السلطات الأردنية اعتقلت ناشر موقع "جفرا نيوز" الإلكتروني ورئيس تحريره يوم 17 سبتمبر/أيلول 2013 بتهمة "تعكير صفو العلاقات مع دولة أجنبية". كان الموقع الإلكتروني قد نشر مقطع فيديو من "يوتيوب" يزعم أنه يظهر أميراً قطرياً يجالس عدداً من السيدات، ويرقص ويستحم معهن.
قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن السلطات الأردنية اعتقلت ناشر موقع “جفرا نيوز” الإلكتروني ورئيس تحريره يوم 17 سبتمبر/أيلول 2013 بتهمة “تعكير صفو العلاقات مع دولة أجنبية”. كان الموقع الإلكتروني قد نشر مقطع فيديو من “يوتيوب” يزعم أنه يظهر أميراً قطرياً يجالس عدداً من السيدات، ويرقص ويستحم معهن.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات الأردنية إسقاط التهمة والإفراج عن الرجلين ـ نضال الفراعنة، الناشر، وأمجد معلا، رئيس التحرير، فالقانون فضفاض ومبهم بشكل مفرط ويمثل قيداً لا يمكن السماح به على حرية التعبير، بتجريمه للانتقاد السلمي للدول الأجنبية وقادتها.
قال جو ستورك، القائم بأعمال المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “إن السلطات الأردنية التي تتحدث عن الإصلاح تفقد مصداقيتها حين تعتقل صحفيين لنشر مقطع فيديو من “يوتيوب” يزعم أنه يتعلق بأمير يلهو. المفترض أن يكون الأردن أكثر انشغالاً بالإساءة إلى صورته الدولية عن طريق ملاحقة الصحفيين مما هو منشغل بالحرج مع قطر بسبب مقطع فيديو منشور على موقع إخباري”.
قام نحو 15 من عناصر الشرطة بمداهمة مكتب “جفرا نيوز” بعد الرابعة من مساء 17 سبتمبر/أيلول، بحثا ً عن الفراعنة ومعلا اللذين لم يكونا هناك، حسبما قال أحد موظفي “جفرا نيوز” لـ هيومن رايتس ووتش. اعتقلت الشرطة الرجلين في توقيت لاحق من ذلك المساء.
قال موظف “جفرا” إن رجال الشرطة الذين فتشوا المكتب ذكروا مقطع الفيديو، الذي نشره الموقع يوم 14 سبتمبر/أيلول. يظهر في مقطع الفيديو، الذي صوره طرف ثالث مجهول ونشره على “يوتيوب” في يوليو/تموز 2012، رجلٌ أو عدة رجال في حالة استرخاء على فراش مع امرأة، ويرقص مع أخرى، ويستحم مع ثالثة. يزعم عنوان مقطع الفيديو أن الرجل في كافة الحالات هو شقيق حاكم قطر. قال موظف “جفرا” إن الموقع لم تكن له صلة بتصوير مقطع الفيديو.
أفادت تقارير إعلامية أردنية بأن نيابة عمان اتهمت الفراعنة ومعلا يوم 18 سبتمبر/أيلول بمخالفة المادة 118 من قانون العقوبات الأردني، التي تعاقب “من أقدم على أعمال أو كتابات أو خطب لم تجزها الحكومة من شأنها أن تعرض المملكة لخطر أعمال عدائية أو تعكر صلاتها بدولة أجنبية”. ويُعاقب على هذه التهمة بالسجن لمدة لا تقل عن 5 سنوات.
أحالت النيابة القضية إلى محكمة أمن الدولة شبه العسكرية، المختصة بموجب قانون محكمة أمن الدولة الأردني لسنة 1959 بكافة الجرائم التي ينص عليها قانون العقوبات “ضد أمن الدولة الداخلي أو الخارجي”. قال محامي الرجلين لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم يتمكن من دفع الكفالة حتى 19 سبتمبر/أيلول لأن ملف القضية لم يكن قد وصل بعد من مكتب النيابة إلى محكمة أمن الدولة.
قال محام آخر يمارس المحاماة في عمان لـ هيومن رايتس ووتش إن النيابة خالفت قانون المطبوعات والنشر حين أحالت القضية إلى محكمة أمن الدولة، حيث يختص أحد قضاة المحكمة الابتدائية المتخصصين في قضايا المطبوعات والنشر، بموجب المادة 42 من قانون المطبوعات، بالصحفيين الذين يواجهون قضايا تتعلق بأمن الأردن الداخلي والخارجي، وليس محكمة أمن الدولة. تنص المادة 42 أيضاً على عدم جواز احتجاز المشتغلين بالإعلام لتعبيرهم عن رأيهم بالقول أو الكتابة.
على عكس العديد من المواقع الإخبارية التي حجبتها السلطات في يونيو/حزيران 2013 لرفضها التسجيل لدى دائرة المطبوعات والنشر الأردنية، أتم “جفرا” عملية التسجيل وامتثل لـتعديلات قانون المطبوعات لسنة 2012 التي تدرج المواقع الإلكترونية الإخبارية ضمن نفس الهيكل التنظيمي الحاكم للمنشورات المطبوعة. انتقدت هيومن رايتس ووتش قوانين سنة 2012 المنظمة للإعلام الإلكتروني من حيث أنها تمثل تدخلاً تعسفياً في الحق في حرية التعبير.
رغم قيام بعض المواقع الإلكترونية، مثل “جفرا”، بالتسجيل لدى دائرة المطبوعات، إلا أن عشرات المواقع الأخرى رفضت وتم حجبها داخل الأردن منذ 2 يونيو/حزيران 2013، بأمر من مدير دائرة المطبوعات والنشر.
قال جو ستورك: “يبدو أن السلطات الأردنية تريد الجمع بين نقيضين في تعاملها مع العاملين بالمنشورات الإلكترونية، فالأردن يُخضع صحفيي الإنترنت لنفس التضييق والتهديد بالملاحقة مثلهم مثل صحفيي المطبوعات بموجب قانون المطبوعات، لكنه يحرمهم من تدابير الحماية القليلة التي ينعم بها الصحفيون الآخرون، كالمحاكمة أمام المحاكم الطبيعية”.
رغم ضمانات حرية التعبير في المادة 15 من دستور الأردن لعام 2011، إلا أن السلطات الأردنية تواصل ملاحقة المشتغلين بالإعلام والمواطنين العاديين لجرائم مشكوك في صحتها تتعلق بالتعبير عن الرأي. علاوة على المادة 118، تواصل نيابة الأردن استخدام الكثير من النصوص الفضفاضة في قانون العقوبات الأردني لسنة 1960، لتجريم التعبير السلمي عن الرأي.
حرية التعبير مكفولة بموجب المادة 15 من الدستور الأردني، كما أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والأردن دولة طرف فيه، يحمي الحق في حرية التعبير، بما في ذلك “حرية التماس مختلف ضروب المعلومات وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو أية وسيلة أخرى يختارها”. (المادة 19).
ولا يسمح القانون الدولي بفرض قيود على هذه الحقوق إلا القيود ضيقة التعريف المتفقة مع القانون والتي تُعد ضرورية في مجتمع ديمقراطي لحماية الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الآداب أو الصحة العامة، أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
قال جو ستورك: “تحدث الملك عبد الله عن الإصلاح، لكنه بحاجة إلى تحويل الحديث إلى واقع. إن على الملك عبد الله دعوة البرلمان لحذف كافة مواد قانون العقوبات ومواد قانون المطبوعات التي تتدخل في الحق في التعبير السلمي عن الرأي”.