سبب الإدانة هو الإساءة إلى الإسلام من خلال موقع إلكتروني ومقابلات تلفزيونية
قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن إحدى محاكم جدة أصدرت في 29 يوليو/تموز 2013 حكماً بإدانة ناشط ليبرالي لمخالفته أحكام قانون مكافحة جرائم المعلوماتية السعودي، ومعاقبته بستمائة جلدة والسجن سبع سنوات. وجدت المحكمة الجزائية أن رائف بدوي، مؤسس موقع الشبكة الليبرالية الحرة السعودية، مذنب بتهمة الإساءة إلى الإسلام على موقعه الإلكتروني وفي تعليقات أدلى بها للتلفزيون، كما أضافت إلى عقوبته 3 أشهر لـ”عقوق الوالدين”.
قالت هيومن رايتس ووتش إن التهم الموجهة إلى بدوي استندت حصراً إلى ممارسته السلمية لحقه في حرية التعبير. أسس بدوي موقعه الإلكتروني في عام 2008 لتشجيع النقاش حول المسائل الدينية والسياسية في المملكة العربية السعودية. وتم احتجازه بسجن بريمان في جدة منذ اعتقاله في 17 يونيو/حزيران 2012. أسقط فارس الحربي، قاضي المحكمة الجزائية، تهمة الردة التي تحمل عقوبة الإعدام، بعد أن أكد بدوي إسلامه للمحكمة في 24 يوليو/تموز.
قال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “إن هذا الحكم القاسي بشكل لا يصدق على أحد المدونين يجعل من ادعاءات السعودية بدعم الإصلاح والحوار الديني مادة للسخرية، فقد تم بالفعل سجن رجل يرغب في النقاش حول الدين لمدة عام، وهو الآن يواجه 600 جلدة و7 سنوات من السجن”.
قال وليد أبو الخير، محامي بدوي، لـ هيومن رايتس ووتش إن القاضي الحربي قرأ الحكم جهاراً في جلسة المحاكمة بتاريخ 29 يوليو/تموز، وإن المحكمة سترسل لأبو الخير إخطاراً مكتوباً قبل 6 أغسطس/آب وتمهله 30 يوماً لاستئناف الحكم.
قال أبو الخير إن القاضي حكم على بدوي بالسجن لمدة 5 سنوات للإساءة إلى الإسلام ومخالفة أحكام نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية السعودي لسنة 2007 من خلال موقعه الإلكتروني الليبرالي، مؤكداً أن الليبرالية تعادل الكفر. أمر القاضي بإغلاق الموقع الإلكتروني وأضاف إلى عقوبة بدوي عامين لإساءته إلى الإسلام وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية، أو الشرطة الدينية، في تعليقات أدلى بها خلال مقابلات متلفزة.
قال أبو الخير أيضاً إن القاضي أضاف 3 أشهر إلى العقوبة لعقوق الوالدين، بسبب مواجهات بدوي العلنية العديدة مع أبيه على مدار السنوات.
أسقط القاضي تهمة الردة بعد أن أكد بدوي للمحكمة أنه مسلم وتلا الشهادة، بحسب المحامي. كما استبعد القاضي أيضاً أدلة تفيد بمخالفة بدوي لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية في تعليقات أدلى بها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وجه ممثلو الادعاء الاتهام إلى بدوي في البداية في 2011، زاعمين أن موقعه الإلكتروني “يمس بالقيم الدينية”. بحسب لائحة الاتهام، تتضمن أدلة الادعاء خمس تعليقات نشرها بدوي وأعضاء مجهولون في موقعه تنتقد السلطات الدينية السعودية، وتعليقين يتعلقان بمسائل الألوهية.
في إحدى جلسات قضية بدوي بمحكمة جدة الجزائية يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2012، قام القاضي محمد المرسوم بمنع محامي بدوي من الترافع عن موكله، كما قال المحامي لـ هيومن رايتس ووتش. وقال القاضي المرسوم لبدوي إنه قد يواجه عقوبة الإعدام إذا لم “يتب إلى الله” ويتخلى عن معتقداته الليبرالية. رفض بدوي هذا، فأوصى القاضي بمحاكمته على الردة وأحال القضية إلى محكمة جدة العامة، التي تتولى النظر في الجرائم الأشد خطورة. في يناير/كانونالثاني رفضت المحكمة العامة النظر في القضية وأعادت إحالتها إلى المحكمة الجزائية.
لطالما مارست السلطات السعودية التضييق على بدوي جراء مناقشاته حول المسائل الدينية. في مارس/آذار 2008 اعتقلت السلطات بدوي واستجوبته بشأن موقعه الإلكتروني، لكنها أفرجت عنه بعد يوم واحد. وفي مايو/أيار تم توجيه اتهام رسمي إلى بدوي بـ”إنشاء موقع إلكتروني يسيء إلى الإسلام” فغادر البلاد، وعاد حين بدا أن الادعاء أسقط التهمة، كما قال لـ هيومن رايتس ووتش. في 2009 منعت السلطات بدوي من السفر إلى الخارج وجمدت أموال شركته، فحرمته من مصدر دخله، حسبما قال لـ هيومن رايتس ووتش.
في 18 مارس/آذار 2012 أصدر الفقيه المعروف الشيخ عبد الرحمن البراك فتوى تعلن بدوي “مرتداً فيجب أن يحاكم ويحكم عليه بما تقتضيه أقواله”. وزعم البراك أن بدوي قال “إن المسلم واليهودي والنصراني والملحد كلهم سواء”، وأنه حتى إذا لم يكن هذا رأي بدوي بل “حكاية أقوال الغير ـ لم يجز ذلك إلا مع الإنكار لها”.
أعلن بدوي وغيره من المساهمين في موقعه الإلكتروني عن يوم 7 مايو/أيار 2012 كـ”يوم لليبراليين السعوديين”، آملين أن يطلق شرارة نقاش مفتوح حول التمييز بين التدين “الشعبي” و”المسيس”، كما قال سعود الشمري، مدير الموقع، لـ هيومن رايتس ووتش.
رحلت زوجة بدوي وأبناؤه للإقامة في الخارج في 2012، مخافة العواقب.
يتكفل القانون الدولي لحقوق الإنسان بحماية حرية التعبير. ولا تسمح المعايير الدولية بفرض قيود على حرية التعبير من حيث المحتوى إلا في ظروف شديدة الضيق، مثل قضايا السب والقذف بحق الأفراد الطبيعيين، أو الخطاب المهدِّد للأمن القومي. وينبغي أن تكون القيود واضحة ومحددة وضرورية، ومتناسبة مع التهديد الواقع على المصلحة المطلوب حمايتها.
قالت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 34 الصادر عام 2011، والمتعلق بالقيود التي يمكن السماح بفرضها على حرية التعبير، إن مجرد اعتبار بعض أشكال التعبير مسيئة إلى شخصية عامة لا يكفي لتبرير فرض عقوبات. أما عن القيود المفروضة لحماية الآداب العامة فقد لاحظت اللجنة في تعليقها العام رقم 22 الصادر في 1993، والمتعلق بحرية العقيدة، “أن مفهوم الآداب ينبع من تقاليد عديدة، اجتماعية وفلسفية ودينية، وبالتالي فإن القيود المفروضة بغرض حماية الآداب ينبغي أن تستند إلى مبادئ غير مأخوذة حصرياً من تقليد واحد”.
قال نديم حوري: “نال الملك عبد الله الإشادة لرعايته للحوار وتبادل الأفكار بين الأديان، ولكن يبدو أن تسامح السلطات السعودية مع النقاش المفتوح يتوقف عند حدود السعودية”.