تطالب مراسلون بلا حدود من حكومة الوفاق الوطني وقف عرقلة عمل الصحافيين الدوليين والليبيين والمراسلين ووسائل الاعلام الأجنبية.
نُشِر هذا المقال أولاً على موقع منظمة مراسلون بلا حدود بتاريخ 10 تموز 2018
بيّنت حكومة السراج، التي تحكم منذ 30 مارس/آذار 2016، أنها معادية للصحافيين الذين يعملون لفائدة الصحافة الأجنبية. ومنذ بث القناة الأمريكية سي أن أن تقريرها حول استعباد المهاجرين، في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أصبح العمل في ليبيا مهمة مستحيلة بالنسبة للصحافيين الأجانب والمراسلين المحليين.
وتؤكّد مراسلةُ عدد من وسائل الاعلام الأجنبية، تتابع الأحداث في البلاد منذ 2011، أنّه “قد يكون أمرا غريبا، ولكن الحقيقة أنه كان من الأيسر أن نعمل تحت حكم فجر ليبيا، أما الآن فإنه السقوط التام”. ويفضّل أهل المهنة، ممّن حاورتهم مراسلون بلا حدود، عدم ذكر أسمائهم بسبب الضغط الشديد المسلط عليهم.
تعمل السلطات الليبية بشكل لا يمكن تخيّله لمنع عمل الصحافيين: آجال غير معقولة للحصول على تجديد التأشيرة وصعوبات إدارية لا تُحصى وجوسسة وضغوطات… كل الشهادات التي جمعتها مراسلون بلا حدود تتفق أنّ ظروف العمل ساءت بشكل خطير منذ وصول فائز السراج إلى الحُكم.
الحصول على تأشيرة دخول ليبيا : مسيرة شاقة
أصبح الحصول على تأشيرة صحفي، منذ مارس/آذار 2016، مسارا متعبا ولا يمكن معرفة نهايته ومكلف ماليا. وقد كان بإمكان الصحافيين الأجانب، إلى حدود هذا التاريخ، الحصول على التأشيرة من قنصلية ليبيا في تونس بعد تقديم طلب إلى إدارة الاعلام الخارجي (Foreign Media Department (FMD)) التابع لوزارة الخارجية الليبية. يقول أحد الصحافيين “اليوم، حتى وإن كانت القنصلية في تونس تؤكّد أنها مازالت تمنح تأشيرات للصحافة الأجنبية، فإنّ الاجراءات المعمول بها تفرض ارسال طلب إلى إدارة الاعلام الخارجي بطرابلس، ويجب الحرص على متابعته. فحتى عندما تعلمنا إدارة الاعلام الخارجي بقبول الطلب، فإنّ القنصلية تنفي وصول أيّ إجابة في هذا الاتجاه. وعندما نطلب من إدارة الاعلام الخارجي أن تشاركنا موافقتها عبر البريد الالكتروني أو البريد العادي، قصد تقديمه إلى القنصلية، فإنها ترفض بداعي أنّ الأمر مخالف للإجراءات، ولهذه الأسباب لم تتمكّن زميلة من دخول ليبيا منذ سنة”.
ويدفع هذا الوضع الصحافيين إلى التوجّه إلى التمثيليات الدبلوماسية الليبية في عدد من البلدان الأوروبية، وخاصة في باريس، حيث يطلب موظّف سابق بالقنصلية الليبية ما قيمته 150 أورو نظير وساطته.
ضغوط وعراقيل إدارية
عندما تتحصّل على الفيزا، يكون أمامك رهان كبير: العمل على عين المكان. فكل تنقّل وكل تمشي أو حوار يستوجب الأمر اجراءات غير متوقّعة. وفي هذا الصدد يصف صحفي كيف بقي، في ديسمبر/كانون الأول، عشرة أيام في انتظار الترخيص لإنجاز تقرير في مخيم للمهاجرين. ولم يخفى موضوع عمله على السلطات الليبية حينما قدّم طلب التأشيرة، ولكن الأمر كلفه عددا لا يُحصى من التراخيص الاضافية… ولم يتمكّن في النهاية من الحصول عليها. وتكشف صحفية أخرى أن آجال ترخيص مقابلات الشارع كانت غير معقولة، تقول: “كان عليّ أن أنتظر ثمانية أيام حتي أحصل على ترخيص للحديث مع الناس في مقاهي طرابلس، ولم تكن تأشيرتي صالحة إلا لـ15 يوما. كما أن الخروج من المدينة أو الحديث إلى جمعية أو إلى والي، يستوجب ترخيصا… ولا أتحدث عن مخيمات المهاجرين حيث تم رفض التأشير اصلا”.
منعت إدارة الاعلام الخارجي، أواخر جوان/يونيو، اعتمادات مراسلي وسائل الاعلام الأجنبية بدعوى العمل على وضع إجراءات جديدة. وحسب الأمر الصادر، الذي حصلت مراسلون بلا حدود على نسخة منه، فإنّه يستوجب على الصحافيين لبس صدرية الصحافة التي تحمل شعار إدارة الاعلام الخارجي، وأن تُسلّم المكريفونات إلى الإدارة لـ”مراقبتها”. واستنكر صهيب الخياطي، مدير مكتب شمال افريقيا لمراسلون بلا حدود، هذا الأمر بالقول:” تضع هذه القواعد الجديدة حياة الصحافيين في خطر وتجعل منهم أهدافا للميليشيات المُسلّحة”.
والأخطر، أن عددا من الصحافيين ومراسلي الصحافة العالمية من الليبيين يخضعون إلى ضغوطات. وقد أدان أحدهم الهرسلة والتهديدات التي صدرت في حقه من قبل مدير إدارة الاعلام الخارجي، و قد رفض الكشف عن هويته خوفا من الانتقام. وأكّد أنه تمت دعوته للتحقيق.
حقيقة أخرى جلية تتمثل في أن أعوانا يقرون أنهم من المخابرات يرافقون الصحافيين، ويتابعون كل تحركاتهم ويدونون كل تحركاتهم. يقول صحفي في شهادته :” قالوا لي، في إدارة الاعلام الخارجي، أنّ هذا الاجراء ضروري وقع اتخاذه بعد تقرير سي أن أن، وأن الادارة لم تعد تسمح للصحافيين بالعمل بمفردهم”. وحسب صحفيّة استجوبناها فإنّ عون الاستخبارات يلازمها في كل تنقلاتها.
وأكّد صهيب الخياطي، مدير مكتب شمال افريقيا لمراسلون بلا حدود: “لا يمكن لحكومة السراج أن تعطى صورة إيجابية على البلد بهرسلة الصحافيين ووسائل الاعلام الأجنبية. وقبل أشهر من الانتخابات العامة، على هذه الحكومة أن تقدّم إشارات ايجابية لفائدة حرية الصحافة حتى يمكن التأسيس لحوار ديمقراطي يمكن أن يضطلع خلاله الصحافيون ووسائل الاعلام بدورهم كاملا.
تحتلّ ليبيا المرتبة 162 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2018.