الاعتداء على منتقدة الأمير ضربة أخرى مسددة لحرية التعبير
(منظمة هيمان رايتس ووتش/ آيفكس) – فبراير 26, 2012 – قالت هيومن رايتس ووتش إن الاتهامات الجنائية المنسوبة إلى رجل طالب سلمياً بنظام جمهوري في الأردن هي انتهاك لحرية التعبير، ولابد من سحب هذه الاتهامات فوراً. أمر الادعاء العسكري في محكمة أمن الدولة باحتجاز د. أحمد عويدي العبادي – المعارض البارز للملك عبد الله – ونسب إليه اتهامات جنائية، لأن العبادي طالب سلمياً في مقابلة في الإعلام بتبني الأردن للنظام الجمهوري بدلاً من الملكي.
في واقعة منفصلة تعكس تعدٍ على حرية التعبير، قام معتدٍ مجهول بطعن إيناس مسلم، طالبة، فيما يبدو أنه رد فعل على مقال كتبته انتقدت فيه أحد الأمراء.
وقال كريستوف ويلكى، باحث أول بقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “الملاحقات القضائية من طرف الحكومة للتعبير السلمي عن الآراء السياسية تخلق مناخ من عدم التسامح، حيث قد يعتقد الناس أن لا بأس بالاعتداء على من يكتب ما لا يعجبهم. على الادعاء أن يُسقط الاتهامات المنسوبة لأحمد العبادي وأن يركز على العثور على الشخص الذي اعتدى على إيناس مسلم”.
في مقابلة بتاريخ 18 يناير/كانون الثاني 2012 مع منظمة أيام الأردن (Jordan Days) الإعلامية على الإنترنت، التي تقابل أشخاص بارزين وتذيع جلسات برلمانية ومؤتمرات صحفية، قال العبادي إن “النظام الجمهوري قادم في الأردن، ولا عمره يتعدّى سنتين، في أقصاه” من أجل إنشائه.
ووصف العبادي النظام الملكي بأنه خارج إطار الزمن ولا يلبي آمال الشعب. لم يطالب بالعنف أو هو حدد كيف سيتغير النظام الملكي إلى الجمهوري، رغم أنه تنبأ بأن المسؤولين العسكريين المتقاعدين سوف يقومون بـ “ثورة”.
اتهم الادعاء العبادي بـ “التحريض على مناهضة نظام الحكم في المملكة للعمل على تقويضه” وهي جريمة تعاقب عليها المادة 149 من القانون الجنائي الأردني بالأشغال الشاقة. في 24 يناير/كانون الثاني أصدر الادعاء في محكمة أمن الدولة التي تسيطر عليها المؤسسة العسكرية أمراً باستدعاء العبادي. عندما لم يرد، تم القبض عليه في 2 فبراير/شباط وما زال رهن الاحتجاز على ذمة المحاكمة، على حد قول عمر العلوان، محاميه، لـ هيومن رايتس ووتش.
العبادي يقود الحركة الوطنية الأردنية، وهي جبهة معارضة تنتقد بالأساس ما يراه أعضاء الحركة الفساد في العائلة المالكة. دخل السجن سنتين في عام 2007 وعام 2008 بتهمة “تقويض نفسية الأمة [الإسلامية” بعد أن كتب رسالة علنية إلى الملكة رأت السلطات أنها تنطوي على القدح والذم.
أما مسلم، الطالبة والناشطة السياسية التي طُعنت في حادث منفصل، فقد قالت للإعلام إن ليلة 20 فبراير/شباط هاجمها معتد مجهول وطعنها في بطنها بسكين، وأنه قال لها: “هذه لأجل جلالة الملك وسمو الأمير”.
إثر الاعتداء قامت مديرية الأمن العام – جهاز الأمن الأردني الذي يضم عدة أجهزة شرطة – بمهاجمة شخص مسلم. انتقدت مسلم الأمير حسن، وهو ولي سابق للعهد وعم الملك عبد الله، في تدوينة لها، بعد مقابلة تلفزيونية أجراها الأمير في 19 فبراير/شباط. كتبت أن في المقابلة تهكم سموه على الشعب وتحدث باستهزاء عن النخبة السياسية المعارضة في المملكة.
فتحت إدارة البحث الجنائي تحقيقاً فور تعرضها للطعن، وقد أكده، لكن ظهر في بيان لمديرية الأمن العام بعد يومين – في 22 فبراير/شباط – مهاجمة لشخص مسلم، بدلاً من أن يذكر البيان تفاصيل التحقيق. ورد في البيان الادعاء بأنها تعاني من مشاكل نفسية وأنها في خلاف مع الطلاب الآخرين، وزعم أنه قد تم العثور على كمية قليلة من المواد المخدرة معها.
قال ناشط آخر لـ هيومن رايتس ووتش إنه قد تم في واقع الأمر العثور على المخدرات في دورة مياه مقر البحث الجنائي، وهو المكان الذي لم تطأه مسلم بقدمها مطلقاً، وكانت قد أقامت في المستشفى أربعة أيام بعد الهجوم. وقال إن معلوماته وصلته من خلال ما ذكرته مصادر في الشرطة لأسرة مسلم.
بالإضافة إلى الزعم بأنه لا توجد دوافع أيديولوجية أو سياسية وراء الهجوم، فقد شكك بيان المديرية في 22 فبراير/شباط في حقيقة خطورة إصابات مسلم.
قالت مسلم لـ هيومن رايتس ووتش إنها لن تغير أقوالها في الواقعة.
ولقد ادّعى أردنيون يحتجون منذ يناير/كانون الثاني 2011 للمطالبة الإصلاح السياسي ووقف الفساد أن بلطجية موالين للحكومة قاموا عدة مرات بمهاجمتهم، وكانوا يزعمون أنهم يعملون لصالح أجهزة الأمن. وكان بعض المعتدى عليهم من العاملين بالإعلام، لكن الشرطة لم تحاسب أحداً على هذه الاعتداءات.
تنص المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية – والأردن دولة طرف فيه – أن على الأردن ضمان حرية الرأي والتعبير. وقالت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان – التي توفر تفسيرات رسمية للعهد – أن “تجريم منفذ إعلامي أو ناشر أو صحفي لمجرد أنه منتقد للحكومة أو النظام السياسي الاجتماعي الذي تتبناه الحكومة لا يمكن أبداً اعتباره قيد ضروري على حرية التعبير”.
وقال كريستوف ويلكى: “في عام 2011 اقترحت الحكومة قانوناً ضد اغتيال الشخصية، لكن ها نحن نرى الشرطة تتعرض لضحية ما يبدو بوضوح أنه اعتداء، فيما قد يعني التحقيق في الجريمة الإقرار بحق انتقاد أحد أعضاء العائلة المالكة”.