موجز لأهم أخبار حرية التعبير في أوروبا وآسيا الوسطى، بناءً على تقارير أعضاء آيفكس.
نيسان هو الشهر الأكثر قسوة. وفي أوروبا، حيث سيطرت القيادات الاستبدادية على الأخبار على مدى الأسابيع الأربعة الماضية، شعرت بالتأكيد بهذه الطريقة، كتب الشاعر ت.س إليوت.
“الانزلاق إلى الطغيان” – تركيا
أدى الاستفتاء الدستوري الذي أجري في تركيا بتاريخ 16 نيسان إلى نتيجة كان يخشاها جميع نشطاء الحقوق، وتتمثل بتعزيز موقف الرئيس أردوغان وتسليمه صلاحيات جديدة واسعة النطاق. وسيكون للرئيس الآن سيطرة أكبر على أعضاء مجلس الشيوخ والقضاة وبيروقراطية الدولة بأكملها؛ وبإمكانه أيضاً الآن البقاء في السلطة حتى عام 2029. لقد كان المراقبون الدوليون لا يعرفون عن عملية الاستفتاء. حيث أصدرت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بيانا مشتركا انتقدتا فيه “مجال اللعب الغير متكافئ” الذي جرى الاستفتاء فيه وتم تسليط الضوء على حالة الطوارئ الجارية التي بموجبها “تم تقليص الحريات الأساسية الضرورية لعملية استفتاء ديمقراطية حقيقية”.
رد أردوغان على منظمة الأمن والتعاون في أوروبا قائلاً: “اعرفوا مكانكم. لا تتحدثوا بكلام فارغ“. وبعد أيام، صوت المشرعون الأتراك على تمديد حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر أخرى، وتم اعتقال العشرات الذين عارضوا نتيجة الاستفتاء. ورفع أعضاء آيفكس أصواتهم احتجاجا على ذلك: فقد دعى كل من منظمة بن الدولية وهيومان رايتس ووتش ومنظمة المادة 19 أعضاء الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا إلى “إعادة الرصد الكامل لحقوق الإنسان في تركيا” (والتي قاموا بها بتاريخ 25 نيسان).
The @CoE Assembly has just voted to re-open the monitoring procedure against #Turkey, closed in 2004: 113 for, 45 against, 12 abstaining. pic.twitter.com/TWc0FD4Z0J
— PACE (@PACE_News) April 25, 2017
في ظل هذه الظروف، يستمر اضطهاد الصحفيين في تركيا؛ حيث ذكرت مبادرة حرية التعبير – تركيا أن مجلس أوروبا يصنف تركيا كأكبر تهديد للصحفيين في أوروبا. وقاموا بذكر قضيتين بشكل خاص: محاكمة تلفزيون أودا والاضطهاد المستمر لصحيفة جمهوريت.
وشهد منتصف شهر نيسان تبرئة المدعى عليهم الـ 12 المتورطين في قضية تلفزيون أودا، حيث استمرت القضية ست سنوات (ووجهت إليهم تهمة العمل مع “إرجينيكون”، وهي منظمة قومية تحاول الإطاحة بالحكومة). لقد رحب الاتحاد الأوروبي للصحفيين بالبراءة، وأشار أيضا إلى أن بعض المدعين العامين والقضاة سجنوا أثناء المحاكمة بسبب “مزاعم كونهم أعضاء أو مؤيدون لمنظمة إرهابية غير مشروعة”.
وفي مطلع شهر نيسان، وجهت لائحة اتهام إلى 19 صحفياً وموظفين آخرين في جمهوريت بتهم دعم تحرك يقوده رجل الدين الذي يعيش في أمريكا فتح الله غولن (الذي تتهمه السلطات بتدبير محاولة الانقلاب في تموز الماضي). ومن المقرر أن تبدأ المحاكمة بتاريخ 24 تموز 2017، حيث يواجه المتهمون عقوبة تصل إلى السجن لمدة 43 عاما في حال إدانتهم. ووصفت منظمة مراسلون بلا حدود لائحة الاتهام “بالعار المطلق”، فيما وصفه معهد الصحافة الدولي بأنها “هراء”. أما شبكة حقوق رسامي الكاريكاتير الدولية التي تقوم بمناصرة رسام الكاريكاتير الشهير موسى كارتا (الذي يواجه عقوبة السجن لمدة 29 عاما)، فقد أعربت عن أسفها لـ “للانزلاق الواضح في الاستبداد”. كارتا هو أحد الصحفيين المحتجزين الذين يقوم أعضاء البرلمان الأوروبي بارسال رسائل دعم لهم (كجزء من مبادرة ممتازة من قبل مراسلون بلا حدود).
العنف ضد المثليين ومعسكرات الاعتقال – الشيشان
في الشيشان، كان مسؤولو الدولة يقودون حملة عنيفة ضد المثليين وثنائي الجنس والمتحولين جنسياً والشواذ وغيرهم. ففي وقت مبكر من هذا الشهر، أبلغت منظمة هيومن رايتس ووتش عن اختطاف وتعذيب الرجال المثليين. ثم سرعان ما ظهرت تقارير إخبارية من معسكرات السجون بأنه تم احتجاز أكثر من 100 رجل. ونفى الزعيم الشيشاني رمضان قديروف (الذي يعلن كرهه للمثليين) ذلك؛ وأعلنت روسيا أنها لا تعرف شيئا عن هذه الانتهاكات. لقد أدانت منظمة المادة 19 تحريض قديروف على العنف ضد المثليين وثنائي الجنس والمتحولين جنسياً والشواذ وغيرهم، ودعت الاتحاد الروسي للتحقيق في ذلك. وأصدرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بيانات تدعو إلى إجراء تحقيق. إن مجموعة التشريعات التي أقرها الاتحاد الروسي ضد المثليين جنسياً على مدى السنوات القليلة الماضية لم تؤجج فقط التعصب في جميع أنحاء أراضيها فحسب، بل أعطت موافقة ضمنية للذين يرغبون في شن هجمات ضد المثليين. وتعرض الناشطون الذين عبروا عن هذا الرأي عبر الإنترنت للإهانات والتهديدات والمعاملة السيئة.
أما الجانب الآخر المثير للقلق الشديد في هذه القصة، هو أن صحفيي نوفايا غازيتا الذين قدموا التقارير حول العنف ضد المثليين جنسياً تعرضوا أنفسهم للتهديد. وقد أدانت منظمة بن الدولية والاتحاد الأوروبي للصحفيين ومراسلون بلا حدود هذه التهديدات ودعوا إلى حماية الصحفيين. وكتبت هيومن رايتس ووتش ومنظمة المادة 19 رسالة مشتركة إلى الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا تدعوها إلى اعتماد “قرار قوي يعالج استمرار الإفلات من العقاب وتدهور حالة حقوق الإنسان في المنطقة”. (يرجى الاطلاع على الرسالة الكاملة لمزيد من التفاصيل).
ومن المثير للقلق أيضاً، بروز تقارير بأن رمضان قديروف يريد “القضاء” على المثليين وثنائي الجنس والمتحولين جنسياً والشواذ وغيرهم في الشيشان بحلول شهر رمضان، الذي يبدأ هذا العام بتاريخ 26 أيار.
Silvia Chocarro
بعد مثال بوتين السيئ – المجر
قام رئيس وزراء المجر وزعيم حزب فيديز فيكتور أوربان لعدة أشهر بتقليد فلاديمير بوتين في هجماته البلاغية على المجتمع المدني. وفي شهر نيسان، مثلما حدث مع نموذج بوتين، أصبحت تلك الهجمات تشريعية.
وكان أول هذه الهجمات التشريعية هو تقديم مشروع قانون – “شفافية المنظمات الممولة من الخارج” – الذي يهدف ، مثل القانون الروسي الذي يسمى بقانون “العملاء الأجانب” إلى وضع عبء إداري مرهق على منظمات المجتمع المدني التي تتلقى التمويل من الخارج. على الرغم من أن الهدف الظاهر من مشروع القانون هو تحقيق الشفافية في التمويل، إلا أن الأمر يتعلق حقاً بمنع المجتمع المدني من محاسبة الحكومة. وكان السياسيون البارزون (بما في ذلك أوربان) يشوهون ويزيلون شرعية المجتمع المدني بشكل علني منذ شهور، متهمينهم بالعمل على تقويض الدولة أو التعاون مع الإرهابيين. وتم استهداف المنظمات التي يمولها جورج سوروس أو التي يرتبط بها (والتي تمول مشاريع تعزز حقوق الإنسان والتعليم والحقوق الديمقراطية) على وجه التحديد. ومن بين المجموعات التي تقع تحت الضغط: الاتحاد المجري للحريات المدنية (عضو في شبكة آيفكس). حيث قدم الاتحاد تحليلا مفيدا للتهديد الذي يمثله هذا القانون.
أما الهجوم القانوني الثاني (المدفوع بنفس روح مشروع القانون المذكور أعلاه) تمثل في تعديلات على القانون الوطني للتعليم العالي في المجر. هذه التغييرات تضع عددا من القيود الغير معقولة على قطاع التعليم العالي، ويبدو أنها مصممة خصيصاً لإجبار جامعة أوروبا الوسطى على عدم القدرة على العمل (تأسست الجامعة من قبل جورج سوروس). وتقدم الجامعة تفسيراً واضحاً لهذه القيود الجديدة على موقعها على شبكة الإنترنت. وكان هناك احتجاج دولي ضخم ضد بلطجة الإدارة على الجامعة (منظمة المؤشر على الرقابة توفر نظرة عامة جيدة)، بما في ذلك رسالة عامة موقعة من قبل 400 كاتب شهير حول العالم. كما دعا سبعة وعشرون عضوا في آيفكس مسؤولين في الاتحاد الأوروبي إلى إدانة التشريع الجديد بسبب تهديده للتعبير الأكاديمي الحر بشكل عام وجامعة أوروبا الوسطى على وجه التحديد. وحثت كل من منظمة مراسلون بلا حدود وهيومان رايتس ووتش ومنظمات آخرى البرلمان الأوروبي على اتخاذ قرار بشأن الوضع الراهن في المجر.
تأخذ الهيئات الأوروبية هذا الأمر على محمل الجد. فبتاريخ 26 نيسان، أعلنت المفوضية الأوروبية أنها اتخذت إجراءات قانونية بإرسال رسالة إشعار رسمية إلى الحكومة المجرية بشأن قانون التعليم العالي المجري. وذكرت المفوضية أن القانون لا يتفق مع الحريات الأساسية الأكاديمية والداخلية. ولدى السلطات المجرية الآن شهراً واحداً للرد على مخاوف المفوضية القانونية. كما ذكرت المفوضية انها “ستواصل متابعة مشروع قانون تسجيل المنظمات غير الحكومية الذى اثار ايضاً المخاوف”.
كما أثارت لجنة الشؤون السياسية والديمقراطية التابعة للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا مخاوف بشأن كلا التشريعين. وطلبت من المجر “تعليق المناقشة البرلمانية حول مشروع قانون المجتمع المدني ووقف تنفيذ التعديلات على قانون التعليم العالي الذي بانتظار المراجعة.
لمحة مختصرة: أذربيجان، بيلاروس، تقارير إقليمية
عقب حملة القمع العنيفة الشهر الماضي والاعتقال الجماعي للصحفيين خلال الاحتجاجات في بيلاروس، أرسل الاتحاد الأوروبي للصحفيين ومنظمة المؤشر على الرقابة والمعهد الدولي للصحافة ومنظمة مراسلون بلا حدود ومنظمة المادة 19 ولجنة حماية الصحفيين، رسالة مشتركة إلى الأمين العام لمجلس أوروبا، ودعوا فيها إلى إضافة بيلاروس إلى منصة تعزيز حماية الصحافة وأمن الصحفيين، التي تسجل وترصد الهجمات ضد الصحفيين.
وكان معهد حرية وأمن الصحافيين ومنظمة المؤشر على الرقابة ومنظمة المادة 19 وبن الدولية من بين 56 منظمة حقوقية أرسلت رسالة مشتركة إلى الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، تدعوها إلى التحقيق الكامل والمستقل في مزاعم الفساد التي ترتبط ببعض أعضاء الجمعية والحكومة الأذربيجانية. وتشير الرسالة إلى تقرير صدر في شهر كانون الأول من عام 2016 ويتضمن “ادعاءات موثوقة بأن أعضاء الجمعية من مختلف البلدان والجماعات السياسية تلقوا دفعات مالية” مقابل التأثير على الأصوات لصالح أذربيجان. وفي قضية منفصلة، تم رفض استئناف المدون وعضو آيفكس مهمان حسينوف ضد الحكم عليه بالسجن لمدة عامين بتهمة التشهير؛ وأفاد معهد حرية وأمن الصحافيين بأنه نقل الآن إلى السجن.
شهد شهرا آذار ونيسان نشر دراستين مضيئتين ومثيرتين للقلق للغاية. الأولى بعنوان “صحفيون تحت الضغط: التدخل الغير مبرر والخوف والرقابة الذاتية في أوروبا” (تم نشرها من قبل مجلس أوروبا)، حيث كشفت أن ما يقارب ثلث الصحفيين في الدول الأعضاء تعرضوا للاعتداء خلال السنوات الثلاث الماضية؛ وقد تعرض 69 في المائة منهم للتخويف أو التهديد أو التشهير. أما “قوانين التشهير والذم في منطقة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا: دراسة مقارنة” (والتي أصدرها مكتب الممثل الخاص لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا المعني بحرية وسائل الإعلام)، فقد وجدت أن 18 دولة من دول منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لا تزال تحتفظ بقوانين تشهير جنائية صارمة تحمي رؤساء الدول الأجنبية.