى نصف ساعة تقريباً، تعامل معه الخاطفون باعتباره “خائناً” حيث صادروا هاتفه النقال قبل إطلاق سراحه، علماً أنه كان قد تلقى تهديدات بالقتل في وقت سابق.
وفي اليوم التالي، حوالي الساعة السادسة، استهدف هجوم مسلح مصور وكالة فرانس برس (أ ف ب) في بنغازي، عبد الله دومة، لدى عودته للتو من طرابلس، حيث أُطلق ما لا يقل عن 32 رصاصة باتجاه المصورعند خروجه من سيارته على بعد خطوات قليلة من منزله، لكنه لم يُصب بأي منها لحسن الحظ.
ووفقاً لمصادر رسمية، فإن الهجوم العسكري الذي شنه اللواء حفتر أسفر عن مقتل أكثر من 70 شخصاً منذ انطلاق العملية في بنغازي.
وبينما أدانت الحكومة المركزية هذه العملية باعتبارها غير شرعية تعرض المؤتمر الوطني العام في طرابلس لهجوم عنيف بعد ذلك بيومين، حيث استهدفه مسلحون يُرجّح أن يكونوا تابعين كتائب الزنتان، التي تشتهر بمعارضتها القوية للإسلاميين. ورغم أنه لا يزال من غير المؤكد وجود أية صلة بين “عملية الكرامة” في بنغازي والغارة التي شُنت على مقر الهيئة التشريعية الانتقالية في 18 مايوأيار، فإن 60 شخصاً أصيبوا بجروح بينما قُتل اثنان آخران في الاشتباكات التي وقعت يوم الأحد الماضي في العاصمة الليبية.
وفي حوالي الساعة العاشرة ليلاً من اليوم ذاته، انفجر صاروخان على بعد عشرات الأمتار من مقر قناة ليبيا الدولية، التي كانت قد استضافت قبلها بلحظات في برنامج مباشر السيد عبد الله ناكر، الزعيم السابق لمجلس ثوار طرابلس (أحد أقوى ألوية الزنتان) للتعليق على الأحداث الأخيرة. وبحسب شهادة أحد موظفي ليبيا الدولية، تلقت القناة اتصالاً هاتفياً من سيدة خلال البث المباشر، حيث قالت بالحرف: “إذا لم توقفوا البرنامج على الفور فسوف ترون ما سيحدث“. وجدير بالذكر أن الهجوم لم يسفر عن أية إصابات.
وفي هذا الصدد، تحث مراسلون بلا حدود جميع فاعيلي الاشتباكات، المدنيين والعسكريين والسياسيين، للكف فوراً عن جميع الهجمات التي تُرتكب في حق المدنيين وخاصة الإعلاميين العاملين في ليبيا، مؤكدة على أهمية الدور الذي يضطلع به الفاعلون الإعلاميون في ليبيا الجديدة، وخصوصا في العملية الشاملة لبناء دولة مستدامة وديمقراطية على المدى البعيد، وهو ما يستوجب احتواء هذا العنف بسرعة.
كما تُذكر مراسلون بلا حدود بما تنص عليه المادة 23 من التعليق العام رقم 34 للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، حيث “لا يمكن تحت أي ظرف من الظروف أن يكون الاعتداء على شخص بسبب ممارسته لحرية الرأي أو حرية التعبير متفقاً مع المادة 19″ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي تُعتبر ليبيا طرفاً فيه، علماً المادة 23 تستوجب أيضاً “التحقيق بصرامة في الوقت المناسب في جميع هذه الاعتداءات ومقاضاة مرتكبيها ومنح الضحايا، أو منح ممثليهم في الحالات التي يرتكب فيها القتل، أشكالاً مناسبة من الجبر.
وتذكر المنظمة في هذا الصدد بأن ليبيا مطالبة بالوفاء بالتزاماتها المحلية والدولية في مجال حرية الإعلام بموجب إعلانها الدستوري ومختلف المواثيق الدولية التي تُعد طرفاً فيها.