كما حثت المفوضة السامية الحكومة المصرية على القيام بخطوات تكفل وضع المسودة الحالية من مشروع قانون منظمات المجتمع المدني أمام خبراء حقوق الإنسان المصريين والدوليين ليقوموا بدراستها دراسة متأنية، وأن تقوم الحكومة استنادًا إلى مشورتهم بملائمة نص القانون مع المعايير الدولية قبل إقراره من قبل مجلس الشورى.
أصدرت اليوم الأربعاء 8 مايو 2013 المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بيانًا عبرت فيه عن قلقها الشديد إزاء تدهور حالة حقوق الإنسان في مصر. جدير بالذكر أنه في3 أبريل الماضي أرسلت 22 منظمة حقوقية رسالة مشتركة للمفوضية السامية لحقوق الإنسان تحذر فيها من التدهور المتسارع لحالة حقوق الإنسان في مصر، ومن مشروعات تكبيل العمل الأهلي المطروحة أمام مجلس الشورى، والاعتداء على استقلال القضاء وحرية الإعلام.
كما حثت المفوضة السامية الحكومة المصرية على القيام بخطوات تكفل وضع المسودة الحالية من مشروع قانون منظمات المجتمع المدني أمام خبراء حقوق الإنسان المصريين والدوليين ليقوموا بدراستها دراسة متأنية، وأن تقوم الحكومة استنادًا إلى مشورتهم بملائمة نص القانون مع المعايير الدولية قبل إقراره من قبل مجلس الشورى. وأشارت أيضًا إلى أن الدستور الجديد يخاطر بإعطاء السلطة التنفيذية سطوة مفرطة على السلطة القضائية من خلال التعيين المباشرة لقضاة المحكمة الدستورية العليا من قبل رئيس الجمهورية، مؤكدةً أن هذا التركيز في السلطة يقوض من استقلالية القضاء.
كان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في 4 مايو2013 قد أرسل تعليقًا قانونيًا إلى رئاسة الجمهورية وحزب الحرية والعدالة على مسودة مشروع قانون الجمعيات الأهلية المقدم من الحزب لمجلس الشورى. تناول التعليق أبرز المشكلات الموجودة في مشروع القانون، وخلص التعليق إلى أن مشروع القانون لا يتفق مع المعايير الدولية والتزامات مصر الدولية بموجب القانون الدولي. حذر المركز أيضًا من أن مشروع القانون سيلاقى انتقادات حادة في الاستعراض الدوري الشامل لمصر المقرر في أكتوبر 2014. وكان المركز قد أعد أيضًا مائدة مستديرة مغلقة استضاف فيها ممثل عن حزب الحرية والعدالة، وممثل عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وممثلين عن منظمات دولية ومصرية وتناول اللقاء أبرز التخوفات التي وردت في مذكرة التعليق التي أعدها المركز.
من جانبها قالت بيلاي في بيان اليوم: “انه إذا ما تم إقرار مسودة هذا القانون الذي يقيد بشدة من أنشطة منظمات المجتمع المدني، والتي تعتبر مساهماتها حاسمة في تحديد مستقبل البلاد كدولة ديمقراطية بناءة، فإن ذلك سيمثل ضربة أخرى للآمال والتطلعات التي برزت خلال “الثورة المصرية” في عام 2011″. وأضافت قائلة: “إننا نمر بلحظة حاسمة، مع تزايد المخاوف بشأن مجموعة من القضايا، بما فيها الدستور الجديد، والطريقة التي اعتمد بها، بالإضافة إلى المحاولات الظاهرة للحد من سلطة القضاء، ومشروع هذا القانون الذي يخاطر بوضع المجتمع المدني تحت سيطرة الوزارات الأمنية التي تملك تاريخًا من انتهاكات حقوق الإنسان والتي من مصلحتها التقليل من السيطرة”.
كان المركز قد دعا أيضًا المقرر الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير بالأمم المتحدة في الأسبوع قبل الماضي، والذي أجرى بعض المقابلات مع منظمات حقوق الإنسان المصرية، فضلاً عن مقابلة بعض أعضاء لجنة التنمية البشرية والإدارة المحلية بمجلس الشورى، وحاول المركز ترتيب موعد له مع رئاسة الجمهورية، ولكن لم يتثن ذلك. يُذكر أن وزارة الخارجية المصرية نادرًا ما قبلت طلبات زيارة مقدمة من المقررين الخواص بالأمم المتحدة. كما أنه من المقرر أن يقوم مركز القاهرة في الفترة المقبلة بدعوة مقررين خواص آخرين بالأمم المتحدة من أجل المساهمة في تطوير مشروع القانون ليتوافق مع المعايير الدولية.
انتقدت “بيلاي” ما اعتبرته تجاهلاً للمساهمات المقدمة من قبل منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية بشأن هذا القانون، وأنه إذا ما تم اعتماد المسودة المطروحة حاليًا فإنها ستفرض سلسلة من القيود الصارمة على منظمات المجتمع المدني، وبخاصة تلك التي تركز في عملها على حقوق الإنسان. وأضافت بيلاي “يبدو لي أن هناك خطرًا حقيقيًا من أن المسودة الحالية لن تجعل من الصعب فقط على المجتمع المدني أن يعمل بحرية وفعالية، وإنما ستتعارض أيضًا مع التزامات مصر بموجب القانون الدولي بما يخص دعم الحق في حرية تكوين الجمعيات”.
أخيرًا حذرت المفوضة السامية من أن “الحكومات التي تسعى إلى تقييد هذه الأنواع من الأنشطة، على سبيل المثال من خلال التحكم بطرق الحصول على التمويل، وإعطاء صلاحيات واسعة لأجهزة الأمن لممارسة الرقابة، وفرض قيود من غير مبرر على منظمات حقوق الإنسان الدولية –وكلها عناصر مدرجة في العديد من مسودات هذا القانون– تؤدي إلى مخاطر الانزلاق السريع نحو النظام السلطوي، حتى ولو لم يكن ذلك مقصدها في البدء”.