فرقت السلطات الجزائرية بالقوة مظاهرة معارضة لولاية رابعة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الجزائر، عشية انتخابات 17 أبريل/نيسان الرئاسية.
قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن السلطات الجزائرية فرقت بالقوة مظاهرة معارضة لولاية رابعة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الجزائر، عشية انتخابات 17 أبريل/نيسان الرئاسية. ينبغي على السلطات القطع مع هذه الممارسات القمعية بإلغاء مرسوم 2001 الذي يحظر المظاهرات في الجزائر العاصمة، والسماح للناس بممارسة حقهم في التجمع السلمي في أي مكان في الجزائر.
يسلط هذا التفريق العنيف الضوء على الممارسات القمعية المعتادة لقوات الأمن. ومع ذلك، وخلال فترة ما قبل الانتخابات، ردت السلطات على المظاهرات بطريقة مختلفة. فمنذ منتصف مارس/آذار، سمحت السلطات بعدة مسيرات في شوارع الجزائر العاصمة، بما في ذلك بعض المظاهرات التي نظمتها قوى مؤيدة لمقاطعة الانتخابات ومن قبل قوى أخرى، اجتمعت تحت لواء حركة “بركات” (كفى) والتي تعارض ولاية رابعة للرئيس. في العديد من المدن، كانت الشرطة تتمركز بجانب المظاهرات المعارضة دون التدخل. قبل منتصف مارس/آذار، منعت قوات الأمن بشكل منهجي أو فرقت نشطاء “حركة بركات” أو مؤيدي المقاطعة الذين كانوا يحاولون التظاهر في الجزائر العاصمة، ووضعهم بالقوة داخل عربات الشرطة قبل الإفراج عنهم بعد بضع ساعات.
قال إريك غولدستين: “اصطدم الجزائريون الذين عاشوا لحظات احترم فيها بشكل استثنائي الحق في التظاهر السلمي في عاصمتهم، بالواقع مرة أخرى من خلال وحشية الشرطة في 16 أبريل/نيسان. وعلى المسؤولين الجزائريين أن يقوموا خلال فترة ما بعد الانتخابات بوضع نهاية للحظر المطلق على المظاهرات في العاصمة، والذي يكشف الكثير عن غياب الحريات الأساسية في الجزائر”.
قال العديد من نشطاء حركة “بركات” لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة أوقفتهم عند الساعة الرابعة عصر يوم 16 أبريل/نيسان، بينما كانوا يسيرون في شارع ديدوش مراد في اتجاه ساحة أودان والكلية المركزية في الجزائر العاصمة، حيث كانت الحركة تعتزم الاعتصام. وقالوا إن الشرطة احتجزتهم لمدة ساعة تقريبا في سلالم المباني القريبة.
قالت أميرة بوراوي، وهي ناشطة في حركة “بركات”:
كنا قد قررنا السير في شارع ديدوش مراد في شكل مجموعات متفرقة لتجنب توقيفنا من قبل الشرطة. كنت ضمن مجموعة من حوالي عشرة نشطاء. كان هناك الآلاف من عناصر الشرطة المنتشرين في الشارع. فجأة، هرع نحوي حوالي عشرين من رجال الشرطة بزي رسمي وفي ملابس مدنية، وأمسكوا بي وضربوني على الكاحلين والساقين، ثم أخذوني بالقوة إلى مبنى في شارع ديدوش مراد. وكان واحد منهم قد سبني، ووصفني بـ “اليهودية القذرة”، و ” الحركية” [في إشارة إلى الجزائريين الذين ساعدوا فرنسا خلال حرب التحرير، وهو مرادف للخائن و المتعاون]، و”العاهرة”. في المبنى الذي كنت فيه، كان هناك اثنان آخران من النشطاء، هما مصطفى بنفضيل ومصطفى موسوي. ورأيت أن الشرطة قد عرضتهما للضرب أيضا. وبما أنني طبيبة، رأيت كدمات على الساقين، والكاحلين، والكتفين.
كما قال إدير تزروت، وهو صحفي وعضو في التنسيقية الوطنية لحركة “بركات”:
أثناء السير في شارع ديدوش مراد في اتجاه الكلية المركزية، هرع رجال الشرطة نحوي ونحو العديد من الشخصيات الأخرى المعروفة في الحركة كما لو أنهم قد تعرفوا علينا منذ البداية. كنت محاطا بحوالي عشرة رجال شرطة، ركلوني في الساقين ولكمني واحد منهم على الوجه. أسقطوني أرضا، قبل أن يسحبوني وهم يسبونني نحو مبنى حيث حبسوني لمدة نصف ساعة، ثم أطلقوا سراحي. كنت أرغب في الانضمام إلى زملائي في الشارع ولكن ضباط شرطة آخرين هرعوا نحوي وعزلوني، وشرعوا مرة أخرى في ضربي.
يتناقض هذا مع مع التسامح النسبي الذي أبدته السلطات تجاه احتجاجات حركة “بركات” والائتلاف المؤيد للمقاطعة منذ منتصف مارس/اذار. في 15 مارس/آذار 2014، تمكن نشطاء حركة “بركات” من تنظيم وقفة لعدة ساعات أمام الكلية المركزية في الجزائر العاصمة، من دون تدخل قوي من قبل قوى الأمن التي كانت فيما مضى تقوم بتفريق المتظاهرين واعتقالهم بشكل ممنهج. وبالمثل، نظمت حركة “بركات” مسيرات في مدينة بجاية، يوم 2 أبريل/نيسان، التي حضرها حوالي 200 شخص وفقا للحركة، وعنابة يوم 3 أبريل/نيسان مع حوالي نفس العدد من المتظاهرين. في كلتا الحالتين، كانت الشرطة تنتشر بجانب المسيرة دون تدخل.
كما أعطت ولاية الجزائر العاصمة ترخيصا للتحالف المؤيد للمقاطعة، لتنظيم اجتماع يوم 21 مارس/آذار في قاعة حرشة في الجزائر العاصمة. ويتكون من خمسة أحزاب معارضة هي حركة مجتمع السلم، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وجبهة العدالة والتنمية، وحزب النهضة، وجيل جديد، و أحمد بن بيتور الذي سحب ترشحه للانتخابات الرئاسية.
خلال الأسبوع الأول من شهر مارس/آذار، شرعت الشرطة في اعتقال تعسفي لأنصار حركة “بركات” على الأقل ثلاث مرات حينما أعربوا عن معارضتهم لترشح بوتفليقة لولاية رابعة. وبالمثل، قال حسين بلعباس، رئيس التجمع الدستوري الديمقراطي، لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة حاصرت مكان النصب التذكاري للشهيد على مرتفعات الجزائر العاصمة، ومنعت قادة الائتلاف المؤيد للمقاطعة من الوصول إلى المكان الذي كانوا قد حددوه لتنظيم مظاهرة يوم 12 مارس/آذار 2014.
وأفادت وسائل إعلام بوقوع حوادث أخرى في أماكن قامت فيها الاحتجاجات المناهضة لـ بوتفليقة بعرقلة أو منع اجتماعات فريق دعم حملة إعادة ترشح بوتفليقة. وعلى سبيل المثال، في بجاية يوم 5 أبريل/نيسان حاصر المحتجون دار الثقافة حيث كان عبد المالك سلال، مدير حملة بوتفليقة، يعتزم عقد اجتماع، فكسروا وحرقوا جزءا من المبنى. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه يتوجب على السلطات منع ومعاقبة أعمال العنف والأفعال التي تهدف إلى منع الأشخاص الآخرين من ممارسة حقوقهم، ولكن لا ينبغي لهذا في أي حال من الأحوال أن يبرر القمع واسع النطاق للحق في التجمع.
تم تعديل القانون 89-28 بشأن الاجتماعات والمظاهرات العمومية، الذي سن في عام 1989، في ذروة التحرر السياسي والقانوني، من قبل البرلمان في عام 1991، عندما شهدت البلاد تظاهرات حاشدة ومصادمات عنيفة أحيانا بين متظاهرين معارضين للحكومة وقوات الأمن. فرضت السلطات حظرا على المظاهرات في الجزائر العاصمة في 18 يونيو/حزيران 2001، لمدة أربعة أيام بعد مسيرة حاشدة ركزت على حقوق المجموعة العرقية الأمازيغية، أو البربرية، التي استقطبت المشاركين من مختلف أنحاء منطقة القبائل ذات الأغلبية الأمازيغية، مما أدى إلى نهب المتاجر واشتباكات بين الشرطة والمحتجين وشباب محليين. لم تلغ السلطات الحظر عندما رفعت في عام 2011 حالة الطوارئ، القائم منذ 19 عاما.
قلص قانون عام 1991 بشكل كبير من الحق في التجمع وعقد الاجتماعات، وهو يلزم منظمي أي اجتماع عمومي بإبلاغ الوالي قبل الاجتماع بثلاثة أيام. ويعرف القانون “الاجتماع العممومي” على أنه تجمع في مكان مغلق وفي متناول الجمهور، بعيدا عن الطرق والفضاءات العامة الخارجية، “قصد تبادل الأفكار أو الدفاع عن مصالح مشتركة”.
ويعرف القانون المظاهرات العمومية على أنها “المواكب والاستعراضات، أو تجمعات الأشخاص، وبصورة عامة جميع التظاهرات التي تجري على الطريق العمومي”، ويلزم المنظمين بتقديم طلب إلى الولي قبل ثمانية أيام على الأقل من المظاهرة. ومن المفترض أن يصدر الوالي فورا وصل استلام الطلب وأن يقدم تصريحه المكتوب قبل خمسة أيام على الأقل من إجراء المظاهرة. ومع ذلك، غالبا ما ما كانت ممارسة الإدارة هي الامتناع عن إصدار إيصال، وهو ما يجعل المنظمين عاجزين عن أن يثبتوا أنهم قدموا طلبهم في الوقت المحدد.
وبموجب ذلك القانون، تستطيع الإدارة حظر التجمع “إذا تبين أنه يشكل خطرا حقيقيا على الأمن العمومي أو إذا تبين جليا أن القصد الحقيقي من الإجتماع يشكل خطرا على حفظ النظام العام، مع إشعار المنظمين بذلك”. ليست السلطات ملزمة بتعليل القرار.
يحظر القانون ” أي اجتماع أو مظاهرة مناهضة لـ”الثوابت الوطنية”، أو “المس برموز ثورة 1 نوفمبر/تشرين الثاني [تاريخ بدء حرب الاستقلال الجزائرية في مواجهة القوة الاستعمارية الفرنسية]، أو النظام العام، أو الآداب العامة”. يمكن للمنظمين أن يستأنفوا قرار رفض منحهم التصريح أمام المحكمة الإدارية.
تنص المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن:
“يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به. ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم”.
يسمح القانون الدولي بقيود على الحق في التجمع السلمي فقط في بعض الحالات المحدودة، والتي ينبغي أن تحدد بدقة؛ يجب أن يكون أي قيد متناسبا ويسمح به فقط حينما يكون حقا ضروريا. ويشكل الحظر التام، وإلى أجل غير مسمى، على التجمعات السلمية، خاصة في العاصمة، انتهاكا للعهد الدولي.
قال إريك غولدستين: “لقد حان الوقت للسلطات الجزائرية لإصلاح هذه القوانين القمعية، وإلغاء مرسوم 2001 الذي يحظر المظاهرات في الجزائر العاصمة”.
“.هرع نحوي حوالي عشرين من رجال الشرطة بزي رسمي وفي ملابس مدنية، وأمسكوا بي وضربوني على الكاحلين والساقين”