تنوي منظمة "مراسلون بلا حدود" لفت انتباه المجتمع الدولي إلى الانتهاكات المستمرة في البحرين. منذ اندلاع الانتفاضة عام 2011، قرر النظام الحاكم التضييق، إلى أقصى حد، على انتشار المعلومات المتعلقة بالمظاهرات والقمع الذي تتعرض له.
بمناسبة موعد الجائزة الكبرى لسباقات الفورمولا 1 في المنامة، تطلق منظمة “مراسلون بلا حدود” حملة شعارها “لا تُهْمِل الأخبار الجارية خارج السباق“. يحمل رسم الحملة صورة عن المظاهرات الشعبيةمنعكسة على خوذة أحد متسابقي السيارات وهو يستعد لبدء السباق. وتهدف هذه الحملة، التي ستُعَمَّمُ على كافة شبكات التواصل الاجتماعي، إلى شجب سياسة التضليل الإعلامي التي تنتهجها السلطاتالبحرينية إزاء التظاهرات وما تتعرّض له من قمع، والطريقة التي تحوَّل فيها الإعلام إلى ضحية جانبية لهذا القمع.
منذ أكثر من عامين والسلطات البحرينية تتبنى بإتقان خطابا مزدوجا مع القوى الغربية المترددة في إدانة الانتهاكات المرتكبة في البحرين، بينما تميل بالمقابل إلى دعم الطموحات نحو الديمقراطية في بلدانأخرى، مثلما أنها تكتفي بهالة التصريحات الصادرة عن قادة المملكة والإصلاحات السطحية.
عشية هذا الحدث العالمي، تنوي منظمة “مراسلون بلا حدود” لفت انتباه المجتمع الدولي إلى الانتهاكات المستمرة في البحرين. منذ اندلاع الانتفاضة عام 2011، قرر النظام الحاكم التضييق، إلى أقصى حد، على انتشار المعلومات المتعلقة بالمظاهرات والقمع الذي تتعرض له. وحرصا على الحفاظ على سمعتها، ضاعفت السلطات وعودها، وحاولت، بفضل آلة دعائية هائلة، تضخيم التطورات الهزيلة الحاصلة، مع الحرصعلى عدم التقتير عندما يتعلق الأمر بالبلاغات المنسجمة مع عملية التضليل الإعلامي. فهي تزعم أنها وافقت على 158 من أصل 176 توصية (13 منها بصورة جزئية) أصدرها فريق العمل الخاص بالمراقبة الدوريةالعالمية خلال الدورة الـ21 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في شهر سبتمبر/أيلول 2012. ومع ذلك، فسرعان ما يتم ازدراء هذه الالتزامات بمجرد انصراف عدسات الكاميرات. ويبقى الإعلاميونباستمرار ممنوعين من أداء عملهم بكل حرية.
قيود على حرية الإعلام
في إطار سباقات الجائزة الكبرى للفورمولا 1، اتخذت السلطات أيضا عددا من التدابير بهدف تقليص دخول الصحافيين إلى المملكة. إذ بين السابع والواحد والعشرين من شهر أبريل/نيسان الجاري، لا يُسمَحبدخول البلاد إلا للحاصلين على “تأشيرة الفورمولا1”. ولا يحق لحملة “تأشيرة الفورمولا1” بأي حال من الأحوال أن “يضروا بالمصلحة الأمنية والوطنية للبحرين”. وهذا الإجراء يفسح المجال للسلطات بتوقيفالإعلاميين الذين يحاولون نشر معلومات متعلقة بأوضاع حقوق الإنسان في البلد، والتي تضر، وفقا للسلطات، بمصلحة البحرين. وهكذا سيجد الإعلاميون أنفسهم مجبرين على الاكتفاء فقط بتغطية سباقاتالفورمولا 1، دون أن يكون بمقدورهم الحديث عن الأحداث السياسية التي تهز البلد.
كما أن عددا من وسائل الإعلام العالمية، لا تزال تنتظر حصول مصوِّريها على تأشيرة الدخول. فقد منحت السلطات البحرينية بطبيعة الحال تأشيرات لصحافيي الإعلام المكتوب، لكن خشيتها على صورتها جعلهاتتأخر نوعا ما في توزيع هذه البطاقات الثمينة على محترفي الصورة.
قبل أسبوع من انطلاق سباقات الجائزة الكبرى للفورمولا 1، وبالضبط يوم 14 أبريل/نيسان 2013، تبنت الحكومة مشروعا معدِّلاً للمادة 214 من قانون العقوبات، الذي ينص على تشديد العقوبة على من يرتكبأي فعل يعد إهانة للملك أو علم المملكة أو شعارها الوطني بإحدى الطرق العلنية وبأي وسيلة كانت وذلك بالسجن مدة تصل إلى خمس سنوات وغرامة مالية تصل إلى 10 آلاف دينار بحريني (20 ألف يورو).وسينظر البرلمان قريبا في مشروع القانون. وإذا صادق مجلس الشورى على هذا التعديل بصيغته الحالية، فإن ذلك سيشكل تهديدا معتبرا لحرية التعبير والإعلام. إن المصطلحات المستعملة فضفاضة ومصدرلقرارات جائرة، حيث تُرِكَ للقضاة إمكانية التأويل على هواهم.
إعلاميون موجودون حاليا في المعتقل
يوجد المصوِّر الشهير أحمد حميدان، الذي حازت أعماله على 143 جائزة دولية، في المعتقل منذ 29 ديسمبر/كانون الأول 2012. فقد تعرض قبل ذلك لمضايقة قوات الأمن استمرت شهورا. وهو متهم بالمشاركةفي الاعتداء على مركز شرطة سترة في أبريل/نيسان 2012، بينما كان موجودا هناك لتوثيق الحدث. وقد نددت منظمة “مراسلون بلا حدود” مؤخرا بما تعرض له من معاملة لا إنسانية خلال توقيفه، وطالبتبإسقاط التهم الموجهة إليه. ومن المتوقع أن تنعقد جلسة محاكمته يوم 15 مايو/أيار المقبل، بعد تأجيلها عدة مرات. وقد قررت المحكمة خلال جلسة يوم 16 أبريل/نيسان إبقاءه في السجن.
في الرابع من سبتمبر/أيلول 2012، أيدت محكمة الاستئناف العليا أحكاما أصدرتها المحكمة، في يونيو/حزيران 2011، في حق 21 متهما، بتهمة “الانتماء إلى تنظيمات إرهابية” و”محاولة قلب نظام الحكم”. فيالسابع من يناير/كانون الثاني 2013، رفضت محكمة النقض طلب استئناف تقدم به 13 مناضلا حقوقيا، بينهم مناضل حقوق الإنسان والمدوِّن عبد الجليل السنكيس. ويوجد، هذا الأخير (وهو أيضا مديرمكتب حقوق الإنسان التابع لحركة الحق للحريات المدنية والديمقراطية والمتحدث باسمها) ضمن مجموعة من ثمانية أشخاص محكوم عليهم بالسجن مدى الحياة. كما حُكم غيابيا على المدوِّن، ورائد الإنترنت فيالبلد، علي عبد الإمام، بالسجن 15 عاما.
ومع أن نشر تقرير بسيوني في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، تحت ضغط المجتمع الدولي، قد دفع السلطات القضائية في البحرين إلى الأمر بإعادة محاكمة هؤلاء أمام محكمة مدنية، إلا أن القضاة لم يتوانوا في إصدار عقوبات ثقيلة ضد مناضلي حقوق اإلنسان والإعلاميين.
غياب إستقلال القضاء
من المقرر أن تنعقد يوم 12 مايو/أيار 2013 الجلسة المقبلة لمحاكمة الشرطية سارة الموسى. وهي متابعة بتهمتي “تعذيب” و”إساءة معاملة” الصحافية البحرينية نزيهة سعيد، التي كانت آنذاك تعمل مراسلة لقناة فرانس 24 و اذاعة مونتي كارلو الدولية، خلال استدعاء هذه الأخيرة إلى مركز شرطة الرفاع يوم 22 مايو/أيار 2013. وقد تقدمت الصحافية بشكوى ضد ثالثة ضباط كانوا حاضرين خلال احتجازها، إلا أن سارة الموسى كانت و حدها ملاحقة. وقد برأتها محكمة المنامة الإبتدائية يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وقد أعربت “مراسلون بلا حدود” وقتها عن صدمتها لهذا القرار، وأشارت إلى مدى إثبات هذا الحكم على غياب استقلالية القضاء في البحرين. وقد استأنفت النيابة الحكم. وهنا أيضا أظهرت السلطات مدى انشغالها بصورتها، فهي تستغل تقدم النيابة العامة باستئناف الحكم لتبين للمجتمع الدولي أنها تسعى جاهدة من أجل معاقبة المتسببين في أعمال القمع. إلا أن جلسة المحاكمة صارت تؤجل باستمرار، إضافة إلى اقتصار الملاحقة في هذه القضية على شخص واحد. وهذا دون حساب أعداد المتورطين في أعمال القمع الذين أفلتوا من المحاكمة والعقاب.
Reporters Without Borders