(آيفكس/مركز البحرين لحقوق الإنسان) – تعرب جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان ومركز البحرين لحقوق الانسان عن قلقهما لاستمرار السلطات البحرينية في محاولاتها لانتهاك حق الناس في الوصول إلى المعلومات، وخصوصا المعلومات والاخبار ذات التأثير المباشر على الحقوق الاساسية للمواطنين. وقد تمثل الامر هذه المرة في قرار النيابة العامة بمنع النشر والتداول لكافة الأخبار والتعليقات والتفاصيل […]
(آيفكس/مركز البحرين لحقوق الإنسان) – تعرب جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان ومركز البحرين لحقوق الانسان عن قلقهما لاستمرار السلطات البحرينية في محاولاتها لانتهاك حق الناس في الوصول إلى المعلومات، وخصوصا المعلومات والاخبار ذات التأثير المباشر على الحقوق الاساسية للمواطنين. وقد تمثل الامر هذه المرة في قرار النيابة العامة بمنع النشر والتداول لكافة الأخبار والتعليقات والتفاصيل المتعلقة بالقضية المتهم فيها وزير الدولة منصور بن رجب والتي تتعلق بغسيل أموال. ويأتي ذلك الحجب بعد الطلب الذي تقدم به محامي الدفاع للنيابة العامة لاستدعاء أحد أفراد الأسرة الحاكمة للشهادة في القضية.
في قضية شغلت الرأي العام المحلي والخارجي تم إلقاء القبض على وزير الدولة -منصور بن رجب- يوم الخميس الموافق 18 مارس، ومن ثم الإفراج عنه بضمان محل إقامته بعد التحقيق معه بتهمة القيام بعمليات غسيل أموال في الداخل والخارج، كما جاء على لسان الوكيل المساعد للشئون القانونية بوزارة الداخلية العميد محمد راشد بوحمود. ومنذ اللحظة الأولى سارعت العديد من الصحف ووكالات الإنباء المحلية والخليجية والدولية إلى نشر أنباء ومعلومات كانت قد استقتها من مصادر بحرينية رفضت ذكر إسمها مفادها بأن الأموال محل الدعوة هي أموال تابعة للحرس الثوري الإيراني ومحصلة من عمليات تهريب الأفيون كما ذكرت نفس تلك المصادر بأن تلك الأموال ترتبط بحزب الله في لبنان. بل ذهبت بعض الأنباء لا سيما في الصحف القريبة من السلطة للإشارة إلى حيازة الوزير صورًا لمواقع عسكرية كان ينوي تسليمها لإيران. وبتتبع مصادر المعلومات والجهات التي بادرت بنشره والترويج لها يتبين بأن المعلومات التي ربطت الوزير المقال وإيران كانت مفبركة ومسربة من إدارة الإعلام الخارجي التابعة لوزارة الإعلاموالفريق الإعلامي التابع للديوان الملكي وجهاز الأمن الوطني. وتتبع إدارة الإعلام الخارجي التي تصدرت الحملة ضد وزير الدولة إلى وزارة الثقافة والإعلام شكليًا، في حين أنها تعمل كجزء من جهاز الأمن الوطني، وكان يرأسها سابقًا رئيس جهاز الأمن الوطني الحالي الشيخ خليفة بن عبد الله آل خليفة أما الآن فيرأسها الشيخ عبد الله بن أحمد نائب رئيس الجهاز سابقًا.
إن طريقة صياغة الاخبار المتعلقة بتلك القضية واساليب نشرها يعكس توجه جهة في السلطة الى اعطاء القضية بعد طائفي وذلك بالربط بين الوزير المتهم الذي ينتمي للطائفة الشيعية وبين ايران. وفي الوقت الذي تم التعامل فيه بسرية تامة مع جميع الأفراد الذين وردت أسماؤهم في القضية والاكتفاء بالإشارة إليهم من خلال أحرف أسماءهم الأولى فقط -مثل خالد ربيعة الذي كان يشار إليه بالحرفين خ. ر – كان أسم الوزير ينشر كاملاً .
وفي حين أن النيابة العامة لم تؤكد علاقة الوزير بن رجب بإيران أو حزب الله إلا أنها لم تنفه أيضًا بل لزمت الصمت وأبقته غامضا، الأمر الذي أوحى للرأي العام المحلي والدولي بصحة هذه الإدعاءات دون ان يكون ذلك ضمن ملف القضية وفقا للدفاع. وفي نفس الوقت الذي قامت فيه النيابة بمنع المتهم وهيئة الدفاع من تفنيد تلك الإدعاءات للرأي العام أو نشر التعليقات والأخبار في الصحف، أعطت لنفسها الحق في إصدار البيانات ونشرها. وقد اصدرت النيابة العامة قرار منع تداول المعلومات في القضية بعد أن تقدمت هيئة الدفاع عن الوزير المقال بطلب استدعاء وزير الأمن الوطني الشيخ خليفة بن عبد الله آل خليفة كشاهدافي القضية. وعادة ما تمنع السلطات البحرينية النشر في القضايا التي يمكن أن تسبب لها إحراج أو إرباك شعبي، مستغلة عدم استقلال القضاء البحريني. فمثلا في أكتوبر 2006 أصدرت المحكمة الجنائية الكبرى قرارًا بمنع النشر في فضيحة كانت قد هزت البلاد في ذلك الحين وسميت بفضيحة البندرنسبة إلى مطلقها وهو مستشار الحكومة السابق الدكتور صلاح البندر، وظل المنع ساريًا حتى اليوم دون أسباب منطقية تذكر.
وعلى الرغم من أن القضية قد بدأت باتهامات تتعلق بقيام الوزير بغسيل أموال المخدرات التابعة للحرس الثوري الإيراني وحزب الله، وحيازة صور لمناطق عسكرية من أجل تسليمها لإيران، إلا أن ذلك قد تغير الآن. حيث بدأت مجريات القضية تميل إلى ادعاءات أخرى مرتبطة بعمليات فساد، وتلقي رشاوىوعمولات واستغلال الوزير المعزول لوظيفته، وهي تهمة تختلف تمامًا عن الأولى من حيث الشكل والمضمون. لكن هذا التحول والتغيير في القضية ظل متداول محليا فقط ولم ينعكس إعلاميًا على الصعيد الدولي، بل عمدت السلطة إلى التعتيم على المستجدات. وتحاول السلطات البحرينية منذ سنوات كسب ود بعض القوى الغربية وإسرائيل التي لها علاقات سلبية مع إيران بإثارة ارتباط التحركات الشعبية الشيعية في البحرين بإيران. وتسعى الحكومة البحرينية دائما إلى التشكيك في ولاء المواطنين الشيعة على الرغم من أن هذه الاتهامات ليس له ما يثبتها على أرض الواقع، إلا أنها المرة الأولى التي يصل فيها الامر الى اتهام شخصية شيعية تعد الأكثر قربًا من الملك واسرته.
تدني مستوى البحرين في مؤشرات الفساد
ولم تعتد البحرين على مساءلة أو محاكمة أي من وزراءها أو مسئوليها من المتنفذين الأمر الذي أدى إلى تدني تصنيفها في مؤشرات الفساد الدولية. خصوصا مع تورط بعض كبار المسئولين بعمليات فساد واسعة، ونهب للأراضي والأموال العامة وإفلاتهم من العقاب، لكونهم أفرادًا من الأسرة الحاكمة أو أولئك المقربين منها. ومن أهم القضايا التي برزت في الأشهر الأخيرة تلك المرتبطة بشركة ألبا والتي ورد فيها ذكر الشيخ عيسى بن علي آل خليفة -مستشار رئيس الوزراء- والمتهم فيها بتلقي رشاوى تقدر بملياري دولار –المبلغ الذي يعادل ميزانية الدولة لعام كامل- على مدى سنوات. وعلى الرغم من أن حجم قضية فساد ألبا يفوق حجم قضية الوزير منصور بن رجب إلا أن الشيخ عيسى آل خليفة لا زال يحتفظ بمنصبه في الحكومة كوزير حتى هذه اللحظة ولم تتم محاسبته أو تقديمه للمحاكمة على خلاف ما حصل للوزير المقال منصور بن رجب. وقد كشف مجلس النواب مؤخرا عن إحدى أكبر عملية فساد ونهب للأراضي في تاريخ البحرين بما قيمته حوالي 40 مليار دولار. ولكن لم تبادر أية مؤسسة حكومية أو نيابية أو قضائية للحديث عن أية ملاحقة قضائية في تلك القضايا، وخصوصا لان المتورط الاساسي فيه هو الديوان الملكي والمستفيدين الاساسيين هم مسؤولين كبار من الاسرة الحاكمة . لذا يبدو أن استهداف العناصر الأضعف من بين المشتبه بهم بالفساد هو استهداف للحلقة الأضعف من سلسلة الفساد التي تستنزف أراضي وأموال العامة، وذلك بغرض إقناع الرأي العام بجدية السلطات في محاربة الفساد وللتمويه وحرف الأنظار عن عمليات الفساد الكبرى.
التوصيات
وبناءًا على ما سبق، فان مركز البحرين لحقوق الانسان وجمعية البحرين لشباب حقوق الإنسان في الوقت الذي ترحبان فيه بأية خطوة باتجاه القضاء على الفساد ومحاربة غسيل الأموال غير المشروعة وخصوصا في أوساط المسئولين والمتنفيدين في الدولة، بما في ذلك التحقيق الجاري الآن في قضية الوزير المقال منصور بن رجب، فإنهما في الوقت نفسه تطالبان:
• برفع الحظر حالاً عن تناول الأخبار الخاصة بمجريات قضية الوزير المقال باعتبارها قضية رأي عام تهم كل مواطن، والتوقف عن انتهاك حقوق الناس في الحصول على المعلومات والأخبار المتعلقة بحقوقهم الاساسية. حيث تنص الفقرة الثانية من المادة التاسعة عشر من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن “لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”
• ضمان نزاهة واستقلالية النيابة العامة والقضاء، ورفع الحظر عن الوزير المتهم وفريق المحاميين التابع له وعدم انتهاك حقهم في الدفاع عن أنفسهم، والتعبير عن أرائهم وسائل الاعلام. وتنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة عشر من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على انه ” من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم قانونا”
• التوقف عن التعامل بمعايير مزدوجة مع قضايا الفساد، بل على السلطة إثبات الجدية والمصداقية في الحملة على الفساد من خلال ملاحقة كبار المسؤولين المتورطين في نهب الاراضي العامة، الذي كشف عنه تقرير مجلس النواب الأخير، والمسؤولين المتورطين في قضايا عمولات تصل للعشرات من مليارات الدولارات. وإن أي تجاهل لهذه القضايا يخل من مصداقية السلطة في أي حملة تشنها ضد الفساد، بل يبعث برسالة واضحة بأن السلطة تستهدف الحلقات الأضعف من مسئوليها كقرابين كلما تعرضت لانتقاد أو اتهام بالفساد.
• ان تتكثف جهود مؤسسات المجتمع المدني والشخصيات ووسائل الاعلام في الدفاع عن مصالح وحقوق الناس فيما يتعلق بكشف جرائم الفساد وملاحقة المتورطين فيها وان كانوا من كبار المسؤولين. وان التواني عن ذلك أو اخفاء اية معلومات تتعلق بجرائم النهب والفساد تحت اي مسوغ كان هو شراكة مباشرة في تلك الجرائم.