في احتجاج سلمي يطالبون فيه بالافراج عن أفراد الأسرة المحتجزين منذ سنوات بدون تهمة، تم اعتقال 19 رجلا على أيدي المكتب السعودي للتحقيق والادعاء العام.
(منظمة هيومن رايتس ووتش/ آيفكس) – 26 أكتوبر/تشرين الأول 2012 – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات السعودية وقف استخدام المحاكم في مقاضاة ومعاقبة الأفراد بسبب التظاهر السلمي.
في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2012 اتهمت هيئة التحقيق والادعاء السعودية 19 رجلاً بـ “التحريض على الفوضى والفتنة” و”التجمع غير القانوني” بعد أن شاركوا في مظاهرة سلمية في 23 سبتمبر/أيلول أمام سجن الطرفية في القصيم وسط السعودية. كانوا يطالبون بالإفراج عن أقارب لهم، وبعضهم محتجزين منذ سنوات دون اتهامات. حكمت محكمة جنائية في 18 أكتوبر/تشرين الأول على 15 رجلاً بالحبس لمدد تتراوح بين 3 و15 يوماً، بالإضافة إلى عقوبات مع إيقاف التنفيذ، بين 50 و90 جلدة وأحكام بالحبس من شهرين إلى خمسة شهور مع إيقاف التنفيذ أيضاً. من المقرر عقد محاكمة الأربعة المتبقين في 4 نوفمبر/تشرين الثاني.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “بدلاً من التصدي للمشاكل التي أعرب عنها المتظاهرون، استخدمت الحكومة السعودية نظامها القضائي في عقابهم. تعتبر هذه العقوبات المُنزلة بهم جزءاً من جهد أوسع لاستهداف ومضايقة النشطاء في كافة أنحاء المملكة”.
لم تزعم السلطات أن المتظاهرين دعوا إلى العنف أو تورطوا فيه. قال شهود شاركوا في المظاهرة لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن منعت حصول المتظاهرين على الطعام والمياه. فحصت هيومن رايتس ووتش مقطع فيديو يقول المتظاهرون إنه لواقعة 23 سبتمبر/أيلول ويظهر فيه رجال الشرطة يضربون المتظاهرين.
قامت وزارة الداخلية بحظر المظاهرات في 5 مارس/آذار 2011. وفي بيان بتاريخ 12 أكتوبر/تشرين الأول حذرت الوزارة وأعلنت ضرورة الامتناع عن تنظيم مسيرات أوالمشاركة في أي تجمع أو مسيرة في مخالفة للقانون، وذكرت أنه سيتم التعامل بصرامة مع الموقوفين.
دأبت السلطات السعودية على مداهمة نشطاء حقوق الإنسان بسبب تنظيمهم مظاهرات سلمية في مختلف أنحاء المملكة، بما في ذلك الرياض. في أبريل/نيسان حكمت محكمة جنائية متخصصة على محمد البجادي – من مؤسسي جمعية الحقوق المدنية والسياسية السعودية – بالسجن 4 أعوام بتهمة “التحريض على المظاهرات” و”الحديث إلى قنوات إعلامية أجنبية”. حاولت الجمعية التسجيل كجمعية مستقلة دون أن يحالفها النجاح.
منعت المحكمة البجادي من تعيين محام يختاره وحرمت المراقبين من حضور محاكمته. هناك عدد من المؤسسين الآخرين للجمعية، منهم محمد فهد القحطاني وعبد الله الحامد، يُحاكمون أمام محكمة جنائية متخصصة باتهامات منها “الإضرار بسمعة المملكة”، وكما في قضية الحامد بتهمة “التحريض على الفتنة عبر صياغة ونشر بيان يدعو إلى مظاهرات”.
كما يُحاكم فاضل مكي المناسف العضو المؤسس لمركز العدالة لحقوق الإنسان، أمام محكمة جنائية متخصصة بموجب اتهامات “سحب الولاء للحاكم” و”تقويض النظام العام بالمشاركة في مسيرات”. وهو محتجز منذ 2 أكتوبر/تشرين الأول 2011، يوم أن قبضت عليه قوات الأمن بعد أن حاول الحديث إلى الشرطة بمدينة القطيف بالمنطقة الشرقية بشأن احتجاز اثنين من كبار السن أولادهما مطلوبين بسبب المشاركة في مسيرات.
دعت هيومن رايتس ووتش المملكة العربية السعودية إلى إلغاء المحكمة الجنائية المتخصصة، التي تم تشكيلها في عام 2008 للفصل في قضايا الإرهاب لكن تستخدمها السلطات بشكل متزايد في ملاحقة المعارضين السلميين بناء على اتهامات سياسية الدوافع في عمليات تقاضي تخرق حقهم في المحاكمة العادلة. لا يوجد في السعودية قانون جنائي مكتوب، مما يعني أن القضاة يجرمون ما يرون من أعمال مستحقة للتجريم بناء على تفسيرهم للشريعة الإسلامية.
إن عدم وجود قانون جنائي واضح ومستقر يخرق المبادئ الدولية لحقوق الإنسان التي تحظر التوقيف التعسفي وتضمن المحاكمات العادلة. ورد في المادة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أنه: “لا يدان أي شخص من جراء أداة عمل أو الامتناع عن أداة عمل إلا إذا كان ذلك يعتبر جرماً وفقاً للقانون الوطني أو الدولي وقت الارتكاب”. كما أن معايير حقوق الإنسان الدولية، وتشمل الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي صدقت عليه السعودية، تكفل الحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات.
وقال جو ستورك: “تحتجز السعودية وتعاقب أفراداً لم يفعلوا ما هو أكثر من التعبير عن مظالم وشكاوى مشروعة بشكل سلمي”. وأضاف: “ينبغي على الحكومة السعودية أن تكف عن استخدام نظام القضاء في معاقبة المعارضين السلميين، وأن تقر بأن التجمع السلمي ليس جريمة”.