تتضمن المادة 149 لسنة 1960 من قانون العقوبات الأردني والتي صيغت بعبارات فضفاضة "تقويض نظام الحكم السياسي" و"التحريض على مناهضته" في القسم بعنوان "الإرهاب". منذ عام 2011 ، قام ادعاء محكمة أمن الدولة بشكل متزايد ببدء ملاحقات ضد المتظاهرين السلميين إلى حد كبير على هذه الاتهامات.
قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على المشرّعين الأردنيين تعديل أو إلغاء الأحكام المبهمة من قانون العقوبات والمستخدمة في محاكمة المتظاهرين السلميين بتهم تتعلق بالإرهاب.
اقترح مجلس الوزراء في 1 سبتمبر/أيلول 2013 تغيير قانوني لحصر اختصاص محكمة أمن الدولة شبه العسكرية بالنسبة للمدنيين ليقتصر على قضايا الإرهاب فقط وأربع جرائم خطيرة هي: التجسس والخيانة و تزييف العملة وجرائم المخدرات. ولكن ينبغي على المشرعين أيضاً تضييق التعريف الفضفاض للإرهاب لجعل القيود الجديدة ذات تأثير حقيقي.
قال جو ستورك القائم بأعمال المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “يعتبر التحرك الأردني للحد من محاكمات المدنيين أمام محاكم عسكرية أمر جيد، لكنه يحتاج إلى وضع حد لمحاكمة المتظاهرين السلميين بتهم الإرهاب. ينبغي على الأردن إصلاح قانون العقوبات الذي عفا عليه الزمن، ووقف تحويل المدنيين إلى محكمة أمن الدولة لمجرد قيامهم بالتظاهر للمطالبة بالإصلاح”.
تتضمن المادة 149 لسنة 1960 من قانون العقوبات الأردني والتي صيغت بعبارات فضفاضة “تقويض نظام الحكم السياسي” و”التحريض على مناهضته” في القسم بعنوان “الإرهاب”. منذ عام 2011 ، قام ادعاء محكمة أمن الدولة بشكل متزايد ببدء ملاحقات ضد المتظاهرين السلميين إلى حد كبير على هذه الاتهامات. وقالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات الإفراج عن جميع المتظاهرين وإسقاط التهم الموجهة إلى كل من يواجه المحاكمة أمام محكمة أمن الدولة جراء ارتكاب مخالفات تتعلق فقط بممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير والتجمع.
وصف رئيس الوزراء عبد الله النسور اقتراح مجلس الوزراء بأنه “خطوة كبيرة وشُجاعة في عملية الإصلاح” وفقاً لوكالة الأنباء الحكومية الرسمية بترا. يهدف الاقتراح الذي يتطلب تصويت البرلمان وتوقيع الملك كي يصبح قانوناً، إلى دفع محكمة أمن الدولة للامتثال لأحكام المادة 101 من الدستور الأردني الصادر في 2011، التي تمنع محاكمة المدنيين أمام المحكمة العسكرية إلا إذا اندرجت ضمن فئات التهم الخمس.
وقال وزير الإعلام محمد المومني، الناطق باسم الحكومة، لوكالة أسوشيتد برس إن القانون من شأنه، على سبيل المثال، حذف جريمة “إطالة اللسان” من اختصاص المحكمة، وهو ما يعني إهانة أو انتقاد الملك ( المادة 195 من قانون العقوبات).
وقال وزير العدل بسام التلهوني في حديث عن المخاوف من التعريف الفضفاض للإرهاب في الأردن للموقع الاخباري الإلكتروني عمّان نت: “المدعيين العاميين لديهم المعرفة والخبرة الكافية تؤهلهم لمعرفة خصائص الجريمة وما تنطبق عليه من خصائص جريمة الارهاب”.
رغم ذلك فالكثير من القضايا المنظورة الآن أمام محكمة أمن الدولة هي لناشطين اعتقلوا لمجرد ترديد شعار أو حمل لافتة خلال احتجاج.
وقال المومني في مؤتمر صحفي بتاريخ 11 سبتمبر/أيلول إنه بموجب التعديلات المقترحة، ستقوم لجنة من القضاة المدنيين في محكمة الأمن بالنظر في قضايا المدنيين. وقال إنه رغم ذلك لن يتم تطبيق هذه التغييرات على القضايا الحالية في المحكمة.
تأسست محكمة أمن الدولة في عام 1959 ولها ولاية قضائية على جرائم قانون العقوبات التي تضر بالأمن الداخلي والخارجي للأردن. يقوم رئيس الوزراء بتعبين القضاة المدنيين، ورئيس الجيش الأردني يعين القضاة العسكريين. تتكون هيئة المحكمة من ثلاثة قضاة، وبعض هيئاتها عسكرية وبعضها مدنية وبعضها مختلطة.. أما الادعاء بالمحكمة فكله من الضباط العسكريين.
عبد الله محادين، 25 عاماً، ناشط ينتمي الى حركة “حراك” الشبابية المُطالبة بالإصلاح، يواجه محاكمتين أمام محكمة أمن الدولة، الأولى بتهمة “تقويض نظام الحكم السياسي”، والثانية بتهمة “تقويض نظام الحكم السياسي”و”إطالة اللسان” و”التجمع غير المشروع”. تم تقديم لائحة الاتهام عن القضية الأولى إلى محكمة أمن الدولة في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، التي يعد الدليل الوحيد فيها، أن محادين وخلال احتجاج بتاريخ 7 سبتمبر/أيلول 2012 رفع لافتة، كما اكتشفت الشرطة لافتات أخرى عندما فتشوا سيارته يوم 11 سبتمبر/أيلول.
ووفقا للائحة الاتهام، تضمنت الشعارات المكتوبة على اللافتات “النظام يريد إسقاط النظام”؛ “الرقابة على المكالمات انتهاك لحقوقنا الدستورية”؛ و”بتقدر تسيج دوار [لمنع المحتجين من الدخول] ما بتقدر تسيج وطن”.
كما راجعت هيومن رايتس ووتش لائحة الاتهام الصادر عن محكمة أمن الدولة للمحاكمة الجماعية لأعضاء “حراك” هشام الحيصة، وباسم الروابدة، وعدنان أبو عرقوب . اعتمد الادعاء في توجيه تهمة “تقويض نظام الحكم السياسي” في هذه القضية على الهتافات التي قيل إن الرجال رددوها خلال أربعة احتجاجات في عمّان أوائل عام 2013. يزعم القرار الاتهامي الموجه إلى الحيصة أنه قاد هتافات منها: “يا عبدالله يا ابن حسين مال الشعب راح وين” و”يا عبدالله يا ابن حسين شوف مبارك صار وين” و”عربي مكسر وافهمنا بس بقمارك ما دخلنا”.
وتشمل لائحة الاتهام ذاتها الروابدة الذي حضر – كما يُزعم – مظاهرة الاحتفال بإطلاق سراح الحيصة وهم يهتفون: “اسمع اسمع يا هشام واطلعت غضب عن النظام … حرية من الله غصبن عنك عبدالله”.
لم تجد هيومن رايتس ووتش أي دليل على هتافات تدعو إلى العنف، ولم يوجه الادعاء أيضاً تهمة التحريض على العنف. بل قدم المدّعون الادعاء المبهم بأن الهتافات “تحرض الشارع والمتواجدين على مناهضة نظام الحكم السياسي القائم في المملكة”.
وقال شقيق الحيصة لـ هيومن رايتس ووتش إن شقيقه مع 20 متهماً آخرين من وسط مدينة الذيبان، يواجهون محاكمة جماعية منفصلة أمام محكمة أمن الدولة بتهمة “تقويض نظامالحكمالسياسي” و ” القيام بأعمال إرهابية” في إشارةٍ إلى الاحتجاج الذي تحول إلى أعمال عنف في الذيبان أواخر عام 2012. ولكن شقيقه نفى وجود الحيصة هناك.
الحيصة والروابدة من بين 11 متظاهراً محتجزين من مجموعة “حراك”.
رغم اقتراح تغيير قانون محكمة أمن الدولة، واصلت النيابة العامة إحالة الناس إلى المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم مزعومة من خارج الفئات الخمس التي حددها الاقتراح. في 18 سبتمبر/أيلول تم تحويل ناشر ورئيس تحرير موقع جفرا نيوز الإلكتروني إلى المحكمة. وكانت التهمة “تعكير صلاتها بدولة أجنبية” (المادة 118 من قانون العقوبات)، بسبب نشر فيديو على موقع يوتيوب يظهر فيه رجل يُزعم أنه أمير قطري يجلس ويرقص ويستحم مع عدة نساء. تم اعتقال الصحفيين الاثنين ورفض إخلاء سبيلهما بكفالة.
في 30 سبتمبر/أيلول، اعتقلت الشرطة نشطاء من مجموعة “حراك” وهم همام قفيشة، وأيمن البحراوي، وضياء الدين الشلبي. قام المسؤولون بتحويلهم للمحاكمة أمام محكمة أمن الدولة بتهمة “تعكير صلاتها بدولة أجنبية”. تم اتهامهم بتوزيع ملصقات تحمل كلمة “رابعة” التي تشير إلى ميدان في القاهرة حيث جرى تفريق المحتجين من الإخوان المسلمين على يد قوات الأمن به في 14 أغسطس/آب، كما قال محاميهم لـ هيومن رايتس ووتش. وأضاف أن البحراوي يواجه اتهامات إضافية من “إطالة اللسان” (المادة 195 من قانون العقوبات) و “التحقير الواقع علانية على رئيس دولة أجنبيةأو وزرائها أو ممثليها السياسيين” (المادة 122 من قانون العقوبات)، على ما يبدو أنها وُجّهت بناءً على الرسائل التي وجهها عبر تطبيق الشبكات الاجتماعية واتس أب.
تعارض هيومن رايتس ووتش إنشاء واستخدام محاكم استثنائية لمحاكمة جرائم الأمن القومي. غالباً ما يتم تفويض محاكم الأمن الوطني بموجب القانون لإجراء محاكمات بطريقة تقيد حقوق المتهمين وتتجاوز ما هو مسموح به بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. أثبتت المحاكم الجنائية العادية في عدد من البلدان فعالية كبيرة في ملاحقة جرائم الإرهاب وفقاً للمعايير الدولية لأصول المحاكمات. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي أن يكون تقييد اختصاص محكمة أمن الدولة الأردنية على المدنيين خطوة نحو إلغائها.
يضمن الدستور الأردني حرية التعبير بموجب المادة 15. والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي انضم إليه الأردن، يحمي الحق في حرية التعبير، بما في ذلك الحرية في “التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها” (المادة 19).
يسمح القانون الدولي بقيود ضيقة التعريف، تكون متسقة مع القانون وضرورية في مجتمع ديمقراطي لحماية الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
وقال جو ستورك: “وعود الأردن بوقف إحالة المدنيين للمحاكمة أمام محكمة أمن الدولة بتهمة ارتكاب جرائم متعلقة بالتعبير عن الرأي تظل جوفاء مالم يتم وضع حدّ لهذه الممارسة أثناء تنقيح القانون، ولقد حان الوقت لأن ينفذ الأردن إصلاحاً حقيقياً عن طريق إصلاح قانون العقوبات الذي عفا عليه الزمن”.