إن هذا القمع ينتهك الحق في التجمع، ويشكل خطوة إلى الوراء في بلد أحرز تقدما نحو احترام حقوق أفراد مجتمع الميم.
نُشر هذا المقال أولاً على موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بتاريخ 18 أيار 2018
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن قوى الأمن الداخلي اللبنانية أوقفت ناشطا حقوقيا بارزا في مجتمع الميم، وضغطت عليه لإلغاء فعاليات “بيروت برايد”. ينتهك هذا القمع الحق في التجمع، ويشكل خطوة إلى الوراء في بلد أحرز تقدما نحو احترام حقوق أفراد مجتمع الميم.
بيروت برايد هي 9 أيام من النشاطات احتفالا بهويات المثليين/ات ومزدوجي/ات التوجه الجنسي ومتحولي/ات النوع الاجتماعي. انطلقت في 12 مايو/أيار 2018 خلال حفل غداء لتكريم الأسر التي تدعم أولادها من مجتمع الميم، في 17 مايو/أيار، اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية. من النشاطات المقررة قراءات شعرية، غناء كارايوكي، ونقاش حول الصحة الجنسية والإيدز، بالإضافة إلى ورشة عمل للتعريف بالمبادئ القانونية. غير أن قوات الأمن الداخلي اقتحمت في 14 مايو/أيار أمسية شعرية واستدعت منسق بيروت برايد، هادي داميان، إلى مخفر حبيش حيث أمضى ليلته.
قالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “التدخل الرسمي لمنع بيروت برايد هو خطوة مشينة إلى الوراء، في بلد يتجه فيه القضاء، ومواقف بعض السياسيين، نحو حقوق أفضل لمجتمع الميم. لا يوجد أي مبرر لوقيف نشاطات ثقافية وورش عمل صحية وقانونية باسم ′الآداب′”.
قال داميان إن شرطة الآداب حققت معه وقالت له إن النيابة العامة قد منعت أسبوع بيروت برايد، وضغطت عليه للتوقيع على تعهد بإلغاء جميع نشاطات بيروت برايد القادمة وإلا واجه تهم “الحض على الفجور” و”الإخلال بالآداب العامة”. نشرت بيروت برايد لاحقا بيانا يعلن توقيف النشاطات. لم تُجب قوى الأمن الداخلي على طلب هيومن رايتس ووتش إصدار تعليق، وليس واضحا ما إذا كانت النيابة العامة قد أصدرت قرار المنع.
قال بعض الناشطين إنهم ينوون إقامة النشاطات في وقت لاحق، بينما تستمر نشاطات أخرى كما كان مقررا بالرغم من القمع. قالت “المؤسسة العربية للحريات والمساواة“، وهي مجموعة تعمل على دعم حقوق مجتمع الميم وغيرها، في بيان لها “محاولات القمع والترهيب ستولّد طاقة اجابية للمناصرة والاستمرار بالعمل على دعم الحريات”. أُقيمت نشاطات أخرى بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية نظمتها “حلم” في 17 مايو/أيار كما كان مقررا. قالت غنوة سمحات، مديرة حلم، إنهم غالبا ما يواجهون ضغوطا لكنهم لا يعزمون على إلغاء نشاطاتهم والحركة مستمرة.
ينظم ناشطون لبنانيون نشاطات بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية منذ 2005 بدون تدخل الشرطة. في 2017، أول سنة تحصل فيها نشاطات بيروت برايد على تغطية إعلامية كبيرة، فرضت مجموعاتٌ متطرفة إلغاء حدثين بالتواطؤ مع السلطات اللبنانية، إلا أن النشاطات الأخرى استمرت كما كان مقررا. في مايو/أيار 2017 أيضا، منعت السلطات اللبنانية فندق “كراون بلازا” في بيروت من استقبال ورشة عمل حقوقية من تنظيم المؤسسة العربية للحريات والمساواة.
تعاقب المادة 534 من قانون العقوبات “كل مجامعة على خلاف الطبيعة” بالحبس حتى سنة، وقد استُخدمت هذه المادة كثيرا لملاحقة الأشخاص الذين يُشتبه بمثليتهم. وثّقت هيومن رايتس ووتش تقارير عن تعرض أشخاص، أوقفوا بموجب المادة 534، للتعذيب والمعاملة السيئة على يد الشرطة والجيش. غير أن المحاكم قررت في 4 حالات خلال السنوات العشر الأخيرة أنه لا يمكن استخدام هذه المادة لمعاقبة ممارسة الجنس بالتراضي بين شخصين من نفس الجنس، على أساس أن ذلك ليس “مخالفا للطبيعة”.
بما أن لبنان دولة عضو في “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، فعلى السلطات اللبنانية دعم وحماية حرية التجمع. يمكن فرض قيود على هكذا حقوق فقط عندما لا يكون اعتباطيا (أي يكون واضحا في القوانين المحلية)، ولأسباب قانونية، ومتناسبة ولا تميّز على أسس ممنوعة بموجب القانون الدولي، بما فيها التوجه الجنسي والهوية الجندرية.
يأوي لبنان حركة نابضة، خلاقة، ومتنوعة لحقوق مجتمع الميم. يشارك الناشطون في مروحة واسعة من النشاطات، منها الدعوة إلى تغيير القوانين والسياسات المميِّزة؛ مساعدات قانونية والتوعية على الصحة والحقوق الجنسية؛ تدريب صحفي وكيفية تغطية عن قضايا مجتمع الميم بطريقة غير واصمة؛ توعية المجتمع على حقوق مجتمع الميم عبر النشاطات ووسائط التواصل الاجتماعي؛ والاحتفال بالمواهب من خلال الفن وبناء حركة إقليمية.
مؤخرا، شارك عدة ناشطين لبنانيين في حملة فيديوهات أنتجتها هيومن رايتس ووتش والمؤسسة العربية للحريات والمساواة، وقدموا رسائل دعم وتشجيع لأفراد مجتمع الميم في البلدان الناطقة بالعربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
خلال الانتخابات النيابية الأخيرة في لبنان، دعا العديد من المرشحين البارزين علنا لأول مرة إلى إلغاء المادة 534.
قالت فقيه: “لدى الحكومة اللبنانية الجديدة الكثير من العمل بعد سنوات من تجاهل الحقوق الأساسية للمواطنين. محاولة توقيف نشاطات مجتمع الميم وقمع حرية التعبير لا يبشران بتغيير بنّاء”.