المعتقلون يشتكون من تعرضهم للتعذيب والقاضي يرفض تدوين الإفادات.
تابع مركز البحرين لحقوق الإنسان تفاصيل الجلسة الأولى لمحاكمة “50” مواطن بحريني وبحرينية في قضية عُرفت بخلية إئتلاف 14 فبراير التي ادعى النظام البحريني كشفه لها في 12 يونيو 2013. وهؤلاء المعتقلين في معظمهم هم نشطاء سياسيين أو حقوقيين تم استهدافهم بسبب تعبيرهم عن آراءهم ومشاركتهم في الإحتجاجات السلمية. قامت السلطات فيما أصبح الروتين بالزج بهم في قضايا مختلقة تحت تهم جنائية متعلقة بالإرهاب بغرض تشويه صورة الحراك السلمي المستمر في البحرين وإبقاؤهم في السجون بعد عرضهم على محاكم تفتقر لأدني معايير المحاكمات العادلة.
ففي 11 يوليو 2013 بدأت محاكمة الـ 50 مواطن في المحكمة الجنائية الرابعة التي أنشئت حديثاً وباشرت العمل بتاريخ 10 يوليو 2013 حيث عرض أمامها معتقلي تفجير الدير ومعتقلي حيازة سلاح الشوزن “كرزكان”. ويتولى رئاسة هذه المحكمة القاضي علي الظهراني –نجل رئيس مجلس النواب الحالي خليفة الظهراني-، وهو من قاد الحكم ضد الرموز السياسيين والكادر الطبي والأستاذ مهدي أبو ديب إضافة إلى معظم القضايا في محاكم السلامة الوطنية وهي محاكم عسكرية أقيمت لمحاكمة المدنيين حينها، وعضو اليمين :حمد آل خليفة –أحد أفراد العائلة الحاكمة- وعضو اليسار جاسم عجلان.
وقد بدى واضحاً من الجلسة الأولى للمحاكمة أنها لا تعدو كونها محاكمة صورية تهدف لتمرير أحكام سياسية مسبقة على المتهمين، حيث تجاهلت المحكمة الإستماع إلى مزاعم التعذيب التي أدلى بها المتهمين أو توثيقها بشكل جيد. ورفضت الإفراج عن المعتقلين برغم من خطر تعرضهم للتعذيب مجدداً عند إعادتهم للسجن. وتم تأجيل الجلسة القادمة إلى 25 يوليو 2013 دون الموافقة على طلب المحامين بالحصول على أوراق القضية.
الناشط الحقوقي ناجي فتيل: قام فتيل بنزع قميصه لتظهر بوضوح آثار التعذيب على جسده، ولكن القاضي سرعان ما نقل الفرصة لمعتقل آخر للحديث.
المعتقلة ريحانة الموسوي: تحدثت الموسوي عن تعريتها خلال فترة احتجازها كنوع من المعاملة الحاطة بالكرامة وجزء من التعذيب الذي تعرضت له. تم تهديدها بالاغتصاب والصعق الكهربائي على أيدي ضباط من الذكور. لم يدون القاضي التفاصيل الكاملة لما وصفته ريحانة، بدلا من ذلك، دون في التقرير أن ريحانة تلقت “معاملة معنوية غير لائقة”. بحسب معلومات تلقاها مركز البحرين، تم إجبار ريحانة في مركز الإحتجاز على الوقوف عارية أمام باب مفتوح بحيث يمكن أن يراها كل من يمر بالخارج. هذا بالإضافة إلى أنماط أخرى من التعذيب الجسدي والنفسي الذي تعرضت له. تم تعصيب عينيها وقالت أنها تم حرمانها من الطعام والماء لمدة يوم كامل، تعرضت للضرب على ساقيها. وبحسب ما ورد تم أخذها لضابط ملثم 5 مرات حيث كان يلقنها ما يجب أن تدلي به كإعتراف. و قيل لها بعد ذلك أنها سوف تتعرض لتعذيب أشد إذا أنكرت الاتهامات الموجهة لها. على الرغم من حالتها الصحية والنفسية اقتيدت إلى النيابة العامة حيث تم التحقيق معها لعدة ساعات قبل أن يسمح للمحامي أن يكون حاضرا معها. أغمي عليها أثناء التحقيق وسمح المدعي العام باستراحة 15 دقيقة فقط قبل استكمال التحقيق. سأل المدعي العام ريحانة أسئلة إيحائية على الرغم من أنها نفت التهم الموجهة لها عن كونها عضوا في خلية إئتلاف 14 فبراير.
المعتقل حميد عباس الصافي: والذي اعتقل بتاريخ 9 مارس 2013 من شقته بعد مداهمتها وفي محاولة منه للفرار تم إطلاق عبوة غاز مسيلة للدموع أصابته رأسه مما أعاق حركته فاجتمع عليه مجموعة من رجال الشرطة وقاموا بضربه بالهراوات مما أدى إلى إصابته في أماكن متفرقة من جسده وبدت الآثار واضحة على رجله ويده. وعلى الرغم من وجود الآثار حتى اليوم إلا أن القاضي الظهراني رفض تدوين ذلك في محضر الجلسة.
المعتقل: محمد السنكيس ذكر أيضاً أنه تعرض للتعذيب منذ لحظة اعتقاله من فراشه، حيث قام رجال الشرطة بضربه بآلة في أيديهم يجهل ماهيتها تسببت بإدماءه والإغماء عليه وحينها قاموا بضربه وركله وتركز الضرب على الظهر واليدين والرأس. ولازالت آثار ذلك بادية على المعتقل السنكيس حيث حضر المحكمة ويده متدلية إضافة إلى شج واضح في رأسه وآلام في الرقبة لازال يعاني منها.
أما المعتقل عيسى الغيص فقد رفض أن تقوم محاميته بتقديم شكوى تعذيب خشية أن يتم تعذيبه من جديد، فقد ذكر لمحاميته بأنه رأي في السجن من يتم اختطافهم من العنابر ونقلهم لمبنى التحقيقات وتعذيبهم انتقاماً إما من إنكارهم للتهم التي وجهت لهم أو أولئك الذين تقدموا بشكاوى تعذيب ضد جلاديهم. إلا أن الغيص تجرأ أمام المحكمة وتحدث عن نزر يسير من التعذيب الذي تعرض له قبل أن يقاطعه القاضي الظهراني ويضطره للسكوت.
هذا وعقدت هيئة الدفاع مؤتمراً صحفياً بينت فيه العديد من الخروقات القانونية التي شابت محاكمة المعتقلين المتهمين في خلية إئتلاف 14 فبراير وهي كالتالي:
- قضية خلية إئتلاف 14 فبراير هي القضية الأولى التي تحال للمحكمة مباشرة بعد 60 يوم من التوقيف
- المتهمين في القضية 50 متهم، حضر منهم في المحكمة 9 و يتواجد 12 منهم خارج البحرين وآخرون في سجن جو المركزي
- تم طرد ذوي المعتقلين والمراقبين والمدافعين عن حقوق الإنسان ومنعهم من حضور المحاكمة وكأنها محكمة سرية على غرار محاكم السلامة الوطنية
- من ضمن التهم التي وجهت للمتهمين هي تعطيل العمل بأحكام الدستور وحل البرلمان –الذي يرأسه والد القاضي علي الظهراني- وهو ما يشكل تضارب مصالح
- من ضمن التهم التي وجهت للمتهمين هي السعي إسقاط نظام الحكم المتمثل بالعائلة الحاكمة آل خليفة –التي ينتمي لها عضو اليمين حمد آل خليفة- وهو ما يشكل تضارب مصالح
- لم يستمع القاضي لإفادات المعتقلين التي يتحدثون فيها عن تعرضهم للتعذيب
- لم يستمع القاضي لإفادات المحامين وتعقيبهم على إفادات المعتقلين ولم يسمح للمحامين بالحديث
- لم يدون القاضي الطلبات كما جاءت على لسان المحامين
- أجمع المعتقلون على أنهم تعرضوا للتهديد من قبل رئيس النيابة “أحمد بوجيري” والذي كان دائماً ما يسب المذهب الشيعي ويسب الإمام علي. كان يهددهم بإعادتهم للتحقيقات وإعادة تعذيبهم إن لم يعترفوا بالتهم المنسوبة لهم.
- عند الحديث عن التعذيب كان القاضي يضيق على المعتقلين في الكلام فلا يترك لهم إلا دقيقة أو دقيقتين للحديث عن تفاصيل التعذيب ومع ذلك فإنه في وقت التدوين يكتفي بكتابة أمور عامة ومختصرة جدا عن التعذيب يصفه بالتهديد.
- القاضي علي الظهراني كان يرفض توجيه التهم للمعتقلين مباشرة فقد كان يستهزأ بالمتهمين الذين لا يعرفهم وقد اكتفى بتحديد أرقام المتهمين والتهمة المنسوبة لكل رقم
- بعض المتهمين المشمولين في القضية لم يتم التحقيق معهم حول هذه التهمة (الأستاذ محل التل مثالاً)
- كانت المحكمة برئاسة القاضي الظهراني ترفض إية إدانة يوجهها المعتقلون للنيابة العامة ولم يوافق القاضي الظهراني على تدوين هذه الشكاوى في محضر الجلسة
- المعتقلون التسعة الذين مثلوا أمام المحكمة اليوم لم تبلغهم النيابة العامة أو حتى التحقيقات بتهمتهم وهي الانتماء لخلية إئتلاف 14 فبراير وأنهم تفاجئوا بضمهم للقضية ونشر صورهم على أنهم أعضاء في إئتلاف شباب 14 فبراير
- القضايا لا تتوفر لها دعوة مشكلة بشكل صحيح ويخشى أن يتم استغلال المحامين ليكونوا مجرد شهود على قضايا كبيرة وشكل تدعي به الحكومة التزامها بتوفير محامين للمتهمين
- لم يتم التحقيق في شكاوى التعذيب التي تقدم بها معظم المعتقلين في قضية خلية إئتلاف شباب 14 فبراير
- لم يسأل القاضي المعتقلين عن وجود محامي لهم ولم يتحدث بالتالي عن انتداب محامين في الجلسات القادمة
- رفع القاضي الجلسة عندما ذكر أحد أعضاء هيئة الدفاع لفظ “يستوجب على المحكمة” وقد كرر القاضي كلمة ستوجب مراراً بغضب قبل أن يرفع الجلسة مع العلم أن كلمة من قبيل يستوجب وينبغي أن هي مصلحات قانونية ثابتة في جميع القوانين الموجودة في البلاد
- كذلك تجاهلت المحكمة حقيقة عدم وجود محامين لبعض المتهمين ، ومنهم المعتقلة ريحانة التي لم يسمح لها بتوكيل محامي منذ اعتقالها من حلبة الفورمولا في أبريل 2013، وتجاهلت المحكمة بشكل أوضح طلبات المحامين الحاضرين حيث رفعت الجلسة بدون البت فيها.
وبناءاً على كل ما سبق فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان يطالب بالتالي:
- الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي في البحرين.
- ضمان تطبيق المعايير الدولية ذات الصلة بالاعتقال والاستجواب والمحاكمة العادلة، لضمان نزاهة واستقلالية القضاء، وضمان حق المتهم في برائته حتى تثبت إدانته في محكمة قانونية تلبي متطلبات المحاكمة العادلة.
- تحقيق عادل ونزيه في جميع مزاعم التعذيب التي أثارها المدعى عليهم، وتقديم المسئولين للمحاكمة، وتعويض الضحايا.
- وضع حد للفساد الهائل، وانتهاكات النيابة العامة ومحاسبة جميع المدعين العامين ورؤساء النيابة الذين تورطوا في الانتهاكات والذين مارسوا التعذيب أو التهديد أو التشهير والانتقام ضد المتهمين.
- محاكمة جميع المتورطين في محاكم السلامة الوطنية (العسكرية) حول جميع الانتهاكات التي ارتكبوها ضد المتهمين.