قُتل الصحفي ناجي الجرف رمياً بالرصاص في تركيا يوم 27 ديسمبركانون الأول 2015.
ظهر هذا المقال أولاً على موقع مراسلون بلا حدود في تاريخ 29 دسمبر 2015.
تعرب مراسلون بلا حدود عن صدمتها العميقة لاغتيال الصحفي ناجي الجرف، الذي قُتل رمياً بالرصاص في تركيا يوم 27 ديسمبركانون الأول 2015. ففي اتصال له مع المنظمة، كان الإعلامي السوري قد أشار إلى التهديدات التي كان يتعرض لها، علماً أنه كان على وشك السفر إلى فرنسا.
كان ناجي الجرف قد حصل للتو على تأشيرة فرنسا التي كان ينوي السفر إليها في مطلع ينايركانون الثاني. لكن الصحفي السوري المتخصص في الأفلام الوثائقية اغتيل أمام الملأ في أحد شوارع مدينة غازي عنتاب (جنوب شرق تركيا)، حيث كان يعمل منذ ثلاث سنوات. وكان الجرف قد أسس المجلة المعارضة حنطة التي شغل فيها منصب رئيس التحرير، كما أخرج عدة أفلام وثائقية حول الفظائع والانتهاكات التي ارتكبها كل من تنظيم الدولة الإسلامية والنظام السوري، علماً أن منظمة مراسلون بلا حدود كانت على اتصال وثيق بهذا الصحفي الذي كان يحلم بتمكين ابنتيه من الحصول على “المستوى التعليمي العالي” الذي توفره فرنسا لطلابها.
كما قدمت له منظمة مراسلون بلا حدود يد المساعدة من أجل الحصول على التأشيرة. ففي الرسالة التي وجهها للسلطات الفرنسية في إطار طلب التأشيرة، أفصح ناجي الجرف عن مخاوفه بشأن سلامته معرباً عن أمله في الحصول على إمكانية الاستقرار في بلد “يحترم حقوق الإنسان”، حيث وجه رسالة إلى سفير فرنسا في تركيا أواخر يوليوتموز الماضي قائلاً: “أنا أعيش الآن في مدينة غازي عنتاب التركية وسلامتي الشخصية أصبحت في وضع أكثر صعوبة من أي وقت مضى، بعد تزايد التهديدات التي أتعرض لها أنا وعائلتي، خاصة لأنّي علماني وأنتمي إلى الأقلية الإسماعيلية الآغاخامية المستهدفة من قبل الجماعات الجهادية”. وبينما منحته فرنسا الحماية التي كان يسعى إليها، تمكن القتلة من اغتياله قبل رحيله.
وفي هذا الصدد، قال كريستوف ديلوار الأمين العام في منظمة مراسلون بلا حدود، “إن هذا الاغتيال يوضح مرة أخرى مدى الخطر الذي يتهدد الصحفيين السوريين اللاجئين في تركيا. إنه يرسل إشارة ترهيب غير مقبولة لجميع زملاء ناجي الجرف”. وأضاف: “إننا نحث السلطات التركية بشدة لتسليط الضوء على هذه القضية بكل السبل الممكنة، حيث يجب أن تتخذ أنقرة جميع التدابير اللازمة لضمان سلامة الصحفيين السوريين المنفيين”.
وُلد ناجي الجرف في سلمية بمحافظة حماة، حيث وثَّق الأعمال الوحشية التي يقترفها النظام السوري كما أشرف على تنسيق عمل الصحفيين-المواطنين في بداية الانتفاضة الشعبية. وبعدما انكشف سره لأجهزة المخابرات في أكتوبرتشرين الأول 2012، اضطر إلى الفرار ومن ثم الاختباء عقب نهب مكتبه، ليتمكن في الأخير من مغادرة البلاد بعد شهر، حيث واصل أنشطته المهنية من غازي عنتاب وأشرف هناك على دورات تدريبية للصحفيين المستقلين السوريين.
وقد زادت وتيرة التهديدات ضد ناجي الجرف منذ صيف عام 2015، وذلك بسبب تحقيقاته في الانتهاكات والفظائع التي ترتكبها الدولة الإسلامية، حيث بُث في نوفمبرتشرين الثاني فيلمه الوثائقي “داعش في حلب“، الذي يرصد عمليات الإعدام التي نفذها التنظيم ضد العديد من النشطاء السوريين. كما كان ناجي الجرف مقرباً من ائتلاف “الرقة تُذبح بصمت“، الذي يتشكل من صحفيين مستهدفين من قبل عناصر داعش التي تعتبرهم “أعداء الله”.
وحتى الآن لم تعلن أية جهة مسؤوليتها عن اغتيال ناجي الجرف، بخلاف مقتل زميله إبراهيم عبد القادر يوم 30 أكتوبرتشرين الأول في مدينة أورفة التركية، حيث تبنى تلك العملية تنظيم الدولة الإسلامية.