يعاني علاء عبد الفتاح، منذ بداية عام 2015، من العزلة وعدم قدرته على الاتصال بالعالم الخارجي، بسبب التضييق الشديد على حقه في اﻹطلاع والقراءة والمراسلة، حيث رفضت إدارة السجن دخول عدد كبيرمن المؤلفات والكتب، دون مسوغ قانوني أو مبرر منطقي.
ظهر هذا المقال أولاً على موقع مؤسسة حرية الفكر والتعبير في تاريخ 2 مارس 2017.
يقضي الناشط علاء عبد الفتاح، وهو مهندس برمجيات، عقوبة بالحبس لمدة خمس سنوات بسجن طرة عنبر الزراعة قطاع طرة (ب). بدأ عبد الفتاح في تنفيذ العقوبة منذ أكتوبر 2014، بعد أن قضت محكمة جنايات القاهرة، في فبراير 2014، بمعاقبة علاء عبد الفتاح وآخرين بالسجن المشدد ٥ سنوات، وتغريم كل منهم مائة ألف جنيه، ووضع المحكوم عليهم تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة الموقعة على كل منهم، وهي في حالة علاء عبد الفتاح خمس سنوات أخرى، بتهمة التحريض علي التظاهر، وتعرف هذه القضية إعلاميا بأحداث مجلس الشورى.
يعاني علاء عبد الفتاح، منذ بداية عام 2015، من العزلة وعدم قدرته على الاتصال بالعالم الخارجي، بسبب التضييق الشديد على حقه في اﻹطلاع والقراءة والمراسلة، حيث رفضت إدارة السجن دخول عدد كبيرمن المؤلفات والكتب، دون مسوغ قانوني أو مبرر منطقي، كما تأخر وصول المراسلات لفترات طويل، مما يفقد هذه المراسلات أهميتها، إضافة إلى العديد من المراسلات التي لم تصل إليه بشكل كامل.
وإزاء هذه الإجراءات شديدة التعسف، أقامت مؤسسة حرية الفكر والتعبير دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، وحملت الدعوى رقم 20107 لسنة 71 ق، طالبت فيها المؤسسة بشكل عاجل بوقف تنفيذ قرار جهة الإدارة بالامتناع عن دخول الدوريات العلمية المتعلقة بمهنة الطاعن، وأشارت الدعوى إلى عدد من الدوريات الهامة، التي يحتاجها علاء عبد الفتاح على سبيل المثال، وتأثير دخول المجلات والدوريات العلمية على تطوره ومستقبله المهني، إذ يصعب عليه أن يواكب التطورات المتعلقة بمجال التكنولوجيا، في ظل حرمانه من القراءة والإطلاع.
وطالبت مؤسسة حرية الفكر والتعبير في دعواها بدخول جريدتين يوميتين من الجرائد الورقية مثل: جريدتي الشروق واليوم السابع، على نفقة الطاعن الخاصة، مع إلزام جهة الإدارة بتسليم الطاعن كافة المراسلات، التي ترسل إليه بشكل منتظم، وإلزامها بالإفصاح عن الأسباب التي تدفع تلك الأخيرة إلى منع الرسائل أو الكتب والمطبوعات.
واستندت المؤسسة في دعواها هذه إلى مجموعة من النصوص المتعلقة بقانون تنظيم السجون و اللائحة الداخلية للسجون المصرية، والتي تعطي الحق للمسجونين في الإطلاع والقراءة، والحق في تلقي المراسلات، كما استندت الدعوى إلى النصوص الدستورية، التي توضح الحق في الحصول على المعلومات وتلقيها بكافة الطرق.
استعرضت عريضة الدعوى مخالفة قرار إدارة السجن بمنع دخول المطبوعات للناشط علاء عبد الفتاح لعدد من المواثيق الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان، والتي تحمي بوضوح حقوق الإنسان للسجناء، ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، وكذلك النصوص المتعلقة بحق السجين في الاتصال بالعالم الخارجي، والتي تنظمها قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (المعروفة باسم قواعد مانديلا).
يقول حسن الأزهري، مدير الوحدة القانونية بمؤسسة حرية الفكر والتعبير: ” أن هناك حاجة لإعادة النظر في التشريعات المنظمة لأوضاع السجون من ناحية، والسياسات المتبعة في إدارة السجون المصرية من ناحية أخرى، إذ أن القصور الذي يشوب القوانين واللوائح المنظمة لعمل السجون بحاجة ماسة إلى مراجعة شاملة التزاما بالمعايير الدستورية والضوابط التي استحدثتها الدساتير المصرية الحديثة مثل الحق في الحصول على المعلومات”. ويلفت اﻷزهري إلى الواقع السيء الذي يعيشه علاء عبد الفتاح قائلا: “يعاني علاء عبد الفتاح من المصادرة على حقوق مكفولة قانونيا لكافة السجناء، وهذا التعنت الذي يواجهه علاء عبد الفتاح بمثابة عقوبة أخرى إضافة إلى عقوبة الحبس التي جاءت لردعه عن التعبير الحر عن آرائه”.
وبعد أن نظرت محكمة القضاء الإداري أولى جلسات دعوى علاء عبد الفتاح المتعلقة بحقه في الإطلاع والمراسلة، في 21 فبراير الماضي، فوجئ ذوي علاء عبد الفتاح أثناء زيارتهم له، في 27 فبراير، أن هناك تعليمات من مصلحة السجون بمنع دخول أي كتب غير الكتب الدراسية لكافة السجناء الموجودين بسجون قطاع طرة (ب)، وأرجع مسئولو السجن ذلك إلى تعليمات صدرت بعد أن أقام علاء عبد الفتاح دعواه أمام القضاء.
أرسلت مؤسسة حرية الفكر والتعبير تلغرافات لتثبت هذه الواقعة إلى النائب العام ووزير الداخلية ورئيس قطاع مصلحة السجون في 27 فبراير 2017، نظرا لما يشكله هذا الأمر من تعدى علي حق السجين في التقاضي وحقه في الشكوي ومخاطبة السلطات، وهو حق مكفول طبقا للمادة (97) من الدستور المصري، خاصة أن هذه الإجراءات تثير القلق لدى ذوي علاء عبد الفتاح وأقاربه، خوفا من تمادي وزارة الداخلية وإدارة السجن، في القيام بأمور من شأنها الإضرار به وبسلامته.
وقد تقدمت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، في 2 مارس الجاري، بطلب إلى النائب العام المصري، لما لديه من سلطات واختصاصات بموجب قانون تنظيم السجون وقانون الإجراءات الجنائية وقانون السلطة القضائية، لدخول السجون والتحقق من مراعاة ما تقضي به القوانين واللوائح، والتواصل مع السجناء لسماع شكواهم.