احتجاز باحث ومنع رئيس منظمة من السفر
(منظمة هيومن رايتس ووتش/ آيفكس) – 26 أكتوبر/تشرين الأول 2012 – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على إسرائيل وقف المضايقات بحق منظمة فلسطينية لحقوق السجناء. ويجب على السلطات الإسرائيلية أن ترفع فوراً حظر السفر المفروض على رئيس المنظمة، وأن تطلق سراح الباحث الذي تم القبض عليه مؤخراً، أو أن تقدم دليلاً يبرر التدابير التي تم اتخاذها ضدهما.
أصدرت السلطات الإسرائيلية في أغسطس/آب، وسبتمبر/أيلول 2012، أوامرها بحظر سفر عبد اللطيف غيث، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الضمير إلى الخارج وكذلك منعه من التنقل من القدس الشرقية حيث يعيش، إلى باقي أجزاء الضفة الغربية حيث مقر المنظمة. وفي الخامس عشر من أكتوبر/تشرين الأول، داهمت القوات الإسرائلية منزل أيمن ناصر، وهو باحث بالمنظمة، في الضفة الغربية، واستجوبته حول مقابلات إذاعية كان قد أجراها عن السجناء وعن عضويته في منظمة للشباب. وفي جلستين في محكمتين عسكريتين في الثامن عشروالرابع والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول، قام القضاة بتمديد فترة الاحتجاز استناداً إلى أدلة لم يسمح لناصر بالاطلاع عليها. ولم توجه المحكمة العسكرية تهماً لأي من الرجلين بارتكاب مخالفات، ولم تسمح لهما بالاطلاع على أية أدلة ضدهما.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “إنها لمفارقة عميقة أن تحتجز إسرائيل بشكل تعسفي باحثاً قام بتوثيق الاحتجاز التعسفي، وتنتهك حقوق رئيس منظمة لحقوق الإنسان. يجب على إسرائيل تقديم تبريرات مشروعة للتدابير التي اتخذتها ضد ناصر وغيث، أو تنهي هذه التدابير فوراً”.
شارك غيث البالغ من العمر واحد وسبعين عاماً، في تأسيس مؤسسة الضمير وكان عضواً بمجلس إدارتها لمدة عشرين عاماً، حسب ما ورد في بيان للمنظمة. وفي الثالث من اغسطس/آب استجاب غيث لاستدعاء بالمثول في موسكوبيا وهي منشأة احتجاز في مدينة القدس. وهناك قام مسؤولو الأمن الإسرائيلين بتسليمه أمراً موقعاً من وزير الداخلية إيلي ياشي يحظر سفره إلى الخارج لمدة ستة أشهر لأنه يمثل تهديداً غير محدد للأمن القومي.
في الخامس عشر من سبتمبر/أيلول أصدرت المحكمة العسكرية الإسرائيلية أمراً قام بالتوقيع عليه قائد المنطقة المركزية الميجور جنرال نيتزان آلون، يمنع غيث من دخول باقي الضفة الغربية والقدس الشرقية لمدة ستة أشهر لأسباب أمنية غير محددة. ولقد منع الجيش دخول غيث إلى الضفة الغربية بسبب أوامر سابقة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2011. وطبقاً لما ذكرته مؤسسة الضمير، فإن السلطات الإسرائيلية احتجزت غيث بشكل متكرر دون تهمة أو محاكمة، باستخدام أوامر الححجز الإداري، كما حدث مؤخراً في الفترة من يونيو/حزيران 2004 إلى يناير/كانون ثاني 2005.
داهمت القوات الإسرائيلية منزل ناصر البالغ من العمر اثنين وأربعين عاماً، في قرية صفا قرب رام الله في الواحدة بعد منتصف الليل، يوم الخامس عشر من أكتوبر/تشرين الأول 2012. وقالت زوجته أم أمين لـ هيومن رايتس ووتش:
كان هناك خمس مركبات عسكرية على الأقل، والعديد من الجنود. حضروا وطرقوا الباب بعنف وهم يصرخون: قوات الدفاع الإسرائيلي.. افتحوا الباب. قفز زوجي عن السرير ووصل إلى الباب عند الطرقة الثالثة، مرتدياً ثياب النوم. اندفعوا إلى الداخل وبصحبتهم العديد من الكلاب، وقالوا لأيمن أنه مطلوب لأسباب أمنية. كنت على وشك الانتهاء من ارتداء ملابسي، حين اقتحم الجنود غرفتي ووجهوا بنادقهم نحوي. أخبرتهم أن الأطفال نائمين فهدأوا ولم يكن هناك عنف أو شتائم، ولكنني خفت أن تهاجم الكلاب الأطفال إذا استيقظوا. تركوا أيمن خمس دقائق ليودعني. وطلب مني أن أبلغ محاميه. لم أكن أعرف سبب القبض عليه. ولقد استيقظ أصغر أطفالنا في اليل يسال أين والده.
قال الناطق باسم مؤسسة الضمير أن القوات الإسرائيلية كانت قد صادرت جهاز الكمبيوتر والهاتف الخلوي الخاصين بناصر أثناء القبض عليه.
قابل محمود حسن، الذي يعمل لدى مؤسسة الضمير، قابل ناصر في الحجز بمدينة القدس ظهيرة يوم السادس عشر من أكتوبر/تشرين الأول. قال حسن لـ هيومن رايتس ووتش إن ناصر أخبره أن أفراد الأمن الإسرائيلي قاموا باستجوابه حول مقابلة قام بها في وقت سابق من عام 2012 مع إذاعة أجيال، وهي محطة إذاعية فلسطينية، وتحدث في المقابلة عن السجناء الفلسطينين الذين أضربوا عن الطعام احتجاجاً على الحجز الإداري، وسوء العاملة. لم يعرف حسن أو غيره من العاملين بمؤسسة الضمير أي مقابلة ركز عليها الاستجواب، لكنه قال إن ناصر شارك في ثلاثة برامج إذاعية، مدة البرنامج 45 دقيقة، أنتجتها مؤسسة الضمير لإذاعة أجيال، وأن المحطة الإذاعية كانت تتصل كثيراً بناصر من أجل مقابلات هاتفية.
قال حسن: “قال المحققون أيضاً أنهم يعرفون أنه كان يقابل عائلات السجناء، وأنهم حققوا معه بشأن أحد مراكز الشباب بالقرية يُدعى حنظلة مسجل لدى السلطة الفلسطينية، لكن المحققين لم يخبروه بما قام هو به ويعتبرونه انتهاكاً
قالت مؤسسة الضمير أن ناصر هو رئيس مركز حنظلة الذي ينظم أنشطة تعليمية وفاعليات فنية في قرية الصفا. قال ناصر أنه عند مثوله أمام المحكمة العسكرية يوم الثامن عشر من أكتوبر/تشرين الأول أن أنشطة المركز واضحة. كما أخبر المحكمة أنه قد تم التحقيق معه لعدة ساعات يومي الخامس عش والسادس عشر من أكتوبر/تشرين الأول، ولمدة عشر ساعات يوم السابع عشر من أكتوبر/تشرين الأول، وأن المسؤولين عصبوا عينيه وقيدوا يديه خلف ظهره أثناء التحقيق. كما قال أنه كان يعاني من الألم أثناء التحقيق، بسبب ما يعانيه من مشاكل صحية في ظهره، وأن الألم تفاقم بسبب رفض المسؤولين السماح له بتناول ثلاثة من الأدوية الخمسة التي يتعاطاها يومياً لتخفيف الألم – ومنها الم ظهره- في الظروف الطبيعية. وقد قام قاضي عسكري خلال جلسة محاكمة عسكرية بتمديد فترة الاحتجاز لمدة تسعة أيام.
بسبب الأوامر العسكرية الإسرائيلية، يستطيع قضاة المحكمة العسكرية حبس الفلسطينيين احتياطياً لفترات قد تصل إلى ثلاثين يوماً.
لقد أصدر القضاء العسكري من قبل حكماً بسجن ناصر لمدة ست سنوات من فبراير/شباط 1991 حتى أكتوبر/تشرين الأول 1997. ورغم التحري، لم تستطع هيومن رايتس ووتش أن تحصل على معلومات بشأن التهم التي مر عليها أكثر من عقدين من الزمن.
قالت هيومن رايتس ووتش إن طبقاً لمعايير حقوق الإنسان الدولية، فإن لكل فرد حق أصيل في مغادرة أي دولة. وأي قيود على المغادرة يجب أن تصدر في ظروف استثنائية، لأسباب واضحة ومعلنة، وأن تكون قابلة للطعن القضائي عليها، بما في ذلك الأدلة الداعمة للقرار، عن طريق إجراءات متاحة وتوقيت مناسب. يجب أن يكون أي حظر نسبياً _ الحد الأدنى من الحظر فيما يتعلق بالمجال والزمن – وأن يفرض لأسباب قانونية. إن رفص السلطات الإسرائيلية إعلان أي دليل يبرر فرض حظر السفر على غيث، يعني حرمانه من فرصة حقيقة للطعن على الحظر أمام المحكمة.
قالت هيومن رايتس ووتش أن قيام إسرائيل بالقبض على ناصر واحتجازه والتحقيق معه، ينتهك حقه في إجراءات التقاضي السليمة. إن التزام إسرائيل بالقوانين الدولية يتطلب منها إخبار المحتجزين عند القبض عليهم بأسباب توقيفهم، وأن تخبرهم فوراً بالتهم الموجهة إليهم، وتعرضهم على أحد القضاة على وجه السرعة. وفي القضايا الجنائية، على السلطات أن توفر محاكمة عادلة وعلنية، يمكن فيها للمدعى عليه أن يواجه شهود الإثبات.