رغم بقاء تفاصيل الاتهامات مجهولة إلا أنه يبدو، بناءً على تصريح النائب العام، أن السلطات ستتهم النشطاء بمخالفة المادة 180 من قانون العقوبات، التي تفرض عقوبة قد تصل إلى السجن لمدة 15 عاماً.
(هيومن رايتس ووتش/ايفكس) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن محاكمة المواطنين الإماراتيين الـ94 المتهمين بجرائم تمس الأمن القومي يوم 4 مارس/آذار 2013 تثير مخاوف جسيمة على عدالة المحاكمة، تشمل الحرمان من التواصل مع المحامين وحجب مستندات محورية تتعلق بالتهم والأدلة المقدمة بحقهم. بين المحتجزين اثنين من محاميي حقوق الإنسان البارزين، هما محمد الركن ومحمد المنصوري، علاوة على قضاة ومدرسين وقادة طلابيين، بينهم 10 على الأقل من السيدات. زعم العديد من المتهمين التعرض لإساءة المعاملة أثناء الاحتجاز، بحسب هيومن رايتس ووتش.
أصدر النائب العام بدولة الإمارات العربية المتحدة سالم سعيد كبيش تصريحاً بتاريخ 27 يناير/كانون الثاني 2013، يزعم فيه أن الـ94 “أنشأوا وأسسوا وأداروا تنظيماً يهدف إلى مناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة والاستيلاء عليه”. لكن السلطات حتى 27 فبراير/شباط لم تكن قد أطلعت المحامين على أسماء الـ94، ولا المستندات الموضحة للتهم الموجهة إليهم، ولا الأدلة التي تستند إليها هذه التهم. وكانت السلطات قد حبست 64 محتجزاً معروفة أسماؤهم في مواقع غير معلومة لمدد تصل إلى السنة، وحرمتهم من المساعدة القانونية حتى أواخر فبراير/شباط. قالت هيومن رايتس ووتش إن قرار نظر القضية أمام المحكمة الاتحادية العليا بموجب إجراءات أمن الدولة يحرم هؤلاء المتهمين من حق الاستئناف.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “لا يمكن لمحاميي الدفاع بأي حال من الأحوال الترافع عن موكليهم بكفاءة دون الاطلاع على المستندات التي توضح الأدلة المقدمة بحقهم. ويبدو أن سلطات الإمارات العربية المتحدة تنوي تعريض عشرات المواطنين لإجراءات قضائية جائرة على نحو سافر، بحيث أنها تستهزئ بفكرة العدالة”.
قال نشطاء إماراتيون على اتصال بعائلات المحتجزين لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات سمحت أخيراً لبعض المتهمين بمقابلة محاميي الدفاع كلٌ على حدة في أيام 20 و21 و25 و26 و27 فبراير/شباط. تمت هذه المقابلات في مكتب نيابة أمن الدولة في أبوظبي، كما قالت العائلات، في وجود ممثل للنيابة العامة يستمع إلى الحوار. تمثل هذه الظروف التي جرت فيها المقابلات، كما تم وصفها، انتهاكاً لسرية المحادثات بين المحامين وموكليهم.
قال أفراد عائلات خمسة من المحتجزين لـ هيومن رايتس ووتش إن أقاربهم المحتجزين أبلغوهم بالتعرض لإساءة المعاملة أثناء الاحتجاز، بما فيه الحبس الانفرادي المطول، والتعرض لأضواء الفلورسنت الباهرة لمدة 24 ساعة، ونقص التدفئة، والإرغام على ارتداء أغطية الرأس كلما غادروا الزنازين ـ وحتى عند اقتيادهم إلى الحمام أو غرف الاستجواب ـ والإهانات المستمرة من حراس السجن. وكما سبق لـ هيومن رايتس ووتش أن وثقت، أفاد نجل أحد المحتجزين، وقد حضر جلسة المحكمة لتمديد احتجازهم بتاريخ 6 سبتمبر/أيلول 2012، بأنهم حضروا وقد بدا عليهم اضطراب الهندام والتشوش والجزع. بدا على اثنان من المحتجزين أنهما يقويان على السير بالكاد، وبدا أحدهم عاجزاً عن متابعة الإجراءات، وقال آخر للقاضي إنه يعاني من الهزال بسبب إعطائه حبوباً منومة.
ما زال مكان 64 من المحتجزين، المرتبطين بجماعة إسلامية سلمية هي جماعة الإصلاح، غير معلوم، مما يثير المخاوف على سلامتهم. الإصلاح منظمة معترف بهاً قانوناً في الإمارات العربية المتحدة منذ 1974. وكانت هيومن رايتس ووتش قد وثقت من قبل تعرض المحامين العاملين لدى مكتب المحاماة الإماراتي الوحيد الذي يقدم المساعدة القانونية للمحتجزين حالياً، تعرضهم للتوقيف والترحيل والترهيب. رغم القبض على معظم المحتجزين فيما بين مايو/أيار ويوليو/تموز 2012 إلا أن بعض النشطاء المحليين قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات لم تبدأ في السماح لهم بالزيارة من الأقارب إلا في نوفمبر/تشرين الثاني. يسمح حالياً للمحتجزين بمهاتفة الأقارب مرتين أسبوعياُ بحد أقصى 3 دقائق للمكالمة. ويراقب ضباط أمن الدولة المكالمات، فيقطعون الخطوط فوراً إذا حاول المحتجز أو أفراد عائلته مناقشة قضيته/ها أو مكانه/ها.
منذ نوفمبر/تشرين الثاني سمحت السلطات لأفراد العائلات بمقابلة المحتجزين شخصياً مرة كل شهر بحد أقصى 30 دقيقة للمقابلة في مكتب نيابة أمن الدولة في أبو ظبي، ولكن فقط في حضور ممثل للنيابة في الغرفة.
رغم بقاء تفاصيل الاتهامات مجهولة إلا أنه يبدو، بناءً على تصريح النائب العام بتاريخ 27 يناير/كانون الثاني، أن السلطات ستتهم النشطاء بمخالفة المادة 180 من قانون العقوبات، التي تفرض عقوبة قد تصل إلى السجن لمدة 15 عاماً على أي شخص “أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار جمعية أو هيئة أو منظمة أو فرعا لإحداها تهدف الى قلب نظام الحكم في الدولة أو إلى الترويج لهمتى كان استعمال القوة ملحوظاُ في ذلك”. كما تنص نفس المادة على عقوبة السجن حتى 5 سنوات لأعضاء تلك المنظمات.
قال أقارب المحتجزين لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات جمدت كافة حسابات المحتجزين وأصولهم المصرفية عقب القبض عليهم، علاوة على حسابات وأصول أزواجهم وأبنائهم القصر، مما تركهم في كثير من الحالات في ظروف مالية صعبة. اطلعت هيومن رايتس ووتش على نسخة من أمر عليه توقيع النائب العام الإماراتي بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2012، يأمر بتجميد كافة أموال وأصول 23 من المحتجزين علاوة على أزواجهم وأبنائهم القصر.
أبلغت السلطات محاميي الدفاع في أواخر فبراير/شباط بأنها ستسمح لشخصين من عائلة كل رجل من المتهمين، وواحد من عائلة كل سيدة، بحضور جلسة المحكمة المقررة في 4 مارس/آذار، إلا أن كل زائر عليه كي يحضر الجلسة أن يسلم نسخة من كل وثيقة من الوثائق التالية: بطاقته/ها الشخصية، صورة شخصية، أرقام الهواتف، إثبات القرابة للمحتجز، ونسخة من رخصة سيارته/ها. إن اشتراط تسليم أرقام الهواتف والصور الشخصية ورخص السيارات، بحسب هيومن رايتس ووتش، يعزز المخاوف من لجوء السلطات إلى استخدام المحاكمة كوسيلة لجمع المعلومات عن أصدقاء المتهمين وأقاربهم، في تدخل تعسفي يمس بحقهم في الخصوصية.
برهنت محاكمات النشطاء السابقة في الإمارات العربية المتحدة على قصور جسيم في سلامة الإجراءات. في أعقاب محاكمة عام 2011 لخمسة من النشطاء البارزين كانوا قد وقعوا التماساً يطالب بالمزيد من الديمقراطية في الإمارات العربية المتحدة، قام تحالف من خمس منظمات لحقوق الإنسان يشمل هيومن رايتس ووتش بإصدار تقرير يبين أن “عيوباً صارخة في سلامة الإجراءات” حرمت الرجال الخمسة فعلياً من الحق في المحاكمة العادلة. ومن تلك العيوب رفض الادعاء تسليم محاميي الدفاع كافة المستندات التي توضح التهم والأدلة المقدمة بحقهم، والحرمان من المقابلات السرية بين المتهمين ومحاميهم، وعدم المساواة المستمر في المعاملة بين الدفاع والادعاء.
تنص المادة 13 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، والإمارات العربية المتحدة دولة طرف فيه، على أن “لكل شخص الحق في محاكمة عادلة تتوافر فيها ضمانات كافية وتجريها محكمة مختصة ومستقلة ونزيهة…”. كما توجب المادة 16 تمتع كل متهم في سياق التحقيق والمحاكمة بحد أدني من الضمانات، يشمل الحق في إخطاره فوراً بالتهم الموجهة إليه، وإعطاءه الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد دفاعه، والحق في الاتصال بالمحامين بحرية وفي سرية.
قالت سارة ليا ويتسن: “إن محاكمة هؤلاء الرجال والسيدات أمام المحكمة الاتحادية العليا تضيف مخاوفاً جسيمة على عدالة المحاكمة إلى انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة الماثلة بالفعل في هذه القضية، والتي تشمل الاحتحجاز التعسفي وإساءة المعاملة”.