منظمات حقوق الإنسان الليبية والعربية تعبرعن قلقها إزاء قانون الحق في حرية التجمع الجديد في ليبيا و بعض جوانبه الذي تفشل في دعم المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
(مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان/ايفكس) – 3 دسمبر 2012 – تعرب المنظمات التالية، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومحامون من أجل العدالة في ليبيا ومؤسسة ليبيا الجديدة ومؤسسة رشاد وجمعية يجرتن للثقافة والتنمية الأمازيغية ومنظمة قفزة ومنتدى شباب الكفرة، عن عميق قلقها بشأن القانون رقم 65 لسنة 2012، الذي أصدره مؤخرًا المؤتمر الوطني العام في ليبيا بغية تنظيم حق التظاهر السلمي. ونحن إذ نقر بالعناصر الإيجابية التي اشتمل عليها القانون، فإن قلقنا لا يزال قائمًا لأن الكثير من جوانب هذا القانون لا تدعم معايير حقوق الإنسان الدولية.
نحن نعتقد أن تقييد حق المواطنين الليبيين في التجمع، وفرض قيود لا مبرر لها على هذا الحق يعارض أهداف وتطلعات الشعب الليبي. ونعتقد أيضًا أن تعديل هذا القانون لكي يتطابق مع معايير حقوق الإنسان من شأنه أن ينشر السلام والأمن في ربوع ليبيا. ونحن كمنظمات وناشطين في حقوق الإنسان من ليبيا والعالم العربي نُهيب بالحكومة الليبية القائمة بأن تُنقح أحكام القانون التي تجرم –أو تحد دونما ضرورة– قدرة المواطنين على التعبير عن أنفسهم عن طريق التجمع سواء أكان هذا التجمع تلقائيًا أم منظمًا.
إننا نرحب بإقرار القانون أن التظاهر السلمي هو أحد حقوق الإنسان الأساسية طبقًا لما نص عليه الإعلان الدستوري الليبي والقانون الدولي. وكما تشير المادة الثانية من القانون بوضوح بأن حق التجمع السلمي والحاجة إلى الحفاظ على الأمن والنظام ليسا متعارضين، بل نؤكد إنهما عنصران يكملان بعضهما بعضًا في جميع المجتمعات الحرة والديمقراطية. بيد أن ثَمة عددًا من أحكام القانون تناقض تلك التأكيدات المبدئية.
المادتان الثانية والثالثة
يشوب المادتان الثانية والثالثة الغموض في لغتهما حيث منعتا التجمعات التي تؤدي إلى عرقلة سير المرافق العامة، مثل الطرق ومؤسسات الحكومة، وهو ما لا يمكن اتخاذه ذريعة من أجل تقييد التجمعات، حيث يقع على عاتق الحكومة مسئولية توفير مسارات بديلة لحركة المرور وكذلك توفير السلامة العامة مع ضمان الحق الأساسي في التجمع. إن المنظمات الموقعة على هذا البيان تُشدد على الإقرار بأن استخدام التجمعات للمناطق العامة لا يقل من حيث المشروعية عن أي استخدام عام آخر.
المادة الرابعة
إن اشتراط المادة الرابعة من القانون أن تكون لجنة من المنظمين مسئولة عن الحفاظ على النظام أثناء المظاهرة يعتبر اشتراطًا يخالف المعايير الدولية، فطبقًا لتقرير المقرر الخاص لدى الأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وإنشاء الجمعيات (التقرير A/HRC/20/27)، فإن الدولة –في حالة التجمع– هي من تتحمل المسئولية الأولى عن الحفاظ على النظام العام وتوفير السلامة للمتظاهرين وغيرهم على السواء وذلك بحسب ما أشارت إليه ضمنًا المادة السادسة فقرة (ب) من القانون. ولقد أشار المقرر الخاص في هذا التقرير إلى أن الممارسة المثلى في هذا المجال تسمح لمنظمي المظاهرة بتعيين ممثلين للمساعدة في تنظيم التجمع، على سبيل المثال بإبلاغ المشاركين وتوجيههم وعلى الرغم من ذلك فإن التقرير يؤكد أيضًا أنه يجب عدم جعل المنظمين أو المشاركين مسئولين عما يقوم به آخرون من أعمال، ولا أن يكون المنظمون أيضًا مسئولون عن الحفاظ على النظام العام أثناء المظاهرات، ذلك لأن الحكومة ملتزمة بالحفاظ على حقوق مواطنيها وتوفير الأمان لهم في الوقت ذاته.
المادتان الخامسة والسادسة
تُلزم المادة الخامسة من القانون المنظمين بإخطار السلطات بأي تجمع بمدة 48 ساعة مقدمًا. ونحن نقر بأن القانون ينص على مدة إخطار أفضل إذا ما قورنت بقوانين بعض الدول ونهنئ الحكومة الليبية على اختيارها نظام خاص بالإخطار بدلاً من نظام يقضي بالحصول على ترخيص مسبق لعمل التجمعات. ورغم ذلك فإن المادة السادسة الفقرة (أ) من القانون تخول للسلطات صلاحيات غير محدودة في أن تغير –بشكل تعسفي– زمان التجمع ومكانه. كان من الواجب على القانون توضيح أن أي تعديل على زمان التجمع أو مكانه يجب أن يكون للضرورة، ما يعني أنه يجب على السلطات الالتزام بتطبيق أقل أساليب التقييد الممكنة للوصول إلى أهدافها المشروعة، كما ينبغي عليها ألا تفرض شروطًا إلا إذا كانت تلك الشروط للضرورة مطلقة. كذا يجب على السلطات مراعاة أن تكون المظاهرة في حدود “مرأى ومبلغ صوت” جمهور المتظاهرين المستهدف في أي تعديلات قد يتطلبها الأمر، ذلك لأن الزمان والمكان عناصر هامة تؤثر على فاعلية تلك التجمعات. وإضافة إلى ما تقدم فإن القانون يتخذ من “تعطيل مصالح الدولة” مبررًا –من بين مجموعة مبررات– لتغيير زمان ومكان المظاهرة، ويجعلنا غموض ذلك النص، غير المبرر، نتجه إلى أنه يهدف لفرض المزيد من القيود.
لم يستثن القانون التجمعات التي تنطوي على عدد محدود من المشاركين أو لا تؤدي إلى أي تعطيل للآخرين من شرط الإخطار. وبالمثل فإن الاستثناءات يجب أن تكون متناسبة مع المظاهرات التلقائية وعلى السلطات حماية تلك المظاهرات وتيسير حدوثها أينما حدثت ما دامت سلمية من حيث الطبيعة.