إن قرار المحكمة الابتدائية القاضي بمنع ولوج المواقع الإباحية الذي صادقت عليه محكمة الاستئناف في تونس في آب/أغسطس 2011 يعيد إطلاق النقاش حول الرقابة. والوكالة التونسية للإنترنت التي لا تملك الوسائل المادية والتقنية الضرورية لإرساء نظام للترشيح لم تنفذ الحكم وقررت أن الطعن به. ومن المرتقب أن تصدر المحكمة العليا قراراً بمعاودة الترشيح أو لا في الأيام المقبلة.
(مراسلون بلا حدود / آيفكس ) – شهدت الثورة على وقف ترشيح الإنترنت والسيطرة على محتويات الويب. إلا أنه يبدو أن العادات القديمة عادت لتظهر مجدداً. لذا، تحذر مراسلون بلا حدود السلطات التونسية من أي قرار قضائي من شأنه أن يشرّع الأبواب لممارسات الترشيح.
إن قرار المحكمة الابتدائية القاضي بمنع ولوج المواقع الإباحية الذي صادقت عليه محكمة الاستئناف في تونس في آب/أغسطس 2011 يعيد إطلاق النقاش حول الرقابة. والوكالة التونسية للإنترنت التي لا تملك الوسائل المادية والتقنية الضرورية لإرساء نظام للترشيح لم تنفذ الحكم وقررت أن الطعن به. ومن المرتقب أن تصدر المحكمة العليا قراراً بمعاودة الترشيح أو لا في الأيام المقبلة.
إذا تم المصادقة على الحكم، ستضطر الوكالة التونسية للإنترنت لفرض الرقابة على أي محتوى يعتبر مخالفاً للقانون بعد تقديم أي شكوى، فتحل بذلك مكان السلطات لتفرض الرقابة على شبكة الإنترنت مع أنه من المفترض أن تكون مستقلة.
في هذا الإطار، أشارت مراسلون بلا حدود إلى أنه “من المشروع أن تتم حماية الأطفال من المحتويات الإباحية الطابع على شبكة الإنترنت. ولكنه لا يجدر بالوكالة التونسية للإنترنت أن تؤدي هذا الدور، فهي لم تنشأ لهذا الغرض. وبدلاً من الإقدام على خطوة مماثلة، نؤيد تعزيز الشركات المزوّدة لخدمة الإنترنت أدوات الرقابة الأبوية. وإلا تكون عودة الرقابة على الإنترنت محسومة، في ظل ممارسة الوكالة التونسية للإنترنت دور الرقيب بما يتنافى تماماً مع استقلاليتها المنصوص عليها على الورق. ولعل أشد ما نخشاه هو أنه في حال قامت المحكمة بدعم عودة ترشيح المواقع الإباحية اليوم، فقد تعمد لاحقاً إلى توسيع نطاق هذا الترشيح ليشمل أنواعاً أخرى من المحتويات”.
المخاطر
تحرص مراسلون بلا حدود على التذكير بأن الحكم الصادر عن محكمة التعقيب قد يقترن بعواقب وخيمة. تكمن أبرز المخاطر:
على المستوى التقني
أبعد العواقب البديهية التي قد يخلّفها الترشيح على سهولة الاتصال بالإنترنت، فمن شأن طريقة ترشيح المحتويات، أياً كانت، أن تؤدي إلى مخاطر حقيقية تتلخّص بـ”الحجب المفرط”، ذلك أن أي خلل يشوب أدوات الترشيح قد يتسبب بحجب مواقع إخبارية غير مستهدفة في الأساس. وقد تتأثر مواد تتعلق بالصحة بنظام الترشيح الآلي. بالإضافة إلى ذلك، لم تردع الرقابة التونسيين يوماً لأنهم يعرفون كل أساليب التحايل على الرقابة حق المعرفة.
على المستوى القانوني
من الناحية الإجرائية، من المقلق أن نلاحظ أن القضاة في الدرجتين الأولى والثانية قد قرروا نقل سلطتهم القضائية إلى الوكالة التونسية للإنترنت التي طلب منها أداء دور شرطة الإنترنت وفرض الرقابة على المحتويات قبل صدورها، في حين أن دور التوازن بين المحتوى المنشور وحقوق الأطراف الثالثة يعود إلى السلطة القضائية ولا يمكن تفويضه بوجه عام إلى شركة حتى لو كانت الدولة مساهمة فيها، ولا سيما حينما يكون دورها تقنياً بحت.
إذا كان تنظيم الويب أساسياً، فلا بدّ من تنفيذه وفقاً للمعايير الدولية المرعية الإجراء وفي حرص شديد على احترام حرية التعبير عبر الإنترنت.
لا تعارض منظمة مراسلون بلا حدود أي شكل من أشكال التنظيم على شبكة الإنترنت. ولكنها تدعو إلى تنفيذه وفقاً للمعايير الدولية وفي حرص شديد على احترام حرية التعبير عبر الإنترنت. ومن الضروري اتخاذ التدابير اللازمة لضمان حياد الشبكة، وحماية البيانات الشخصية لمستخدميها، واعتبار ولوجها حقاً أساسياً.
على المستوى المالي
لا ينبغي تجاهل ارتفاع التكلفة المالية الناجمة عن إعادة استخدام أدوات الترشيح، ما قد يؤدي بالوكالة التونسية للإنترنت إلى طلب مليوني دينار (ما يعادل مليون يورو) كان النظام السابق قد أعطاها إياها لأغراض الرقابة وقد رفضتها غداة الثورة. وبهذا، تفقد الوكالة مرة أخرى استقلاليتها إزاء الحكومة.
فضلاً عن ذلك، قد تشكل الزيادة في أسعار الاشتراك نتيجة مباشرة لاستئناف الترشيح. ومن شأن آثار ثمن معدات الترشيح أن تظهر تلقائياً في فاتورة الشركات المزوّدة لخدمة الإنترنت التي ستضطر لزيادة أسعارها.
استدراكاً لكل هذه المخاطر، قام بعض أعضاء الجمعية التأسيسية ورئيسها ورئيس الجمهورية التونسية بمعارضة استئناف ترشيح الإنترنت في تونس علناً. لمشاهدة الفيديو: http://www.youtube.com/watch?v=21LYAvwVZwg
الجدير بالذكر أن تقرير مقرر الأمم المتحدة الخاص بحماية الحق في حرية الرأي والتعبير فرانك لارو قد أوصى بـ”قيود محدودة قدر الإمكان على تداول المعلومات عبر الإنترنت، إلا في ظروف معيّنة واستثنائية ومحدودة تتوافق مع المعايير الدولية”. كما أنه شدد على أنه يجدر بالحق في حرية التعبير أن يشكل القاعدة والقيود الاستثنائية. وليس العكس”.
بدلاً من اللجوء إلى أساليب الرقابة نفسها التي يستخدمها النظام القديم، تدعو مراسلون بلا حدود السلطات التونسية إلى توجيه إشارة قوية إلى مواطنيها عبر إدراج النفاذ إلى الإنترنت كحق أساسي في الدستور الجديد، وتحرير سوق الإنترنت والتخلص من نظام الرقابة إلى الأبد.