أرسلت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان اليوم الأحد الموافق 31 مارس لعام 2013 مذكرة للدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشورى تضمنت ملاحظاتها على مشروع قانون الجمعيات الأهلية المقدم من قبل الحكومة.
أرسلت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان اليوم الأحد الموافق 31 مارس لعام 2013 مذكرة للدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشورى تضمنت ملاحظاتها على مشروع قانون الجمعيات الأهلية المقدم من قبل الحكومة، وأهم المبادئ التي أقرتها المواثيق والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتي يجب أن تأخذ في الاعتبار عن سن قانون جديد للجمعيات.
وقد تضمنت المذكرة عدد من الملاحظات على مشروع قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية المقترح حاليا من قبل الحكومة المصرية، وذلك على النحو التالي:
أولاً: جاءت المادة الأولي في الباب الأول والخاصة بالأحكام العامة لتعرف العمل الأهلي على أنه الأهداف الإنسانية والتنموية دون الحقوقية والتي تعد أساساً من أسس أهداف العمل الأهلي، وجاءت لترسخ هذا الأمر في الفقرة الخامسة من المادة الحادية عشر حينما نصت على “إجراء بحوث ميدانية أو استطلاعات رأي أو مشروعات في مجال العمل الأهلي دون الحصول على موافقات الجهات المعنية” لتضع موافقة هذه الجهات مجالاً لهيمنة الحكومة على كافة أنشطة العمل الأهلي.
ثانياً: جاء القانون ليضع العديد من العوائق المالية أمام تأسيس الجمعيات الأهلية حينما نصت على أن تأسيس المؤسسات الأهلية ينعقد من خلال ” شخص أو أكثر من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين أو منهما معا، ما لا يقل عن مائتين وخمسين ألف جنيه عند التأسيس لتحقيق غرض غير الحصول على ربح”، ثم يحول هذا المبلغ إلى مال عام في المادة الثالثة، بما يؤدي إلى تحويل القائمين على الجمعيات وفقا لقانون العقوبات كموظفين حكوميين، وكذلك يجعل إمكانية فرض الحراسة على أموال الجمعية بينما هي في طبيعتها أموال خاصة، وهذا في مجمله يحرم الكثير من الفئات من حقهم في تأسيس مؤسسة أهلية، وتجعله قاصر على من يمتلك هذه الاستطاعة المالية أو يجبر على أخذ شكل الجمعية الأهلية.
ثالثاً: وفيما يتعلق بعدد أعضاء الجمعية، فنجد أن المادة الأولى قررت بألا يقل عدد أعضاء الجمعية عن عشرين بدلا من عشرة أعضاء كما كان مقرر في القانون القديم مما يعنى (زيادة أعباء جديدة ) وضرورة اكتمال هذا العدد على الأقل لإنشاء جمعية مما يخلق نوع من الظلم للفئات ذات العدد المحدود التي لن تجد هذا العدد من الأعضاء لإنشاء جمعية ويحرمها من أحد الحقوق التي رعاها الدستور وهو حق تكوين التنظيمات.
رابعاً: تضمن المشروع مادة تفرغ النص الدستوري في الدستور الجديد من مضمونه، فقد نصت المادة السادسة من مشروع القانون على أن تثبت الشخصية الاعتبارية للجمعية بحصول هذا القيد أو بمضي ستين يوما من تاريخ الإخطار بتأسيسها، أيهما أقرب”، لكنه يعود في المادة السابعة ويقر حق امتناع الجهة الإدارية عن القيد وعلى المؤسسين آنذاك اللجوء للقضاء، أي أنه في الممارسة العملية يحول الأخطار إلى تصريح، وعلى أرض الواقع تكون الإجراءات ذاتها هي التي تتم في ظل القانون الحالي.
خامساً: جعل مشروع القانون من الجهة الإدارية الخصم والحكم في ذات الوقت، فقد نصت المادة 20 بأن ” لممثلي الجهة الإدارية الذين يصدر بتحديدهم قرار من الوزير المختص دخول مقر أي من الجمعيات والمؤسسات والاتحادات والمنظمات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو فروعها لمتابعة أنشطتها والإطلاع على سجلاتها وفحص أعمالها من الناحية الإدارية والمالية والفنية للتحقيق من مطابقتها لأحكام هذا القانون، ويكون لممثلي الجهة الإدارية صفة الضبطية القضائية، ويجوز لهم الاستعانة بأي من أجهزة الدولة المعنية، وهذا يعد تدخلا من الجهة التنفيذية والكيل بمكيالين لإغلاق بعض الجمعيات التي لا يروق لها نشاطها كما يعد منح الضبطية القضائية لها تدخلا في شؤون القضاء.
سادساً: استمرار ذات النهج السابق في فرض العقوبات السالبة للحرية، فقد نصت المادة 42 على أن للجهة الإدارية طلب الحل في حال انضمام الجمعية أو اشتراكها أو انتسابها لجمعية أو منظمة خارجية دون إخطار الجهة الإدارية وعدم اعتراضها خلال ستين يوما، ثم ترتب عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن سنة أو بغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه على تلك المخالفة.
سابعاً: تقنين التدخل الأمني في نشاط الجمعيات الأهلية، فقد نص مشروع القانون المقترح في متن المادة 57 على أنه “تنشأ لجنة تنسيقية للبت في كل ما يتعلق بنشاط المنظمات الأجنبية غير الحكومية في مصر والتمويل الأجنبي، وتشكل بقرار من رئيس مجلس الوزراء برئاسة الوزير المختص وعضوية ممثلين للوزارات والجهات الآتية يختارهم الوزراء المعنيون؛ ممثل لوزارة الخارجية، ممثل لوزارة العدل، نائب لرئيس مجلس الدولة يختاره رئيس المجلس، ممثل لوزارة الداخلية، ممثل لوزارة التعاون الدولي، ممثل لوزارة الشئون الاجتماعية، ممثل لوزارة الأمن القومي، ممثل للبنك المركزي”، وبالتالي فإن هذه المادة تفتح الباب أمام تدخل الأمن في شئون المنظمات وإعاقة أنشطتها بل ويعترف بدورها صراحة مما يفقد الجمعيات الأهلية الاستقلالية في نهاية المطاف، الأمر الذي يتعارض مع المادة 51 من الدستور الجديد، التي تنص على تأسيس الجمعيات بـالإخطار، فالمشروع يمنح اللجنة سلطة تعريف الجمعيات وأهدافها، والتدخل في نشاطاتها، وحق رفض أو الموافقة على تمويل أجنبي حسب نوع النشاطات، واتخاذ قرار بحل الجمعيات، ولا يسمح مشروع القانون للمنظمات غير الحكومية الدولية بالاستقرار في مصر أو القيام بنشاطات فيها دون الحصول على موافقة مسبقة، كما أن الحصول على تمويل حكومي أجنبي بشكل مباشر أو غير مباشر ممنوع تماما على كل منظمات المجتمع المدني، وهذا يقوض سبل بقاء الكثير من الجمعيات، وخاصة منظمات حقوق الإنسان، التي تعتمد على المنح العامة (الحكومية).
كما طرحت المنظمة في مذكرتها لرئيس مجلس الشوري مجموعة من المبادئ العامة لتعديل قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية 84 لسنة 2002، للأخذ بها عند سن مشروع قانون جديد للجمعيات، وذلك على النحو التالي:
حرية التأسيس وتسيير العمل
- أن يكون تسجيل الجمعيات والمؤسسات الأهلية فقط بإخطار الجهة الإدارية دون الحاجة للحصول على ترخيص مسبق، فالجمعيات تتأسس بمجرد اتفاق إرادة مؤسسيها، ولا يجوز أن تشكل إجراءات التأسيس عوائق أمام تأسيس الجمعيات.
- أن تكون المواد (54-80) الملغاة من القانون المدني بشأن الجمعيات هي الأساس الذي ترتكن إليه أحكام ومواد القانون الجديد.
- إقرار حرية تشكيل الجمعيات والمؤسسات الأهلية دون قيد أو شرط باعتبار حق التنظيم من الحقوق الأساسية المكفولة في الدستور المصري، و كذلك حظر استبعاد أشخاص بعينهم من ممارسة حقهم في الانضمام إلى الجمعيات تحت ذريعة الحرمان من الحقوق السياسية والمدنية.
- إطلاق حرية الجمعيات والمنظمات الأهلية في العمل في كافة الميادين والمجالات والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والمهنية والثقافية والفكرية والسياسية العامة غير الحزبية، على أن يتضمن القانون الجديد تفسير معنى النشاط السياسي والنقابي الممنوع على الجمعيات بدلاً من اللائحة التنفيذية.
- إلغاء سلطات الجهة الإدارية في التفتيش على الوثائق والمستندات ودخول مقار الجمعيات من قبل موظفيها دون إخطار.
- العمل على إعلاء شأن واعتبار الجمعية العمومية باعتبارها صاحبة السلطة الوحيدة داخل الجمعية وتحديد أوجه نشاطها وأنظمتها وتعديلها وتكون قراراتها نافذة، ولا يجوز الاعتراض عليها أو على المرشحين لعضوية مجلس الإدارة من جانب الجهة الإدارية.
حل الجمعيات وإنهاء العمل
- حظر حل الجمعيات والمؤسسات الأهلية أو إيقاف نشاطها بيد الجهة الإدارية، وأن يجعل هذا الأمر من اختصاص القضاء وبحكم استنفذ كافة طرق الطعن عليه.
- الأخذ بمبدأ تناسب الجزاءات مع المخالفات، ولا يجوز توقيع عقوبات جنائية على العمل المدني للجمعيات أو على أعضائها، وفي جميع الأحوال لا يمكن أن يقرر أو يحكم بتلك الجزاءات إلا من قبل القضاء، بعد ضمان حق الدفاع في محاكمة علنية وعادلة.
- إعادة تشكيل لجنة فض المنازعات واختصاصها، مع تفعيل آلياتها.
الحق في التمويل وتنمية الموارد المالية
- حرية المنظمات الأهلية في تلقي التمويل اللازم لأنشطتها بشرط الإخطار والإعلان عن مصادر هذا التمويل وأوجه إنفاقه، مع كفالة حق المنظمات في اللجوء إلى القضاء في حالة اعتراض الجهة الإدارية على تلقيها هذه الأموال، وفي حالة عدم قيام الجهة الإدارية بالرد بالموافقة على تلقي الجمعية التمويل وذلك خلال شهر من تاريخ الإبلاغ يعتبر التمويل ساريًا.
- على الدولة أن تضمن في قوانينها إعفاءات للجمعيات من الضرائب والرسوم وأن تشجع المانحين والمتبرعين على خصم قيمة ما يتبرعون به من وعائهم الضريبي بنسبة مقبولة، ولا ينبغي أن تتحول هذه المزايا والإعفاءات الضريبية إلى وسائل للتدخل في شئون الجمعيات.
- للجمعيات الحق في تنمية مواردها المالية بما في ذلك رسوم وتبرعات الأعضاء وقبول الهبات والمنح والمساعدات من أي شخص طبيعي أو معنوي محلى أو خارجي والقيام بأنشطة من شأنها أن تحقق لها دخلا وتدر عليها ربحا يستخدم في أنشتطها شرط ألا توزع هذه الأرباح على الأعضاء
الحق في حرية الاجتماع والتعبير
- إقرار حق المنظمات الأهلية في عقد الاجتماعات العامة سواء بمقرها أو في أية قاعات خارجية دون أن تخضع للقيود المفروضة في قوانين التجمهر والاجتماعات العامة والمظاهرات.
- إقرار حق المنظمات الأهلية في إصدار النشرات الدورية والمجلات دون ترخيص مسبق، ودون إخضاعها لأية قيود مالية.
الانضمام إلى تحالفات وشبكات دولية
- إقرار حق المنظمات الأهلية في إقامة التحالفات والشبكات بشرط إخطار الجهة الإدارية ودون الحاجة إلى الحصول على ترخيص مسبق، وكذلك إقرار حقها في عضوية التحالفات والشبكات الدولية والإقليمية.
- إقرار حق المنظمات الأهلية في عضوية الاتحاد العام للجمعيات.
الاتحاد العام للجمعيات
- يشكل مجلس إدارته بالانتخاب المباشر من جمعيتها العمومية المشكلة من الجمعيات.
- إلزام كافة الجمعيات الأهلية بالانضمام لعضوية الاتحاد العام للجمعيات.
ومن جانبه أكد أ. حافظ أبو سعده رئيس المنظمة أن مشروع القانون المقترح حاليا من قبل وزارة الشئون الاجتماعية لا يشجع حرية العمل بالمجتمع المدني على الإطلاق، وإنما يفرض مزيدا من القيود على أنشطة الجمعيات الأهلية من خلال حظر إجراء البحوث الميدانية، والأنشطة الحقوقية التقليدية، مثل دعم المطالبة بحقوق أصحاب مهنة معينة في مواجهة أصحاب الأعمال، سواء كان العاملون بالقطاع العام أو الخاص، وبالتالي عدم تقديم المساعدة القانونية للعاملين الذين تتعرض حقوقهم للعسف، أو التضامن مع العاملين المنتهكة حقوقهم في العمل.
وأضاف أبو سعده أن القانون الجديد جاء لتكبيل المجتمع المدني بدلا من إعطاءه دور رقابي لها على أداء الدولة في جانب الخدمات التي تقدمها، كما خلي المشروع من التشجيع على ممارسة حرية الجمعيات وتقوية مجتمع مدني مستقل، ناشط وديمقراطي واتخاذه تدابير من شأنها عدم المساس بحرية الجمعيات ومن أمثلة تلك التدابير والتعزيزات التسهيلات والإعفاءات المالية والضريبية التي جاءت دون أن تخلي من القيود والاشتراطات الإدارية المعقدة والمقيدة لاستخدام الحق وأيضا مرهقة وبشكل جلي للجمعيات.