قبل ستة سنوات، قُتِل 57 شخصا، من بينهم 32 صحفيا وإعلاميا في الفلبين، يواصل أعضاء آيفكس الدعوة إلى العدالة.
(ملاحظة: جميع الروابط باللغة الانجليزية)
يصادف 23 تشرين الثاني مرور 6 سنوات على وقوع مذبحة امباتوان عام 2009، والتي أسفرت عن مقتل 57 شخصا، من بينهم 32 صحفيا وإعلاميا. وهو الحادث الأكثر دموية في تاريخ وسائل الإعلام الفلبينية وفقاً لمركز حرية الإعلام والمسؤولية في مانيلا.
وقع هذا الهجوم المروع – الذي يشار إليه أيضاً باسم مذبحة ماجويندانا – قبل انتخابات مجالس المحافظات في بلدة امباتوان في الاقليم الجنوبي ماجوينداناو، بجزيرة مينداناو. وكان الصحفيون مسافرون مع قافلة من أقارب وأنصار نائب رئيس البلدية اسماعيل مانجوداداتو، في طريقهم لتقديم أوراق ترشحه لمنصب الحاكم. حيث تم اعتراض القافلة من قبل أكثر من 100 مسلح عند نقطة تفتيش للشرطة، وقاموا باحتجاز أكثر من 50 شخصاً، من بينهم زوجة وشقيقة المرشح وعدد من الصحفيين كرهائن. وتم ذبحهم ودفنهم بسرعة في مقابر جماعية. وزعم أنه تم تنفيذ عمليات القتل لمنع مانجوداداتو من تحدي سيطرة الأسرة الحاكمة المحلية للمحافظة.
إن الحجم الهائل والرعب للحادث صدم المجتمع الدولي. وبعد أسبوع من الحادث، طالبت 52 منظمة من أعضاء آيفكس الفلبين بمواجهة ثقافة الإفلات من العقاب في البلاد- وهي الثقافة التي أصبحت أسوأ في ظل نظام الرئيس ارويو. حيث جاء في البيان المشترك الذي صدر في كانون الأول 2009 بقيادة مركز حرية الإعلام والمسؤولية والتحالف الإقليمي لصحافة جنوب شرق آسيا في بانكوك: “في ظل بيئة يمر فيها العنف والجريمة دون عقاب وتتفاقم فيها مشكلة الإفلات من العقب، تكون النتائج مثل هذه المآسي”.
بعد بضعة أيام، طالب تحالف من منظمات إعلامية بالعدالة السريعة وأوجز بعض العناصر اللازمة لضمان عدم مرور القضية دون عقاب – من بينها تشكيل لجنة من خارج الحكومة للتحقيق في الجريمة وتشكيل محكمة خاصة للنظر في القضية وضمان الحماية الكاملة للشهود.
في شهر شباط من عام 2010، اتهم ما يقارب 200 شخصاً بتورطهم بالقتل. ووجه الاتهام بشكل كبير إلى السياسي المحلي القوي وزعيم العشيرة السياسي اندال امباتوان الأب والآخرين بالتآمر لنصب كمين وقتل أفراد من عائلة مانجوداداتو المنافسة لهم ومؤيديها.
على الرغم من هذه الخطوة الأولى المشجعة إلا أن سرعان ما غرقت القضية من قبل التأجيل والاقتراحات المقدمة المختلفة من قبل محامي المتهمين. واعربت عن الشكوك حول وجود التدخل السياسي عندما تم إسقاط التهم ضد بعض المتهمين أو المشتبه بهم بعد أشهر كبيرة من لوائح اتهام. وطُرح تساؤل ما إذا كان يتم إخفاء المعلومات الحيوية عن الجمهور بعد تعرّض الصحفيين لتحديات خلال تغطية وقائع المحاكمة. على مر السنين، تعرض شهود المذبحة وأسرهم للهجوم أو عُرِضت مبالغ كبيرة من المال عليهم لتغيير شهادتهم. كما تم قتل سبعة أشخاص – أربعة شهود وثلاثة من أقارب ضحايا المذبحة. وتم تغيير مكان المحاكمة وأعضاء النيابة العامة الذين يعملون على القضية بسبب مواجهتهم للتهديدات بانتظام. ويخصص مركز حرية الإعلام والمسؤولية قسم خاص على موقعه الإلكتروني “مراقبة محاكمة امباتوان” لتزويد الجمهور باخر المستجدات حول محاكمة امباتوان الجارية والمتهمين الآخرين.
ابقاء القضية تحت الضوء
على الرغم من الانتكاسات المستمرة ووتيرة الاجراءات “الجليدية”، واصل أعضاء آيفكس الدفاع عن العدالة في هذه القضية، ودعم جهود زملائهم في الفلبين، وإجراء بعثات لتقصي الحقائق والاجتماع مع المسؤولين في الحكومة بنينو أكينو الثالث التي وصلت إلى السلطة في عام 2010 بعد التعهد بتحقيق العدالة للضحايا في حملته الرئاسية. حيث صرّح أعضاء آيفكس بإن ثقافة الإفلات من العقاب المتأصلة لا تؤدي فقط إلى عدم تحقيق العدالة لضحايا هذه القضية، بل أنها تقوم أيضاً بإخراس وسائل الإعلام وتشجّع الرقابة الذاتية عن طريق زرع الخوف في المجتمع الفلبيني.
تم تنظيم فعاليات خاصة مثل 15 شهراً أو 1000 يوماً بعد المجزرة كإجلال للضحايا. وتم اطلاق حملة المليون شمعة في عام 2014 لإحياء الذكرى الخامسة للمذبحة. وفي العام نفسه، انضم الاتحاد الدولي للصحفيين إلى عضوه الاتحاد الوطني للصحفيين في الفلبين في بعثة التضامن الدولي إلى الفلبين. حيث عرض تقرير خاص بعنوان “مجزرة امباتوان: بعد خمس سنوات” نتائج البعثة وتضمن عددا من التوصيات الرئيسية لحكومة أكينو.
أصبح 23 تشرين الثاني يوما خاصا في تقويم آيفكس – حيث يمثل فرصة لتكريم ذكرى الذين قتلوا، وللدعوة إلى العدالة وللقول بجرأة “لا نريد مرة أخرى”. إن الاحتفالات بهذه الذكرى المؤسفة أدت إلى ولادة حملة شبكة آيفكس ضد الإفلات من العقاب، مع التركيز ليس فقط على الفلبين ولكن على كل مكان يفلت فيه مرتكبو الجرائم ضد الصحفيين من العقاب.
بعد ست سنوات – تأخير العدالة يعني الحرمان من العدالة
بعد ست سنوات من الاغتيال، لا تزال العدالة بعيدة المنال، حيث لم يتم إدانة أي مشتبه به. فوقفاُ لتقرير لجنة حماية الصحفيين، فإن الرئيس أكينو ذكر فقط إشارة عابرة عن المجزرة خلال خطابه النهائي للأمة بتاريخ 27 تموز عام 2015. ولم يكشف عن تفاصيل أي خطط للعمل على هذه القضية، على الرغم من تعهده بتحقيق العدالة قبل انتهاء فترة ولايته في عام 2016. وعلى الرغم من وصول مختلف البعثات إلى البلاد والتوصيات المقدمة لحكومة أكينو، لم يتلقى الاتحاد الدولي للصحفيين أي اتصال من الرئيس.
في بعض الأحيان، تحدث خطوات نحو الأمام في القضية – على سبيل المثال، قبل بضعة أيام فقط وبتاريخ 17 تشرين الثاني، اعتقلت السلطات مشتبها به. وفي الوقت نفسه، لم يحضر بطريرك عشيرة امباتوان وهو احد المتهمين الرئيسيين إلى المحاكمة. اندال امباتوان الأب الذي توجّه له أصابع الاتهام بأنه قاد تخطيط وتنفيذ المذبحة توفي بسبب فشل الكبد في مستشفى بمدينة كويزون بتاريخ 17 تموز.
لضمان تحقيق العدالة بسرعة عند وقوع هجمات في المستقبل، يواصل مركز حرية الإعلام والمسؤولية مناصرته من أجل عمل فريق للرد السريع يتألف من المجتمع المدني وممثلي وسائل الإعلام الذين يمكنهم تقصي الحقائق والإبلاغ الفوري لمتابعة حوادث القتل. كما يستمر المركز أيضا بالضغط على حكومة أكينو لمتابعة التزاماتها في العثور على العدالة للضحايا قبل نهاية ولايته.
لدى الاتحاد الدولي للصحفيين أيضا عدد من التوصيات الملموسة، ويستمر بالضغط لتنفيذها كجزء من حملة إنهاء الإفلات من العقاب والتي تنبع من مهمة التضامن الدولية الخاصة التي أجريت في عام 2014. يقوم الاتحاد الدلي للصحفيين بتاريخ 23 تشرين الثاني 2015 بتقديم نتائج وتوصيات المهمة لسفارة الفلبين في بروكسل مع التركيز على حماية الشهود، وإنهاء الفساد القضائي وغيرها من التدابير لضمان العدالة وعدم المماطلة إلى أجل غير مسمى.
صحفيين فلبينيين يضيئون الشموع لإحياء الذكرى السنوية الثانية من “مذبحة ماجوينداناو” في مجمع نادي الصحافة الوطني في مانيلا 23 نوفمبر 2011. واتهمت عشيرة سياسية قوية في امباتوان بتدبير مقتل 57 شخصا، من بينهم أكثر من 30 صحفيا، في ماجوينداناو جنوب الفلبين يوم 23 نوفمبر 2009REUTERS/Erik De Castro