إن العنف الممارس في الذكرى الأولى لاحتجاجات حديقة جيزي في تركيا يشير إلى حقيقة أن حرية التعبير لا تزال تحت التهديد بعد أن اجتاحت الاحتجاجات المناهضة للحكومة البلاد.
اعتقلت الشرطة التركية أكثر من 100 ناشط وصحفي ومحامي من الذين كانوا يشاركون في ذكرى احتجاجات حديقة جيزي في شهري أيار وحزيران. الأمر الذي يدل على أن حرية التعبير لا تزال تحت التهديد في تركيا، وفقاً لتصريحات أعضاء آيفكس.
في العام الماضي، أدى القمع العنيف للاحتجاجات ضد خطة التنمية لحديقة جيزي بساحة تقسيم في اسطنبول إلى موجة من المظاهرات المناهضة للحكومة في جميع أنحاء تركيا، حيث توسعت لتشمل الحق في حرية التجمع والتعبير.
ولقد أثارت احتجاجات الذكرى الأولى هذا العام موجة جديدة من العنف. واعتقل ما لا يقل عن 126 ناشطاً بتاريخ 31 أيار في اسطنبول، وفقاً لما ذكرته تقارير مؤسسة بيانت التركية، العضو في شبكة آيفكس.
كما ذكرت جمعية المحامين التقدميين (CHD) في تركيا، بأن تم اعتقال سبعة من محاميهم في أنقرة، أزمير، اضنة واسطنبول بتاريخ 2 حزيران الماضي. حيث وثقت كاميرات مؤسسة بيانت أيضاً تعرض المحامين للاعتداء في الشوارع.
حتى شخصيات بارزة مثل الصحفي أحمد سيك، الذي استلم جائزة اليونسكو العالمية لحرية الصحافة لعام 2014، تعرض للضرب من قبل الشرطة أثناء تغطيته للاحتجاجات في اسطنبول بتاريخ 1 حزيران، وفقاً لتقارير الاتحاد الدولي للصحفيين.
سيادة الإفلات من العقاب
قالت مؤسسة مراسلون بلا حدود بأن الجرائم المصاحبة لحملة قمع هذا العام للاحتجاجات الأصلية في حديقة جيزي مرت دون عقاب. حيث قال يوهان يبهر، رئيس منطقة أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى في مكتب مراسلون بلا حدود: “إن الإفلات من العقاب الذي يتمتع به المسؤولون عن ارتكاب انتهاكات في العام الماضي تشجع الشرطة على الاستمرار بذلك.”
القمع على الإنترنت
لقد تجاوزت الحملة الشوارع. ففي شهر شباط 2014، أصدرت الحكومة قانون الإنترنت الجديد الذي يحد بشدة من النشاط على الانترنت ويسمح للحكومة منع المحتوى الذي “ينتهك الخصوصية” أو يحتوي على “تمييز أو أهانة” دون الحاجة إلى استصدار أمر من المحكمة. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في شهر شباط “إن توقيت القانون الجديد يثير مخاوف من أن الحكومة الدفاعية تسعى لزيادة نفوذها لاسكات النقاد و للحد من أي مواد ضارة سياسيا بشكل تعسفي”.
إن وسائل الاعلام الاجتماعية التي لعبت دوراً رئيسياً في الاحتجاجات ليست واضحة. فبتاريخ 20 آذار، تم حجب تويتر في جميع أنحاء تركيا (على الرغم من أن المحاكم ألغت القرار بعد خمسة أيام). وفي الشهر ذاته، تم حجب موقع يوتيوب، بعد أن تسربت محادثات بين المسؤولين الحكوميين على الانترنت. وتم رفع الحظر فقط بتاريخ 3 حزيران.
رسالة من الأعلى
لقد حاول رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان شخصياً إسكات منتقديه. فقد قدم مؤخراً شكاوى تشهير ضد كتاب رفيعي المستوى وهم: كان دوندار، أحمد ألتان وإحسان إلياسك، وفقاً لتقارير مؤسسة بن الدولية. إن قضايا التشهير في تركيا تندرج تحت القانون الجنائي والقانون المدني. فقد اضطر ألتان دفع 6000 يورو تعويضا لاردوغان عندما خسر محاكمته الجنائية. وكما لاحظت بيانت في شهر آب عام 2013، فقد قام رئيس الوزراء “ببناء سمعة لنفسه بأنه استثنائي الدعاوى القضائية.
بل وحث أردوغان المواطنين الأتراك إلى استخدام قوانين التشهير ضد الصحفيين، حيث دعا مؤخرا أفراد أسرة ضحايا كارثة تعدين سوما لمقاضاة الصحفيين بسبب تقاريرهم وتعليقاتهم على سجل السلامة في الحكومة التركية واستجابتها لهذه المأساة.
ودعا رئيس الوزراء أيضا إلى طرد الصحفيين، واتهم بي بي سي تركيا بتوظيف عناصر فاعلة بالتمثيل بأنهم أجزاء من أقارب الضحايا في تقاريرهم الإخبارية، وفقا لبيانات صحفية من المعهد الدولي للصحافة (IPI).
العمل كالمعتاد
في ملاحظة إيجابية واحدة فقد تم إطلاق سراح ثمانية صحفيين في شهر أيار، بعد الإصلاح القانوني التركي الذي خفّض الأوقات القصوى لاحتجاز المشتبه بهم للمحاكمة.
“تركيا تتخذ الخطوات الصحيحة نحو تحقيق سجل لحرية الصحافة يتماشى مع المعايير الديمقراطية، ولكن هناك الكثير من الأمور يجب القيام بها”، قال نائب مدير لجنة حماية الصحفيين روبرت ماهوني.
كما تظهر الاحتجاجات هذا الأسبوع، لا يزال الأمر بحاجة إلى اتخاذ خطوات أكثر من هذه اللفتة الرمزية لرفع مستوى احترام حقوق الإنسان في تركيا.
وقال الاتحاد الأوروبي للصحفيين: “إن الحكومة يجب أن تعلم أن … حظر وسائل الاتصال [و] تخويف وتهديد المدافعين عن حقوق الإنسان لن يجعل أبداً البلاد مكانا أفضل للعيش فيه.”