تهم الموجهة إلى النائب السابق صالح الملا بسبب تغريدات انتقادية أرسلها قبل زيارة رسمية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ظهر هذا المقال أولاً على موقع هيومان ريتس وتش يوم 12 يناير 2015.
إن على الكويت إسقاط التهم الموجهة إلى النائب السابق صالح الملا بسبب تغريدات انتقادية أرسلها قبل زيارة رسمية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وعلى سلطات الكويت أيضاً التوقف عن ملاحقة آخرين من المنتقدين السلميين.
قال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “لا تزيد تغريدات صالح الملا عن كونها تعليقات سياسية، وإذا لوحق بسببها فسوف يمثل الأمر حالة كلاسيكية من حالات انتهاك حرية التعبير المكفولة”.
وقد قال الناشط الحقوقي نواف الهندال لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات استدعت الملا للاستجواب في 6 يناير/كانون الثاني، واحتجزته طوال الليل، ثم مددت احتجازه لمدة 10 أيام. وفي 7 يناير/كانون الثاني اتهمته بإهانة الأمير وإهانة الرئيس المصري وتعريض العلاقات الثنائية للخطر بسبب تغريدات كان قد نشرها أثناء الزيارة الرسمية للسيسي التي انتهت في 6 يناير/كانون الثاني. تم الإفراج عن الملا بكفالة في 11 يناير/كانون الثاني، على ذمة محاكمته المقررة في 15 فبراير/شباط .
وكان الملا في إحدى التغريدات قد انتقد قرار الكويت بمنح ما لا يقل عن 4 مليارات دولار أمريكي لحكومة السيسي، فكتب يقول: “سمو الأمير، أي أموال أخرى تدفع لأي دولة شقيقة في هذه الظروف .. أمر غير مقبول.. دفعنا بما فيه الكفاية! .. هذه أموال أهل الكويت”. وكتب في تغريدة أخرى: “برميل النفط 50 دولار .. يا وجه استح!”.
وقد قامت سلطات الكويت، منذ أزمة سياسية في يونيو/حزيران 2012، بتصعيد جهودها لتقليص المعارضة، فحكمت المحاكم على سياسيين ونشطاء على الإنترنت وعلى صحفيين بالسجن لممارسة حقوقهم في حرية التعبير. وفي 2014 استغلت السلطات الدستور وزمرة من القوانين التقييدية ـ بما فيها قانون العقوبات، والقوانين الخاصة بالصحافة والنشر، وبالتجمعات العامة، وبإساءة استخدام الاتصالات الهاتفية، وقانون الوحدة الوطنية لسنة 2013 ـ لملاحقة ما لا يقل عن 13 شخصاً لانتقاد الحكومة أو المؤسسات في مدونات أو على تويتر أو فيسبوك أو غيرهما من مواقع التواصل الاجتماعي.
وواجه المتهمون تهماً من قبيل الإساءة إلى شرف شخص آخر، وإهانة الأمير وغيره من الشخصيات العامة، أو القضاء، وازدراء الدين، والتخطيط لتجمهر غير مشروع أو المشاركة فيه، وإساءة استخدام الاتصالات الهاتفية. وتضمنت التهم الأخرى المساس بأمن الدولة والتحريض على قلب نظام الحكم، والإساءة إلى علاقات الكويت بدول أخرى. وقد أدين خمسة على الأقل من المتهمين وحكم عليهم بالسجن لمدد تصل إلى 5 سنوات، وبغرامات.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2014 أعلن رئيس البرلمان الكويتي مرزوق الغانم أن البرلمان قد بدأ إجراءاته القانونية ضد “من أهانوا قيادة الإمارات” في برنامج تلفزيوني تم بثه على القناة التلفزيونية الرسمية للمجلس التشريعي. وكان مبارك الدويلة، وهو عضو سابق بالبرلمان، قد انتقد الإمارات العربية المتحدة وقادتها في البرنامج التلفزيوني بسبب سياستها التي وصفت الإخوان المسلمين والجماعات المنتسبة إليهم بأنهم تنظيمات إرهابية.
وفي 5 يناير/كانون الثاني أيدت المحكمة العليا عقوبة السجن لمدة عامين التي أصدرتها محكمة أدنى درجة في 2013 على ناشط إلكتروني هو صقر الحشاش، لإهانة الأمير على تويتر وفي مقال بمدونة موجه إلى “سمو الأمير صباح الأحمد”. وكانت قد تمت تبرئة الحشاش في 30 سبتمبر/أيلول 2013، إلا أن المحكمة العليا أعادت إدانته وقضت بأن عليه استكمال العشرين شهراً الباقية له في السجن.
وعلى الكويت، كدولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، التزام بحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، كما أن المادة 36 من دستور الكويت تكفل هذه الحقوق. ومع ذلك فإن الكويت تبقي على قوانين تجرم التعبير عن الآراء التي تعتبر “إهانة للأمير” وتنفذها، ومن ثم فهي تنتهك تلك الحقوق على نحو جوهري. ولا يسمح العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للدول بتقييد حقوق الأفراد في حرية التعبير إلا بمقتضى القانون وحين يكون هذا ضرورياً لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة أو الآداب العامة، أو حقوق الآخرين وسمعتهم.
وقد قررت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وهي الهيئة التي تقدم التفسير المرجعي للعهد الدولي، على نحو قاطع أن “السجن ليس عقوبة مناسبة” في قضايا التشهير، لأنه سيتسم دائماً بعدم التناسب، كما أعلنت أنه لا يجوز استخدام قوانين التشهير والإهانة لحماية قادة الحكومات من الانتقاد.
وقال نديم حوري: “إن الانتقاد السلمي لسياسات الحكومة أو قراراتها ليس فقط تعبيراً عن رأي لا تجوز ملاحقته قط، بل إنه ضروري لسوق الأفكار المحيطة بالسياسة والحكم. وسوف تحسن الكويت صنعاً إذا تخلت عن قوانين التشهير الجنائي قبل أن تلحق ضرراً أكبر بسمعتها الدولية”.