حل جمعية حقوقية بارزة وعقوبات قاسية في تهم ذات دوافع سياسية
(هيومن رايتس ووتش/ايفكس) – مارس 11, 2013 – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن العقوبات القاسية الصادرة بحق عدد من أبرز مناصري حقوق الإنسان في السعودية، والأمر بحل جمعية للحقوق المدنية والسياسية، تمثل انتكاسة كبرى لحقوق الإنسان في البلاد. يجب على السلطات السعودية أن تسقط التهم وتفرج فوراً عن الناشطين الحقوقيين البارزين المحكوم عليهما بالسجن لمدد طويلة، بعد إدانتهما أمام المحكمة الجزائية المتخصصة يوم السبت بتهم ذات دوافع سياسية.
شارك الناشطان، محمد القحطاني وعبد الله الحامد، في تأسيس جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية، وهي منظمة حقوقية طالبت بالمزيد من الحقوق المدنية في المملكة. وواجه الاثنان تهماً تشمل “زعزعة الأمن بالدعوة للمظاهرات” و”تقديم معلومات غير صحيحة لجهات خارجية” و”السعي إلى زرع الفتنة والانقسام في المجتمع” و”المشاركة في تأسيس جمعية غير مرخصة”. صدر الحكم على الناشطين لا لشيء إلا لمناصرتهما السلمية للإصلاح، وانتقادهما لانتهاكات حقوق الإنسان.
قال إريك غولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “هذه ببساطة قضية مشينة، توضح إلى أي مدى يمكن أن تذهب السلطات السعودية لإسكات المناصرين المعتدلين للإصلاح ومزيد من الاحترام لحقوق الإنسان. على السلطات السعودية أن تفرج فوراً عن القحطاني والحامد، وتسقط التهم الموجهة إليهما، وتنهي المحاكمات السياسية أمام المحكمة الجزائية المتخصصة”.
بدأت المحكمة الجزائية المتخصصة محاكمة الناشطين في يونيو/حزيران 2012. في البداية حوكم كل منهما على حدة وراء أبواب مغلقة، مثل معظم المحاكمات المنظورة أمام المحكمة الجنائية المتخصصة. إلا أن القاضي قرر دمج القضيتين بعد الجلسة الأولى لكل منهما، واستمرت المحاكمة سرية حتى الجلسة الخامسة والأخيرة، حين رفع القاضي السرية عن الإجراءات أخيراً وسمح بحضور وسائل الإعلام والمحامين والنشطاء الحقوقيين، الذين حضروا في وجود أفراد القوات الأمنية.في الجلسة الأخيرة يوم السبت، بحسب صحيفة سبق، أطال القاضي في تلاوة لائحة الاتهام وشبّه معتقدات الناشطين بمعتقدات الإرهابيين، زاعماً أن “المطالبة بتغيير اسم المملكة لا يمكن أن تكون من الإصلاح”. كما أفادت الصحيفة بأن رئيس الجلسة القاضي حماد العمر أمر الحامد، بعد تعليق منه حول عدم استقلال المحكمة، ألا يجادل في مشروعية الأحكام، محذراً إياه بأن “القاضي يمكن له أن يضيف ما يراه ولا يلتزم بالدعوىفقط”.
في نهاية المحاكمة حكم القاضي حماد العمر على القحطاني البالغ من العمر 47 عاماً بالسجن لمدة 10 سنوات ومنعه من السفر إلى الخارج لمدة عقد آخر بعد قضاء محكوميته. وحكم على الحامد بالسجن لمدة 5 أعوام بالإضافة إلى قضاء حكم سابق بالسجن لمدة 6 أعوام كان قد أفرج عنه منه بعفو ملكي في 2006، وكان العفو مشروطاً بامتناعه عن نشاطه الحقوقي. كما فرض القاضي منعه من السفر لمدة 5 سنوات بعد قضاء مدة العقوبة. للرجلين الحق في استئناف الأحكام الصادرة بحقهما خلال 30 يوماً.
بعد النطق بالحكم، أمر القاضي بتوقيف الناشطين فوراً وحل جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية ومصادرة أموالها وإغلاق موقعها الإلكتروني وكافة الحسابات الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي المرتبطة بالجمعية.
قامت السلطات السعودية أيضاً باستهداف وحبس أعضاء آخرين في جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية، حيث يقضي محمد البجادي عضو الجمعية حالياً عقوبة السجن لمدة 4 أعوام بعد أن أدانته إحدى المحاكم الجزائية المتخصصة في أبريل/نيسان 2012 بتهم تشمل “التحريض على المظاهرات”. كما يقضي سليمان الرشودي رئيس الجمعية حالياً عقوبة السجن لمدة 15 عاماً التي وقعتها عليه محكمة جزائية متخصصة بعد إدانته بتهم تشمل “نقض البيعة مع الملك”. حاولت جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية أن يتم تسجيلها كمنظمة قانونية مستقلة، لكن السلطات لم تسمح بهذا.
سبق لـ هيومن رايتس ووتش دعوة السلطات السعودية لإلغاء المحكمة الجزائية المتخصصة. أنشأت الحكومة تلك المحكمة في 2008 للنظر في قضايا الإرهاب، إلا أنها استغلتها على نحو متزايد لملاحقة المعارضين السلميين بتهم ذات دوافع سياسية وفي محاكمات تنتهك الحق الأساسي لكل متهم في الحصول على محاكمة عادلة. ولأن المملكة العربية السعودية ما زالت بدون قانون جنايات مكتوب فإن القضاة يتمتعون بسلطة تقديرية واسعة في تعريف الأفعال التي يمكن اعتبارها جنائية وفق تفسيرهم الخاص للشريعة الإسلامية، كما يمتلكون سلطات واسعة في تقرير العقوبات على ما يتراءى لهم من جرائم.
إن غياب قانون واضح ويمكن التنبؤ به للجنايات ينتهك المبادئ الدولية لحقوق الإنسان التي تحظر الاعتقال التعسفي وتضمن الحق في المحاكمة العادلة. وتنص المادة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه “لا يدان أي شخص من جراء أداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل إلا إذا كان ذلك يعتبر جرماً وفقاً للقانون الوطني أو الدولي وقت الارتكاب”. كما أن المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي صدقت عليه المملكة العربية السعودية، تكفل الحق في التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات.
قال إريك غولدستين: “بدلاً من سجن هذين وغيرهما من مناصري التغيير السلمي، ينبغي على السلطات السعودية اتخاذ خطوات للتوافق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. فالمطالبة بالحقوق الأساسية المدنية والسياسية ليست جريمة، رغم جهود القضاة السعوديين لإلصاق هذه الصفة بها”.