إن القانون الكويتي الجديد الخاص بجرائم تقنية المعلومات يتضمن قيوداً واسعة المدى على التعبير الإلكتروني تخرق التزامات الكويت بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. وعلى مجلس الأمة، الذي وافق على القانون في 16 يونيو/حزيران 2015، أن يعدله لإزالة تلك البنود.
ظهر هذا المقال على موقع هيومن ريتس وتش في تاريخ 22 يوليو 2015.
إن القانون الكويتي الجديد الخاص بجرائم تقنية المعلومات يتضمن قيوداً واسعة المدى على التعبير الإلكتروني تخرق التزامات الكويت بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. وعلى مجلس الأمة، الذي وافق على القانون في 16 يونيو/حزيران 2015، أن يعدله لإزالة تلك البنود.
ويفرض قانون جرائم تقنية المعلومات عقوبات جنائية على جرائم من قبيل اختراق الأنظمة الإلكترونية واستعادة البيانات الشخصية دون ترخيص، علاوة على الاحتيال ونشر المواد الإباحية وممارسة الإتجار في البشر عبر الإنترنت. إلا أن المادتين 6 و7 توسعان نطاق الحظر القائم المفروض على المطبوعات بحيث يشمل تقريباً أي نشر للمعلومات على الإنترنت، بما في ذلك الصحافة الإلكترونية والاستخدام الخاص لمواقع التواصل الاجتماعي والمدونات.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “يأتي هذا القانون الجديد في توقيت ملاحقة الكويت للعديد من ساسة المعارضة ونشطائها، وللصحفيين وغيرهم من منتقدي الحكومة، باستخدام تفسيرات فضفاضة للدوافع الأخلاقية واشتراطات الأمن القومي. ويبدو أن القانون قد صُمم كي يتيح للسلطات مساحة قانونية أوسع لتقليص حقوق الكويتيين في حرية التعبير”.
وكان وزير العدل الكويتي يعقوب الصانع قد قال لمصادر إعلامية في 22 يونيو/حزيران إن القانون يهدف إلى “الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي” ولا ينطبق إلا على الأشخاص الذين يديرون شبكات مصممة لنشر المواد الإباحية أو الإساءة للغير. وقال: “لكل شخص الحق في استخدام الأجهزة المحمولة بدون رقابة”. ومع ذلك فإن صياغة القانون تناقض هذا التطمين، فرغم أن القانون لا يعطي السلطات أية صلاحيات رقابية إضافية إلا أنه يستحدث حشداً من الجرائم الجديدة التي يرجح أن تقود السلطات إلى زيادة استخدامها لسلطاتها التحقيقية القائمة.
فتفرض المادة 6 عقوبة السجن والغرامة للمساس بالدين ورموزه، ولانتقاد الأمير على الإنترنت. ويبدو أن هذه الجرائم، القائمة بالفعل بموجب قانون المطبوعات والنشر الكويتي لسنة 2006، تنتهك القانون الدولي، فالمادة 6 تحظر أيضاً التصريحات المتداولة على الإنترنت والتي تنتقد النظام القضائي أو تسيء إلى علاقات الكويت بدول أخرى، أو التي تنشر معلومات سرية، بدون استثناء لعمليات الإفشاء للمصلحة العامة.
وتفرض المادة 7 عقوبة السجن لمدد تصل إلى 10 سنوات لاستخدام الإنترنت في “قلب نظام الحكم في البلاد، وكان التحريض متضمناً الحث على تغيير هذا النظام بالقوة أو بطرق غير مشروعة، أو الدعوة إلى استخدام القوة لتغيير النظام الاقتصادي والاجتماعي القائم في البلاد، أوإلى اعتناق مذاهب ترمي إلى هدم النظم الأساسية في الكويت بطرق غير مشروعة”.
يُخوّل القانون السلطات صلاحية إغلاق جميع المنافذ أو المواقع التي ترتكب فيها هذه الجرائم لمدة عام واحد، ومصادرة الأجهزة المستخدمة في ارتكابها.
ويكفل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي صدّقت عليه الكويت، الحق في حرية التعبير. ويُسمح للحكومات بتقييد حرية التعبير لأسباب محددة بعينها، من قبيل “حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة أو الآداب العامة” ولكن فقط حينما يكون التقييد ضرورياً ومتناسباً مع خطر الإضرار بتلك المصالح. أما النصوص الغامضة لقانون جرائم تقنية المعلومات فهي تتجاوز هذه الشروط ويتيح القانون ملاحقة الرأي السياسي الخاضع لضمانات خاصة بموجب العهد الدولي.
كانت الكويت تُعتبر فيما مضى البلد الخليجي الأكثر تسامحاً مع حرية التعبير. لكن منذ تسببت أزمة سياسية في مظاهرات حاشدة وأدت في النهاية إلى استقالة الحكومة في 2011، تكرر تذرّع مسؤولي الكويت ببنود غامضة الصياغة من قانون العقوبات وقانون الأمن الوطني لقمع حرية التعبير.
ويضم الاثنان نصوصاً تُجرم “المساس”، وقد استخدمها أفراد النيابة لاتهام نشطاء وصحفيين ومدونين وغيرهم لممارسة التعليق السياسي أو الاجتماعي. وبموجب المادة 4 من قانون الأمن الوطني لسنة 1970، يمكن لأي شخص مدان بارتكاب “عمل عدائي ضد دولة أجنبية من شأنه تعريض الكويت لخطر الحرب أو قطع العلاقات السياسية” أن يواجه عقوبة السجن لمدة لا تقل عن 3 أعوام. ومنذ يناير/كانون الثاني 2015 وجهت السلطات الاتهام إلى ما لا يقل عن 6 أشخاص بموجب هذا النص لتغريدات تنتقد المملكة العربية السعودية.
أما المادة 25 من قانون الأمن الوطني فهي تنص على عقوبات بالسجن لمدد تصل إلى 5 سنوات لأي شخص يهين الأمير علانية أو “الذات الإلهية أو الأنبياء أو الصحابة أو آل البيت”. ومنذ يناير/كانون الثاني 2011، قامت السلطات بموجب هذه المواد وغيرها بملاحقة ما لا يقل عن 63 شخصاً عبّروا عن آراء انتقادية على تويتر وفيسبوك وعلى مدونات وغيرها من منابر التواصل الاجتماعي، وفي مظاهرات. وقد علقت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، التي تشرف على تطبيق الدول للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، قائلة إن رؤساء الحكومات يخضعون على نحو قانوني للنقد والمعارضة السياسية. كما قالت إن قوانين ازدراء الأديان محظورة ما لم تقتصر بوضوح على الأقوال الداعية إلى الكراهية الدينية والتي تحرص على العنف أو التمييز.
وكدولة طرف في العهد الدولي، وفي الميثاق العربي لحقوق الإنسان، فإن الكويت ملزمة بحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمادة 36 من دستور الكويت أيضاً تضمن حرية الرأي والتعبير.
وقالت سارة ليا ويتسن: “تعرضت سمعة الكويت كبلد خليجي متسامح نسبياً مع الحقوق لتدهور كبير في السنوات الأخيرة، ولن يعمل قانون جرائم تقنية المعلومات الأخير إلا على تعميق هذا المسار الانحداري. وعلى البرلمان المسارعة إلى تعديل القانون لحذف بنوده الإشكالية وتعزيز الحق في حرية التعبير”.
إضغط هنا لقراءة أبرز بواعث القلق والتوصيات.