المقتطف: كانون الثاني/ يناير في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: تقرير عن أهم الأخبار المتعلقة بحرية التعبير، من تقارير الأعضاء في آيفكس.
تُرجمت هذه المقال عن هذه النسخة الانجليزية الأصلية
السجون الباردة والتعقيدات القانونية في مصر
لفتت وفاة الناشط الأمريكي – المصري٫ مصطفى قاسم في السجن الشهر الماضي إلى الحالة المزرية لنظام السجون المصرية والأهوال التي ما زال ينزلها على المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان. كان قاسم يقضي عقوبة بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً لمشاركته في اعتصام رابعة عام 2013، وكان قد أعلن إضرابه عن الطعام، وهو المريض بالسكري، في الأيام التي سبقت وفاته للاحتجاج على الظروف اللاإنسانية في السجن.
لم يكن قاسم الوحيد، فقد توفي العديد من السجناء في الشهر الماضي بسبب الإهمال الطبي، مما دفع السجناء إلى إضرابٍ مفتوحٍ عن الطعام في العديد من السجون سيئة السمعة وقاد المجموعات المدافعة عن الحقوق إلى المطالبة بإجراء عمليات تفتيش على السجون من قبل هيئات دولية. ووفقاً لمركز الخليج لحقوق الإنسان فقد توفي حوالي 917 سجيناً بين عامي 2013 و 2019، 677 منهم بسبب الإهمال الطبي، و 136 تحت التعذيب.
ما يزال المئات من المعتقلين في مرمى الخطر نتيجة تعرضهم للتعذيب والإهمال الطبي وسوء التغذية، واضطرار العديد منهم للنوم على الأرض الباردة طوال فصل الشتاء بعد أن حُرموا من الملابس الدافئة٫ والبطانيات، والفرشات. أطلقت حملة إعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي تحت وسم (#برد_الزنازين) لتسليط الضوء على الوضع.
فيما يزداد فصل الشتاء برداً، يغرد المناصرون حول #برد_الزنازين لجذب الانتباه إلى أوضاع السجون في مصر وخاصة في سجن طرة (العقرب) حيث لا يملك العديدون فرشات أو ملابس شتوية أو وسائل لتسخين المياه.
من الممارسات القانونية الأخرى المستخدمة من قبل النيابة العامة المصرية للجم المعارضة السلمية تتضمن القضية رقم 488، والتي تم فيها جمع العديد من المعارضين وتوجيه تهمة جماعية لهم “بالتعاون مع منظمة إرهابية لتحقيق أهدافها”، و”نشر أخبار كاذبة” و “استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الشائعات الكاذبة”. بدأت هذه الحملة في شباط/ فبراير 2019، ووصفتها الجماعات المدافعة عن الحقوق في مصر بأنها “شبكة مستمرة في الاتساع٫ تستهدف أي شخص ينتقد الحكومة المصرية، بما في ذلك الباحثين٫ والسياسيين٫ والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين٫ والمحامين٫ والنشطاء على وسائل الإعلام الاجتماعي.”
وسائل الإعلام في مرمى النار
بعد اقتحام مكاتب “مدى مصر” للإعلام المستقل في تشرين الثاني/ نوفمبر، استمرت السلطات بالضغط على المؤسسات الإعلامية في مصر. حيث داهمت قوات الأمن مكاتب وكالة الأناضول التركية للأنباء في القاهرة، وألقت القبض على أربعة من العاملين على الأقل ووجهت لهم تهمة نشر أخبار كاذبة والتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين المحظورة من أجل “تشويه صورة مصر”.
ليس اتهام الصحفيين والمؤسسات الإعلامية بالعمل مع الجماعات المحظورة التي تعتبرها الدولة “كيانات إرهابية” أمراً جديداً، ولكن بدأ البرلمان المصري مؤخراً بالعمل على تشريع هذه الممارسة عبر القانون. حيث شملت تعديلات قانون الإرهاب تنظيم قائمة الجمعيات والمنظمات المسماة على أنها داعمة للإرهاب والتي توسعت لتشمل: قنوات تلفزيونية، ووسائل الإعلام المطبوعة، ومحطات الإذاعة، ووسائط الإعلام الاجتماعية داخل البلد وخارجه على حد سواء.
العراق: استهداف المتظاهرين والصحفيين
في تحدٍ للعنف المتصاعد في العراق، احتدمت الاحتجاجات التي طالب فيها المتظاهرون المناهضون للحكومة بالانقلاب على الطبقة السياسية الحاكمة. بعد استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في تشرين الثاني/ نوفمبر، رفض المحتجون خلفه محمد توفيق علاوي، واصفينه بأنه “لعبة بيد النخبة السياسية” على الرغم من مناشدته لهم بتقديم الدعم له عبر فيديو على تويتر .
منذ انطلاقتها في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، أسفرت الاحتجاجات المستمرة عما لا يقل عن 650 حالة وفاة وأكثر من 20 ألف إصابة، حيث قامت قوات الأمن٫ والميليشيات٫ ومسلحين مجهولي الهوية باستهداف المتظاهرين السلميين، بما في ذلك الطلبة المدافعين عن حقوق الإنسان، وكذلك النساء والأطفال في الخطوط الأمامية وفقا لما أورده مركز الخليج لحقوق الإنسان. في الشهر الماضي، تم توثيق استخدام قوات الأمن للذخيرة الحية وحرق خيام المحتجين في ساحات المدينة، في محاولة لطرد المتظاهرين من الأماكن العامة.
الكثير من الصمود في مدينة الناصرية في جنوب #العراق. المتظاهرون المناهضون للحكومة يجتمعون في الشوارع ويعيدون بناء خيامهم بعد حملة عنيفة من قبل الجماعات المسلحة التي أحرقت خيامهم وأطلقت الرصاص الحي لتفريق الحشود الليلة الماضية. #IraqProtests
لم يسلم الصحفيون ووسائل الإعلام من العنف، حيث قام مسلحون مجهولون باغتيال الصحفيين أحمد عبد الصمد وزميله صفاء غالي في تلفزيون دجلة٫ بينما كانا يغطيان الاحتجاجات في البصرة. وقد تصاعدت دعوات الصحفيين العراقيين والجماعات المدافعة عن الحقوق إلى إجراء تحقيقات إلا أنها لم تلق أي رد فعل رسمي، بل شهدت القناة اقتحام مكاتبها في بغداد من قبل قوات الأمن، وتعليق بثها من عمّان لمدة شهر من قبل السلطات الأردنية.
“أصبحت تغطية الاحتجاجات في العراق، وعلى وجه الخصوص لفت الانتباه إلى الطرق التي تستخدمها قوات الأمن للقمع، تعني تعريض حياتك للخطر” بحسب سابرينا بينوي، رئيسة منظمة مراسلون بلا حدود (RSF)، مكتب في الشرق الأوسط. “ما زال الصحفيون العراقيون يقتلون، ويفلت قاتلوهم من العقاب لأن السلطات لا تجري أية تحقيقات جدية.”
مرة أخرى، تبرز هذه المأساة الأخطار التي يواجهها جميع زملائنا الشجعان في سعيهم نحو الصحافة المستقلة. تواصلنا مع عائلة صفاء، ونرسل لهم تعازينا القلبية في هذا الوقت العصيب.
المئات ينضمون لموكب جنازة الصحفيين اللذين قتلا أثناء تغطية الاحتجاجات #العراق #البصرة
المملكة العربية السعودية: اتهامات بالقرصنة واستغلال الرياضة لتلميع صورة المملكة
طغت حملة قمع شاملة على جهود الإصلاح في المملكة العربية السعودية خلال العام الماضي، بحسب هيومن رايتس ووتش في التقرير العالمي لعام 2020. على الرغم من إزالة القيود عن سفر النساء فوق عمر 21، والتغييرات على نظام وصاية الذكور، والسماح للمرأة بقيادة السيارة، إلا أن هيومان رايتس ووتش أشارت إلى أن العشرات من النشطاء مازالوا في السجون، بما في ذلك أحد أبرز المدافعين عن حقوق النساء، حيث اعتقل عشرون مثقف وكاتب في نيسان/ أبريل وتشرين الثاني/ نوفمبر 2019.
“إنها لمفارقة قاسية بأن المرأة السعودية تتمتع بالحريات الجديدة في حين أن بعض أولئك الذين قاتلوا من أجل هذه الحقوق مازالوا وراء القضبان أو يواجهون محاكمات جائرة بشكل صارخ”، بحسب مايكل بيج، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش.
ومن هؤلاء المعارضين المسجونين محامي حقوق الإنسان وليد أبو الخير وموكله المدون البارز رائف بدوي، فضلاً عن المدافع عن حقوق الإنسان خالد العمير – وجميعهم أعلنوا مؤخراً إضراباً عن الطعام احتجاجاً على سوء المعاملة في السجون، بما في ذلك العزلة التامة في الحبس الانفرادي. وقد نقل وليد أبو الخير إلى المستشفى بعد تدهور صحته، في حين أعلن خالد العمير إضرابه عن الطعام في رسالة مكتوبة على قطعة من القماش تم تسريبها من سجن الحاير المشدد الحراسة حيث يتم احتجازه.
“أنا لست إرهابياً ولم أرتكب أي خطأ، قمت ببساطة بالتعبير عن رأيي بأن بلادنا تحتاج إلى دستور جديد”، كتب العمير الذي يقبع في السجن من دون تهم منذ عام 2018 بعد تقديم شكوى للديوان الملكي السعودي يتهم فيه ضابطاً من مديرية التحقيقات بتعذيبه أثناء فترة سجن سابقة.
أما بدوي فقد اعتقل في حزيران/ يونيو 2012 ثم حكم عليه بالجلد 1000 جلدة و10 سنوات في السجن لانتقاده شخصيات دينية سعودية، وقد مرت خمس سنوات منذ تلقى أول 50 جلدة.
يصادف اليوم خمس سنوات منذ الجلد العلني الوحشي للمدون المسجون رائف بدوي. وبعد خمس سنوات، مازال بدوي في السجن بالإضافة إلى العديد من الكتاب والنشطاء الآخرين. انضموا إلينا في حملة #FreeRaif
اتهمت الجماعات المعنية بالحقوق المملكة بإشاعة مجموعة من الإصلاحات المتعلقة بالحريات والتي لا تعدو كونها قشرة تجميلية لإخفاء انتهاكاتها العديدة لحقوق الإنسان. ومن الأمثلة على ذلك الحفلات الموسيقية والفعاليات الرياضية مثل رالي داكار الذي عقد مؤخراً في السعودية للمرة الأولى. حذرت مراسلون بلا حدود الصحفيين من تغطية الرالي “كي لا يصبحوا مساهمين في منظومة الدعاية للنظام السعودي”، في حين أكد أعضاء آيفكس أن المملكة العربية السعودية تحاول “تلميع صورتها من خلال الرياضة” لتمويه انتهاكاتها لحقوق الإنسان، ودعوا المجتمع إلى رفع الصوت حول سجن المدافعين عن حقوق المرأة.
وفي الوقت نفسه، أفادت التقارير الاعلامية الشهر الماضي أن هاتف الملياردير جيف بيزوس، مالك أمازون وواشنطن بوست استُهدف عمداً من قبل ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان، مما دفع أعضاء آيفكس للدعوة لمزيد من التحقيقات في القرصنة وعلاقتها بمقتل جمال خاشقجي الكاتب في واشنطن بوست . في حين مازالت هناك بعض التساؤلات حول صحة الادعاءات، فإن الباحثين المختصين في التكنولوجيا (ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)) يكشفون تدريجياً الاستخدام المنتظم لبرمجيات التجسس الإسرائيلية من قبل السلطات السعودية لاستهداف منتقدي المملكة، بما في ذلك صحفي في نيويورك تايمز.
موجز
في تونس: عبر أعضاء آيفكس عن حزنهم لوفاة المدونة والناشطة التونسية لينا بن مهني التي توفيت الشهر الماضي بعد صراع طويل مع مرض الذئبة. كانت بن مهني كاتبة وشخصية بارزة في مجال الحقوق المدنية، وأحد المرشحين لجائزة نوبل. وقامت عبر مدونتها – بنية تونسية – بتوثيق الثورة التونسية ولعبت بذلك دوراً أساسياً في الإطاحة بديكتاتورية البلاد. غادرت بن مهني العالم مخلفةً وراءها إرثاً رائعاً يتمثل في الكفاح من أجل حرية التعبير وحقوق الإنسان في تونس والمنطقة.
لينا @___z__
تمثال بورقيبة يركع للينا. لينا تستأصل برج الساعة الخاص ببن علي. طيور النحام تحيط بجسدها الشاهق. شكراً لك زيد
في البحرين: أيدت محكمة الاستئناف الجنائية العليا أحكام الإعدام الصادرة بحق محمد رمضان وحسين موسى. وفقاً للجماعات المعنية بالحقوق في البلاد، حيث أدين الرجلان بعد محاكمة غير عادلة استندت إلى أدلة تم الحصول عليها تحت التعذيب. ، وقد ناشد رمضان وموسى المجتمع الدولي للمساعدة في الضغط على البحرين لوقف إعدامهما.
في لبنان: فيما تستمر الاحتجاجات المناهضة للحكومة، أنتجت مؤسسة مهارات تقريراً موضوعياً (بالعربية فقط) يحلل حالة حرية التعبير خلال أول ثلاثة أشهر من المظاهرات التي بدأت في تشرين الأول/ أكتوبر 2019.
في قطر: تم تعديل قانون العقوبات في البلاد في محاولة للتصدي للأخبار الكاذبة، بحيث يتم فرض عقوبة بالسجن لمدة خمس سنوات كحد أقصى وغرامة تصل إلى مئة ألف ريال قطري (27,473 دولار أمريكي) لكل من “يبث” أخبار كاذبة من شأنها “إثارة الرأي العام” أو الإضرار بالمصالح الوطنية“.
وفي اليمن: تعرض الصحفيون للاختطاف والاختفاء القسري في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وفقاً لتقارير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.