تبنى مجلس الوزراء "النظام الجزائي لجرائم الإرهاب وتمويله" ("قانون الإرهاب") في 16 ديسمبر/كانون الأول 2013، وينتظر القانون مرسوماً ملكياً بموافقة الملك عبد الله ليبدأ العمل به.
قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على العاهل السعودي الملك عبد الله أن يرفض قانوناً جديداً لمكافحة الإرهاب يجرم تقريباً أي رأي ينتقد الحكومة أو المجتمع. تبنى مجلس الوزراء “النظام الجزائي لجرائم الإرهاب وتمويله” (“قانون الإرهاب”) في 16 ديسمبر/كانون الأول 2013، وينتظر القانون مرسوماً ملكياً بموافقة الملك عبد الله ليبدأ العمل به.
لم تنشر السلطات السعودية نص القانون، إلا أن بياناً نشرته وكالة الأنباء السعودية في 16 ديسمبر/كانون الأول يتضمن تعريفاً للإرهاب يشابه التعريف الوارد في مشروع قانون من عام 2011 تم تسريبه إلى المنظمات الدولية لحقوق الإنسان. وكانت مسودة 2011 تحتوى على أوجه قصور خطيرة، تشمل تعريفاً فضفاضاً للإرهاب، وقيوداً بلا مسوغ على حريات التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، وسلطات مفرطة للشرطة دون إشراف قضائي، وانتهاكات لسلامة الإجراءات القانونية والحق في المحاكمة العادلة.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يجب على الملك عبد الله أن يفكر طويلاً وبعمق قبل أن يمهر بتوقيعه تعريفاً للإرهاب من شأنه تجريم أنشطة سلمية لا علاقة لها بأعمال الإرهاب. والمفروض أن يخفف الملك عبد الله من القيود المفروضة على حقوق السعوديين، لا أن يكرس إجراءات شنيعة لمكافحة الإرهاب”.
ورد في بيان وكالة الأنباء السعودية أن القانون يعرف الإرهاب بأنه:
كل فعل يقوم به الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بشكل مباشر أو غير مباشر، يقصد به الإخلال بالنظام العام، أو زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة أو تعريض وحدتها الوطنية للخطر، أو تعطيل النظام الأساسي للحكم أو بعض مواده، أو الإساءة إلى سمعة الدولة أو مكانتها، أو إلحاق الضرر بأحد مرافق الدولة أو مواردها الطبيعية، أو محاولة إرغام إحدى سلطاتها على القيام بعمل ما أو الامتناع عنه، أو التهديد بتنفيذ أعمال تؤدي إلى المقاصد المذكورة أو التحريض عليها.
ويحتوي التعريف الجديد على إضافات طفيفة إلى التعريف الوارد في مسودة 2011، لكنه يشابهه إلى حد بعيد. قالت هيومن رايتس ووتش إن بعض عناصره تتسم بالغموض الشديد، مثل “الإخلال بالنظام العام” و”زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة” و”الإساءة إلى سمعة الدولة ومكانتها”.
بينما يعترف القانون الدولي لحقوق الإنسان بحماية النظام العام والأمن القومي كأهداف مشروعة لتقييد بعض الحقوق الأخرى في ظروف محدودة، إلا أن النصوص القانونية الغامضة والفضفاضة لا تصلح كأساس لإبطال طيف واسع من الحقوق الأساسية. وبحسب هيومن رايتس ووتش فإن إنكار المملكة العربية السعودية للحق في المشاركة في الشؤون العامة، وفي حرية العقيدة، وفي التجمع السلمي، وفي حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير، علاوة على تمييزها الممنهج ضد المرأة، هي أمور تتجاوز بكثير أي تصور للقيود المبررة.
لا يشترط التعريف الوارد في القانون السعودي اتجاه نية الشخص المتهم بالإرهاب إلى استخدام وسائل مادية مميتة أو خطيرة وعنيفة بطرق أخرى ضد تجمع سكاني، أو اتخاذ رهائن، وهي الأفعال التي قال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب إنها الأركان المركزية لأي عمل إرهابي.
منذ 2011، لجأت السلطات السعودية على نحو متزايد إلى ملاحقة نشطاء حقوق الإنسان والنشطاء الاجتماعيين السلميين، الذين اتهمت النيابة الكثيرين منهم بموجب الاحكام الواردة في تعريف القانون الجديد للإرهاب. وقد قامت المحاكم السعودية في 2013 بإدانة وسجن نشطاء بارزين من جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية ـ بينهم عبد الله الحامد، ومحمد القحطاني، وعبد الكريم الخضر ـ بتهم تشمل “الإخلال بالنظام العام”. كما يخضع فاضل المناسف، وهو ناشط من المنطقة الشرقية، للمحاكمة حالياً أمام محكمة الجزاء السعودية المتخصصة، بتهمة “التواصل مع جهات إعلامية خارجية تسعى إلى تضخيم الأخبار والإساءة إلى حكومة المملكة العربية السعودية وشعبها” ضمن تهم أخرى. ومن شأن قانون الإرهاب الجديد أن يقنن تلك التهم الغامضة والفضفاضة، التي تستغل لملاحقة النشطاء والمعارضين السلميين، في قانون مدون.
قال بندر العيبان، رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية الحكومية، لأحد باحثي هيومن رايتس ووتش في الرياض في يوليو/تموز إن مشروع قانون الإرهاب ينطوي على أوجه قصور، وإن الوزراء ربما يسقطونه من اعتبارهم. إلا أنهم لم يفعلوا، كما يوضح بيان وكالة الأنباء السعودية.
قالت سارة ليا ويتسن: “من شأن قانون الإرهاب أن يتيح للحكومة توصيف أي سعودي يطالب بالإصلاح أو يفضح الفساد بأنه إرهابي. وتبدو الحكومة السعودية وكأنها أشد اهتماماً بإسكات النشطاء السلميين منها بمعالجة المشكلة الحقيقية المتمثلة في عنف الإرهاب”.