مشروع القانون اعتمد على مصطلحات فضفاضة كالنظام العام والأمن العام أو تعطيل مصالح المواطنين (المادة 4) كأفعال يجوز على أساسها تفريق المظاهرة (مادة 14) وهي الأفعال التي تمتلك وزارة الداخلية وحدها حق تفسيرها، وبالتالي تحديد مدى تهديد أي فعل أو هتاف يقوم به المتظاهرون للنظام العام، ليكون ذلك مبررًا لفض المظاهرات في أي وقت.
تحديث: المنظمة المصرية تطالب وزارة الداخلية بوضع حد للاستخدام المفرط للقوة تجاه المتظاهرين (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، 4 مارس 2013)
(مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان/ايفكس) – شارك مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان صباح أمس الأحد 3 مارس في جلسة بمجلس الشورى لمناقشة قانون التظاهر المقدم من مجلس الوزراء. أبدى ممثل مركز القاهرة في الاجتماع اعتراضه على مشروع القانون المقترح، وذلك لتعارضه مع المعايير الدولية للحق في التجمع السلمي، حيث وفر مشروع القانون لقوات الأمن غطاءً قانونيًا لممارسة العنف ضد التجمعات السلمية، دون تقييد هذا العنف لتلافي الأخطاء التي تؤدي دومًا لتفاقم الأوضاع السياسية وقت التظاهرات، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من الانتهاكات وجرائم حقوق الإنسان.
إن مركز القاهرة يؤكد على أن جرائم حقوق الإنسان التي تشهدها المنصورة على مدار الأيام القليلة الماضية، ومن قبلها الجرائم التي وقعت أمام قصر الاتحادية؛ تبرهن على أن مصر ليست في حاجة إلى قانون تظاهر، بل إلى تفعيل وسائل المحاسبة القانونية الديمقراطية على الجرائم التي ارتكبها أفراد الأمن أو أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب الحرية والعدالة تجاه التظاهرات والاعتصامات السلمية. كما أن التعامل مع المظاهرات عن طريق التشريعات دون الوضع في الاعتبار أداء وممارسات قوات الأمن كفيل بإحالة أفضل قوانين التظاهر إلى حقل خصب للانتهاكات عند الممارسة.
وفي تعليقه على مشروع القانون قال محمد زارع، مدير برنامج مصر – خارطة الطريق بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان “إن مشروع قانون حماية الحق في التظاهر في الأماكن العامة المطروح أمام مجلس الشورى يدل على عدم رغبة حكومة “الحرية والعدالة” في احترام الحق في التظاهر، واستمرار التعامل مع هذا الفعل باعتباره شرًا لابد التعايش معه وليس فعل سياسي إيجابي يهدف إلى إحداث تغييرات ديمقراطية واجتماعية بطريقة شرعية، وذلك وفقًا لوجهة النظر التي كانت تتبناها جماعة الإخوان المسلمين قبل الثورة”. واعتبر زارع أن هذا التوجه انعكس على مشروع القانون بعد تولي الجماعة الحكم “فقد أفرط –بشكلٍ تعسفي– في وضع الضوابط على ممارسة الحق في التظاهر بينما تساهل في ضوابط ممارسة وزارة الداخلية للعنف أثناء تفريق المظاهرة وهو ما انعكس بوضوح في المادتين 15 و16 من مشروع القانون”. فبالرغم من أن مشروع القانون يسمى “حماية الحق في التظاهر” إلا أنه بعد مطالعة نصوصه نكتشف أنه لم يقم بحماية الحق بل على العكس قنن حق قوات الأمن في استخدام العنف ضد المواطنين.
مشروع القانون اعتمد على مصطلحات فضفاضة كالنظام العام والأمن العام أو تعطيل مصالح المواطنين (المادة 4) كأفعال يجوز على أساسها تفريق المظاهرة (مادة 14) وهي الأفعال التي تمتلك وزارة الداخلية وحدها حق تفسيرها، وبالتالي تحديد مدى تهديد أي فعل أو هتاف يقوم به المتظاهرون للنظام العام، ليكون ذلك مبررًا لفض المظاهرات في أي وقت.
يؤكد مركز القاهرة على وجوب النظر إلى الحق في التظاهر باعتباره شكلاً من أشكال التعبير عن الرأي، ومن هذا المنطلق يُلاحظ مركز القاهرة وجود قيود أخرى على حرية الرأي والتعبير في قانون العقوبات وغيره من القوانين التي من شأنها تقييد حرية المتظاهرين في ممارسة حقهم في التعبير عن آرائهم أثناء التظاهر.
يُذكر أن من أهم القواعد القانونية الغائبة عن هذا المشروع –وأي قانون مصري ينظم حق التظاهر– أن استخدام القوة من جانب السلطات لا يجب أن يكون مطلقًا، بل يجب أن يضمن القانون استخدام القوة بما يتناسب مع الهدف المشروع المراد تحقيقه وحسب خطورة الفعل، كما يُفترض أن يُقدم القانون مفهومًا واضحًا لاستخدام القوة. وأن يكون ضروريًا: بمعنى أن القوة والأسلحة النارية لا تستخدم إلا في الحالات التي تصبح فيها جميع الوسائل الأخرى غير فعالة ولن تحقق النتائج المرجوة، وفي الحدود اللازمة، فضلاً عن ضرورة أن يكوم قانونيًا: أي يجب أن يكون هذا الاستخدام متوافقًا مع القوانين المحلية والمبادئ الدولية وخصوصًا المبادئ الأساسية لاستخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة الجناة، هافانا – كوبا، سبتمبر1990.
أخيرًا يلفت مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الانتباه إلى ضرورة أن تمنح حكومة د.مرسي الأولوية للمحاسبة على الجرائم التي ارتكبت ضد المتظاهرين السلميين منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير حتى اليوم، سواء من أفراد الأمن أو من أنصار النظام السابق أو الحالي، ويتعين على مجلس الشورى أن يبدأ فورًا في إجراء التعديلات القانونية اللازمة للحد من سلطات أجهزة الأمن في استخدام القوة المميتة تجاه المتظاهرين السلميين. كما يتعين على النظام الحالي استيعاب الأسباب الأعمق التي تدعو إلى التظاهر اليومي، ويقوم بعلاجها بدلاً من اللجوء إلى الطريق السهل وهو قمع المظاهرات.
يُعتبر مشروع قانون التظاهر المطروح للنقاش أمام مجلس الشورى هو المشروع نفسه الذي أعدته وزارة العدل في مطلع شهر فبراير وقدمته إلى مجلس الوزراء في اجتماعه بتاريخ 13 فبراير، وقد أقر المجلس بدوره هذا القانون بعد أن أدخل عليه تعديلات محدودة بتاريخ 18 فبراير دخل مجلس الشورى بتاريخ 19 فبراير.
الجدير بالذكر أن وزارة العدل قد دعت عددًا من المنظمات الحقوقية المصرية والدولية في 5 فبراير 2013 للتعليق على مشروع قانون “بشأن تنظيم الحق في التظاهر السلمي في الأماكن العامة”، هذه المنظمات هي مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، منظمة هيومان رايس واتش، منظمة العفو الدولية، فضلاً عن مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة. ومن جانبه قام مركز القاهرة بإرسال تعليقه على مشروع القانون في 10 فبراير إلى وزارة العدل، وقد استجابت الوزارة لعددٍ محدود من التعديلات المقترحة، ومنها على سبيل المثال النص صراحةً على إلغاء القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر، والقانون رقم 14 لسنة 1923 بشأن الاجتماعات العامة والمظاهرات في الطرق العمومية. إلا أن استجابة الوزارة لم تشمل أمورًا جوهرية تضمن احترام الحق في التظاهر وفقًا للمعايير الدولية، وهو ما أشار إليه مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة في بيان صادر عنه بتاريخ 19 فبراير يؤكد على عدم الأخذ في الاعتبار بالملاحظات التي أرسلها أيضًا إلى وزارة العدل وهو ما ظهر بوضوح في النسخة الأخيرة من القانون بتاريخ 18 فبراير.
تمت مناقشة مشروع قانون “حماية الحق في التظاهر السلمي في الأماكن العامة” في الاجتماع المشترك للجنتي الشئون العربية والخارجية والأمن القومي، ولجنة حقوق الإنسان، حيث حضر الاجتماع كممثلين عن منظمات حقوقية مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والمجموعة المتحدة – محامون ومستشارون قانونيون.