(آيفكس/ هيومن رايتس ووتش) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن تحركات ليبيا أواخر يناير/كانون الثاني 2010 لحجب على الأقل سبعة مواقع إلكترونية مستقلة ومواقع معارضة ليبية بالخارج وكذلك حجب موقع “يوتيوب”، هي خطوة مقلقة تنأى بالبلاد عن حرية الصحافة. وعلى الحكومة أن تعاود السماح للمواقع الإلكترونية ببث محتواها، على وجه السرعة. وقالت سارة ليا […]
(آيفكس/ هيومن رايتس ووتش) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن تحركات ليبيا أواخر يناير/كانون الثاني 2010 لحجب على الأقل سبعة مواقع إلكترونية مستقلة ومواقع معارضة ليبية بالخارج وكذلك حجب موقع “يوتيوب”، هي خطوة مقلقة تنأى بالبلاد عن حرية الصحافة. وعلى الحكومة أن تعاود السماح للمواقع الإلكترونية ببث محتواها، على وجه السرعة.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “هذه المواقع كانت البادرة الوحيدة على وجود بعض التقدم الملموس في حرية التعبير في ليبيا”. وتابعت: “وها هي الحكومة تعود إلى زمن الرقابة الإعلامية الشاملة المظلم”.
وفي 24 يناير/كانون الثاني، استيقظ الليبيون على حجب المواقع الليبية المستقلة والمُعارضة التي تبث محتواها من الخارج، مثل موقع ليبيا اليوم والمنارة وجيل ليبيا وأخبار ليبيا وليبيا المستقبل، وكانت قد أصبحت المصادر الأساسية للأخبار. ومع وجود محررين لهذه المواقع في الخارج وصحفيين يعملون بها في طرابلس وبنغازي، دأبت هذه المواقع على نشر الأخبار عن القضايا السياسية الحساسة، ومنها انتهاكات حقوق الإنسان على يد الحكومة الليبية. وفي تقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2009 بعنوان “الحقيقة والعدالة لن تنتظر”، أشارت إلى تواجد هذه المواقع وقدرة الصحفيين فيها على العمل من داخل ليبيا كدليل على وجود بوادر حذرة لاتساع هامش حرية الصحافة.
فضلاً عن أنه قد تم حجب موقع”يو تيوب” بالكامل عن ليبيا، الذي ظهرت عليه أخيراً تسجيلات فيديو لمظاهرات في بنغازي نظمها أهالي السجناء القتلى في سجن بوسليم عام 1996، وهي أعمال القتل التي لم تحقق فيها السلطات حتى الآن، وكذلك تسجيلات فيديو لأفراد من أسرةالقائد معمر القذافي في بعض الحفلات.
وقد بدأت مجموعة من المدونين والصحفيين والحقوقيين الليبيين في حملة على موقع فيس بوك الاجتماعي باسم “لا لسياسة الحجب في ليبيا” وأعلنوا عن مواقع مضيفة بديلة للدخول إلى المواقع الإلكترونية المحجوبة. وقالت المدونة الليبية غيداء التواتي لـ هيومن رايتس ووتش إن المجموعة تقدمت بشكوى لجمعية حقوق الإنسان بمؤسسة القذافي ولشركة إل تي تي، موفر خدمة الإنترنت الأساسي في ليبيا. وقال محررو المواقع المحجوبة إن الناس في ليبيا ما زالوا يطّلعون على مواقعهم من خلال مواقع مضيفة بديلة، رغم تراجع عدد الزائرين.
وقالت سارة ليا ويتسن:”يمكن لليبيا أن تدفن رأسها في الرمال وتحاول حجب تدفق المعلومات الإلكترونية الحر إلى مواطنيها، لكن الخبر السعيد هو أننا جميعاً نعرف أنها ستفشل في هذا”. وأضافت: “سواء في الصين أو السعودية أو ليبيا، يجد المواطنون دائماً سبلاً لتبادل المعرفة والمعلومات، بموافقة الحكومة أو دونها”.
و فى تطور أخر أعلنت الصحيفتان أويا وقورينا في 21 يناير/كانون الثاني أنهما ستصدران على الإنترنت فقط دون النسخةالمطبوعة، إثر قرار من الهيئة العامة للصحافة برفض استمرارها في الطباعة للصحيفتين”لأسباب مالية.” وقف طباعة الصحيفتين الخاصتين في ليبيا يثير بواعث قلق جدّية بشأن القدرة على الحصول على المعلومات في ليبيا. محمد بعيو، رئيس الهيئةالعامة للصحافة، قال لقناة الجزيرة في 21 يناير/كانون الثاني إن الهيئة ستكف عن نشر الصحيفتين أويا وقورينا لعدم سداد شركة الغد، التي تملك الصحيفتين، لديون بمبلغ 3 ملايين دينار ليبي (2.4 مليون دولار أميركي) تكاليف طباعة.
وفي تصريح أدلت به الهيئةالعامة للصحافة في 23 يناير/كانون الثاني، قالت إنها مستمرة في “دعم”أويا وقورينا رغم الكثير من “الانحرافات المهنية والموضوعية” التي قالت إن عملها يتسم بها، لكنها لن تطبع الصحيفتين بسبب الدين المزعوم. ولم تعلن على الملأ عن أية معلومات عما إذا كانت الصحيفتين تطعنان في هذه الديون، أو منذ متى وهذه الديون قائمة، أو عن أية محاولات لتسوية هذه المشكلة المالية.
لكن المنظمة الوطنية للشباب الليبي، المقربة لشركة الغد، انتقدت بقوة القرار في بيان صادر يوم 27 يناير/كانون الثاني، قائلة بأن مزاعم الهيئة العامة للصحافة بالديون والمشاكل المالية غير حقيقية. وقالت إن السبب وراء رفض الهيئة الاستمرار في طباعة أويا وقورينا هو الأخبار “غير المصرح بها” التي نشرتها أويا، عن أن محمد الزوي، المقرب من القائد الليبي، سوف يتولى أمانة المؤتمر الشعبى العام.
و أكد رئيس تحرير جريدة أويا محمود البوسيفي لـ هيومن رايتس ووتش أنه سيتم اعادة طباعة الجريدة ولكن فى ملاحق بدءا من الأسبوع القادم.
وكانت شركة الغد – الشركةالليبية الخاصة المنتمية إلى سيف الإسلام القذافي – قد بدأت نشر أويا وقورينا في أغسطس/آب 2007. وهما أول صحيفتان خاصتان في ليبيا منذ مجيئ القذافي إلى سدة الحكم. وكتبت الصحيفتان عن الفساد وانعدام استقلال القضاء، والمظاهرات التي نظمها أهالي السجناء القتلى في مذبحة سجن بوسليم. وفي نوفمبر/تشرين الثاني نشرت أويا مقابلة مع أمين العدل مصطفى عبد الجليل، وانتقد فيها الأجهزة الأمنية على إخفاقها في احترام سيادة القانون، قائلاً بأن هناك “أكثر من 500 سجين برأتهم المحاكم في يونيو/حزيران 2008 ولم يُفرج عنهم بعد”.
وقالت سارة ليا ويتسن:”على السلطات الليبية أن تزيد عدد الصحف الخاصة لا أن توقف توزيعها”.
وينتهك حجب المواقع الإلكترونية والتضييق على نشر الصحف التزامات ليبيا بموجب القانون الدولي، على حد قول هيومن رايتس ووتش. فالمادة 9 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، الذي صدقت عليه ليبيا في 1986، تضمن أنه “من حق كل فرد أن يحصل على المعلومات”،و”يحق لكل إنسان أن يعبر عن أفكاره وينشرها فى إطار القوانين واللوائح”.
وبصفة ليبيا دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فهي مُلزمة بموجب المادة 19 بضمان حق الفرد في “التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”.وقالت هيومن رايتس ووتش إن حجب المواقع الإلكترونية التي تعرض محتوى انتقادي للحكومة هو قيد غير شرعي على الحق في حرية التعبير.