(مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان / آيفكس) – إلى الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة:المجتمع المدني يطالب مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بعقد دورة استثنائية بشأن سوريا للنظر فى نتائج تقرير لجنة التحقيق وضمانًا للمساءلة فخامة الرئيس، نحن، منظمات المجتمع المدني من كل أنحاء العالم، ندعو مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى […]
(مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان / آيفكس) – إلى الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة:المجتمع المدني يطالب مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بعقد دورة استثنائية بشأن سوريا للنظر فى نتائج تقرير لجنة التحقيق وضمانًا للمساءلة
فخامة الرئيس،
نحن، منظمات المجتمع المدني من كل أنحاء العالم، ندعو مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى ضرورة عقد دورة استثنائية بشأن الأوضاع فى سوريا وذلك عقب صدور تقرير لجنة التحقيق الدولية في سوريا والمقرر صدوره قبل نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. كما ندعو مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة إلى سرعة إحالة النتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق إلى مجلس الأمن لدى الأمم المتحدة، وذلك إذا أقرت لجنة التحقيق أن جرائم ضد الإنسانية أو أية جرائم مشار إليها في القانون الدولي قد تم ارتكابها من قبل الحكومة السورية، كما ندعو مجلس حقوق الإنسان إلى حث مجلس الأمن على إحالة الوضع فى سوريا إلى المحكمة الجنائية العليا.
أفادت لجنة تقصي الحقائق السابقة لدى مجلس حقوق الإنسان بشأن سوريا إلى وجود أدلة تشير إلى وقوع جرائم منصوص عليها في القانون الدولي –بما في ذلك جرائم ضد الإنسانية وانتهاكات خطيرة أخرى لحقوق الإنسان– على يد الحكومة السورية، وذلك في سياق الاحتجاجات التي طالبت بالديمقراطية والتي يمكن وصفها بأنها كانت سلمية إلى حد كبير. ومن ثم فإذا أكدت نتائج لجنة التحقيق هذه الاستنتاجات، سيكون على الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها أن تضمن ما يلي:
· قيام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بتوصيل نتائج لجنة التحقيق إلى كل هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة دون تأجيل، بما فيها الجمعية العامة ومجلس الأمن.
· إحالة مجلس الأمن للأمم المتحدة الجرائم المحتملة -المشار إليها فى القانون الدولي- والواقعة ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بما فى ذلك جرائم ضد الإنسانية -المحتمل أنها ارتُكبت على يد النظام السوري- إلى المحكمة الجنائية الدولية بشكل فوري وعاجل.
وعلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أيضًا أن تضمن:
· تعاون سوريا الفوري مع منظمات إنسانية، ويتضمن ذلك السماح لها بالوصول غير المشروط إلى أراضيها.
· الدخول الفوري لمراقبي حقوق الإنسان إلى سوريا للتواجد والتجول داخل البلاد.
· الاستجابة العاجلة للتقارير الموثقة عن أعمال انتقامية من جانب السلطات السورية ضد المتعاونين مع لجنة التحقيق الذين وفروا معلومات لها ولآليات أخرى لدى الأمم المتحدة، بما فيهم مدافعون عن حقوق الإنسان.
· اتخاذ إجراءات من جانب كل هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة لضمان حماية اللاجئين السوريين وتوفير احتياجاتهم الإنسانية.
· تعاون سوريا الفوري مع لجنة التحقيق لدى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
وفقًا للأمم المتحدة، قُتل ما يزيد عن 3500 شخص منذ بداية الاحتجاجات في سوريا، بينهم 187 طفل على الأقل، لكن عدد القتلى الحقيقي قد يكون أعلى من ذلك بكثير. وعلى الرغم من إعلان الإفراج عن 553 معتقل من قِبل الحكومة السورية يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني، فقد أكد مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني “أن عشرات الآلاف ما زالوا رهن الاحتجاز وعشرات آخرين يتم القبض عليهم بشكل تعسفي كل يوم”، مضيفًا أن “عساكر سوريين ما زالوا يستخدمون الدبابات والأسلحة الثقيلة في مهاجمة المناطق السكنية في مدينة حمص”. يأتي هذا في الوقت التي مازالت فيه مدن مثل حمص ودرعا وحماة وإدلب ودير الزور تحت الحصار العسكري الشامل.
في أغسطس/آب، قدم المفوض السامي لحقوق الإنسان لدى لأمم المتحدة النتائج التي توصلت إليها لجنة تقصي الحقائق بشأن سوريا، وهي اللجنة التي شكلها مجلس حقوق الإنسان. وقد توصلت لجنة تقصي الحقائق إلى أن هناك جرائم ضد الإنسانية قد تكون ارتُكبت من قِبل الحكومة السورية، كما أوصى المفوض السامي بإحالة مجلس الأمن الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية. ولكن حتى يومنا هذا، لم يستجب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لهذا الطلب، وكما أنه لم يقر أي قرار يهدف توفير الحماية لضحايا انتهاكات لحقوق الإنسان في سوريا. ونعرب عن قلقنا العميق بسبب هذا التقاعس وممانعة بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لدعم جهود لإقرار قرار يسعى إلى ضمان المساءلة عن الجرائم الدولية ارتكبتها الحكومة السورية.
قصر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم 4 أكتوبر/تشرين الأول عن اعتماد مشروع القرار S/2011/612 الذي كان يتطلب من السلطات السورية وقف جميع الانتهاكات لحقوق الإنسان واستخدام القوة ضد المدنيين. ونتج إخفاق مجلس الأمن هذا عن استخدام حق النقض من قبل الاتحاد الروسي والصين، كما امتنعت البرازيل والهند ولبنان وجنوب أفريقيا عن التصويت.
وأعربت الحكومة السورية يوم 2 نوفمبر/تشرين الثاني عن نيتها الالتزام بخطة جامعة الدول العربية بشأن الوضع في سوريا والتي تدعو إلى وقف جميع أعمال العنف ضد المدنيين وسحب القوات العسكرية من المدن. ولكن على الرغم من ذلك، إلا أن الحكومة السورية لم توقف هجماتها المنهجية وواسعة النطاق ضد المدنيين بعد، ولم تسحب قواتها العسكرية من المدن. بل على العكس، تشير التقارير إلى تشديد القوات الحكومية الهجمات ضد المدنيين في بعض المناطق في سوريا منذ 2 نوفمبر/تشرين الثاني، وخاصة في مدينة حمص، التي شهدت حصار عسكري شديد أدى إلى سقوط العديد من الضحايا المدنيين، ووفقًا لمجموعات حقوقية، قُتل أكثر من 370 سوري منذ 2 نوفمبر/تشرين الثاني. وسقط بعض الضحايا من القوات الأمنية أيضًا، كما تشير التقارير إلى إعدام أعضاء من القوات الأمنية الحكومية خارج نطاق القانون بسبب رفضهم لإطلاق النار على المتظاهرين.
ورفضت جامعة الدول العربية يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني في بيان رسمي تعديلات الحكومة السورية على البعثة المقترحة التي كانت سترأسها جامعة الدول العربية، معتبرة أن التعديلات التي اقترحتها سوريا “تغير جذريًا طبيعة مهمة البعثة المحددة بالتحقق من تنفيذ الخطة العربية”.
يؤكد عدم الاستعداد المتواصل لدى السلطات السورية لوضع حد للهجمات ضد المدنيين وللتعاون التام مع جامعة الدول العربية ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة من قبل الأمم المتحدة لضمان المساءلة عن الجرائم التي ارتُكبت في سوريا وتوفير الحماية لضحايا هذه الجرائم بشكل فوري.
ويجب على مجلس حقوق الإنسان أن يؤيد جهود جامعة الدول العربية من خلال القيام بدورة استثنائية بشأن سوريا من أجل إيقاف كل أعمال العنف، الإفراج عن السجناء السياسيين، سحب القوات العسكرية السورية من المناطق السكنية والسماح لمراقبين مستقلين ولوسائل الإعلام الدولية بالوصول إلى الأراضي السورية.
نطالب الدول التي -حتى الآن- عارضت أو لم تدعم بشكل تام الإجراءات الدولية لإيقاف هذه الجرائم ولمحاسبة المسئولين عنها، إلى تأييد جهود مجلس حقوق الإنسان لضمان مثل هذه المساءلة وتوفير الحماية لضحايا وشهود هذه الجرائم، وذلك عن طريق دعم قرار من مجلس حقوق الإنسان يحث مجلس الأمن على إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ونوجه هذه الدعوة بشكل خاص إلى البرازيل والهند وجنوب أفريقيا –في ضوء تاريخ نضال هذه الدول من أجل الحكم الديمقراطي– ونطالبهم بأن يدينوا بوضوح وصرامة القمع الوحشي الذي يتواصل في سوريا وبأن تضمن التحقيق في جميع الجرائم المزعومة التي ينص عليها القانون الدولي، وذلك من أجل ضمان محاسبة مرتكبي مثل هذه الجرائم.