الشرطة المصرية أخفت قسرا الناشط الحقوقي والمحامي البارز عزت غنيم. هو محتجز منذ مارس/آذار 2018، وأمرت المحكمة في 4 سبتمبر/أيلول بإخلاء سبيله.
نُشر هذا المقال أولاً على موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بتاريخ 4 تشرين الأول 2018
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن الشرطة المصرية أخفت قسرا الناشط الحقوقي والمحامي البارز عزت غنيم. هو محتجز منذ مارس/آذار 2018، وأمرت المحكمة في 4 سبتمبر/أيلول بإخلاء سبيله.
من بين أسرته وأصدقائه ومحاميه، كانت زوجته رشا آخر من رأى غنيم، المدير التنفيذي لـ “التنسيقية المصرية للحقوق والحريات”، مجموعة حقوقية مستقلة. رأت غنيم رهن الاحتجاز في مركز شرطة الهرم، جنوب القاهرة، في 13 سبتمبر/أيلول. ومنذئذ، لم تتمكن عائلته وأصدقاؤه من الاتصال به، ورفضت السلطات تقديم أي معلومات عن وضعه أو مكانه.
قال مايكل بيج، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يعكس إخفاء محام قسرا رغم أمر قضائي يجيز صراحة إطلاق سراحه ازدراء قوات الأمن المصرية لسيادة القانون. على السلطات المصرية الكشف فورا عن مكان غنيم، وإطلاق سراحه، والتحقيق مع من أخفوه ومعاقبتهم”.
كان عناصر “قطاع الأمن الوطني” التابع لوزارة الداخلية قد اعتقلوا غنيم خلال عودته إلى منزله من عمله في 1 مارس/آذار. أخفوه في البداية 3 أيام، رافضين الإفصاح عن مكانه، حتى رآه المحامون صدفةً في مقر نيابة أمن الدولة العليا في القاهرة. علموا أن أعضاء النيابة استجوبوه دون محام. لاحقا تم حبسه احتياطيا.
استجوب وكلاء نيابة أمن الدولة غنيم كمتهم في قضية أمن الدولة رقم 441 لعام 2018، حيث اتُهم هو ومدون و3 صحفيين وطالب دكتوراه بنشر أخبار كاذبة و”خدمة أغراض جماعة إرهابية”. وثقت هيومن رايتس ووتش القضية كإحدى قضايا كثيرة وظّفت فيها السلطات بشكل غير شرعي قوانين الطوارئ والإرهاب لتوجيه اتهامات بالإرهاب إلى نشطاء سلميين.
في 4 سبتمبر/أيلول، أمر قاضٍ راجع احتجاز غنيم بإطلاق سراحه بتدابير احترازية تشمل قدومه إلى قسم الشرطة مرتين أسبوعيا. قالت زوجته لـ هيومن رايتس ووتش إن العناصر في مركز شرطة الهرم رفضوا الإفراج عنه واحتجزوه هناك، حيث تمكنت من زيارته وتقديم الطعام والملابس له حتى 13 سبتمبر/أيلول. أخبرها العناصر أنهم لن يطلقوا سراحه ما لم يتلقوا “تعليمات من الأمن الوطني”.
عندما ذهبت لرؤيته في 14 سبتمبر/أيلول، أخبرها عناصر في القسم أنه أُطلق سراحه، ولكنها لم تره لا هي ولا أي من معارفه منذئذ. في اليوم التالي، قدم محاموه شكاوى إلى وكلاء النيابة يستفسرون عن مكانه. قالت زوجته إنها سمعت من خلال “معارفها” أنه محتجز لدى الأمن الوطني.
خاطبت هيومن رايتس ووتش السلطات المصرية عدة مرات منذ 24 سبتمبر/أيلول. قالت “الهيئة العامة للاستعلامات”، وهي جهاز حكومي يتعامل مع الصحفيين الأجانب، أنها سترسل ردا مكتوبا لكن هيومن رايتس ووتش لم تتلق أي رد.
أثناء احتجازه الأولي، ظهر غنيم في فيديو دعائي لوزارة الداخلية صدر في 15 مارس/آذار بعنوان “خيوط العنكبوت”. غنيم، الذي كان شاحبا ومرهقا، ظهر في جزء من الفيديو الذي زعم أن المنظمات والنشطاء الحقوقيين يساهمون في الإرهاب.
نفذت وسائل الإعلام الموالية للحكومة حملة تشهير ضد غنيم ومجموعته المعنية بتوثيق ضحايا التعذيب والاختفاء القسري والدفاع عنهم.
يقع الإخفاء القسري عند حرمان الشخص من حريته من جانب موظفي الدولة أو من يتصرفون بموافقتها، ورفض الاعتراف بحرمان الشخص المختفي من حريته أو إخفاء مصيره أو مكانه.
ووفقا لحملة “أوقفوا الاختفاء القسري” المصرية، أخفت السلطات 230 شخصا على الأقل من أغسطس/آب 2017 إلى أغسطس/آب 2018، واستهدفت هذه الممارسة بشكل متزايد الصحفيين والناشطين الحقوقيين في الأشهر الأخيرة.
وثقت هيومن رايتس ووتش نمطا من التعذيب المنهجي بحق المحتجزين في مراكز الاعتقال السرية التابعة للأمن الوطن وفي مراكز الشرطة.
لم تصادق مصر على “الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري”، ولا تعرّف قوانينها المحلية بشكل صحيح الاختفاء القسري أو تجرّمه كجريمة منفصلة. لكن الاختفاء القسري محظور تماما بموجب القانون الدولي في جميع الظروف، وينتهك مجموعة من الالتزامات الحقوقية القائمة، ويمكن في بعض الحالات مقاضاته كجريمة ضد الإنسانية.
تقع على مصر مسؤولية احترام التزاماتها بموجب “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” و”اتفاقية مناهضة التعذيب”، التي صادقت عليهما، بالتحقيق في جرائم التعذيب وسوء المعاملة والاختفاء القسري ومقاضاة مرتكبيها ومعاقبتهم وتوفير التعويضات والانتصاف. تجرّم القوانين المصرية الاعتقالات التعسفية.
قال بيج: “عندما تنظر السلطات إلى المحامين الحقوقيين كتهديد وليس سندا لحكم القانون والديمقراطية، فإن ادعاءات الحكومة أنها تحسن وضع الحقوق جوفاء ولا تستحق الورق الذي تطبع عليه”.