تعالت أصوات مئات الصحفيين على الشبكات الاجتماعية يوم 1 نوفمبرتشرين الثاني للاحتجاج على البيان الرسمي الذي أصدرته العديد من وسائل الإعلام المحلية الموالية للنظام الحاكم في ما أسمته “مكافحة الإرهاب”.
تعالت أصوات مئات الصحفيين على الشبكات الاجتماعية يوم 1 نوفمبرتشرين الثاني للاحتجاج على البيان الرسمي الذي أصدرته العديد من وسائل الإعلام المحلية الموالية للنظام الحاكم في ما أسمته “مكافحة الإرهاب”. فتحت ذريعة الخطر الذي يهدد الأمن القومي، يواصل النظام المصري سياسته القمعية ضد صحفيي شبكة الجزيرة على وجه التحديد، وضد كل وسائل الإعلام التي لا يتماشى خطها التحريري مع الخطاب الرسمي.
رفض أكثر من 500 صحفي البيان الذي أصدره يوم 26 أكتوبرتشرين الأول رؤساء تحرير الصحف الخاصة ومؤسسات الإعلام الحكومي، والذي نُشر على الموقع الإلكتروني لصحيفة الوفد. ويأتي هذا البيان بعد أيام قليلة على الهجوم الأكثر دموية ضد القوات المصرية في شمال سيناء منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 30 شخصاً. ويسعى القرار إلى إقامة سياسة تحريرية جديدة لوسائل الإعلام المحلية بهدف محاربة “تسلل العناصر الداعمة للإرهاب إلى الصحافة والإعلام”، أي أنه يحظر أي شكل من أشكال الانتقاد تجاه مؤسسات النظام – سواء الشرطة أو الجيش أو القضاء – داعياً وسائل الإعلام إلى الانضواء تحت لواء النظام.
وفي هذا الصدد، قالت لوسي موريون، مديرة البرامج في منظمة مراسلون بلا حدود، “إن هذه السياسة التحريرية الجديدة التي اعتمدتها بعض وسائل الإعلام لا تمثل الصحفيين المصريين وتهدد الحريات الأساسية في مصر، بما في ذلك حرية الإعلام واستقلالية الصحافة“، مضيفة أن “الحكومة تتمادى بشكل متزايد في سياسة تكميم الصحافة وتضطهد الأصوات المستقلة بشكل منهجي تحت ذريعة محاربة الإرهاب “.
ففي البيان المذكور، قرر رؤساء تحرير ما يقرب من 17 صحيفة محلية (بين حكومية وخاصة) الانضمام إلى سياسة نظام السيسي، من خلال فرض قيود جديدة على الصحفيين العاملين في مؤسساتهم. وقد لقي هذا القرار انتقاداً كبيراً حتى داخل هيئات تحرير تلك الجرائد، بينما قوبل بالشجب في أوساط وسائل الإعلام الأخرى التي ترفض وصاية الدولة.
في ظل ما تعيشه مصر من وضع أمني مقلق على نحو متزايد، بات النظام يبرر باسم محاربة الإرهاب جميع الانتهاكات التي يرتكبها ضد حقوق الإنسان، حيث يأتي الصحفيون في مقدمة ضحايا هذه السياسة القمعية التي لا تتوانى فيها السلطات عن اضطهاد كل صوت مستقل وإسكاته.
صحفيو الجزيرة تحت مجهر السلطات
في يوم الخميس 6 نوفمبرتشرين الثاني 2014، دعت هيئة الدفاع عن صحفي الجزيرة محمد عادل فهمي إلى إطلاق سراحه لأسباب صحية، نظراً لضرورة خضوعه لجراحة عاجلة لإصلاح الكسر الذي تعرض له في الكتف قبل اعتقاله، فضلاً عن الحاجة الملحة لتلقي العلاج بسبب إصابته بالتهاب الكبد الفيروسي (ج).
للتذكير، مر أكثر من 300 يوماً على اعتقال صحفيي الجزيرة الثلاثة – محمد عادل فهمي، الذي يحمل الجنسيتين الكندية والمصرية، والأسترالي بيتر غريست والمصري باهر محمد – المحتجزين بتهمة دعم جماعة الإخوان المسلمين، علماً أن محكمة النقض المصرية ستنظر يوم 1 ينايركانون الثاني 2015 في الاستئناف الذي تقدموا به بعدما حُكم عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين سبع وعشر سنوات.
أما أحمد منصور، المذيع في قناة الجزيرة، فقد حكمت عليه محكمة الجنايات في القاهرة غيابياً يوم 11 أكتوبرتشرين الأول بالسجن لمدة 15 سنة بتهمة تعذيب محام في ميدان التحرير خلال انتفاضة ينايركانون الثاني 2011. لكن الصحفي قال إنه لم يعلم بقرار المحكمة إلا عبر وسائل الإعلام، ونفى هذه الاتهامات مؤكداً أنه لم يكن في مصر خلال الهجوم الذي تعرض له المحامي، مندداً في الوقت ذاته بعدم مصداقية القضاء المصري بعد الطلب الذي وجهته السلطات إلى الإنتربول لإصدار مذكرة اعتقال دولية بحق الصحفي، علماً أن منظمة الشرطة الجنائية الدولية رفضت تلك الدعوة لأنها لا تستجيب لمعايير “الإشعار الأحمر”.
وفي26 أكتوبرتشرين الأول 2014، أُلقي القبض على عبد المقتدر الوحش، 21 سنة، بينما كان يصور لقناة الجزيرة المسيرة التي نظمها عمال شركة غزل المحلة للتنديد بالعمليات الإرهابية في المدينة. وبعد اعتقاله، خضع الطالب والمصور المستقل للاستجواب ليتم حبسه على ذمة التحقيق بتهمة دعم منظمة إرهابية ونشر معلومات كاذبة.
بيد أن آلة القمع تطال مختلف وسائل الإعلام الأخرى. ففي يوم 22 أكتوبرتشرين الأول 2014، أُلقي القبض على المصور إسلام الشافعي الذي يعمل لشبكة اليقين الإخبارية، بينما كان يغطي الانفجار الذي وقع أمام جامعة القاهرة. ورغم إظهار بطاقته الصحفية، لم يتردد أفراد الشرطة في القبض عليه واستجوابه دون إعطاء أي توضيح، قبل أن يطلقوا سراحه في اليوم التالي.
وفي هذا الصدد، قالت فرجيني دانغل، نائبة مديرة البرنامج في منظمة مراسلون بلا حدود، “إننا ندين بأشد العبارات هذه الاعتقالات والأحكام التعسفية ضد الصحفيين. إننا نحث السلطات المصرية على إطلاق سراح الصحفي فهمي، الذي يحتاج إلى تلقي العلاج، والإفراج عن جميع الصحفيين الآخرين المعتقلين ظلماً، مع إسقاط التهم الموجهة إليهم“.
موجة الرقابة
في يوم 25 أكتوبرتشرين الأول 2014، تم توقيف مقدم برنامج “آخر النهار” على فضائية النهار، محمود سعد، بعدما تطرقت ضيفته لحرب الأيام الستة لعام 1967 يوم وقوع هجمات سيناء، وهو الأمر الذي اعتُبر إهانة للجيش المصري، مما أدى ليس فقط إلى تعويض مقدم البرنامج بشكل مؤقت ولكن أيضاً إلى إحداث تغييرات في هيكلة برامج القناة ككل.
وعلى صعيد آخر، شهد يوم 19 أكتوبرتشرين الأول 2014 وقف البث الحي المباشر للبرنامج الحواري “العاشرة مساءً”، الذي يُعرض على فضائية دريم 2، عندما كان يُظهر تقريراً عن وفاة طفل في إحدى مدارس محافظة مطروح. وبينما استنكر مقدم البرنامج وائل الإبراشي الضغوط الحكومية لوقف البث، ولاسيما من وزارة التربية والتعليم ووزارة الإسكان، قالت إدارة القناة إن السبب راجع لمشاكل فنية.
يُذكر أن مصر تقبع في المركز 159 (من أصل 180 بلداً) على التصنيف العالمي لحرية الإعلام لعام 2014 الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود مطلع هذه السنة.